السبت، 15 أكتوبر 2011

البريد المصري والمادة 41 من اللائحة!!..



في مصر القديمة، مصر الفرعونية، كان النظام القائم نظاماً مركزياً، محوره الفرعون المستبد، يعاونه في استبداده هامان وجنوده (وزارة الداخلية)، وقارون وأتباعه (وزارة المالية) وكهنة المعبد وحواريه من السحرة والمصفقين والمطبلين لحكمه من أصحاب المنافع والمصالح... فالاستبداد يتطلب قوة غاشمة ومال فاسد وسلطة دينية وقضائية تزين الحق باطل والباطل حق، وتبيح الحرام وتحرم الحلال، وتدعم رؤية الفرعون بالأدلة والأسانيد "مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ" سورة غافر/29.
.
وكما كان في مصر القديمة، استمر الحال في مصر الحديثة، يتمسك الحاكم أو الرئيس بالسلطة المركزية، مستعيناً بما استعان به أسلافه من الحكام والرؤساء، بالقوة الغاشمة، والمال الفاسد، وكهنة المعبد وأصحاب المنافع والمصالح.
.
والبريد المصري وسائر الهيئات والمصالح الحكومية في مصر تدار بذات الطريقة ونفس المنهجية، فالإدارة مركزية، وسلطة الرئيس فيها مطلقة لا حدود لها، ويعاونه في ذلك الأمن والمباحث والقطاع المالي وبعض ترزيه القوانين وأصحاب المنافع والمصالح، الذين يزينون للرئيس الحق باطل، والباطل حق، ويبدعون في تفسير نصوص اللوائح والقوانين لتحقيق وجه نظر سيادته، في ظل غياب الأجهزة الرقابية وتغلغل ما كنا نغـط فيه من فساد منذ احتلال رجال لجنة السياسات بزعامة نجل الرئيس المخلوع لمعظم الهيئات والمصالح الحكومية.
.
وخير مثال على مصداقية تلك الرؤية، ما صدر من قرارات وترقيات لبعض العاملين بالبريد المصري في عهد الدكتور علي مصيلحي ممن ساعدوه في الانتخابات البرلمانية عام 2005، وما حصلوا عليه من عطايا ومكافأت وحوافز خلال تلك الفترة، وأتبعه في ذلك المهندس علاء فهمي، بجلب عشرات من المستشارين لإدارة الهيئة دون النظر لمؤهلاتهم أو كفـاءاتهم، وما أصـدره من قـرارات وترقيـات للعـديد من العاملين ومنحهم حوافز ومكافأت تفـوق خيـال العقـلاء بالبريد المصري، وكذلك الأمر باستخدام القـوة والاعتقال ضد بعض العاملين بمنطقة بريد كفر الشيخ أثنـاء الإضـراب عن العمل عـام 2009(صحيفة المصري اليوم 8/5/2009)، ثم جاء دور الدكتور أشرف زكي ليصدر قرارات وترقيات لبعض العاملين ومنحهم حوافز ومكافأت تفوق خيال من ليس له عقل بالبريد المصري.
.
كل هذا الفساد لم يكن لينمو ويتضخم لولا كهنة المعبد وأصحاب المنافع والمصالح، والمتسلقون الذين يعرفون من أين تأكل الكتف، باللعب على كافة الأوتار بتغيير جلودهم وألسنتهم ليتوافقوا مع كل رئيس وكل صاحب سلطة... فمن يراجع نص المادة 41 من لائحة شئون العاملين بالهيئة القومية للبريد الصادرة بالقرار الوزاري رقم 70 لسنة 1982 وتعديلاته، يتبين له أن هؤلاء الكهنة وأصحاب المنافع والمصالح وترزيه اللوائح والقوانين هم المفسدون الأصليون، حيث أهدروا بها كافة القوانين المنظمة لترقية العاملين بالدولة سواء القانون 47 لسنة 1978 أو القانون 5 لسنة 1991، بإعطاء سلطة لرئيس مجلس الإدارة في اختيار من يشاء لشغل الوظائف القيادية بالهيئة دون النظر للمدد البينة أو اشتراطات شغل هذه الوظائف أو الإعلان عنها ... " إذا أظهر العامل كفاية خاصة وتميزاً ظاهراً في أداء أعمال وظيفته بما يؤهله لتحمل أعباء وظيفة أعلي من وظيفته وأن لم تتوافر فيه شروط شغلها أو الترقية إلى الدرجة المخصصة لها بسبب المدد الزمنية، فلرئيس مجلس الإدارة أن يكلفه بالقيام بأعباء هذه الوظيفة الأعلي، وفي هذه الحالة يستحق الميزات المقررة للوظيفة الأعلي من بدلات وغيرها،فإذا أحسن القيام بأعبائها أخذ ذلك في الاعتبار عند الترقية في نسبة الاختيار بحيث تكون له الأولوية قبل أعمال الأقدمية في نسبة الاختيار".
.
وعليه أصبح الترقي للوظائف الأعلي مقصوراً على أصحاب المنافع والمصالح، والمصفقين والمطبلين بالتكليف والإسناد... فساد إداري لم يعرف له مثيل، بعشرات القرارات الإدارية المتناقضة والمخالفة للقوانين، توجها الدكتور أشرف زكي قبل رحيلة بحزمة من القرارات الإدارية خلال شهر ديسمبر2010 ليزيد من احتقان العاملين وتذمرهم ودفعهم دفعاً للتناحر والخصومة بسبب ما أصدره دون إدراك لمجاملة البعض أو لاستكمال مسيرة الفساد في البريد المصري.
.
والآن وقد أخذ أصحاب المنافع والمصالح والمصفقين والمطبلين مواقعهم القيادية، فهل اعتراف الإدارة الحالية بخطأ تلك القرارات بإصدار القرار الإداري رقم 1828 بتاريخ 25/9/2011 لاتخاذ الإجراءات حيال تلك القرارت التي صدرت بتكليف بعض العاملين للقيام بوظائف إشرافية أو قيادية خلال الشهور الثلاثة الأخيرة من عام 2010 كافية ؟!.. لا أعتقد، فاللجنة المشكلة لبحث تلك القرارات ساهمت بشكل أو بآخر في تكييف وإصدار تلك القرارات، وكانت حاضرة وشاهدة على ما وقع من فساد...
.
البريد المصري في حاجة ماسة لترسيخ مبدأ الشفافية، والحرص على تكافؤ الفرص بين جميع العاملين به، شفافية جديدة، نظيفة، طاهرة، شفافية ثورة 25 يناير لا شفافية لجنة السياسات، الله لا يرجعها...
.
وللحديث بقية أن شاء الله...
Ashraf_mojahed63@yahoo.com

الأربعاء، 7 سبتمبر 2011

طرائف إضراب البريد المصري!!..


لم يكن بخاطري حين كتبت بتلك المدونة بتاريخ 8 نوفمبر 2009 عن إضراب البريد البريطاني، أن تدور الدائرة ويأتي اليوم الذي يحدث فيه إضراب بالبريد المصري، فالإضراب في حد ذاته وأن كان حقاً مشروعاً في المجتمعات الديمقراطية، يكون أقرب للعفوية، وقد يكون فوضوياً في المجتمعات الغير ديمقراطية.
.
والفرق ببساطة أن العاملين بالبريد البريطاني يقف خلفهم نقابة عمالية قوية تقوم بالتنسيق فيما بينهم، وتحديد الحقوق والمطالب، وتنوب عن العاملين بالتفاوض مع الإدارة، ملتزمة بسقف محـدد يقبله جموع العاملين، بينما العاملون في البريد المصري من خـلال متابعة إحـداث الإضراب خلال الأيـام الماضية، كان عفــوياً وينقـصه التنسيق سواء في التوقـيت أو سقف المطـالب أو في وجــود قيــادات رشيدة تقـوده في ظــل غيـاب نقابتهم الهشة التي دائـماً ما تكـون بوقـاً للإدارة، حيث لا تقـوم إلا بخدمات الرحـلات والمصـايف وبعض الإعانـات والمساعدات.
.
وبعيداً عن الإضراب وأسبابه وتفاعلاته وآثاره السيئة على سمعة البريد المصري والتي سأعلق عليه لاحقاً بمقال آخر، أجد بعض الطرائف التي نشرت ببعض الصحف تزيد من فكاهة هذه الاعتصامات والإضرابات في ظل جموح العاملين بالبريد المصري للمطالبة ببعض حقوقهم المسلوبة.
.
فالطرفة الأولي: ما صرح به الدكتور شريف بطيشه، نائب رئيس مجلس الإدارة لشئون الأمانة العامة لصحيفة الجمهورية بتاريخ 6/9/2011 بأن مطالب الموظفين غير منطقية لدرجة أنهم يطالبون بنسبة من أرباح قناة السويس لأن مكاتبهم هناك!!..
.
أما الطرفة الثانية: ما أعلنه الدكتور طارق السعدني، رئيس مجلس الإدارة بصحيفة الأهرام بتاريخ 7/9/2011 بأن تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات أثبت أن الهيئة حققت خسارة مالية خلال العام المنقضي قدرها 650 مليون، دون أن يذكر المتسبب في تلك الخسارة السادة المستشارون أم العاملون بالمكاتب البريدية؟!..
.
أما الطرفة الثالثة: تباين أعداد المستشارين بالبريد المصري بتصريحات بعض المسئولين، فالدكتور شريف بطيشه صرح لصحيفة الوفد بتاريخ 29/8/2011 بأن المستشارين الذين تم تعيينهم في عهد الدكتور علي مصيلحي 250 مستشار طالبوا بتغيير توصيف عملهم في الهيئة من وظيفة مستشار إلى الانتقال علي البند الأول للعاملين المدنيين في الدولة، بينما البند الرابع من المنشور رقم 390 بتاريخ 7/9/2011 الموقع من الدكتور طارق السعدني، والمعلن بالموقع الإلكتروني للهيئة، يفيد بأنه تم الاستغناء عن حوالي 100 مستشار ومن ذوي الخبرات المتخصصة، وبقي 69 وسيتم تخفيضهم تباعاً ليصل العدد إلى 30 مستشاراً مع بداية السنة!!..
.
الطرفة الرابعة: ما ذكرته جريدة البورصة بتاريخ 6/9/2011 من أن ثمة تجمع المئات من العاملين بالمقر الرئيسي بالعتبة من مختلف المناطق البريدية بالقاهرة الكبري والمحافظات مؤيدين لرئيس الهيئة ومطالبين بضرورة استكمال مسيرة الإصلاح والعمل على حل مطالبهم!!..
.
أما الطرفة الأخيرة: ما ذكرته صحيفة الدستور الأصلي بتاريخ 6/9/2011 من أنه في سابقة هي الأولي من نوعها، قامت منطقة بريد المحلة الكبري صباح الثلاثاء بتشميع المكتب الرئيسي لبريد المحلة بالشمع الأحمر في ظل حراسة من أفراد الجيش، ويعتبر هذا الإجراء هو الحالة الأولي من نوعها التي يتم فيها تشميع هيئة حكومية أمام المواطنين والموظفين على السواء!!..
.
طرائف ما كانت لتحدث إلا بعد قيام ثورة 25 يناير، حيث مازال النظام البائد ممسك بتلابيب مقاعده، يدافع عن مزاياه ومكتسباته التي حققها بغياً وظلماً، ونحن في الانتظار النصر، الذي لا يأتي إلا من عند الله ..
.
وللحديث بقية أن شاء الله...
Ashraf_mojahed63@yahoo.com


الثلاثاء، 30 أغسطس 2011

منحة البريد المصري !!...


لا أدري أن كانت منحة أم محنة ؟!..
فالمنحة التي أقرها الدكتور طارق السعدني رئيس مجلس إدارة البريد المصري بمناسبة عيد الفطر المبارك للعاملين أصابتني بالحيرة والقلق، ليس من قيمة المنحة، بل بما ورد بخطـاب التهئـنة المنشـور على الموقـع الإلكتـروني للبريـد المصـري ومـا جــاء فيـه بجمـلة "على الرغـم من عـدم تحقـيق نتائج إيجـابية خــلال العــام المالـي المنقـضي" !!... هذه الجملة جـاءت كالكـابوس المزعـج لمـن يحـلم منذ سنوات بالرخــاء والنمــاء، يحـلم بعـوائد أربـاح الشركات والاستثمار وفائض الميزانية والحوافز التي لا حدود لها.
.
فالسنوات الخمسة الماضية كانت سنوات الوعـود، سنوات الإنطـلاق، حتى وصف البريد المصري من بعض رؤساء تحـرير بعض الصحف القومية، بأنه قاطرة الاقتصاد القومي، فالتصريحات المتكررة للمهندس علاء فهمي بأن البريد المصري حقق فائضاً في ميزانيته للعام المالي 2007/2008 بنحو 200 مليون جنيه بنسبة نمو 48% (صحيفة الجمهورية بتاريخ 3/7/2008)، وما أعلنه الدكتـور أشرف زكي بعـدما تسلم رئاسة الهيئة، بأن الهيئة حققت معـدلات نمو إيجـابية، حيث زادات الإيرادات بنسبة 38% خـلال الفترة من يوليـو 2009 إلى 31 مـارس 2010 مقـارنة بنفس الفـترة من العـام السابق (صحـيفة اليـوم السابع 29/5/2010)، وما أسعدنا به الدكتور طارق كامل من أن البريد المصري تمكن من تحقيق معدل نمو يصل إلى نحو 12% لأول مرة في تاريخ البريد بما يوازي معدل النمو في قطاع الاتصالات (صحيفة الجمهورية 18/11/2010)... جعل من الجملة التي ذكرها الدكتور طارق السعدني كابوساً مزعجاً على كل العاملين بالبريد المصري.
.
ويبدو أن العاملين بالبريد المصري استفاقوا بعد غيبوبة طويلة بعد الأحلام في أوهام جني الأرباح والمكتسبات التي وعدوا بها، وتبين لهم أن ما وعدوا به مجرد تلاعب بالأرقام والميزانيات دون تحقيق عوائد حقيقية أو قيمة مضافة لمرفقهم، تماماً كما كان يحدثنا الدكتور محمود محيي الدين وزير الاستثمار السابق، عن معدلات نمو الاقتصاد القومي الغير مسبوقة، ورجالات الحزب الوطني المنحل عما يتمتع به الشعب المصري من رفاهية ورخاء بدليل ارتفاع معدلات استخدام السيارات أو زيادة معدلات شراء المكيفات، أو عن تضخم حجم القمامة الناجمة عن استهلاك الإنسان المصري مقارنة بدول العالم، دون أن يشعر المواطن العادي بتلك الرفاهية.
.
الحقيقة التي ذكـرت مهما كانت مرة وقاسية، أفضـل مـائة مـرة من الأحــلام الورديـة والوعـود الكـاذبة من بعض رؤسـاء البريد المصري، بهدف تحقيق أغـراض شخصية أو منافـع مـادية أو للوصـول لمناصب قيـادية بالدولة بالغـش والتدلـيس.
.
بـيد أن تلـك الحقـيقة لن تكـون كاشـفة ومنتـجة وداعمـة لصاحبها إلا بمـزيد من الشفافية وتبـيانها كامـلة غير منقوصـة، حقيـقة تزيـل اللبـس والالتـباس والريـبة التي في قلـوب العاملـين بالبريـد، تزيـل مظـاهر التدليس والتزييـف، بإزالة تلـك القيـادات الذين تسببوا في هذا الوهـم بالمشـاركة والتشجـيع والمبـاركة، واستفادت منه ماليـاً وأدبيـاً، حقيقة مرة ولكن يجب أن يذوق طعـمها من أعـدها وطبخـها...
.
وللحديث بقية أن شاء الله...
ashraf_mojahed63@yahoo.com








السبت، 20 أغسطس 2011

شفافية البريد المصري !!..

.

عندما تسمع كلمة شفافية نتذكر على الفور حكومة الدكتور أحمد نظيف، فالشفافية والنزاهة كانتا كلمتان لا تفارقان شفاه وزرائه ومسئوليه، خاصة الدكتور يوسف بطرس غالي وزير المالية الأسبق، حيث ظهرت نزاهته مؤخراً بما صدر عليه من أحكام قضائية، والدكتور أحمد درويش، وزير التنمية الإدارية، أستاذ الشفافية الإدارية، والتي لطالما أشار إليها فيما يتم من تعيينات وترقيات في الجهاز الإداري بالدولة، والتي انجبت هذا الجيل من القادة الإداريين من أتباع الحزب الوطني المنحل أو ممن جاءوا من على ظهور الدبابات، أو من أصحاب الحظوة والرشوة والمال الفاسد... نزاهة وشفافية سوف ندفع ثمنها جميعاً سنوات عديدة حتى تستقيم الأمور.
.
هذه الشفافية طالت بالقطع البريد المصري، فأصابته بقطيع من المستشارين والخبراء مع تولي الدكتور علي مصيلحي رئاسة مجلس الإدارة، أبان قدوم سادة الفكر الجديد من أعضاء الحزب الوطني المنحل، ثم استبدلهم المهندس علاء فهمي بقطيع آخر أشد فتـكاً ونهــماً وتسلـطاً وعلـواً، متستراً خـلف القرار الوزاري رقم 99 لسنة 2007 بشأن التعاقدات مع ذو الخبرة المتخصـصة، فأصبحت القوانين المنظمة لشئون العـاملين بالدولة سـواء القـانون 47 لسنة 1978 أو القانون 5 لسنة 1991 لا تساوي الأحبار التي كتبت بها.
.
هذه الشفافية بلغت ذروتها مع قدوم الدكتور أشرف زكي رئيساً مؤقتاً للبريد المصري، فالترقيات وشغل الوظائف القيادية أصبحت دون رابط أو ضابط، خاصة ما صدر من قرارات خلال شهر ديسمبر 2010، فصاحب الدرجة الثالثة الكتابي أصبح مديراً، وصاحب الدرجة الثانية الإداري أصبح مديراً عاماً، وأصحاب الخبرات الخاصة أصبحوا رؤساء قطاعات ونواب، وكلها شفافية !!..
.
هذه الشفافية تجلت بعد ثورة 25 يناير بالإعلان عن تشكيل لجنة من وزارة الاتصالات لمراجعة تقييم عقود السادة المستشارين بالبريد المصري، والتي أسفرت عن الاستغناء عن 28 من أصل 50 مستشاراً كانوا يحصلون على نحو 30 مليون جنيه سنوياً بخلاف بدلات حضور جلسات تصل لنحو 1500 جنيه للجلسه الواحدة، بالإضافة إلى مكافأت تشجعية وإنتاجية تصل لنحو 9.9 مليون جنيه، ونحو 6 مليون جنيه أخري مكافأت عن حضور جلسات لجان وأعمال أخري، بإجمالي 19 مليون جنيه سنوياً، وذلك طبقاً لما أوردته جريدة البورصة بتاريخ 26/4/ 2011.
.
أخر مظاهر تلك الشفافية ما أعلن مؤخراً عن أن الهيئة ستفصح عن ميزانيتها بصورة دورية، وبالفعل تم الإعلان بالموقع الإلكتروني للبريد المصري عن الملامح الرئيسية لميزانية العام المالي 2010/2011 حيث ذكر بند الأجور وما في حكمها من مكافأت وبدلات وحوافز لجموع العاملين البالغ عددهم 50 ألف نحو 1083604108 جنيه، بينما أجور السادة ذوي الخبرة المتخصصة في جميع المجالات (المستشارين) نحو 7141650 جنيه وهو ما يعادل نصف في المائة... الملاحظ أن الموقع ذكر نسبة النصف في المائة فقط، دون أن يذكر عدد هؤلاء المستشارين، الذي يعتقد أنهم 22 مستشاراً من أصل 50 مستشار تم الاستغناء عن 28 منهم، أي بمتوسط راتب شهري يبلغ 27000 جنيه، بينما جملة ما اتقضاه شهرياً من راتب وحوافز لا يتعدي 1900 جنيه، رغم مرور نحو أكثر من ربع قرن على عملي بالبريد المصري... منتهي الشفافية !!..
.
لا أتعجب من تلك الشفافية الباهتة، فمازالنا نسير في ركاب ذيول قيادات الحزب الوطني وحكومة الشفافية والنزاهة، قيادات من نفس الرحم، ولكن بولادة كولادة أطفال الأنابيب فرصة نجاحها ونموها ضيئلة وضعيفة...
.
وللحديث بقية أن شاء الله...
Ashraf.mojahed@gmail.com

الجمعة، 29 يوليو 2011

نيابة البريد الإدارية !!..



إحــالة بعض المسئولـين بالبريد المصري إلى المحكمة التأديبـية بقرار من المستشار تيمـور مصطفي كامل، رئيس هيئة النيـابة الإدارية للتلاعـب في الحسـابات التقديـرية لأربــاح صنـدوق التوفيـر، مما ترتـب علـيه صـرف مكافـــآت لرئيس وأعضــاء مجلـس الإدارة بلغـت 5.2 مليون جنيه دون وجـه حــق بقـرار صـادر من وزيـر الاتصــالات السـابق في 27/1/2010 (صحـيفة الأهـرام 21/6/2011، صحيفة الدستور 20/6/2011)، أمر يثير الحيرة والتعجب!!.. ذلك إذا علمت أن ثلاثة من هؤلاء المسئولين السبعة أصبحوا مسئولين سابقين، والباقي يزاول عمله بصورة طبيعية خاصة رئيس قطاع الشئون المالية ورئيس قطاع التوفير والإدخار.
.
وسبب الحيرة والتعجب أمران الأول: ما طالعته من لائحة شئون العاملين بالهيئة القومية للبريد الصادرة بالقرار الوزاري رقم (70) لسنه 1982، بالمادة (93) الخاصة بالجزاءات التأديبية، بأن الجزاء المنصوص عليه لشاغلي وظائف رئيس قطاع وما يعلوها هي: التنبيه أو اللوم أو الإحالة إلى المعاش، وأن المادة (95) بند (3) من نفس اللائحة حددت اختصاص المحكمة التأديبية بتوقيع أي من الجزاءات المنصوص عليها في المادة (93) من هذه اللائحة... والثاني: وهو الأشد عجباً وحيرة من هذا التكييف القانوني للواقعة وإحالته للنيابة الإدارية وليس النيابة العامة للتحقيق، يكمن في مصير مبلغ 5.2 مليون جنيه تم صرفها من أموال الهيئة لرئيس مجلس الإدارة والأعضاء الموقرين كحوافز ومكافآت دون وجه حق، وهل ستعيد المحكمة التأديبية تلك المبالغ للهيئة أم لا ؟!..
.
ومع تقديري واحترامي للنيابة الإدارية كهيئة قضائية مستقلة، إنشأت بموجب القانون رقم (480) لسنة 1954، وتوسعت في اختصاصاتها بموجب القانون رقم (19) لسنة 1959 وتعديله بالقانون رقم (172) لسنة 1981 للتحقيق مع العاملين الخاضعين لأحكام قوانين العاملين المدنيين بالدولة والهيئات العامة والعاملين في شركات القطاع العام والهيئات التي تساهم فيها الحكومة أو الهيئات العامة بنسبة لا تقل عن 25% من رأسمالها... إلا أن ما أسرده من وقائع حقيقية عايشتها بنفسي وكنت شاهداً عليها يؤلمني وقد يؤلم الكثير أيضاً ممن تعرضوا لحفظ شكواهم إدارياً ودون تحقيق، وقد يبعث في نفسى ونفوسهم حجم الضيق والحسرة على ما كنا فيه قبل ثورة 25 يناير...
.
بتاريخ 7/10/2000 تقدمت بشكوي للسيد رئيس النيابة الإدارية لوزارة الاتصالات، سجلت برقم 67 لسنه 2000 بشأن قيام الهيئة بحجز نسبة 25% من بند الحوافز والمكافآت بالميزانية من المنبع وتحويله مباشرة لحساب صندوق الولاء والانتماء الخاص بالعاملين لزيادة رصيده لمواجهة حالات الصرف المتزايدة للعاملين المحالين للمعاش سنوياً، وذلك بالمخالفة لنص المادة رقم (5) لأحكام التأشيرات العامة للهيئات الاقتصادية، والتي لها قوة القانون، التي تقضي بأنه لا يجوز للهيئات الاقتصادية دعم الصناديق الخاصة بها من اعتمادات موازنتها، وكذلك بالمخالفة لمنشور وزارة المالية رقم (1) لسنه 1989، ومطالبة الجهاز المركزي للمحاسبات مراراً بالتحقيق اللازم، حيث يعد ذلك مخالفة مالية تستوجب المساءلة، مع ضرورة امتناع ممثل وزارة المالية عن صرف هذه المبالغ لمخالفتها الواضحة والصريحة للتأشيرات العامة للموازنة، وطالبت بإجراء التحقيق اللازم بعد إرفاق كافة المستندات والأوراق الثبوتية الدالة على تلك المخالفة... فكان رد النيابة الإدارية صاعقاً بخطابها رقم 197 بتاريخ 29/1/2001 بأن الأوراق حفظت إدارياً، دون تحقيق!!..
.
بتاريخ 26/10/2000 تقدمت بشكوي أخرى للسيد رئيس النيابة الإدارية لوزارة الاتصالات، سجلت برقم 76 لسنه 2000 بشأن قيام الهيئة بربط ودائع قصيرة الأجل للعديد من العملات الأجنبية لديها ببنك القاهرة فرع قصر النيل بفوائد ضئيلة جداً مقارنة بأسعار تلك الفوائد التي عرضها ذات البنك بعدما علم بقرار مجلس المديرين بالجلسه رقم 254 بتاريخ 27/7/1997 بفك تلك الودائع وتحويلها لوديعة بصندوق توفير البريد، بناء على مذكرة تقدمت بها تفيد خسارة الهيئة بنحو خمسة ملايين جنيه سنوياً بسبب ترك تلك الودائع بالبنك المشار إليه، وطالبت باجراء التحقيق اللازم في هذه المخالفـات المالية، بعدما علمت بتعمد بعض المسئولين إعــادة ربط ودائــع جديــدة بنفس الفوائد الضئيلة السابقة وبنفس البنـك وذلــك بعد نقـلي من المراقـبـة العـامة للحسـابات... إلا أن النيـابة الإدارية علقــت التحقيـق بنحـو أكثر من سنة ونصف، ولم يتم استدعــائي لأخذ إيضاحــاتي وبدأت في التحقــيق بعدما ســافرت للعمـل بدولة الكويـت في 1/4/2002 وانتهي الأمر بترقية كل من ساهم في ضياع أموال الهيئة لدي بنك القاهرة!!..
.
بتاريخ 17/12/2000 تقدمت بشكوي ثالثة للسيد رئيس النيابة الإدارية لوزارة الاتصالات، سجلت برقم 9 لسنه 2001 بشأن جملة مخالفات مالية بحسابات الهيئة مع الإدارات البريدية الأجنبية وشركات الطيران الناقلة للبريد، بسبب عدم وجود دورة مستندية سليمه لتلك الحسابات، ارفقت بها كافة الأوراق والحسابات الثبوتية الدالة على صحة ما أشــرت إليه ومخالفات مالية أدت لضياع حقوق الهيئة لدي تلــك الإدارات... إلا أن النيـابة الإدارية أكتفـت بإرسـال الشكوي للسيد رئيس مجلس الإدارة بالكتــاب رقــم 163 بتـاريخ 21/1/2001 الذي لطالما حررت له مذكرات عدة بذات الموضوع دون جدوي، فقام بالرد علي النيابة بجملة افتراءات وأكاذيب لا دليل عليها أو سند، فقامت النيابة دون تحقيق بالرد رداً صاعقاً أيضاً بخطابها رقم 334 بتاريخ 17/2/2001 بأن الأوراق حفظت إدارياً!!..
.
وأخيــراً ومـع الأصـرار والمطـالبة المستـمرة بضــرورة القيـام بإجـراء التحقيقــات اللازمـة في تلــك المخالفــات، تم اصطــياد جمـلة بإحـدي المذكــرات التي تقـدمت بها للسـيد رئيس مجـلس الإدارة بتاريخ 28/9/2000 وتحـريفـها عن مضـمــونها الحقـيـقي، وتـم إحالـتي للنيـابة الإدارية لـوزارة المواصــلات بتـاريخ 12/11/2000، وسجـلت كقضية برقـم 309/2000 مواصلات، حيث بدأت النيابة بالتحقيق بمعرفة أحد مستشاريها، رافضاً حتى مناقشة ما جاء بالمذكرة من مخالفات أو تعنت الجهة الإدارية فيما تتخذه ضدي من قرارات باطلة، مرتكزاً على الجملة التي وردت بالمذكرة فقط، ومع حقيقتها وصحتها والإثبات بصحة تحريف ألفاظ تلك الجملة، إلا أنني أدنت وأصبحت سالكاً مسلكاً لا يتفق وكرامة الوظيفة وخرجت علي مقتضي الواجب الوظيفي وتم مجازاتي إدارياً!!..
.
هكذا كانت النيابة الإدارية قبل ثورة 25 يناير، فهل سيختلف الحال بعدها؟!.. هذا ما ستثبته لنا الأيام القادمة...
.
وللحديث بقية أن شاء الله...
Ashraf.mojahed@gmail.com

الخميس، 30 يونيو 2011

حماية الإيرادات البريدية..


بعد فترة غياب نحو عامين عن البريد المصري، استهللت عودتي للعمل فيه بالمشاركة بورشة عمل بجامعة الدول العربية خلال الفترة من 21 يونيه حتي 23 يونيه2011 بإشراف الاتحاد البريدي العالمي بشأن حماية الإيرادات البريدية، وكانت فرصة طيبة لإعادة نشاطي البريدي ومزاولة العمل الذي أمضيت فيه عمراً يزيد عن نصف عمري الذي شارف على الخمسين.
.
كان لقاءاً مثمراً ومفيداً للأعضاء المشاركين، خاصة وأن فريق العمل المكلف بإدارة الورشة كان علي دراية واسعة بحجم المشكلة بإعداده دراسات واستقصاءات خلال العام الماضي أكدت أن نحو75% من المرافق البريدية تعاني تسرباً لإيراداتها، مما حذا بها إصدار تعميم سمي بالكتاب الأبيض لعرض فيه أفضل الممارسات والإجراءات الكفيلة لحماية إيرادات البلدان الأعضاء بالاتحاد البريدي العالمي التي تعاني المشكلة.
.
هذه كانت البداية منذ عودتي، ولكنها لم تكن البداية في هذا المجال، فمنذ أكثر من خمسة عشر عاماً وقد بح صوتي وجف قلمي بالكتابة للقائمين على البريد المصري من ضياع أمواله تجاه العديد من البلدان الأجنبية، ناتج عن سوء إدارة ومعالجة تلك الحسابات، وعدم وجود دورة مستندية سليمة تحكم دقة تلك الحسابات. خمسة عشر عاماً بذلت فيها من الجهد والتفكير والعمل والمعارك الجانبية للحفاظ على تلك الإيرادات دون جدوي!!.. ذلك أن مشكلتنا في البريد المصري أعمق وأكبر بعدم الاعتراف بالأساس بوجود مشكلة، ومن ثم فلا اجتهادات للحل أو التفكير لأعادة النظر فيما نسير فيه، فالادارات المعنية بتلك الحسابات في ثبات كثبات الموتي، رغم التطور الهائل في تقنية إجراء تلك الحسابات وجهود الاتحاد البريدي العالمي في رفع كفاءتها وفعاليتها... وتلك كانت أطروحتي الرئيسية أثناء المناقشات وتقبله فريق العمل المشرف بالترحاب، فالاعتراف بوجود وحجم المشكلة هي الخطوة الأولي نحو الحل.
.
فالبريد المصري ومنذ أحتلاله من أصحاب الفكر الجديد عام 2002 وقياداته لا تحب سماع المشاكل، تري وتبرز دائماً الجانب الإيجابي والصورة الوردية في كافة التصريحات والمقابلات الصحفية، فكل قيادة على كافة المستويات هدفها الأول إبراز الإنجازات والافتخار والإشادة بما حققته أمام المسئولين، حتى ولو كانت تلك الانجازات ورقية لا قيمة مضافة لها، وبالطبع تأتي القيادة التالية لترفع سقف تلك الانجازات ولا تألوا جهداً في تضخيم تلك الصورة الوردية بشكل يفوق من سبقها، فالحديث عن الانجازات وإعادة افتتاح المكاتب التي فتحت في عهد الاحتلال الإنجليزى والدعاية الإعلامية والمؤتمرات والمهرجانات والندوات كانت الشغل الشاغل لتلك القيادات دون الخوض أو التفكير في حلول عملية لعشرات المشاكل المزمنة لهذا المرفق الكبير.
.
ولك أن تتخيل ونحن في عام 2011 مازالت المكاتب البريدية تعتمد على الكارت اليدوي لإثبات عمليات التوفير، والتي أصبحت تراثاُ تاريخياً بالنسبة لأعمال البنوك، هذا بالرغم ما يتم إنفاقه على البنية التكنولوجية بالهيئة وتعدد القطاعات والوظائف القيادية المعنية بالتكنولوجيا !!..
ولك أن تتخيل كذلك ونحن في عام 2011 كم الحوادث والسرقات التي تحدث للمكاتب البريدية، رغم ما ينفق على الحراسات وتجديد ونمذجة تلك المكاتب، دون مراعاة دقة واختيار القائمين على تلك المكاتب وتأهليهم العلمي والنفسي لإداء الأعمال المالية..!!
ولك أن تتخيل أيضاً حجم ما أنفق خلال السنوات السابقة على الإعلانات والدعاية والمهرجانات والمقابلات الصحفية المدفوعة الأجر دون مردود حقيقي للارتقاء بمستوي الخدمة البريدية وزيادة معدلاتها، لمجرد مصالح وطموحات شخصية لبعض القيادات من أجل الارتقاء لوظائف ومناصب أعلي بالدولة.
.
البريد المصري لا يحتاج إلى الكتاب الأبيض ولا الكتاب الأخضر، البريد المصري يحتاج لقيادات مؤهلة ذات خبرات حقيقية وصادقة مع نفسها ووطنها، ترعي الله في الحفاظ على مكانة هذا المرفق العظيم، تواجه المشاكل بشجاعة المقاتلين، قيادات قادرة على إيجاد حلول عملية وحقيقية لمشاكله المزمنة، قيادات لا تأخذ النعام قدوة لها في دفن روؤسها في الرمال...
.
وللحديث بقية أن شاء الله...
Ashraf.mojahed@gmail.com

الأربعاء، 18 مايو 2011

مخصصات رئيس البريد المصري...


يبدو أنه كما أبدع المصريون القدماء في تقديس الحكام والملوك ليصبحوا آلهه آمرون، لا مرد لحكمهم وتصرفاتهم، أبدعنا نحن المصريون الجدد في الحفاظ على هذا الإرث الديكتاتوري الضخم على مدار سبعة آلاف سنة، فالرئيس في كل موقع إله غير قابل للنقد أو الحساب، هو الرئيس وكلماته نافذه وتصرفاته راشدة واشارته أوامر، وكل من خالفه أو عارضه خارج على القانون وضال عن الطريق ومن عملاء الخارج... نحن المصريون عباقرة في صناعة فرعون وتحصينه وتلميعه وتمجيده سواء كان رئيس جمهورية أو رئيس قسم في مرفق مياه الصرف الصحي.
.
هذه المقدمة كانت ضرورية لإيصال الفكرة التي أيقنت حقيقتها مؤخراً، مع تصريح الدكتور سمير رضوان وزير المالية بحكومة تصريف الأعمال لصحيفة الوفد بتاريخ 17/5/2011 "أن مخصصات مؤسسة رئاسة الجمهورية بلغت 5 مليارات جنيه في العام وهي مذكورة في ميزانية الدولة في سطر واحد دون أي تفاصيل عن أوجه صرفه، مؤكداً أنه لا يعلم أين صرفت هذه الأموال".
.
ورغم التعجب من ضخامة المبلغ المخصص سنوياً لمؤسسة الرئاسة، والذي لا يمكن مقارنته بالمبالغ المخصصة لبعض مؤسسات الرئاسة بالبلدان الغربية المتقدمة كمخصصات البيت الأبيض بالولايات المتحدة الأمريكية أو مخصصات قصر الإليزيه بفرنسا، إلا أن الأعجب هو أن المبلغ المذكور يكتب في ميزانية الدولة في سطر واحد دون أي تفاصيل، فالرئيس ورجاله فوق ذكر هذه التفاصيل التافهه أو تحديد أوجه صرف تلك المبالغ التي يفترض أنها حصلت كضرائب من دماء المصريين الغلابة، فالرئيس هو الرئيس ولا رئيس غيره.
.
وبذات المنطق أجاب المهندس علاء فهمي رئيس مجلس إدارة البريد المصري الأسبق حينما سئل في حوار بصحيفة اليوم السابع بتاريخ 2/7/2009 عن راتبه فأجاب أن الحديث عن المرتب "ميصحش إن حد يتكلم فيه"... وقبله ترددت بعض الأقاويل بشكوي بعض العاملين بالجهاز المركزي للمحاسبات للمجلس الأعلي للقوات المسلحة ضد المستشار جودت الملط "بأنه حفظ تقارير عديدة بتقاضي بعض الوزراء مبالغ دون وجه حق مثل ماجد جورج وعلى مصيلحي والذي كان يتقاضي راتباً شهرياً قدره 170 ألف جنيه من هيئة البريد ولم يتم الإبلاغ عن ذلك" (صحيفة الأخبار بتاريخ 24/3/2011).
.
باختصار مازال في مصر حتى بعد ثورة 25 يناير أنه لا يحق لأحد السؤال عن راتب أو مخصصات الرئيس، سواء كان رئيس جمهورية أو رئيس البريد المصري، ومن ثم لا يحق لأحد كذلك الاستفسار والسؤال عن رواتب ومخصصات السادة المستشارين أو أصحاب العقود المميزة بالبريد المصري، من بدلات وحوافز وانتقالات وغيرها، فجميعها من البنود السرية في الميزانية، وما يذكر في تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات والأجهزة الرقابية الأخري أرقام تسجل من باب تدريب واختبار القائمين على إعداد تلك التقارير على إجراء العمليات الحسابية من جمع وطرح وضرب...
.
وتحياتي لشهداء ثورة 25 يناير ، وتحياتي كذلك لكل رئيس...
.
وللحديث بقية أن شاء الله...
Ashraf_mojahed@yahoo.com

الجمعة، 15 أبريل 2011

البريد المصري والشراكة الأجنبية...



من الأخـبار التي أزعجتني أخيـراً، خبر قيـام البريد المصري بضخ الدفعة الأولي من المساهمة بـ"صندوق مصر لرأسمال النمو"، والذي قدرت بحوالي 25 مليون جنيه، ضمن اجمالي مساهمته البالغة 72 مليون جنيه، على أن يتم اختيار الشركات المستحقة للتمويل مع شركاء الصندوق، مؤسسة أبراج كابيتال الإماراتية، ومنظمة الأوبيك التابعة للحكومة الأمريكية، حيث سيتم تخصيص نحو 40 مليون دولار من رأسمال الصندوق لدعم مركز الإبداع التكنولوجي وريادة الأعمال التابع لوزارة الاتصالات (موقع أموال الغد 28/3/2011)... وقد تم إقرار إنشاء هذا الصندوق المصري الأمريكي الإماراتي برأسمال 80 مليون دولار أمريكي عقب استقبال الدكتور أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء السابق مع الوفد الأمريكي لريادة الأعمال (صحيفة الأهرام 12/1/2011).


الأزعاج لم يكن بسبب الشراكة الأجنبية التي كانت من أهم سمات حكومة رجال الأعمال السابقة، والتي سخرت إمكانات الدولة ومؤسساتها لخدمة شركات وأعمال خاصة للبعض منهم، بل كان بسبب استمرار هذا النهج بعد ثورة 25 يناير، والإصرار على استكمال ما شرع فيه وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات السابق بضخ أموال مودعي صندوق التوفير في مشاريع تكنولوجيا عملاقة على حد قوله.

فالبريد المصري ومع بزوغ الفكر الجديد في عام 2002، ويخطط له لاستنزاف موارده وهتك كيانه الاقتصادي في شراكات واستثمارات، لا نعرف من بيده قرارها، ومن هي تلك السلطة المختصة لإدارة تلك الأموال على هذا النحو ؟!.. والتي بدأت بصورة مبكرة حتى قبل صدور القانون رقم 67 لسنة 2010 بشأن تنظيم مشاركة القطاع الخاص في مشروعات البنية الأساسية والخدمات والمرافق العامة بسنوات عدة، فالشراكة مع شركة فيدكس العالمية على سبيل المثال، للسماح لها باستقطاع شباك من كل مكتب بريد لاستقبال بعائث البريد السريع لتصديرها بواسطة الشركة طبقاً لأسعار خدماتها، بحجة التقليل من خسائر أسعار لاتوازن البريد السريع مع بعض البلدان الأجنبية عام 2003، كانت سابقة خطيرة اتبعت بالعديد من تلك الشراكات، خاصة الأجنبية منها.


هذه الشراكات والاستثمارات ارتفـعت بشكل غير مسـبوق لتتجــاوز نحـو 19 مليــار جنيه بنهاية العام المالي السابق 2009/2010 (صحيفة البورصة بتاريخ 14/3/2011).


هذا القلـق والريبـة يتـزايد يومـاً بعد يوم، مع الكشف عن وقائـع فساد أعترف بها مؤخـراً بإحـالة بعـض مسـئولي الهـيئة لاتهامهم بإثبات قيمة أرباح عملاء صندوق التوفير بأقل من قيمتها الحقيقية بمبلغ 400 مليون جنيه بالحساب الختـامي لصنـدوق التوفـير عن السنة المالية 2008/2009 (صحيفة الوفد بتاريخ 10/3/2011)... وكذلك ما نشر من تقرير للجهاز المركزي للمحاسبات عن العام المالي السابق من تلاعب في ميزانية الهيئة لسد عجز قدره 67 مليون جنية (صحيفة المصري اليوم 24/3/2011).


أذاً الأمـر يستلزم إدارة تلـك الأمـوال بصـورة أكثر شفافـية وطبـقاً للمعايير التي تلتـزم بها كـافة البنـوك المصرية الخـاضعة لرقـابة وتدقـيق البنك المركـزي المصـري والجهـاز المركـزي للمحاسبات، حفـاظاً على أمـوال المـودعين وأصـول وممتلكـات البريد المصري من أيـادي بعض العابثـين والفاسـدين وأصحـاب الأفكـار الجديـدة.


وللحديث بقية أن شاء الله...

Ashraf_mojahed@yahoo.com

الأربعاء، 6 أبريل 2011

الفساد في البريد المصري !!..



نشرت صحيفة المساء بتاريخ 7/3/2011 تأكيداً للمهندس هاني محمود، رئيس مجلس إدارة البريد المصري، أنه سيلتقي بالعاملين بالمناطق التي تم إيقاف العمل فيها.. مطالباً بعدم إلقاء التهم دون مستندات رسمية تؤكد صحتها، كما نشرت صحيفة الجمهورية بتاريخ 27/3/2011 اعتراف الدكتور ماجد عثمان وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بحكومة تصريف الأعمال بوجود فساد في الهيئة القومية للبريد، ولكننا لا يجب أن نبالغ في النشر عن هذا الفساد، مشيراً إلى أنه عند مراجعة ميزانية الهيئة تبين عدم ظهور مبلغ 400 مليون جنيه في خطأ مقصود وتحولت موازنة الهيئة إلى رابحة بمبلغ 25 مليون جنيه.

والواقع أن الفساد في البريد المصري لا يحتاج إلى مستندات رسمية تؤكد صحتها، أو الاعتراف بوجوده، فهو واضح وضوح الشمس، ولا يمكن اختزاله في واقعة أو وقعتين، ومن لديه دراية بسيطة بقواعد المحاسبة الحكومية يعلم مدى ما حدث من تلاعب بالحساب الختامي للهيئة خلال السنوات السابقة، وحجم المخالفات والتقارير التي سجلها الجهاز المركزي للمحاسبات على تلك الحسابات الختامية، خاصة مع الإصرارعلى عدم تصويبها أو معالجة منهجية تلك المخالفات المتكررة عبر سنوات عدة.

هذا الفساد المالي الذي ظهر فجأة أعقاب ثورة 25 يناير بإحالة الخطأ المقصود للنيابة الإدارية لبعض مسئولي الهيئة وذلك لقيامهم بإثبات قيمة أرباح عملاء التوفير بأقل من قيمتها الحقيقية، يوجد عشرات مثله مقصود أيضاً، تتضمنه تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات، نشر بعضها بالصحف وبعضها لم ينشر، إلا أن بعضها تم حجبه عمداً من قبل الجهاز المركزي للمحاسبات على حد قول بعض أعضاء الجهاز الذين تقدموا بشكوي للمجلس الأعلى للقوات المسلحة ضد المستشار جودت الملط، جاء فيها "كما أنه حفظ تقارير عديدة بتقاضي بعض الوزراء مبالغ دون وجه حق مثل ماجد جورج وعلى مصيلحي والذي كان يتقاضي راتباً شهرياً قدره 170 ألف جنيه من هيئة البريد ولم يتم الإبلاغ عن ذلك" (صحيفة الأخبار بتاريخ 24/3/2011).


وهذا الفساد الذي أعنيه لم يكن فساداً مالياً فقط يستوجب التحقيق والمساءلة من قبل جهات تحقيق قضائية لإظهار الحقائق، بل كان أيضاً فساداً إدارياً، فكم القرارات الإدارية الصادرة بترقية العشرات من العاملين خلال الفترة السابقة وخاصة التي تمت خلال العام الماضي وبالأخص خلال شهر ديسمبر 2010 والتي بلغت نحو 313 قرار ترقية، أمر يبعث على الريبة، في ظل غياب وتجاهل القوانين الحاكمة لتلك الترقيات سواء كان قانون 47 لسنة 1978 أو قانون 5 لسنة 1991، فإنشاء عشرات الوظائف القيادية خارج نطاق تعليمات الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، وندب العشرات لوظائف قيادية بغية منح الحوافز والبدالات بدون وجه حق واستنزافاً لموارد الهيئة، وإرضاءً لقيادات ورموز الحزب الوطني، أضف إلى ذلك ما ينشر عن رواتب وبدالات ومزايا تلك القيادات، وكوكبة المستشارين الذين وصل عددهم لنحو 50 مستشاراً يتم حالياً مراجعة عقودهم، طبقاً لما ورد بصحيفة الجمهورية بتاريخ 27/3/ 2011 يستوجب التحقيق والمساءلة والمراجعة أيضاً..

هذا الفساد ما كان ليستمر ويستفحل أمره خـلال السنوات السابقة لولا مبـاركة قيـادات سياسية وحزبية نافـذة، فإشـادة الأمين العـام للحزب الوطني السابق صفوت الشريف خـلال معرض "وعـد فأوفـى" بالدور الذي تلعبه الهيئة القومية للبريد في تقديم الخدمات المجتمعية للمواطن والمساهمة الفعلية في دفع عجلة التنمية الاقتصادية (صحيفة اليوم السابع 4/11/2010)، وتكريم أمانة الحزب الوطني بالقاهرة للدكتور أشرف زكي، رئيس الهيئة القومية للبريد السابق على مجهوده خـلال الشهور الماضية على إزالة أسباب شكوى العاملين في الهيئة والحرص على التواصـل معهم (صحيفة اليـوم السـابع 27/7/2010).. تلك الشهادات كفيلة بأن نجزم أن البريد المصري قابـع على بركـان من الفسـاد المـالي والإداري بخضوع قياداته السابقة لإرادة وتوجيهات الحزب الوطني، التي سـخرت هذا المرفـق الهـام لأغـراض حزبيـة وسياسية لإنجـاح مشروع التـوريث، والتي مازالت حتى الآن تعبـث بمكـرٍ بالليـل والنهـار من خــلال الطـابور الثاني باسم الثورة والثوار.


وللحديث بقية إن شاء الله..

الأحد، 27 مارس 2011

البريد المصري والأجهزة الرقابية...


البريد المصري من الهيئات الحكومية العريقة في إحكام الرقابة الإدارية والمالية على موظفيها، خاصة مع تزايد الأعمال ذات الصبغة المالية، من صرف معاشات وأعمال توفير وحوالات مالية وغيرها، والتي تمارس من خلال شبكة واسعة من المكاتب البريدية المنتشرة بكـافة قــري ومحافظات مصر، هذه الرقابة تتمثل الآن بهيكل وظيفي مكون من قطاع وإدارات عامة وإدارات رئيسية وفرعية بكل المناطق البريدية، خاضعة بالكلية لرأي وسياسـات الإدارة العلـيا، رقـابة دقيقة وصـارمة ومتكـررة لكافـة الأشـغال البريـدية داخلياً. .

أما كافة أشغال وأعمال الإدارة العليا، فأنها تخضع لرقابة ومتابعة الأجهزة الرقابية بالدولة، هذه الرقابة قد تكون سابقة كراقبة أجهزة وزارة المالية للتقيد ببنود الصرف بالميزانية، والتأكد من تنفيذ بنود قانون المحاسبة الحكومية واللوائح المالية المنظمة لأوجه الصرف، وقد تكون لاحقة كراقبة الجهاز المركزي للمحاسبات وهيئة الرقابة الإدارية وإدارة الكسب غير المشروع.


ما نود أن نشير إليه هنا رقابة الجهاز المركزي للمحاسبات، والتي عادة ما تكون لصيقة وملازمة بصفة مستمرة لبنود الصرف، بمراجعة التسويات والدفاتر المحاسبية أولاً بأول، فالجهاز الذي تم إنشاؤه عام 1942 تحت مسمي "ديوان المحاسبة" بهدف الرقابة على أموال الدولة وأموال الأشخاص العامة الأخري، والتي اتسعت اختصاصاته تدريجياً لتشمل الأحزاب السياسية والمؤسسات الصحفية القومية والحزبية والنقابات والجمعيات والاتحادات المهنية والعمالية وغيرها، لا تخلوا جهة من تلك الجهات إلا بها مكاتب لمراقبي الجهاز المركزي للمحاسبات يقومون بالفحص والتدقيق لكافة التسويات والدفاتر المحاسبية أولا بأول، وتقارير الرقابة السنوية المتلاحقة على ميزانية البريد المصري شاهده على حجم ما أشيع فيه من فساد، دون إتخاذ إجراءات عملية وفعالة لكبح جماحه، وتصويب ركائزه، ومحاسبة أركانه.

ليصدق قـول نبيـنا الكريـم صـلي الله عليـه وسلم:"إنمـا أهلـك الذين قبلـكم، أنهم كانـوا إذا سـرق فيـهم الشـريف تركـوه، وإذا سـرق فيـهم الضعيف أقامـوا علـيه الحـد" (رواه البخاري)... وليست ثمة تفسير ثالث مع شيوع هذا الكم من الفساد في ظل وجود هذا الجهاز، إلا أنه لم يقم بواجبه المنوط به طبقاً للقانون، أو أنه أصبح جزءاً من منظومة الفساد واكتفي بإرسال التقارير والمناقضات دون متابعة أو اتخاذ الإجراءات الكفيلة بمحاسبة الفاسدين والمتلاعبين، بل أن إشادة المستشار جودت الملط، رئيس الجهاز بوزارة الاتصالات وهيئاتها والتمني بأن يسود نظامها باقي قطاعات الدولة أمر يثير الضيق والعجب في آن واحد من كثرة ما ينشر من تقارير صادرة من الجهاز المركزي للمحاسبات من مخالفات تلك الوزارة (موقع مجتمع المعلومات المصري بتاريخ 4/1/2011).


وحتى أكـون أكثر إيضـاحاً أذكر مثالاً جلـياً لفوضي ما يعرف برواتب بعض المستشارين بالبريد المصري ممن جـاء بهم المهندس عـلاء فهمي أثناء رئاسته للبريد المصري اعتباراً من يناير عام 2006، والتي أوردها الأستاذ عـلاء عريبي بصحيفة الوفد بتاريخ 7/3/2011 ، 8/3/2011 بعنوان "مرتبات المحظوظين بهيئة الاتصالات" و"عباقرة هيئة الاتصالات" ذكر تقريراً معداً من قبل الجهاز المركزي للمحاسبات عن رواتب بعض الذين تم تعينهم تحت بند المهارات الخاصة والذي وصلت رواتبهم إلى أرقام خيالية، منهم "أحمد ...." رئيس قطاع الاستثمار وعلاقات المستثمرين، حاصل على بكالوريوس تجارة دفعة 1997، ومن مواليد عام 1975، تم تعيينه بمرتب 78 ألف جنيه، وبدل إدارة 9 آلاف جنية، ومكافآت 5415، ثم انتقل للعمل نائباً لرئيس هيئة البريد براتب قدره 150 ألف جنيه، ثم انتقل للعمل كمساعد لوزير النقل اعتباراً من يناير 2010، عندما تولي المهندس علاء فهمي وزارة النقل، وأخيراً تم الاستغناء عن خدماته عندما تولي المهندس عاطف عبد الحميد وزارة النقل في فبراير 2011.


ويتسأل الأستاذ علاء عريبي متعجباً، من وراء هذا العبقري؟!. وهل عبقربته المعملية الفذة تستحق كل هذه المناصب، وكل هذه الأموال؟!. وهل مصر بها هيئات وشركات تدفع مرتبات شهرية بهذا الحجم؟!... سؤال كان يجب على المستشار جوت الملط أن يرد عليه قبل الإِشادة بوزارة الاتصالات وهيئاتها والتمني بأن يسود نظامها باقي قطاعات الدولة، وتعجب آخر يزيد من هذا الخنق والضيق، وهو استمرار العشرات أمثال "الحاج أحمد ..."- قام بإداء فريضة الحج على نفقة وزارة النقل (صحيفة اليوم السابع بتاريخ 12/11/2010)- مازالوا يمارسون أعمالهم التي لا قيمة مضافة لها، وبرواتب خيالية، وكأن شيئاً لم يحدث بعد ثورة 25 يناير، بل الدهشة الأكبر لدي هو استمرار المستشار جودت الملـط في استمراره وممارسة عمله بإرسال التقارير الرقابية والتصريحات المثيرة عن راتبه الذي لا يزيد عن عشرة آلاف جنيه وعن سيارته التي لم يستبدلها منذ عشر سنوات، وكأنه يريد أن يقارن عفافه بمؤهلات وخبرات الحاج أحمد...


للحديث بقية أن شاء الله...

السبت، 19 مارس 2011

البريد المصري... " للخلف در" !!.


كلمات ومصطلحات عديدة يمكن أن تتعلمها فقط إذا ماالتحقت بالتجنيد بالقوات المسلحة المصرية، فالتدريب على الحياة العسكرية بالقطع يغير من شخصيتك وأفكارك، وأحياناً من بعض السلوكيات الاجتماعية والشخصية، وأول هذه التدريبات التي يتلقها المجند تتعلق بانتظام المشي والتجانس مع الآخرين وطاعة الأوامر، فالخلف در، ومعتدل مارش، والسير بالخطوة المعتادة شمال يمين، وكتفاً سلاح وغيرها، ما هي إلا حركات تدريبية لتصبح ترساً في آلة، دون تفكير أو مناقشة، فالمهام القتالية في العادة تتطلب إطاعة الأوامر وتنفيذها دون تردد.

أما الحياة المدنية، فأمر آخر يختلف تماماً، فالنقاش والحوار وتبادل الآراء، والخضوع لرأي الأغلبية، وليس لقائدها أمراً يميز المجتمعات الديمقراطية المدنية، وهو ما قد نفتقده في حياتنا اليومية، حتى بعد ثورة 25 يناير، فالعسكرة أصبحت جزء لا يتجزأ من حياتنا، والأوامر والتعليمات هي صياغة وأسلوب من يتمسكون بالقيادة حتى بالهيئات والمصالح الحكومية المدنية، هذه القيادة من الصعب أن تتخلي عن أفكارها وطريقتها بسهولة، سواء تحت مسمي ديمقراطي أو غير ديمقراطي، حزب وطني أو حزب غير وطني، التنازل عن القيادة أمر مازلنا لا نعرفه، ولو قمنا بثورة أو عدة ثورات..

ويبدو أن هذا واقع مجتمعنا في العموم، وواقع البريد المصري على وجه الخصوص، بنظامه الإداري العتيد، ولوائحه الإدارية والمالية الصلبة، فجيمعها يكرس هذا المفهوم، مفهوم إطاعة الرؤساء وتلبية أوامرهم، حتى لو زعمنا إنشاء عشرات الوظائف المرتبطة بالتكنولوجيا والميكنة والتخطيط الاستراتيجي والعلاقات الاستراتيجية، والتي لا أعلم لها أصل إلا من أسماء من أحتلوا قيادة تلك الوظائف من مستشارين ومعارف رؤساء مجالس الإدارة السابقين، وأصدقاء لجنة السياسات بالحزب الوطني..


وما أشبه اليوم بالبارحة، فالمهندس هاني محمود، رئيس مجلس إدارة البريد المصري رقم 30، والذي أشرنا إليه بمقالنا بتلك المدونة بتاريخ 21/7/2010 لم يلبث أن قدم استقالته بعد أقل من ثلاثة شهور من صدور قرار تعيينه من قبل الدكتور أحمد نظيف، رئيس مجلس الوزراء السابق في 14/12/2010، بعدما تعثر في مواجهة المحتجين والمتظاهرين بعد ثورة 25 يناير، أو لأنه أيقن أنه لن يستطيع تحقيق المشاريع التكنولوجية العملاقة التي كان يخطط لها الدكتور طارق كامل، وزير الاتصالات السابق بأموال الهيئة، وآثر العودة لعمله بشركة فودافون العالمية، أو كما يقال أنه حاول إبعاد العشرات من المستشارين والقيادات الفاسدة بالبريد المصري وفشل بسبب عدم وجود مساندة له من رؤسائه، واستحكام قبضة هؤلاء على مجريات الأحداث وعظم الفساد وروافده في المناطق البريدية الممتدة لكافة محافظات مصر... وكلها أسباب وتخمينات إعادتنا بالقطع إلى الخلف در..

هذا الرجوع والتقهقر والركون للأمر الواقع بعد ثورة 25 يناير أمر يثير الشك والريبة، وقد تكون تلك بوادر الثورة المضادة التي أشيع عنها في تلك الأيام، ولكني ما أؤكده وأقسم عليه أن الفساد في البريد المصري قد بلغ مدى أكثر بكثير من الركب، فالقيادة القادرة على إلغاء وظيفة مراقب عام الحسابات التابع لوزارة المالية المنوط بمراقبة الصرف طبقاً للقانون رقم 127 لسنة 1981 بشأن المحاسبة الحكومية، واستبداله بمراقبي حسابات من موظفي البريد المصري خاضعين لأوامر تلك القيادة، والقيادة التي تستطيع اتخاذ قرارات بضخ مليارات الجنيهات من أموال مودعي صندوق التوفير في استثمارات وشركات لا ينشر حتى عن أسمائها ونشاطها، والقيادة التي تبدد ملايين الجنيهات في إعلانات وهمية ودعاية للحزب الوطني ورئيسه السابق، والقيادة التي أجلت عشرات العاملين من مكاتبهم بالمبني الرئيسي بالعتبة واستبدلتها بمكاتب فارهة ومكيفات وقامت بتأجير سيارات تويوتا ومرسيدس لزوم الفخفخة والفشخرة، قيادة غير جديرة بالثقة، ويجب أن ترحل، وبمن جاءوا معهم من قيادات ومستشارين لم يقدموا للبريد المصري أي قيمة مضافة أو فائدة..

للخلـف در، تعني أننا نسير في الاتجاه الخطأ، تعني أننا على أبواب كارثة محققة، تعني أننا في حاجة إلى ثورة جديدة لمحاسبة المفسدين وطرد الخائنين لضمائرهم ولوطنهم، تعني أننا في أشد الحاجة لمجلس إدارة جديد ولرئاسة حكيمة واعية تستطيع تنظيف القيح وتطهير الجروح من هذا الجسد المريض المعتل منذ أن أصابه مرض الفكر الجديد، فكر الحزب الوطني عام 2002.


وللحديث بقية أن شاء الله ...
ashraf_mojahed@yahoo.com

الثلاثاء، 8 مارس 2011

البريد المصري ... "فساد وهموم" !!..

.

أستطـيع القــول دون مبـالغة أن يـوم 25 ينـاير 2011 يجب أن يتخـذه المؤرخـون يوماً فاصلاً في تاريخ الشعب المصري، يوم سيتوقف حوله المؤرخون كثيراً بالدراسة والتحليل والتذكير، ليس لأنه أزاح نظاماً ديكتاتورياً عتيداً وفريداً في الخداع والتضليل لشعبه ولباقي بلدان العالم فحسب، بل لأنه أعاد الشعب المصري للتاريخ من جديد بعد عقود من الجمود والتخلف والإنحدار ليكون قوة دافعة لشعوب كثيرة مغلوبة ومقهورة...


ورغم أن المشهد العام ومنها مشهد البريد المصري لم يتغير كثيراً عما كان عليه قبل يوم 25 يناير، إلا من بعض الاعتصامات والمظاهرات والمطالب العدالة من جموع العاملين فيه، رغم ذلك فأن ثمة تفاؤلاً كبيراً أشعر به من إصرار وعزيمة هؤلاء المحتجين في مواجهة بعض قيادات وافدة أسرت البريد المصري بسلاسل وقيود من الفساد والهموم اعتماداً على منظومة الفكر الجديد قبل ثورة 25 يناير، منظومة فاسدة تتكشف وينفرط عقدها يوماً بعد يوم...


ومما لاشك فيه أن ثمة فساد ضارب في جذور تلك المؤسسة العريقة منذ عام 2002 وبزوغ هذا الفكر الانتهازي التسلطي، كان ثماره هموم وآلام للعديد من العاملين فيه، فساد ما كان ليحدث إلا لقصور وتخاذل الأجهزة الرقابية بداية من القائمين على الموافقات المالية قبل الصرف من مراقبي وزارة المالية، وصولاً للتدقيق والمراجعة الصورية والتقارير الورقية التي يقوم بها مراقبي الجهاز المركزي للمحاسبات.


أمثلة ثلاثة فقط ساذكرها للدلالة على بزوغ هذا الفساد:

الأول : ما نشر مؤخراً بصحيفة المصري اليوم بتاريخ 2/3/2011 من تورط الهيئة القومية للبريد بتقديم دعم مادي كبير يتجاوز 12 مليون جنيه سنوياً لعدد من المؤسسات الصحفية القومية وأخري تابعة للحزب الوطني في صورة مواد إعلامية ورعاية لبعض المؤتمرات والكتب التي تمجد إنجازات الرئيس السابق حسني مبارك، وهو ما قد أشرت إليه بتلك المدونة بتاريخ 14 ، 18 ، 24/8/2010.


والثاني : ما نشر بصحيفة المصري اليوم بتاريخ 4/3/2009 من قيام النائب السابق محمد العمدة بتقديم بلاغ إلى المستشار النائب العام، عبد المجيد محمود، ضد رئيس مجلس إدارة الهيئة القومية للبريد لقيامه باستثمار نحو 2.6 مليار جنيه في العديد من الشركات، ويرجع المساهمة في بعضها إلى عام 2004 ولم تدر هذه الشركات أي عائد حتى 30 يونيه 2008، بل أن شركة جيرونيل بلغت خسائرها حتى 31/12/2007 نحو 626.6 مليون جنيه بنسبة 98% من رأسمالها البالغ 630.7 مليون جنيه.


أما الثالث : ما نشر أيضاً بصحيفة المصري اليوم بتاريخ 24/2/2009 ضمن تقرير للجهاز المركزي للمحاسبات، يكشف نهب أموال هيئة البريد، ومنه على سبيل المثال قيام الهيئة بشراء أراضي مساحتها 36 ألف متر مربع بالتجمع الخامس من هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، لإقامة مجمع خدمي لتطوير قطاع البريد بقيمة إجمالية وصلت نحو 25 مليون جنيه (بواقع 700 جنيه للمتر تقريباً)، في حين تم منح أراضي مماثلة للعديد من رجال الأعمال بأسعار زهيده، وكان يجب تخصيص تلك الأراضي دون مقابل إذا ماكانت ستستخدم فعلاً لإنشاء خدمات للنفع العام.


أما عن الهموم فحدث ولا حرج، ويكفينا أمثلة ثلاثة أيضاً:

الأول : هموم أكثر من خمسة آلاف يعملون منذ سنوات بعقود مؤقتة دون تثبيت، ورغم أنني على يقين بعدم أحقية الكثير منهم في العمل بالبريد المصري ممن دون الكفاءة المطلوبة لأسباب عديدة منها أن البعض منهم جاء بالواسطة والمحسوبية، وبعضهم جاء نتاج طبيعي لتشغيل بعض أبناء العاملين من القيادات العليا، وآخرين من توابع وأتباع وناشطي الحزب الوطني، إلا أنني أشاركهم مطلبهم في ضرورة حل مشاكلهم والاستفادة من الكفاءات منهم دون الإخلال بعدالة وحق خريجي شعبة البريد الذين منعوا حقاً لهم بموجب القانون أغتصبه بعض هؤلاء المؤقتين لمجرد الواسطة أو مناصرة أنصار ونواب الحزب الوطني.


والثاني : هموم المئات ممن أفنوا عمرهم في البريد المصري من كفاءات وخبرات بريدية، بسبب احتلال العشرات من المستشارين وقيادات وافدة غير بريدية وغير مؤهلة للعمل البريدي، برواتب ومزايا تفوق الخيال في العمل الحكومي، دون استفادة حقيقية أو قيمة مضافة للبريد المصري، إلا لمجرد مجاملات وخدمات يقدمها البعض للبعض الآخر من أكابر القوم، وتدابير وخطط لجنة السياسات، فكم سمعنا عن مستشارين وقيادات حصلت على رواتب خيالية ثم انتقلت مع من جاءت معه للاستفادة الأكثر ودون ضوابط قانونية أو مالية، وكأن البريد المصري تكية أو حقل تجارب لهؤلاء بأمواله ومزاياه الوفيرة.


أما الثالث : هموم المئات ممن فقدوا الثقة بسبب ترقيات ظالمة وتعينات لقيادات لا تعرف إلا النفاق والتزلف للرؤساء، دون مسابقات أو اختبارات أو مفاضلة حقيقية لاختيار الأصلح لإدارة وحدات هذا المرفق الهام، هموم نشأت بسبب طبقة تسلقية طفيلية، إرست بذور الحقد والتباغض بين العاملين بمناصرة ومحاباة البعض على حساب الآخر لمجرد كسب الولاء والأنصار.


ورغم ما أفيض فيه منذ أعوام بتلك المدونة، إلا أنني على ثقة ويقين بالله أن الحقوق ستصل لأصحابها مهما طال الزمن أما في الدنيا أو في الآخرة...


وللحديث بقية أن شاء الله...

الاثنين، 28 فبراير 2011

البريد المصري الآن..

.
من يتابع ما يحدث في البريد المصري بعد ثورة 25 يناير، يعرف أن الأيام لم تتغير وأن الأفعال لم تتبدل، وأن الحال سيبقي على حاله وعلى المتضرر اللجوء للقضاء!!..
.
أتابع عن كثب الاعتصامات والتظاهرات التي قام بها بعض العاملين بالبريد المصري، انتفاضاً لمطالبهم العادلة مع مطالب ثورة 25 يناير، مطالبات عدة تطرح على القيادة البريدية الجديدة التي ما انفكت أن تسلمت إدارته قبل الأحداث بأيام قليلة، إلا أنني أجد ثمة اختصاراً لخارطة طريق واحدة يتم تنفيذها من قبل الحكومة التي جاء بها الزعيم السابق والرئيس المخلوع، وهي سياسة الاحتواء والإنحناء للعاصفة ريثما تمر، ثم تعود كما يقولون ريما لعادتها القديمة!!..
.
أنا بصدق أعذر وأشفق على المهندس هاني محمود رئيس مجلس الإدارة الحالي، الذي تسلم منصبه قبل الثورة بأيام قليلة، ذلك أن الرجل جاء تاركاً منصبه الرفيع بشركة فودافون العالمية بعد نقاش وجدل واسع واختيار دقيق من الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء السابق والدكتور طارق كامل وزير الاتصالات السابق لتنفيذ استراتيجية محددة ورؤية مستقبلية لإعادة هيكلة البريد المصري، واستكمالا لخطط المهندس علاء فهمي في تحرير قطاع البريد بالكلية، بإنشاء جهاز قومي لتنظيم البريد على غرار الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، بإشراك القطاع الخاص، والتخلص تدريجياً من العمالة في البريد المصري، بعدم تثبيت المؤقتين وأبنائنا من خريجي شعبة البريد، وتوجيه أموال صندوق توفير البريد في شركات عملاقة بقطاع الاتصالات، طبقاً لرؤية وزير الاتصالات السابق، بالإضافة لما يقوم به البريد المصري من دعم ومناصرة لأعضاء الحزب الوطني من تشغيل العشرات التابعين له، أو تكريس هيمنة أفراد من الحزب الوطني كقيادات بالبريد المصري برواتب ومزايا خيالية تساعدهم في تنفيذ ومساندة ومناصرة الحزب وقت الانتخابات بالتوجيه وتعبئة المؤيدين والمناصرين...
.
كل ذلك سقط بالضربة القاضية في 25 يناير، وأصبح الرئيس الجديد للبريد المصري بين المطرقة والسندان، ودون سند أو دعم في مواجهة اعتصامات وتظاهرات ومطالب عديدة، يحاول معها استكشاف الأمر، مستنداً لنصائح قائمة طويلة من المستشارين والنواب ورؤساء القطاعات الذين تم تعينهم في زفة سابقيه دون أن يقدمـوا شيئاً يذكـر لتطـوير هذا المرفـق الهام، فما كان منه إلا أن يقدم بعض الوعـود والمزايـا المالية للعاملين، خاصة الأكثر تضـرراً بالمكاتب البريدية ومناطـق التوزيع...
.
البريد المصري الآن يحتاج كغيره من الهيئات والإدارات الحكومية إلى بوصلة شفافة، وقد يكون ذلك من حسن حظ رئيسه الجديد الذي لم تلوث يده بعد بما فعله الرؤساء السابقون، فترحيل المستشارين والقيادات التي تم تشغليها بعقود من أنصار الحزب الوطني وأقارب بعض المسئولين بالدولة، والكشف عما تقاضوه من رواتب ومزايا خلال السنوات السابقة، وإعادة النظر في تركيبة الوظائف القيادية التي غـالباً ما تم ترقيتها لاعتبارات غير مهنية، والتوجـة نحو تنمية حقيـقية ومستدامة للبريد المصري بعيـداً عن أصحـاب الفكـر الجديد، أمـراً قد يبـارك قدومه في تلـك المرحلة الدقيقة...
.
البريد المصري الآن يحتاج للأفصاح عن حجم أمواله وموارده واستثماراته، وما ينفق منه، وما يدفع لقيادته من رواتب ومزايا، يحتاج لنشر ميزانيته وميزانية الشركات التي يمتلكها بالكامل أو بحصص من رأس مالها، خاصة شركة اتصالات مصر،
فالعاملون بالبريد المصري لن يهدأ لهم بال بزيادة حافـز التمييز أو بمنحة أو بمزايـا قليلة، لن تغني عن مطالبـهم في تحقيق العدالـة الكاملة، والكشف عمن أفسدوا وخانـوا الأمـانة... البريد المصري يحتـاج لتصحـيح مسـار، يحتـاج الآن الأمنـاء والشـرفاء من رجـاله، يحتـاج لجهـودهم وعطـائهم مجتمعين متوحـدين أمـام ظـلم طـال طـويـلاً وانكـسر للأبــد...
.
وللحديث بقية أن شاء الله ...

الثلاثاء، 15 فبراير 2011

رسالة 25 يناير للبريد المصري..


"يَاأَيُّـهَا الَّذِيـنَ آمَنــُواْ كُونُــواْ قـَوَّامِينَ لِلّهِ شُـهَدَاء بِالْقِسْــطِ وَلاَيَجـرِمَنَّكُمْ شَــنَآنُ قـوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْـدِلُواْ اعْـدِلـُواْ هُوَ أَقـْرَبُ لِلتَّقْوَى.."

وللحديث بقية أن شاء الله ...

السبت، 12 فبراير 2011

رسالة ميدان التحرير للبريد المصري..



"أُذِنَ لِلـَّذِيـنَ يُقـاتلـُونَ بـِأَنَّـهُمْ ظُـلِمـُوا وَإِنَّ اللـَّهَ عَلـى نَصْـرِهِـمْ لَقـَدِيـرٌ"

وللحديث بقية أن شاء الله ...

الثلاثاء، 8 فبراير 2011

قـراءة بريدية !!..


أرسل لي أحد الأصدقاء رسالة منذ نحو ثلاثة أسابيع يبلغني بأن رابط المدونة "حوارات بريدية" قد حجب من قبل إدارة البريد المصري، ذلك بغية عدم تمكين العاملين به بالإطلاع علي ما أحرره من أطروحات أو أفكار عن البريد المصري، خاصة وقد تلاحظ زيادة أعداد الزائرين للمدونة في الفترة الأخيرة.
.
لم أنتبه للأمـر كثـيراً، وخاصة أنني أتـابع إحصـاءات الزائـرين بصـفة دائمة وأشعر بزيـادة أعدادهم يومـاً بعد يـوم، خاصة في العديـد من البلـدان العربـية والأجنبية، إلا مع الأحداث الجارية والتي بدأت بثورة الغضب للشعب المصري في 25 يناير، والمحـاولات المتكـررة من القائمـين على الحكـومة المصرية في منع شبكة الانترنت والهواتف المحمولة، والقنوات الفضائية ومطاردة المراسلين الأجانب وملاحـقة الصحفيين والمصـورين، ثم توقيف حـركة القطـارات وغيرها من وسـائل الاتصـالات بغية حجب الحقائـق وعدم إيصـال الصـورة الحقيقة التي تجلـت في ميدان التحـرير وبعض ميـادين المدن المصـرية، كان لابـد من التذكـير ببعض ما أوردته سلفاً بتـلك المدونة وأدعـو الزائرين بإعادة قـراءة بعضها للتعـرف على ما يحدث بالبريد المصـري كنسخة مصغرة لحال ما يحدث للشعب المصـري...
- طوابع بريد أبوالقاسم الشابي... بتاريخ 20 يناير 2011.
- المواطن البريدي... بتاريخ 14 يناير 2011.
- الفئوية البريدية... بتاريخ 28 ديسمبر 2010.
- عجائب البريد المصري... بتاريخ 21 ديسمبر 2010.
- عباقرة البريد المصري... بتاريخ 10 ديسمبر 2010.
- استثمارات البريد المصري... بتاريخ 26 نوفمبر 2010.
- الفكر البريدي الجديد... بتاريخ 21 نوفمبر 2010.
- الناخب البريدي... بتاريخ 7 نوفمبر 2010.
- البريد المصري.. لماذا 24%... بتاريخ 2 نوفمبر 2010.
- البريدي الفصيح... بتاريخ 29 سبتمبر 2010.
- مقهي الشارع البريدي... بتاريخ 22 سبتمبر 2010.
- السياسة × البريد... بتاريخ 14 سبتمبر 2010.
- بريد الحزب الوطني... بتاريخ 3 سبتمبر 2010.
- إخوان البريد... بتاريخ 26 أغسطس 2010.
- حكاية بريدية... بتاريخ 10 أغسطس 2010.
- شعبة البريد وأزمة المؤقتين... بتاريخ 7 أغسطس 2010.
- باتيستا البريدي... بتاريخ 28 يوليو 2010.
- الجباية البريدية... بتاريخ 26 يونيه 2010.
- الفهلوي البريدي وأخيه الهباش... بتاريخ 23 يونيه 2010.
- هيكلة البريد المصري... بتاريخ 12 يونيه 2010.
- البريد والمرسيدس... بتاريخ 31 مايو 2010.
- البريديون الجدد... بتاريخ 2 إبريل 2010.
- البريد المصري بين وزيرين... بتاريخ 13 يناير 2010.
.
ثمة تشابه وتناغم كبير لبعض المواقف، فحين شعر القائمون على البريد المصري بما أذكره من إطروحات وأفكار معارضة، حجبوا رابط المدونة عن العاملين بالبريد المصري، تماماً كما فعل القائمون على الأزمة الأخيرة، حين خرج ملايين المصريين للاحتجاج يوم 25 يناير، وأيضاً حين قام بعض موظفي البريد المصري بمحافظة كفر الشيخ بالتظاهر خلال شهر مايو عام 2009، هددوا بالاعتقال والملاحقة الأمنية، والتهديد بالفصل والنقل، وأتهمهم رئيس النقابة العامة للبريد بأنهم "قلة منحرفة ومش فاهمة" (صحيفة المصري اليوم بتاريخ 14/5/2009)، وأنهم "أشخاص تحركهم جهات خارجية هدفها زعزعة أمن واستقرار مصر" (صحيفة اليوم السابع بتاريخ 9/8/2009).
.
سياسة واحدة ثابتة ومنظومة واحدة، ولكن وجوه تتغير وتتلون كجلود الثعابين. أفكار تبتكر ومكرٌ بليل، ليس لإيجاد حلول لرفع المعاناة عن الناس، والسير في طريق الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، بل للقمع والقهر والتسلط وإذلال خلق الله، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون...
.
وللحديث بقية أن شاء الله ...
ashraf.mojahed@yahoo.com

الخميس، 20 يناير 2011

طوابع بريد أبوالقاسم الشابي


الأحداث المتلاحقة بتونس الخضراء، صاحبة ثورة الياسمين، أنعش الذاكرة بكلمات شاعرهم العظيم أبوالقاسم الشابي، أبيات من الشعر لها سحر، رددها الشباب التونسي مفجر ثورة الياسمين، ثورة الغضب على الديكتاتور الهارب زين العابدين بن علي وزوجته ونظامهما الفاسد، هذا الشاعر الذي احتفي به البريد التونسي بإصدار عدة طوابع بريدية لتخليد ذكرى مولده وتمجيد كلماته، وتسجيل شجاعته في مقاومة الاحتلال الفرنسي منذ نحو قرن من الزمن، لابد أن نذكرها، فأبيات شعره أيقظت وألهبت روح الشباب التونسي فأزاح المحتل الوطني، بعد أن أزاح منذ نصف قرن المحتل الأجنبي، إذ يقول :

إذا الشعب يومـا أراد الحيـاة ... فلابد أن يستجـيب القـدر
ولابــد لليـــل أن ينـجــــلي ... ولابــد للقيــد أن ينكــسر
ومن لم يعـانقه شـوق الحياة ... تبخــر في جـوها واندثـر
كـذلـك قـالـت لـي الكائنــات ... وحدثـني روحـها المستتر
ودمدمت الريح بين الفجاج ... وفوق الجبال وتحت الشجر
إذا مـا طمحـت إلـى غـــاية ... ركبـت المنى ونسيت الحذر
ومن لا يحـب صـعود الجبال ... يعـش ابد الدهر بين الحفر
.
ولد أبوالقاسم الشابي في 24 فبراير عام 1909 في بلدة توزر التونسية وتوفي في 9 أكتوبر عام 1934، ورغم قصر عمره إلا أنه يعد من أفضل شعراء أدب المقاومة، ويلقب بشاعر الحرية والخلود، إذ يمتاز شعره بقوة الإنفعال والثورة المحتدمة ضد الظلم والاستبداد.
.
الثورة الشعبية في تونس، أعتقد أنها سوف تخلف آثاراً وتوابع مزلزلة لكثير من البلدان العربية المجاورة، ليس فقط لأنها أول ثورة شعبية تنتفض ضد الاحتلال والاستبداد السياسي والفساد الوطني، ولكن لأنها زرعت الأمل في نفوس كثير من المواطنين العرب في حلم تغيير أنظمة جاسمة على شعوبها بالحديد والنار وبالتنكيل والتزوير المدعوم من الغرب...
.
في الواقع يعجز القلم عن وصف الشعب التونسي المقدام، الحضاري، ولكن يطرب القلم لهذا الإنجاز العظيم، لهذا الفتح المبين، لهذه الياسمين التي سوف تهب يوما ما برائحتها العطرة على شعوبنا العربية المغلوبة على أمرها... بيد أن ثمة ملاحظتين هامتين يجب أن أسجلهما في ذاكرتي وذاكرة قارئ تلك المدونة.
.
الأولي: الإدارة البريدية في تونس، والتي حققت نجاحات غير مسبوقة في العمل والتطور البريدي خلال السنوات القليلة الماضـية، يظهر ذلك من جمـلة الخدمـات التي يقدمها البريد التونسي عبر شبكة الانترنت، وإنشـاء مدرسة للتعـليم عن بعد عــام 2002، وحصـوله مؤخـراً على جـائزة أفضـل محتـوي تعليـمي إلكتروني، وجـائزة القمـة العالمـية حـول مجتمع المعلومات لابتكـارات الهاتف الجـوال عــام 2010، حيث تم اختـيار مشروعها من خــلال مسابقة دولـية تحـت رعاية الأمم المتحـدة وبالتعاون مع منظمة اليونسكو من ضمن 420 مشـروعاً من 100 دولة أعضـاء بالأمم المتحـدة، ومع هذا فالعاملـون بالبريـد التونسـي أعضـاء مؤسسون للإتحــاد العــام للشـغل، والذي كان محركـاً أسـاسياً في انتفـاضة الشـعب التونسـي، ويحافـظ على استقلاليته وفاعليـته منذ إنشائه عــام 1946 وحتى بعد الاستقلال عـام 1956، ونراهم يحتـفون ويحتفلـون بذكـري شاعرهم العظيم أبو القاسم الشابي وشعره الرائع الذي كان يردده الشباب التونسي ليل نهار حتى أزاح هذا الديكتاتور، فمجرد الاحتفاء والتذكير بصـور هذا الشـاعر على طوابـع البريـد التونسي أعـاد الأمـل بنـبض الحيـاة في شبابـنا ونسائـنا وأطفالـنا، بخـلاف ما نـراه في كثـير من البلـدان العربيـة التي ما انفكـت مطابـعها من طبـع صـور رؤساء وزوجـات دولهم، والاحتفـاء بالمطربين والفنانين والانتصـارات والمناسبات الزائفة التافهة، فلكم منا يارجال بريد تونس كل تحية وكل فخر وكل إعزاز...
.
أما الثانية: ما شاهدته ببعض الفضائيات العربية من مظاهرات للشباب التونسي الغاضب، وبعضهم يحمل معه خبزاً (يسمي في مصر خبز فينو) جميل المنظر كبير الحجم، منتظم التكوين، يرفعونه وهم يتظاهرون للتعبير عن غضبهم من السياسات الظالمة للديكتاتور بن علي، وفساد حكمه، ليس طلباً للخبز أو رفع مستوي المعيشة، أو توفير فرص عمل للشباب العاطل، كما يصورها البعض، بينما من أجل الكرامة، من أجل الحياة الآمنة، من أجل العدالة والحرية، ولا أدري ماذا كان سيفعل هؤلاء الشباب لو شاهدوا أو أكلوا الخبز المصري المدعم، والذي استحي من وصفه لكوني مصرياً...
.
تحية للشعب التونسي، وتحية للعاملين بالبريد التونسي، ونسأل الله لهم التوفيق في إدارة بلادهم بما يرونه محققاً لخيرها وعزتها وكرامتها، وندعو الله أن يرشدنا جميعاً لخير بلادنا وأوطاننا ..
.
وللحديث بقية أن شاء الله ...
ashraf.mojahed@yahoo.com

الجمعة، 14 يناير 2011

المواطن البريدي !!..


الأيـام القليلة الماضية مـرت علينـا بمزيـد من الحـزن والآسي، بسبب تلـك الحـادثة التي وقعـت أمـام كنيسة القديسين بالإسكندرية، مرت كباقي الأيـام التي نمر بها، هموم وأحزان تمر بالوطـن الذي تشعر إليه بالحنـين، خاصة إذا كنت مسافراً بعيـداً عنه، هذا الحنـين عبـر عنه الجاحـظ في كتـابه البديـع "الحنين إلى الأوطان" معتبراً أن من علامات الرشد أن تكون النفس إلى مولدها مشتاقة وإلى مسقط رأسها تواقة، ومما يؤكد نزعة الإنسان لحب الأوطان قول الله عز وجل حين ذكر الديار يخبر عن مواقعها من قلوب عباده "وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُواْ مِن دِيَارِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِّنْهُمْ ..." فسوٌى بين قتل أنفسهم وبين الخروج من ديارهم...
.
هذه الحادثة استدعيت معها كلمة المواطنة، حيث تكررت مئات المرات بالصحف والمجلات والقنوات الفضائية، وكأن الكلمة ابتدعت فقط للحفاظ على حقوق المواطن القبطي دون المواطن المسلم، ولم تستدعى حين يهضم مواطن مسلم حق أخيه المسلم، أو يهضم مواطن قبطي حق أخيه القبطي، فالكلمة تستخدم بالطلب، لزوم الشو الإعلامي، ومقتضيات التوجيه الحكومي، في زمن ترعي فيه الذئاب الغنم...
.
المواطنة التي نص عليها الدستور المصري بمادته الأولي "جمهورية مصر العربية دولة نظامها ديمقراطي يقوم على أساس المواطنة، والشعب المصري جزء من الأمة العربية يعمل على تحقيق وحدتها الشاملة"، ومادته الأربعون "المواطـنون لدي القانـون سـواء، وهم متساوون في الحقـوق والواجبـات العامة، لاتمييز بينهم في ذلـك بسبب الجنس أو الأصـل أو اللغـة أو الديـن أو العقـيدة"... لا تظهر إلا في حالات الاحتقان الطائفي للتخفيف من تداعياته وآثاره، وتظل كامنة خامدة حبيسة الأذهان والعقول فيما نشهده من تمييز وإنعدام تكافئ الفرص، وإنحسار العدالة الاجتماعية، والإتساع في استغلال السلطة والنفوذ، ورأس ماله الطبقي المستغل...
.
المواطنة تعني حقوقاً متساوية ليس بين المسلمين والأقباط فقط، بالحديث عن زيادة عدد الكنائس أو تقلد الأقباط لبعض الوظائف العامة، بل تعني حقوقاً متساوية بين كافة المصريين، وكأن البعض يغض الطرف عما نراه من تكدس للمسلمين داخل المساجد لأداء الصلاة وما يفترشونه خارجها لاستيعاب أعدادهم المتزايدة، وكذلك من يغض الطرف عن العشرات من المسلمين الذين تم هضم حقوقهم في التعيين بالجامعة أو الخارجية أو جهاز الشرطة أو القوات المسلحة أو البنوك الكبري رغم تفوق ونبوغ البعض منهم، بسبب الواسطة أو المحسوبية أو المعايير الاجتماعية المنسجمة لتلك الوظائف، والتي أبتدعها أكابر القوم واضعي الدستور ومشرعي تلك القوانين... فهل المواطنة تعني أن يكون ابن الأستاذ الجامعي معيد بالجامعة، وابن رئيس المحكمة قاضي، وابن لواء الشرطة ضابط شرطة، وابن الدبلوماسي سفيرا، في الوقت الذي يستنكر فيه مطالب العاملين بالبريد المصري بالمساواة بينهم وبين موظفي الشركة المصرية للاتصالات، وجميعاً تضمهم وزارة واحدة، أو يستنكر مطلبهم لتعيين أبنائهم بالبريد...
.
المواطنة مفقودة، مختطفة، مسروقة، لا عدالة ولا تكافئ فرص، فالحنين إلى الأوطان محفوفاً بحضورها وتفعيل معناها وإشاعة روح المساواة والعدل، بزرع الانتماء والولاء لهذا الوطن... ينسحب ذلك على المواطن البريدي، فاختطاف الوظائف القيادية بالبريد المصري من رؤساء قطاعات ومستشارين ومديرين من خارج السلم الوظيفي، وترك كفاءات وعاملين من مسلمين وأقباط أفنوا حياتهم في العمل والاجتهاد يحقق المواطنة، وما نراه من طبقية في التعامل والرواتب والحوافز وبيئة العمل المكتبي يحقق المواطنة، عدم تثبيت مئات المؤقتين يحقق المواطنة، عدم تشغيل مئات من خريجي شعبة البريد وتشغيل غيرهم من ذوي المؤهلات التي لا تتفق مع العمل البريدي يحقق المواطنة...
.
المواطن البريدي لم يكن يوماً يشعر بالغربة ولا بالتمييز إلا في تلك الأيام، يشعر بالمرارة والاكتئاب، يشعر أنه لا محل للمجتهدين ولا للمبدعين، يشعر أن أعماله واجتهاده يصب في جيب غيره، في مجد غيره، في فئة محدودة تجني ثمار جهده، وتقطف ما تزرعه يده...
.
وللحديث بقية أن شاء الله...
Ashraf_mojahed@yahoo.com

الجمعة، 7 يناير 2011

البريد المصري أولى ...


"أنا لا أخشى الموت ولا أرهبه فهو قضاء الله وقدره، ولكني أخشى أن يؤثر الحكم على زملائى ويصيبهم بالخوف ويقتل فيهم وطنيتهم"... هذه آخر الكلمات التي وجهها الشهيد سليمان خاطر، المجند المصري أثناء محاكمته العسكرية في 28 ديسمبر 1985، والذي فارقت روحه الطاهرة الحياة منذ 25 عاماً في صباح مثل هذا اليوم السابع من يناير عام 1986 في محبسه، والإدعاء بأنه قام بالانتحار بشنق نفسه على حد قول الطب الشرعي والصحف القومية المصرية، ورفض الحكومة إعادة تشريح جثته، ليوصف حتي الآن بأسد سيناء...
.
انتظرت هذا التاريخ طويلاً، لكي أبكي هذا الشهيد البطل، هذا المصري الذي كرم ذكراه البريد الإيراني بإصدار طابع بريد لتخليد اسمه، وتمجيد صنيعه، وإعلاء شأنه بين الأبطال والشهداء، هذا التخليد كنت أتمني أن يخرج من البريد المصري، فالبريد المصري أولى بتمجيد الشهداء والأبطال، بدلا من تمجيد الفنانين والممثلين والمطربين، أولى بنقش صورة هذا البطل على طابع بريد يعيد لنا كرامتنا وحريتنا، ويذكر أبنائنا وأحفادنا بعظمة الإنسان المصري ودفاعه عن أرضه، كان أولي بالبريد المصري ألا يدع التذكير بأبطالنا وشهدائنا ويقدم لنا القدوة والمثل في إعلاء شأنهم وتخليد ذكراهم...
.
والقصة كما نشرت بصحيفة الوفد أنه في يوم الخامس من أكتوبر عام 1985 وأثناء قيام الجندي سليمان خاطر بنوبة حراسته المعتادة بمنطقة رأس برقة بجنوب سيناء فوجئ بمجموعة من السياح الإسرائيليين العرايا يحاولون تسلق الهضبة التي تقع عليها نقطة حراسته، فحاول منعهم وأخبرهم بالإنجليزية أن هذه المنطقة ممنوع العبور فيها، إلا أنهم لم يلتزموا بالتعليمات وواصلوا سيرهم بجوار نقطة الحراسة التي توجد بها أجهزة وأسلحة خاصة بالقوات المسلحة المصرية وغير مسموح لأي إنسان الإطلاع عليها، أو حتى الصعود لتلك الهضبة، فما كان منه إلا أن نفذ التعليمات بإطلاق النار في الهواء أولا للتحذير، ثم أطلق عليهم النار بعدما رفضوا الاستجابة للتحذيرات المتكررة والسخرية منه بإطلاق النار فقتل سبعة منهم، ثم سلم نفسه بعد الحادث، وبدلا من أن يصدر قراراً بمكافأته على قيامه بعمله وتنفيذه التعليمات العسكرية، صدر قرار جمهوري مستغلاً قانون الطوارئ بتحويل هذا الشاب إلى محاكمة عسكرية، بدلا من أن يخضع على أكثر تقدير لمحاكمة مدنية طبقاً للدستور، لكونه من رجال الشرطة، ورغم طعن محاميه في القرار الجمهوري وطلب محاكمته أمام قاضيه الطبيعي، إلا أن الطعن رفض وتمت محاكمته عسكرياً وصدر الحكم عليه في الثامن والعشرون من ديسمبر عام 1985 بالأشغال الشاقة المؤبدة لمدة 25 عاماً، وتم ترحيله إلى السجن الحربي بالقاهرة، ثم نقل إلى مستشفي السجن بدعوي معالجته من البلهارسيا، وفي اليوم التاسع لمحبسه وتحديداً في مثل هذا اليوم السابع من يناير عام 1986 أعلنت الإذاعة ونشرت الصحف الموالية للحكومة خبر انتحار الجندي سليمان خاطر في ظروف غامضة، بعد الإدعاء بأنه مريض نفسياً ويعاني من اضطرابات عقلية ونفسية...
.
سليمان خاطر، شاب مصري مثل معظم شباب هذا الوطن، ولد عام 1961 بقرية أكياد بمحافظة الشرقية من أسرة فقيرة، كان هو آخر أبنائها، التحق مثل غيره بالخدمة الإجبارية بقوات الأمن المركزي التابعة لوزارة الداخلية، بينما كان يدرس منتسباً بكلية الحقوق، ساقه القدر ليكون حارساً على نقطة حدودية مع العدو الصهيوني، فدافع عن أرض وطنه، ودفع حياته ثمن جبن وتخاذل وانبطاح مسئولي هذا الوطن، دفع حياته لأنه صدق هتافات وأكاذيب وزيف من يتغنون بحب الأوطان ويطعنونه يومياً في الصدر قبل الظهر، دفع حياته وسنبكيه ونبكي رجولته وشجاعته...
.
أرقد يا سليمان بسلام وبركات من الله، أرقد يا سليمان فالكل جبان والكل مهان،
خمسة وعشرون عاماً على رحيل جسدك الطاهر، ومازلت فينا بشجاعتك وإقدامك، مازلت معنا بروحك ورجولتك التي نفتقدها جميعاً، معنا بهذا الطابع الإيراني الذي يخلد صنيعك، معنا رغم أنف من حاكموك ظلماً وجوراً، ثم قتلوك غدراً وقتلوا معك نخوتنا وكرامتنا، وعز عليهم تخليد أسمك بطابع بريد مصري!!..
.
وللحديث بقية أن شاء الله ...
Ashraf_mojahed@yahoo.com