الخميس، 26 سبتمبر 2013

عامل البريد وموظف البنك !!...


أغنية المطرب على الحجار "أحنا شعب وانتو شعب" أثارت جدلاً واسعاً واستياء الكثير من تلك الأفكار والكلمات الضآلة التي تدعو لتصنيف المصريين وتقسيم جمعهم على النحو الذي سوقت من أجله في هذا الوقت تحديداً، إلا أنها أظهرت حقيقة واقعية يتعايش فيها هذا المجتمع منذ أكثر من قرن ونصف من الزمن، بتنامي وسيطرة تلك الطبقة الاجتماعية البورجوازية الحاكمة المتمسكة بالسلطة، مقابل تلك الطبقة المستضعفة الفقيرة، فهذا واقعنا المرير بالفعل "أحنا شعب وانتو شعب"...

هذه الطبقية التي قسمتنا منذ عقود لم تستطع ثورة يوليو 1952 أذابتها رغم الشعارات البراقة للثورة بإقامة حياة ديمقراطية سليمة وتحقيق العدالة الاجتماعية، هذه الطبقية هي مدار الصراع الآن على السلطة في مصر، فالطبقة الاجتماعية الحاكمة تأبي التنازل عن مكتسباتها خلال تلك العقود، فالمؤسسة العسكرية التي انتزعت مواقع الطبقة الحاكمة قبل عام 1952، ومن يسير في فلكها من أجهزة الدولة سواء كانت تنفيذية أو قضائية متمسكة بأن تظل شعب الله المختار، في مقابل شعب فقير مستضعف، حتى لو قامت تلك الطبقة المستضعفة بثورات وثورات، وضحي منهم من ضحي، فواقعنا المرير أن يظل يحكمنا بعد عصر الباشوات ورثتهم الغير شرعيين سوبر الباشوات.   

تأمل هذا الواقع من حولنا، وطريقة تقلد وتوريث الوظائف الهامة بالدولة، واختلاف أنماط الرواتب والمميزات المالية التي تتقاضها بعض الفئات دون غيرها، من قطاعات مثل قطاعات البترول والبنوك، مقارنة بقطاعات أخري كالصحة والتعليم، وحتى هذا التمييز ظهر بوضوح داخل بعض الهيئات الحكومية الخدمية في صورة مستشارين وخبراء، وتأمل كذلك وضعية عامل البريد في مقابل موظف البنك، رغم تشابه الأعمال المالية التي يؤديها كل منهما، وما يلاقيه عامل البريد من صعوبات في بيئة عمل قاسية وضاغطة من جمهور متعاملين أقل ثقافة ومستوي اجتماعي.   

الفارق بين عامل البريد وموظف البنك، أن الأول وقع ضحية تلك الفوارق الاجتماعية والطبقية التي خلفتها عقود ظالمة قبل ثورة يوليو 1952، واستمرت بعدها بمجموعة من القوانين المشينة جعلت هيئته مقيدة وخاضعة لسلطان الدولة، لا تستطيع إدارة أمواله وإمكانياته، ثم باستباحة أمواله ونهبها علناً بدءاً من عام 2002 بانحلال وفساد بالانفتاح على مشاريع فاسدة واستثمارات فاشلة، أضاعت عرقه وجهده لسنوات، بينما ظل موظف البنك محصناً تحت مظلة إدارة رشيدة واعية لحقوقه وحقوق مودعيه.

عامل البريد مهما كان مؤهـله وكفـاءته، والذي لم يجـد سبيل للعمل في إحـدي البنـوك لأسباب الكل يعلـمها، ويؤدي نفس الأعمـال المالية التي يؤديهـا موظـف البنك، في ظـل ظـروف قاسية وصعبة، لا يستطيع أن يرفـع قامـته ليكـون على قـدم المساواة مع موظف البنك فيما يتقاضاه من راتب ومميـزات نقدية وعينية، لأنه ببساطة شديدة كتب عليه أن يكون من شعب خلاف شعب موظف البنك!!..     

وللحديث بقية أن شاء الله... 

السبت، 21 سبتمبر 2013

نقابتـنا البريـدية !!..


لا أحد يستطيع أن ينكر أهمية العمل النقابي في الدفاع عن حقوق العاملين والمنتسبين إليه، فالتاريخ يشهد أن بدايات إنشاء تلك النقابات كانت لأسباب تتعلق بالأساس لمواجهة تعسف وظلم أصحاب رؤوس الأموال، فالدفاع عن حقوق العمال كان الدافع الأساسي في إنشاء تلك النقابات، ثم ما لبثت أن لعبت دوراً لاحقاً في تقديم الخدمات الاجتماعية والإنسانية لأعضائها.

أما نقابتنا البريدية، فقد نفذ رصيدها، وأصبحت تلعب دور المحلل والمبشر لقرارات وتوجهات الإدارة أياً كانت منذ إنشائها عام 1964 وحتى الآن، فهي في العادة تغض الطرف عما يحدث لأعضائها من نوازل وأزمات، سواء داخل المنشأة أو خارجها، بالإضافة إلى ضآلة خدماتها الاجتماعية والإنسانية والتي لا يتمتع بها إلا نفر قليل من المقربين والأصدقاء.

الشواهد كثيرة ومتعددة، وظهرت بوضوح في أعقاب ثورة 25 يناير 2011، وما أتبعها من انفلات أمني، أدي إلى اعتداءات متكررة على المكاتب البريدية وسيارات نقل الأموال، ووقوع ضحايا وإصابات عديدة لبعض العاملين بالبريد المصري، كان آخرها مقتل وكيل مكتب بريد محلة الأمير التابع لمركز رشيد بطلق ناري داخل مكتبه بتاريخ 22/7/2013 ومقتل سائق وإصابة آخرين بمكتب بريد طما بتاريخ 16/9/2013، وغيرها من الحوادث يصعب سردها، دون قيام نقابتنا البريدية بتقديم الدعم والمساندة المالية والاجتماعية اللازمة لأسر هؤلاء الزملاء الذين ظلوا يؤدون واجبهم لآخر نفس في ظل تلك الظروف الصعبة.

ناهيك عما نشاهده عن غض الطرف كذلك لوقائع أخري لبعض الزملاء، ممن تعرضوا لقضايا سياسية في الأحداث الأخير، حيث تم حبس أحد الزملاء بالبدرشين 15 يوماً على ذمة التحقيق بتهمة القتل والشروع في القتل في أحداث النهضة، وحبس وكيل مكتب بمنطقة بريد السويس بتهمة انتمائه لجماعة الإخوان والتحريض على العنف، دون قيام نقابتنا البريدية بالمساندة اللازمة والدعم الكافي لأسرهم وذويهم.

نقابتنا البريدية لا صوت لها ولا صورة إلا في الحفلات والاجتماعات وصرف بدلات حضور اللجان، فنقابتنا لا تدافع عن العاملين في وقت الأزمات، ولا تقدم خدمات اجتماعية وثقافية، نقابتنا فريدة ومتميزة في تفهمها للعمل النقابي، فهي نقابة ضد أعضائها !!..  

وللحديث بقية أن شاء الله...

الأحد، 15 سبتمبر 2013

نقـابة البريـد المستقلة !!..


فكرة الاستقلال في العموم تطلق حين يكون الوطن مغتصباً ومحتلاً، وهو ما كان يسعي إليه المصريون قبل جـلاء الاحتلال البريطاني نهائياً عام 1954، بينما بدا بصورة أكثر تبايناً حين أطلق بعض القضاة في مصر بعد رفضهم للتزوير الفاضح للانتخابات البرلمانية عام 2005 على أنفسهم بتيار الاستقلال، بالدعوة لاستقلال القضاء عن سيطرة السلطة التنفيذية المتمثلة في وزارة العدل بإشرافها المالي والإداري.

ثم ما لبث أن تتابعت جهات أخري بمفهوم آخر لهذا الاستقلال عن المنظمات والنقابات الحكومية، وكأنها باستقلالها تتحرر من هذا العدو الغاصب المحتل لشئونها، فكان الإعلان عن إنشاء النقابة المستقلة للعاملين بالضرائب العقارية بداية لتوالي هذا الاستقلال عن تلك المنظمات والنقابات الهشة الموالية لسلطان الإدارة والسلطة التنفيذية بالدولة.

وترجع مشكلة موظفي الضرائب العقارية البالغ عددهم أكثر من 50 ألف موظف منتشرين على نطاق الجمهورية إلى عام 1974 حين أصدر الدكتور عبد العزيز حجازي رئيس الوزراء حينها قراراً بنقل تبعيتهم المالية والإدارية للمجالس المحلية للمحافظات، وهذا يعني انخفاض حافز الإثابة من 350% إلى 25% فقط، ورغم المطالبة المستمرة للعاملين بالضرائب العقارية بالمساواة مع أقرانهم بمصلحة الضرائب، إلا أن الحكومة ظلت تتجاهل هذه المطلب، حتى بدأت احتجاجات العاملين في الربع الأخير من عام 2007، حتى وصل اعتصام المئات منهم أمام مقر وزارة المالية، بينما ظل التنظيم النقابي الرسمي يحاول فض الاعتصام دون الوصول لحلول عادلة، خشية تكرار تلك المطالبات من فئات عمالية أخري، وإزاء استمرار الاعتصام اضطرت الحكومة إلى الاستجابة لمنح العاملين بالضرائب العقارية حوافز إثابة بنسبة 300% وتم إنهاء الاعتصام في 31 ديسمبر 2007.     

ومع افتضاح أمر التنظيم النقابي الرسمي بالوقوف ضد العاملين، قد بدا للعاملين أهمية تأسيس كيان آخر مستقل للحفاظ على المكتسبات التي تم تحقيقها، وبالفعل تم دعوة العاملين للمؤتمر التأسيسي للنقابة المستقلة في 20 ديسمبر 2008 بنقابة الصحفيين، وشرع المؤسسون في استكمال الإجراءات القانونية بإيداع أوراقها في وزارة القوي العاملة والهجرة في 21 إبريل 2009 وفقاً للقانون.      

لقد كانت تجربة موظفي الضرائب العقارية بحق الأكثر تميزاً في الحركة العمالية في مصر واستطاعت أن تصمد في مواجهة كل أنواع الصعوبات والتشويه من جانب الجهات الحكومية وخاصة الاتحاد العام للنقابات، بينما عجزت نقابات أخري مستقلة ومنها النقابة المستقلة للعاملين بالبريد المصري، التي تم الإعلان عن تأسيسها في يونيو 2011، رغم تشابه مواقفهما وانتشار عامليها في كافة المحافظات، من الاستمرار والوفاء باحتياجات ومتطلبات العاملين بالبريد المصري لأسباب عديدة يصعب فهمها، وتحتاج منا لمزيد من الدراسة والتحليل، ولكن يبدو أن العاملين بالبريد المصري رغم أمانيهم الصغيرة ومطالبهم المحدودة لا يحبون الاستقلال!!..    

وللحديث بقية أن شاء الله...
Ashraf_mojahed63@yahoo.com

الاثنين، 9 سبتمبر 2013

نقــابة ضد البريدييـن !!..


لاشك أن تاريخ الحركة النقابية العمالية في مصر تاريخ يشوبه السواد والغمام بدءاً من المحاكمة الصورية للشهيدين خميس والبقري وإعدامهما في سبتمبر عام 1953، بعد أقل من شهر على أحداث مصنع الغزل والنسيج بكفر الدوار لقيامهما بالتظاهر من أجل المطالبة بحقوق العمال بعدما صدق العمال ما سمعوه بعد قيام الثورة عن العدالة الاجتماعية فخرجوا للمطالبة بحقوقهم المشروعة، فما وجدوا إلا رصاص الشرطة والاعتقال والأحكام الجائرة، ليكونا عبرة لمجمل الطبقة العاملة المصرية.  

بعد تلك العبرة القاسية، تم تأسيس الاتحاد العام لعمال مصر عام 1957 ليكون التنظيم النقابي الرسمي والوحيد التابع للدولة، يقوم باستيعاب نحو أربعة ملايين عامل بأجر من خلال 23 نقابة عامة، تحت مظلة من القوانين واللوائح المتوالية من أجل إخضاع الحركة العمالية، واستيعاب قادتها بسياسات الاحتواء والمنح والإغواء حتى لا يتكرر المشهد المخزي لمحاكمة الشهيدين خميس والبقري.

هذه القوانين المنظمة للعمل النقابي منذ صدور القانون رقم 35 لسنة 1976 والقانون رقم 12 لسنة 1995 ألحقت إضراراً بالغة بالعاملين وبالعمل النقابي، حيث ألجمت تلك القوانين حرية العمل النقابي بقبضة الدولة، وأصبح أغلب رؤساء النقابات العامة بالدورة النقابية 2006/2011 من أعضاء الحزب الوطني المنحل، فأصبح التنظيم النقابي المدافع الأول عن السياسات الحكومية بغض النظر عن تأثير تلك السياسات على القواعد العمالية، فأيدتها في إصدار قانون قطاع الأعمال العامة عام 2003، والذي كان بداية لمشروع خصخصة وبيع القطاع العام، ثم جاء القرار بقانون رقم 97 لسنة 2012 الذي أصدره الرئيس محمد مرسي، في 24 نوفمبر 2012 ليتضمن خروج جميع من بلغوا سن التقاعد في مجالس إدارات الاتحاد والنقابات التابعة له على أن يحل محلهم من يليهم في الأصوات في الانتخابات السابقة، وفي حالة تعذر استكمال العدد القانوني لمجلس إدارة المنظمة النقابية تقوم الجهة الأعلى باستكمال العدد القانوني.  

ومن ثم، عـدنا من حيث بدأنا، بوجـوه جـديدة وأقنعة خادعـة، عـدنا في النقابة العامة للبريد المصري، بمن فازوا بالتزوير والأصـوات الباطلة، وتدخـل الجهـات الإدارية والأمنية، ولا تسأل عن أعلي الأصـوات التي حصـل عليها هؤلاء، فالأصـوات جميعها مـزورة وسجـلاتهم شهادة سوف تشهد عليهم كشهادة أيديهم وأرجـلهم يـوم القيـامة.  

تاريخ طويل من الانبطاح لتلك النقابة العريقة التي بدأت بروابط عمالية من الموزعين والفرازين عام 1947، ثم تأسست رسمياً بصدور القانون رقم 62 لسنة 1964 أول نقابة لعمال البريد والبرق والهاتف، ثم صدر قرار الاتحاد العام للعمال عام 1983 بإنشاء نقابة خاصة للبريد، انبطاح من نقيب إلى نقيب حتى أصبحنا نسمع عمن يشيد بعدم استجابة العاملين لدعوات الوقفات الاحتجاجية، حتى ولو كانت في غير محلها وموضوعيتها، فهذا حقهم ولو اختلفنا معهم، متناسياً تصريحاته السابقة بأن كافة مطالب العمال التي يطالبون بها مشروعة وغير مبالغ فيها وتتمثل في العدالة الاجتماعية مع العاملين بشركة اتصالات مصر والمساواة معهم في نسبة الأرباح التي تحققها الشركة (صحيفة اليوم السابع 6/1/2013).    

فالنقابة العامة للبريد لها تاريخ عريق في وقوفها الدائم ضد العاملين ومطالبهم العادلة، فلا نادي رياضي ولا معاشات شهرية للمتقاعدين، ولا خدمات صحية واجتماعية، فقـط لها تاريخ طويل ورائد في استقطاع اشتراكاتها من منبع رواتب العاملين، وحصول أعضائها على بدلات ومميزات حضور الجلسات والاجتماعات والإشادة الدائمة بمواقف الإدارة الرائعة!!..   

وللحديث بقية أن شاء الله...

الجمعة، 6 سبتمبر 2013

طابع بريد حسني مبارك !!..


قديماً قالـوا "قل لي صديقـك أقـل لك من أنت..."، فإذا كنـت غافـلاً أو مخطـوف الذهـن أو ملتبس الفكـر، فيمكـنك تأمل هذا الطـابع البريدي، الذي أصـدرته إدارة بريد العـدو الإسرائيلي للاحتفــاء بالرئيس المخلـوع لتفانـيه في خدمة دولة إسرائيل، كما دون أسفل الطابع، لتحـدد حقيـقة موقفـك!!..

فطابع البريد بما يحتوي من تصوير دقيق ومعبر من خلال تلك اللغة البصرية التي يقرئها جميع البشر دون استثناء، تتجاوز حدود اللغات والثقافات، فهي بذاتها أبجدية كونية تقرؤها العين دون وسيط ولا تحتاج إلى تبسيط أو شرح أو مصاحبة لغوية كي تنفذ لإدراك المتلقي، فهي خطاب ناجز مكتمل يملك كل مقومات التأثير الذهني، وتغني عن ساعات من الحديث أو الإطلاع، ناهيك عن طابع البريد الذي يجوب إرجاء الدنيا شرقاً وغرباً. 

هكذا تعبر صورة طابع المخلوع، الذي تفاني في خدمة دولة إسرائيل، فأصبح كنزاً استراتيجياً لدولتهم البغيضة، وبالطبع لم يكن يعمل بمفرده طوال ثلاثون عاماً من الذل والهوان والانبطاح أمام هذا العدو المغتصب، فكان بالتأكيد يساعده ثلة من قيادات الجيش، وشلة من القضاة، ونفر من الإعلام، وطابور خامس من المفسدين وأصحاب المصالح من رجال الأعمال والمستثمرين وشبكة عفنة من العلاقات الخارجية والداخلية..

تستطيع الآن أن تحدد موقعك، وأين أنت من القضية التي نتعايش معها الآن ودلسها علينا الإعلام المضلل، بحجة محاربة الإرهاب المزعوم، للاستمرار في التفاني في خدمة دولة إسرائيل، وكيف لا وهؤلاء القوم الذين انقلبوا على السلطة المنتخبة تربوا في كنف وعطف الرئيس المخلوع!!..

ما يمزق القلب حقيقة أن قوماً منا ومن جلدتنا مازالوا يصرون على نهج وخطي هذا المخلوع، ولو بالقتل والتدمير وإخضاع إرادة هذا الشعب الطيب، يحاولون طمس الصورة الفاضحة التي رسمتها أيادي الخزي والعار، ويبصرها العالم من حولنا.

فحالة الترحيب والفرح العارمة التي يبديها القادة الإسرائيليين من عودة بعض رموز النظام السابق، والذي تفاني رئيسه المخلوع في خدمة إسرائيل، تنهضنا جميعاً لتحديد مواقفنا واتجاهنا نحو ما يحدث في أوطاننا، فأما أن تتفاني في خدمة وطنك وأهلك وأبنائك، وأما تتفاني في خدمة دولة إسرائيل!!.

وللحديث بقية أن شاء الله...