الجمعة، 20 فبراير 2009

مقترحات الاتفاقية البريدية وبروتوكولها الختامي ..

.
الاتفاقية البريدية تمثل عصب التعاون البريدي الدولي، فهي معاهدة تقنية تقدم القواعد المشتركة المطبقة على الخدمات البريدية الدولية والأحكام الخاصة بخدمتي بريد الرسائل والطرود البريدية… وقد أعيدت هيكلتها بصورة أساسية في مؤتمر بوخارست 2004، حيث تضمنت 38 مادة مقابل 65 مادة باتفاقية بكين 1999، وكان الهدف الأساسي من إعادة صياغة الاتفاقية على هذا النحو هو ضمان أكبر قدر من الوضوح في التمييز بين الدور الحكومي والدور التنفيذي الخاص لكل من الاتحاد ولجانه، وكذلك لتحديد الكيان أو الكيانات المسؤولة عن التقيد بالالتزامات النابعة من الانضمام والتوقيع على تلك الاتفاقية.
.
وتتكون الاتفاقية من أربعة أجزاء رئيسية، فالجزء الأول: من المادة الأولي إلى المادة الحادية عشر يتعلق بالقواعد المشتركة للخدمة البريدية الدولية، والجزء الثاني: من المادة الثانية عشر إلى المادة السابعة والعشرون يتعلق بالقواعد التي تسري على خدمة بريد الرسائل والطرود البريدية، أما الجزء الثالث: من المادة الثامنة والعشرين إلى المادة الخامسة والثلاثون يتعلق بالأجور البريدية وما يتصل بها من نفقات ختامية وصندوق نوعية الخدمة والأحكام المتعلقة بنفقات النقل الجوي، والجزء الرابع والأخير: من المادة السادسة والثلاثون إلى المادة الثامنة والثلاثون يتضمن أحكام ختامية تتعلق بشروط الموافقة على الاقتراحات والتحفظات وتنفيذ الاتفاقية… وتعد الاتفاقية من الوثائق الإجبارية الملزمة لكافة البلدان الأعضاء بالاتحاد البريدي العالمي منذ مؤتمر فيينا 1964، كما أن الموافقة على الاقتراحات المتعلقة بتعديل بنودها حددته المادة 36 منها، بضرورة موافقة أغلبية البلدان الأعضاء الحاضرة والمقترعة بالمؤتمر والتي تتمتع بحق التصويت، ولابد من حضور ما لا يقل عن نصف البلدان الأعضاء الممثلة في المؤتمر.
.
وقد بلغت الاقتراحــات المقـدمة للمؤتمـر القــادم/ جنــيف 2008 بشأن تعديـل بعض مــوادها نحــو 104 مقترحــاً يمكن تقسيمها نوعيــاً إلى ثــلاث مجمـوعات :
.
المجموعة الأولي : وتشمل نحو 32 اقتراحاً مقدمة من مجلس الإدارة للاستعاضة عن مصطلح إدارة بريدية إلى بلد عضو و/أو مستثمر معين… وترجع فكرة تغيير مصطلح إدارة بريدية منذ مؤتمر سيول 1994 حيث أقر بالحكم C29 بوجود هياكل متنوعة في البلدان الأعضاء تقوم بإداء الخدمات البريدية، وهو ما أكده مؤتمر بكين 1999 في الحكم C110 على ضرورة التمييز بوضوح بين الأدوار والمسؤوليات الحكومية والتشغيلية لأجهزة الاتحاد فيما يخص توفير الخدمات البريدية الدولية … وبالفعل تم إدراج المادة الثانية بإتفاقية بوخارست 2004حيث أقر بوجود كيانين وطنيين مسؤولين عن استيفاء الواجبات الناشئة عن اتفاقية الاتحاد البريدي العالمي وهما الهيئات الحكومية المسؤولة عن الإشراف عن الشؤون البريدية والمستثمرون المعينون الذين يقدمون الخدمات البريدية … وعرف مصطلح بلد عضو بأنه بلد يستوفي شروط المادة الثانية من الدستور ويقصد به كل سلطة حكومية أو كل خدمة حكومية مسؤولة عن إدارة الشئون البريدية، ومصطلح مستثمر معين بأنه أي كيان حكومي أو غير حكومي يعينه رسمياً البلد العضو لاستثمار الخدمات البريدية ويستوفي الواجبات ذات الصلة النابعة عن وثائق الاتحاد داخل أراضيه.
.
ويبدو أن الوصول لإدخال الكيانات الغير حكومية أو المستثمرون الخواص كان الهدف المتدرج والحقيقي الذي سعي إليه من خلال جملة الدراسات والاستقصاءات التي أجراها مجلس الإدارة بهذا الشأن منذ مؤتمر سيول 1994 فالاندفاع نحو العولمة والسوق الحر واستثمار الخدمات البريدية أصبح قاب قوسين أو أدني من البلدان النامية والفقيرة، بعدما تم الاتفاق الأوروبي على تحرير السوق البريدية بحلول عام 2011… وما يثير القلق هو بزوغ شركات ضخمة، شركات كارتل أو متعددة الجنسية، تسعي منذ فترة ليست بالوجيزة للسيطرة على الأسواق البريدية للبلدان النامية، بتكوين كيانات بريدية ضخمة تخطط للسيطرة وإبتلاع السوق البريدي الدولي… ولن تستطيع الكيانات البريدية الصغيرة الوقوف طويلا أمام تلك الكيانات الضخمة لتقديم خدمات بريدية لمواطنيها بأسعار مخفضة ومناسبة، وستضطر في النهاية للخضوع للمستثمرين الجدد.
.
المجموعة الثانية : وتشمل نحو 24 اقتراحاً مقدمة من مجلس الاستثمار وبعض البلدان أهمها الإمارات العربية وفرنسا، وجميعها يتعلق بإدخال تعديلات على الجزء الثالث من الاتفاقية الخاصة بالنفقات الختامية وصندوق تحسين نوعية الخدمة… ويرجع الاهتمام المتزايد بالنفقات الختامية منذ مؤتمر فيينا 1964 حيث كلف المجلس التنفيذي بموجب الحكم C13 بإجراء دراسة عن سعر تكلفة توجيه ونقل وتوزيع بعائث بريد الرسائل ليتسني وضع طريقة أكثر عدالة تستعيض به البلدان عن مبدأ أيلولة الأجور .. ثم بمزيد من المتابعة خلال مؤتمر طوكيو 1969 ولوزان 1974 تم أقرار الحكم C53 الذي أرسي طريقة تعرفة تطبق على حساب النفقات الختامية يجب أن يراعي ليس فقط وزن الإرسالية، ولكن باقي عناصر تلك النفقات كنفقات النقل والمعالجة وفقاً لعدد البعائث المتضمنة في الإرساليات البريدية… ثم أضفي مؤتمر واشنطن 1989 التوصية C78 التي تدعو حكومات البلدان الأعضاء في الاتحاد لأن تخصص بالكامل إيرادات النفقات الختامية لخدمتها البريدية حتى يتسني لهذه الخدمة في آن واحد تغطية تكاليف معالجة البريد الوارد من الخارج وتشكيل الصناديق الاحتياطية اللازمة لتغيير بنيتها الأساسية.
.
والاقتراحات المعروضة جميعها وليدة رحم الحكم C46 الصادر من مؤتمر بوخارست 2004 والذي يضمن انتقالاً تدريجياً لجميع البلدان إلى النظام المستهدف، فهي تحدد بنسب مختلفة أسعار المراحل الانتقالية بلوغاً للنظام المستهدف، كما تحدد بتفاوت النسب الممنوحة للبلدان المستفيدة من صندوق نوعية الخدمة، في ظل اتفاق عام على ضرورة الانتقال للنظام المستهدف عاجلاً أم آجلاً، وبضرورة الالتزام بمعايير نوعية الخدمة كمعايير التوزيع وبلوغ أهداف الأداء، وبمعايير الالتزام بقواعد تضمن تخفيز الاشتراك في نظام قياس نوعية الخدمة الذي أعتمده الاتحاد البريدي العالمي.
.
ويبدو أن معظم البلدان النامية لم تكن على يقين من جدية تلك المشاريع، حيث ظلت لسنوات عديدة ومنذ أقرار مبدأ تعويض النفقات الختامية في انفاق ما تحصل عليه في تغطية ما لديها من عجز مالي، ومشاريع وتجارب فاشلة دون إدخال تحسينات حقيقية لرفع كفاءة وتحسين نوعية خدماتها البريدية، ولم يعد في استطاعة البلدان الصناعية والمتقدمة دفع المزيد دون الحصول على رفع كفاءة واستكمال خدماتها البريدية ببلد المقصد… ولم يعد باستطاعة البلدان النامية الآن رفض أو تأجيل التنفيذ …
.
أما المجموعة الثالثة : وتشمل نحو 48 اقتراحاً جميعها تتعلق بصياغات بعض المواد وبعض التعديلات الطفيفة المقدمة من مجلس الاستثمار وبعض البلدان، وأهمها التعديلات الخاصة بالمادة الثامنة الخاصة بطوابع البريد، والمادة الخامسة عشر الخاصة بالممنوعات، والمادة الواحدة والعشرين الخاصة بمسئولية الإدارات البريدية والتعويضات والمادة السابعة والعشرين الخاصة بإيداع بريد الرسائل في الخارج…
.
أما المقترحات الخاصة بالبروتوكول الختامي للاتفاقية فتبلغ نحو 23 مقترحاً منها أثني عشر مقترحاً متعلق بالاستعاضة عن مصطلح إدارة بريدية إلى بلد عضو و/أو مستثمر معين، والباقي تحفظات غير جوهرية من عدة بلدان على بعض بنود الاتفاقية.
.
وللحديث بقية …
ashraf_mojahed63@yahoo.com

ليست هناك تعليقات: