الجمعة، 2 مايو 2014

البريد المصري الشامخ !!..



شمخ الجبـل ، أي عـلا وارتفع، فالجبال الشوامخ هي الشاهقة الارتفاع، ومنها قول الله تعالي "وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً فُرَاتًاوقيل كذلك للمتكبر المتغطرس شامخ، أي الرافع أنفه عزاً وتكبراً...

هكذا نحن المصريون تربينا منذ نعومة أظافرنا على الشموخ، فبلادنا شامخة ذات حضارة عريقة تمتد لأكثر من سبعة آلاف سنة، وجيشنا شامخ فهو خير أجناد الأرض، وقضائنا شامخ لا معقب لإحكامه، والأزهر الشريف شامخ فهو حامل لواء الإسلام، والأجهزة الرقابية شامخة تدحر الفساد والمفسدين، وجامعاتنا شامخة فهي منارات للعلوم والتكنولوجيا، وحتى لعبة كرة القدم شامخة رغم ما تعانيه من فشل بعد فشل وخسارة بعد خسارة!!..

فجميع مؤسسات الدولة راسخة كالرواسي الشامخات، أذن المشكلة ليست في تلك المؤسسات الشامخة، بل في هذا الشعب الهزيل الكسول الذي لا يحب الشموخ، ويأبى إلا أن يستعذب الدنو والذل والاستدانة من الغير، رغم ما تبذله كل تلك المؤسسات الشامخة للنهوض به، ولكنه نائم في العسل لا يحب الشموخ!!..

كذلـك في البريد المصري الشامخ، الذي يستمد شموخه من باقي مؤسسات الدولة، ففيه عـدد من المستشارين من جيشـنا الشامخ، ومستشارين قانونيين آخـرين من قضـائنا الشامخ، ويعـرف كل يتكيف ويتعامل مع الأجهزة الرقـابية الشامخة، ويستعين ببعض أساتذة الجامعات الشامخة، فلكي تستمر شامخاً لابد أن تبحث عمن يساعـدك ويسند قواعدك الراسية لترفع أنفـك عـزاً وكبـراً في وجـه العاملين فيه!!..

ومن هنا نجـد البريد المصري الشامخ، يعطي ظهـره للقانـون، ولا يقبـل بتوصيات وقرارات النيـابة الإدارية، ويضـع تقاريـر الجهاز المركـزي للمحاسبات في الإدراج، ويرمي بتعليمـات الجهاز المركـزي للتنظيم والإدارة في سلة المهملات، والنيابة العامة ونيابة الأمـوال العامة لا تستطيع إجـراء تحقيق مع مسئول فيه سابقاً أو لاحقاً، وقرارات رؤساء مجالس إدارته سواء الحالية أو السابقة نافذة قاطعة، لا تـرد ولا تراجـع، فهي قرارات لا نقـض فيها ولا إبرام، فهو شامخ مثله مثل باقي مؤسسات الدولة!!..    

أكذوبة وإدعاء هذا الشموخ، أسقطت أمم وحضارات من قبل، حيث كانت كالجبال الرواسي التي تمخضت فولدت فأراً، بعدما تبين لها بعد فوات الأوان أنها شامخة ولكن في الضلال والفساد!!..

وللحديث بقية أن شاء الله...