الجمعة، 2 أبريل 2010

البريديون الجدد !!..

.
عام 2010 ليس كالأعوام السابقة، فالحراك السياسي والجدل عن الوضع الاقتصادي والاجتماعي في مصر على أشده، رغم كل ما يقال عن تغيب الشعب المصري وهمومه وعدم تأثيره في معظم قراراته المصيرية. فالجدل الدائر عن تعديل الدستور والمشاركة السياسية ونزاهة الانتخابات وكفالة حياة كريمة للمواطنين من مأكل وملبس ومسكن، جدل لا ينكره أحد سواء من المؤيدين أو المعارضين. هذا الجدل الذي حركه بعض النخبة من رموز المعارضة فتح آفاق جديدة وآمال عريضة في محاولة لكسر واقع الثبات والغيبوبة التي نعيش فيها، أملا في تغيير هذا الواقع وإحضار الشعب المصري من غيبوبته التي طالت لأكثر من نصف قرن من الزمان.

هذا الحديث عن عام 2010، عاد بي للوراء بالبحث ببعض أوراقي البريدية، وثائق طالعتها بدار الكتب والوثائق القومية، فوجدت وثيقة مسجلة تحت كود أرشيفي برقم 0066- 007094- 0069 بتاريخ 27/12/1921 وعنوانها "تلغراف إلى السلطان بشأن احتجاج موظفو البريد المصري على اعتقال سعد باشا زغول". فالبريد المصري كما ترون كان سباقاً في الحراك السياسي والاجتماعي، كان مشاركاً ليس في فاعليات مؤتمرات البريد العالمية فقط ولا مباريات كرة القدم ولا المصارعة ورفع الأثقال، بل كان مشاركاً وفاعلا في النشاط السياسي، دون أن يتهمه أحد بالبلطجة أو بتعطيل العمل أو بالعمالة لجهات أجنبية وخارجية.

أما البريديون الجدد (مع الاعتذار للمحافظين الجدد) فهم في دنيا غير الدنيا، فهم منكبون على مكاتبهم البريدية بصفة يومية حتى مغيب الشمس، منشغلون بأكل العيش والبحث عن أنبوبة الغاز والسكر والزيت، وعن العلاوة وأخبارها وكم ستكون، وهل سيتدخل الرئيس عجل الله شفاءه بزيادتها أم سيتركنا فريسة للغالي وزير المالية.

سألت أحد الزملاء عبر الانترنت عن رأيه في موضوع الدكتور البرادعي ؟ والأحداث الجارية وموقف من حوله من العاملين بالبريد من هذا المشهد وتفاعله مع هذا الحراك السياسي والمجتمعي؟... رد رداً قاتماً وقال كيلو اللحمة أصبح بخمسين جنية!!.. وآخر ممن يحظون بعناية ورعاية الإدارة العليا، أعترف ضمن تحقيق بصحيفة الشروق بتاريخ 12/6/2009 مؤكداً بأن راتبه الحالي يكفيه بشكل جيد ورفض الأفصاح عنه، وثالث كلما أرسلت له رسالة للسؤال عما قد يشاهده من اعتصامات أو اضرابات أو وقفات احتجاجية مما نسمع عنه في الصحف ونشاهده ببعض البرامج التلفزيونية، يرد بأن الأمور تمام والحياة هادئة ولا نري إلا مترو الإنفاق والميكروباصات الطائشة التي تجوب شوارع القاهرة، أما الأخير فيعتقد أن الرئيس أي كان موقعه حتى لو كان رئيس قسم، يأتي بإرادة الله وعلينا السمع والطاعة حتى لوكانت قرارته ظالمة!!..

هكذا الحال لهذا الجيل الجديد من البريديين، وكل ذلك يعد طبيعياً من وجه نظري، ففي ظل التغيب والغيبوبة التي أستمرت لأكثر من خمسين عام والتعامل الأمني، والخوف والرهبة التي يلاقيها موظفي البريد، وما نجده من سرعة إلصاق التهم لكل من يرفع صوته مطالباً بحقوقه المالية أو الوظيفية بالبلطجة وتعطيل العمل والعمالة للخارج وغيرها من الاتهامات الجاهزة التي لا تحتاج إلى خيط أو مخيط ، جعل البريديون الجدد ليسوا كسابق أجدادهم البريديون الأوائل، والحجة جاهزة أن الدكتور البرادعي ليس كسعد زغلول!!..

رحم الله البريديين الأوائل... ونسأل الله أن يعفو عنا وعن البريديين الجدد!!..
.
وللحديث بقية ...
Ashraf_mojahed63@yahoo.com