الجمعة، 29 يوليو 2011

نيابة البريد الإدارية !!..



إحــالة بعض المسئولـين بالبريد المصري إلى المحكمة التأديبـية بقرار من المستشار تيمـور مصطفي كامل، رئيس هيئة النيـابة الإدارية للتلاعـب في الحسـابات التقديـرية لأربــاح صنـدوق التوفيـر، مما ترتـب علـيه صـرف مكافـــآت لرئيس وأعضــاء مجلـس الإدارة بلغـت 5.2 مليون جنيه دون وجـه حــق بقـرار صـادر من وزيـر الاتصــالات السـابق في 27/1/2010 (صحـيفة الأهـرام 21/6/2011، صحيفة الدستور 20/6/2011)، أمر يثير الحيرة والتعجب!!.. ذلك إذا علمت أن ثلاثة من هؤلاء المسئولين السبعة أصبحوا مسئولين سابقين، والباقي يزاول عمله بصورة طبيعية خاصة رئيس قطاع الشئون المالية ورئيس قطاع التوفير والإدخار.
.
وسبب الحيرة والتعجب أمران الأول: ما طالعته من لائحة شئون العاملين بالهيئة القومية للبريد الصادرة بالقرار الوزاري رقم (70) لسنه 1982، بالمادة (93) الخاصة بالجزاءات التأديبية، بأن الجزاء المنصوص عليه لشاغلي وظائف رئيس قطاع وما يعلوها هي: التنبيه أو اللوم أو الإحالة إلى المعاش، وأن المادة (95) بند (3) من نفس اللائحة حددت اختصاص المحكمة التأديبية بتوقيع أي من الجزاءات المنصوص عليها في المادة (93) من هذه اللائحة... والثاني: وهو الأشد عجباً وحيرة من هذا التكييف القانوني للواقعة وإحالته للنيابة الإدارية وليس النيابة العامة للتحقيق، يكمن في مصير مبلغ 5.2 مليون جنيه تم صرفها من أموال الهيئة لرئيس مجلس الإدارة والأعضاء الموقرين كحوافز ومكافآت دون وجه حق، وهل ستعيد المحكمة التأديبية تلك المبالغ للهيئة أم لا ؟!..
.
ومع تقديري واحترامي للنيابة الإدارية كهيئة قضائية مستقلة، إنشأت بموجب القانون رقم (480) لسنة 1954، وتوسعت في اختصاصاتها بموجب القانون رقم (19) لسنة 1959 وتعديله بالقانون رقم (172) لسنة 1981 للتحقيق مع العاملين الخاضعين لأحكام قوانين العاملين المدنيين بالدولة والهيئات العامة والعاملين في شركات القطاع العام والهيئات التي تساهم فيها الحكومة أو الهيئات العامة بنسبة لا تقل عن 25% من رأسمالها... إلا أن ما أسرده من وقائع حقيقية عايشتها بنفسي وكنت شاهداً عليها يؤلمني وقد يؤلم الكثير أيضاً ممن تعرضوا لحفظ شكواهم إدارياً ودون تحقيق، وقد يبعث في نفسى ونفوسهم حجم الضيق والحسرة على ما كنا فيه قبل ثورة 25 يناير...
.
بتاريخ 7/10/2000 تقدمت بشكوي للسيد رئيس النيابة الإدارية لوزارة الاتصالات، سجلت برقم 67 لسنه 2000 بشأن قيام الهيئة بحجز نسبة 25% من بند الحوافز والمكافآت بالميزانية من المنبع وتحويله مباشرة لحساب صندوق الولاء والانتماء الخاص بالعاملين لزيادة رصيده لمواجهة حالات الصرف المتزايدة للعاملين المحالين للمعاش سنوياً، وذلك بالمخالفة لنص المادة رقم (5) لأحكام التأشيرات العامة للهيئات الاقتصادية، والتي لها قوة القانون، التي تقضي بأنه لا يجوز للهيئات الاقتصادية دعم الصناديق الخاصة بها من اعتمادات موازنتها، وكذلك بالمخالفة لمنشور وزارة المالية رقم (1) لسنه 1989، ومطالبة الجهاز المركزي للمحاسبات مراراً بالتحقيق اللازم، حيث يعد ذلك مخالفة مالية تستوجب المساءلة، مع ضرورة امتناع ممثل وزارة المالية عن صرف هذه المبالغ لمخالفتها الواضحة والصريحة للتأشيرات العامة للموازنة، وطالبت بإجراء التحقيق اللازم بعد إرفاق كافة المستندات والأوراق الثبوتية الدالة على تلك المخالفة... فكان رد النيابة الإدارية صاعقاً بخطابها رقم 197 بتاريخ 29/1/2001 بأن الأوراق حفظت إدارياً، دون تحقيق!!..
.
بتاريخ 26/10/2000 تقدمت بشكوي أخرى للسيد رئيس النيابة الإدارية لوزارة الاتصالات، سجلت برقم 76 لسنه 2000 بشأن قيام الهيئة بربط ودائع قصيرة الأجل للعديد من العملات الأجنبية لديها ببنك القاهرة فرع قصر النيل بفوائد ضئيلة جداً مقارنة بأسعار تلك الفوائد التي عرضها ذات البنك بعدما علم بقرار مجلس المديرين بالجلسه رقم 254 بتاريخ 27/7/1997 بفك تلك الودائع وتحويلها لوديعة بصندوق توفير البريد، بناء على مذكرة تقدمت بها تفيد خسارة الهيئة بنحو خمسة ملايين جنيه سنوياً بسبب ترك تلك الودائع بالبنك المشار إليه، وطالبت باجراء التحقيق اللازم في هذه المخالفـات المالية، بعدما علمت بتعمد بعض المسئولين إعــادة ربط ودائــع جديــدة بنفس الفوائد الضئيلة السابقة وبنفس البنـك وذلــك بعد نقـلي من المراقـبـة العـامة للحسـابات... إلا أن النيـابة الإدارية علقــت التحقيـق بنحـو أكثر من سنة ونصف، ولم يتم استدعــائي لأخذ إيضاحــاتي وبدأت في التحقــيق بعدما ســافرت للعمـل بدولة الكويـت في 1/4/2002 وانتهي الأمر بترقية كل من ساهم في ضياع أموال الهيئة لدي بنك القاهرة!!..
.
بتاريخ 17/12/2000 تقدمت بشكوي ثالثة للسيد رئيس النيابة الإدارية لوزارة الاتصالات، سجلت برقم 9 لسنه 2001 بشأن جملة مخالفات مالية بحسابات الهيئة مع الإدارات البريدية الأجنبية وشركات الطيران الناقلة للبريد، بسبب عدم وجود دورة مستندية سليمه لتلك الحسابات، ارفقت بها كافة الأوراق والحسابات الثبوتية الدالة على صحة ما أشــرت إليه ومخالفات مالية أدت لضياع حقوق الهيئة لدي تلــك الإدارات... إلا أن النيـابة الإدارية أكتفـت بإرسـال الشكوي للسيد رئيس مجلس الإدارة بالكتــاب رقــم 163 بتـاريخ 21/1/2001 الذي لطالما حررت له مذكرات عدة بذات الموضوع دون جدوي، فقام بالرد علي النيابة بجملة افتراءات وأكاذيب لا دليل عليها أو سند، فقامت النيابة دون تحقيق بالرد رداً صاعقاً أيضاً بخطابها رقم 334 بتاريخ 17/2/2001 بأن الأوراق حفظت إدارياً!!..
.
وأخيــراً ومـع الأصـرار والمطـالبة المستـمرة بضــرورة القيـام بإجـراء التحقيقــات اللازمـة في تلــك المخالفــات، تم اصطــياد جمـلة بإحـدي المذكــرات التي تقـدمت بها للسـيد رئيس مجـلس الإدارة بتاريخ 28/9/2000 وتحـريفـها عن مضـمــونها الحقـيـقي، وتـم إحالـتي للنيـابة الإدارية لـوزارة المواصــلات بتـاريخ 12/11/2000، وسجـلت كقضية برقـم 309/2000 مواصلات، حيث بدأت النيابة بالتحقيق بمعرفة أحد مستشاريها، رافضاً حتى مناقشة ما جاء بالمذكرة من مخالفات أو تعنت الجهة الإدارية فيما تتخذه ضدي من قرارات باطلة، مرتكزاً على الجملة التي وردت بالمذكرة فقط، ومع حقيقتها وصحتها والإثبات بصحة تحريف ألفاظ تلك الجملة، إلا أنني أدنت وأصبحت سالكاً مسلكاً لا يتفق وكرامة الوظيفة وخرجت علي مقتضي الواجب الوظيفي وتم مجازاتي إدارياً!!..
.
هكذا كانت النيابة الإدارية قبل ثورة 25 يناير، فهل سيختلف الحال بعدها؟!.. هذا ما ستثبته لنا الأيام القادمة...
.
وللحديث بقية أن شاء الله...
Ashraf.mojahed@gmail.com