السبت، 20 فبراير 2010

نقيب البريد والقانون 47 لسنة 1978



النقابة العامة للبريد نقابة عمالية، تعمل من خلال مظلة القانون رقم 12 لسنة 1995، ومن ثم فهي خاضعة للاتحاد العام لنقابات عمال مصر ووزارة القوي العاملة، وهي جهات حكومية تنفيذية، تطبق السياسات الحكومية وتمتثل لتوجهات وتعليمات الدولة.

لا أعرف الخلفية التاريخية وأسباب إنشاء نقابة للبريد، ولا أعرف سبباً لتصنيفها كنقابة عمالية، فجميع موظفيها لهم صفة إدارية ومهنية ولا علاقة لهم بالصفة العمالية، فمعظم العاملين بالبريد المصري من حملة المؤهلات التجارية، أكثرهم أعضاء بنقابة التجاريين والبعض الآخر يمكن أن ينضم إليها، أما باقي التخصصات من مهندسين ومحامين فهم ينضمون لنقابة المهندسين والمحامين لضرورة مزاولة المهنة، وكلها نقابات مهنية لاتجبر أحد للانضمام إليها، بخلاف النقابة العامة للبريد التي تستقطع اشتراكاتها من العاملين من منبع رواتبهم الشهرية.

الفرق الذي نشاهده الآن بين النقابات العمالية والنقابات المهنية، أن تلك الأخيرة تدافع عن أعضائها دفاعا عميقا وبكل الطرق والوسائل المشروعة والقانونية، وتحاول انتزاع حريتها واستقلالها عن الجهات التنفيذية بالدولة، بغية تحقيق مكاسب لأعضائها والاستفادة القصوي من مواردها واشتراكات أعضائها، وهو ما يحقق الانتماء والتوحد والعمل بروح الفريق من أجل مزيد من التجانس والتكافل بين أعضائها، وتعزيز الدور المهني والتقني في المجتمع... كما أننا نري انتخاب معظم مجالس إدارات تلك النقابات تتم بحرية ونزاهة وبإرادة حرة من أعضائها، ونقابة الصحفيين والمحاميين والأطباء خير شاهد على نجاح تلك التجربة، والبعض الآخر يكافح أعضائها المخلصين من أجل مزيد من الاستقلالية كنقابة المهندسين والتجاريين، بخلاف النقابات العمالية التي تسير في فلك توجهات وتعليمات وزارة القوي العاملة، مما جعلها عاجزة عن الدفاع عن أعضائها ومنتسبيها.

أما نقابة البريد فلا محل لها من الإعراب في الدفاع عن أعضائها، فخدماتها ضعيفة، ومشروعاتها تكاد لا تري، وأعضاؤها الذين يزيدون عن خمسين ألف مهمشون إلا نفر قليل منهم، ولا يوجد ميزة واحدة نذكرها من باب ذر الرماد في العيون سواء للأعضاء الحاليين أو ممن بلغ سن المعاش !!..

كلنا نعرف تلك الحقائق ولا نحتاج إلى دليل أو استبيان، ولكن ما أوجعني موقف النقيب الحالي بتصريحه لصحيفة المصري اليوم "بأن النقابة لن تقف بجوار أي عامل بالهيئة القومية للبريد في حال مخالفته للقوانين والقواعد واللوائح المعمول بها داخل الهيئة، وبأن القانون رقم 47 لسنة 1978 الخاص بالعاملين في المؤسسات العامة ووحداتها الاقتصادية والوظيفة العامة مناط بتأديب كل من ارتكب الخطأ الإداري، وأضاف أن مبدأ الشرعية ودور الإدارة في الخطأ التأديبي هو الذي يحكم العمل داخل الهيئة ... وكأن السيد النقيب الحالي أختصر القانون المشار إليه في فصله الحادي عشر فقط "في التحقيق مع العاملين وتأديبهم" وأغفل باقي فصول القانون كالفصل الثاني "في التعيين في الوظائف" والفصل الرابع "في الترقية" والفصل الخامس "في الأجور والعلاوات" .... فمن المفترض أن هذا القانون أصدر لحماية العاملين ومكتسابتهم ولتحقيق المساواة والعدالة وإثابة ومكأفاة المجتهد ومحاسبة المقصر، والالتزام بكامل نصوصه ليس في صالح العاملين فقط، بل لصالح الإدارة في تيسير شئون المنشأة وتحقيق العدل والطمأنينة لكافة العاملين، وهذا ما افتقدته الأسرة البريدية في السنوات الأخيرة بتفاوت الأجور والبدلات والحوافز، والتمييز الواضح للبعض على حساب الآخر، والافتقاد للشفافية في التعيين والترقي... فكان حرياً بالسيد النقيب أن يدافع عنها حرصا على أعضاء النقابة ودفاعاً عن حقوقهم المشروعة في الترقي والمساواة، فالأعضاء سوف يذكرون دائماً من يدافع عن حقوقهم، ولا يذكرون من يذكرهم بلائحة الجزاءات !!..
.
وللحديث بقية ...
Ashraf_mojahed63@yahoo.com

الاثنين، 8 فبراير 2010

سرقات المكاتب البريدية !!..

.
كلنا نعرف قصة علي بابا والأربعـين حرامي!!.. أبطال القصة الرئيسية ثلاثة: علي بابا وأخيه قاسم والأربعين حرامي... الأول: قادته الصدفة فقام بسرقة مغارة الإربعين حرامي، ولكن كانت نيته طيبة وخير وكريم وقنـوع، والثاني: حـاول السرقة ولكن نيته سيئة وبخــيل وجشــع، أمــا الأربعـين حرامي فهم لصــوص محترفـون، شـيوخ منصـر بالنـية والعمـل معـاً، وجميـعاً ينطـبق عليهم عنـوان راويـة الكاتـب الراحــل إحسـان عبـد القـدوس "يا عزيزي كلنا لصوص..."، ورغم اختلاف نظرات الناس للأبطال الثلاثة، فمعظم الناس تجدها متعاطفة مع علي بابا، وتصوره على أنه بطل، خير وقنوع وطيب القلب رقيق الحال، بينما تلعن وتصب جامع غضبها على أخيه الجشع الشرير وعصابة الأربعين، منطق يحتاج إلى مزيد من الفهم المتعمق!!..
.
هذه القصة بأبطالها الثلاثة تتكرر بصفة مستمرة بالبريد المصري، فسرقات المكاتب البريدية المنتشرة بإرجاء الجمهورية تتعدد وتتنوع أشكالها، وأبطالها لا تخرج عن ثلاثة أيضاً، وأن اختلفت المغارة وكلمة السر " افتح يا سمسم..."، وهي بالطبع ليست سرقات فريدة من نوعها، فحوادث سرقات المكاتب البريدية منتشرة بالعالم، فثمة مكاتب بريدية تم سرقتها مؤخراً باليابان والجزائر والأردن والبحرين وغيرها من البلدان، ولكن تكـرار السرقات والاختلاسات وتنوعـها بمكاتب البريد المصري يثير كثير من التساؤل والتعجب!!..
.
وأرصــد هنــا بعــض تلــك السرقــات التي تـم الكشـف عنـها مؤخــراً على سبـــيل المثــــال لا الحصـــر:
- موظـفة بمكتب بريــد الغردقـة قامت باختــلاس 6.7 مليــون جنــية بالتلاعــب في حســابات المكــتب عن طــريق الحاســب الآلــي بإضــافتها لحســاب والدتــها في نفس المكتب، وقد أمــرت نيــابة الغردقة بحبس المتهمة خمسة عشر يومــا على ذمــة التحقــيق (اليــوم الســابع 29/3/2009).
- موظــف بمكتب بريد العريش الرئيسي اختـلس مبلــغ 15 ألف جنــية من خــلال التلاعــب في حساب أحــد العمـــلاء، وبمواجــهة النيــابة له أعتــرف وقــام بـرد المبلــغ للعمــيل، إلا أنه لن يعفــيه ذلــك من الاتهــامات المتعــلقة بالاختــلاس والتــزوير (اليــوم الســابع 17/1/2010).
- وكيل مكتب بريد السوسي التابع لمنطقة بريد البحيرة أتهم بالتلاعب في حسابات التوفير لبعض العملاء والاستيلاء علي نحو 27 الف جنية منها، وقد أحيل لنيابة البحيرة للتحقيق (اليوم السابع 6/10/2009).
- تمكنت أجهزة الأمن بمحافظة حلوان من ضبط مدير مكتب بريد التبين باختلاس مبلغ 90 ألف جنية من خزينة المكتب وأدعي إصابته من مجهولين اقتحما عليه المكتب وانهالا عليه طعناً بالمطاوي، حيث تبين بعد توقيع الكشف الطبي عليه أنه أصاب نفسه بزجاجة مياه غازية وسرق المبلغ وأخفاه لدي زوج شقيقته، وتم إحالته للنيابة للتحقيق (اليوم السابع 2/2/2009).
- تمكنت أجهزة الأمن بمحافظة قنا من ضبط موظف بمكتب بريد الحصواية التابع لمنطقة بريد قنا من اختلاس مبلغ 243 ألف جنية، حيث تم اكتشافه عن طريق قيام أحد العملاء بتقديم شكوي تفيد غياب مبلغ 22 ألف جنية من حسابه، وتم إحالته للنيابة للتحقيق (اليوم السابع 23/4/2009).
- إحدي عشر حالة اختلاس وقعت بمكتب بريد محمد فريد بوسط القاهرة بمعرفة معاون المكتب، الذي قام بتزوير توقيعات عملاء التوفير، واختلاس ما يقرب من 386 ألف جنية، والذي تم معاقبته غيابيا بالسجن المشدد بخمسة عشر عاما، ومازال هارباً (المصري اليوم 7/3/2009).
- تمكنت شرطة محافظة سوهاج من القبض علي لصين قاما بكسر منافذ مكتب بريد بلصفورة التابع لمنطقة بريد سوهاج وسرقة مبلغ 88 ألف جنـية من خزينة المكتـب، حيث أعترفا بإرتكاب الحـادث وتم ضـبط المبلـغ بحوزتهما وتم عرضهما على النيابة للتحقـيق (مركـز الإعـلام الأمني بـوزارة الداخلـية 19/4/2009).
- تمكنت مباحث البريد بمحافظة الدقهلية من ضبط وكيل مكتب بريد ميت طريف التابع لمنطقة بريد الدقلهية، بعد قيامه باختلاس مبلغ 5 الآف جنية، والذي أعترف بوجود العجز بعهدته وأنه نتج عن خطأ في تعامله مع العملاء، حيث تم إحالته للنيابة للتحقيق (حوادث أون لاين 24/10/2009) .
- تمكنت مباحث البريد بمحافظة أسوان من القبض على عصابة حاولت اختلاس مبلغ 4 مليون جنية من عدة مكاتب بريد بالقاهرة والجيزة يتزعمها وكيل مكتب بريد أسوان، الذي قام بتزوير حوالي 81 حوالة بريدية بأسماء وهمية ، حيث تم القبض على ثلاثة منهم أثناء قيامهم بسحب أربعة حوالات من مكتب بريد المعادي وتبين أنها مزورة (موقع مصراوي 27/6/2009).
- وكيل مكتب بريد بهجورة التابع لمنطقة بريد قنا قام بالاشتراك مع إحدي الموظفات باختلاس نحو مليون وربع المليون جنية من حسابات التوفير، والتي أمرت نيابة نجع حمادي بحبسهما خمسة عشر يوما على ذمة التحقيق بعدما وردت مئات الشكاوي من العملاء يتضررون فيها من حدوث تلاعب في دفاترهم (المساء 3/9/2009).
.
عشر حالات انتقائية من عشرات الاختلاسات والسرقات التي تمت بمكاتب البريد المصري وتم الإعلان عنها، والتي يصعب تفهم دوافعها وأسبابها، فمن المفترض أن موظف البريد قديماً كان أهم ما يتميز به الأمانة والأخلاق الحميدة والتفاني في عمله والمحافظة على عهدته ومكتبه، فكان فوق مستوي الشبهات، غير أن ما نلاحظه الآن أنه أصبح عنصراً من عناصر خسائر مؤسسته وراعية عيشه، أصبح بدلا من أن يكون حاميها أصبح حراميها، ورغم تعدد جهات التفتيش والرقابة والمحاسبة على تلك المكاتب، إلا أنها لم تحد من هذه الاختلاسات والسرقات بخلاف ما نجده في البنوك.
.
في الأيام الأخيرة تعالت الأصوات بالافتخار بالبريد المصري بكونه يضاهي بل ويتفوق على البنوك المصرية في حجم التعامل وانتشار مكاتبه وجودة خدمته وارتفاع حجم إيداعات العملاء والثقة التي ينالها البريد المصري من جمهور المتعاملين يوماً بعد يوم، وفي المقابل تعالت أصوات أخري من العاملين بالبريد المصري بالمطالبة بالمساواة بنظائرهم من العاملين بقطاع البنوك... وقد أجد نفسي منصفاً لهذه القضية رغم انتمائي بالعمل بالبريد المصري، فالبريد المصري لم يصل بعد لقدرة البنوك المصرية في إدارة أموال المودعين واكتساب الثقة والأمان التي تحظي بها البنوك، فلم نسمع يوماً عن سرقة أو اختلاس أو تزوير تم في تلك البنوك المنتشرة فروعها بإرجاء الجمهورية، كما أن المهارات والخبرات التي يكتسبها العاملون في قطاع البنوك تفوق بكثير مهارات وقدرات العاملين بقطاع البريد، وهذا لا يقلل من شأنهم بطبيعة الحال في ظل العمل بظروف صعبة ومكاتب ضيقة غير مؤمنة ودورة مستندية معقدة وبالية، وعدم اكتراث القيادات بتدريب وتنمية المهارات البشرية واختيار أفضل العناصر لإدارة تلك المكاتب كما تفعل البنوك.
.
ما أود أيضاحه أن سعي البريد المصري لتحقيق طفرات مستقبلية وتنموية تضاهي ما تحققه البنوك المصرية، وسعي العاملين به كذلك لتحسين ظروف العمل وتحسين وتنمية مواردهم، لن يتم إلا بانتهاج أساليب حديثة ومبتكرة كالتي تسير على نهجها البنوك بأقتفاء آثار التكنولوجيا الحديثة واختيار أفضل العناصر وتدريبها وتحسين ظروف وأماكن العمل، وكذلك باقتفاء آثار قيادات صالحة تعمل لتقدم العمل البريدي، لتكون نموذج وقدوة تنير لهم الطريق، وتفتح لهم آفاق المستقبل في عيشة كريمة ومستقبل زاهر، بعيداً عن مسلك علي بابا وأخيه والأربعين حرامي!!..
.
وللحديث بقية ...
Ashraf_mojahed63@yahoo.com