الثلاثاء، 27 أغسطس 2013

هبـل البريد المصري !!..


كلـمة "هبـل" تقــرأ من وجــوه عـدة، شـأنها في ذلـك شأن العــديد من كلمــات اللغة العربية، والتي بالقطـع ميزتـها عن لغــات أخــري عــدة، بما فيها من سمـو وإعجــاز من تشكـيل ونقـط وهـمـزات وتنـوين وغيـرها... 

فالكلمة تقرأ بالضم " هًبـل " لتدل على أسم صنم من أعظم أصنام قريش، التي انتشر وجودها حول الكعبة المشرفة قبل فتح مكة، فكان على شكل إنسان وله ذراع مكسورة، وقام العرب بإلحاق ذراع من ذهب بدل منها، وكان مقدساً من بني كنانة وصناديد قريش، حتى صار رمزاً للسخافة والدجل كما نعته أحد الشعراء الإسلاميين حديثـاً فقـال:       
هبل .. هبل ... هبل..
رمز السخافة والدجل
من بعد ما اندثرت على أيدي الأباة
عادت إلينا اليوم في ثوب الطغاة
وثن يقود جموعهم .. يا للخجل!.

فهبـل رمزا للاستخفاف بالعقول كما يحدث لدينا في البريد المصري، من التشبث وتقديس المادة (41) من اللائحة، تلك المادة اللقيطة التي تخالف مبادئ القانون والعدالة وفتحت ومازالت أبواباً من الفساد والرشوة والتدليس في شغل الوظائف القيادية، فالتمسك بها والإصرار عليها صار رمزاً للسخافة والدجـل، وأثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن البريد المصري أصبح أكثر جاهلية من هؤلاء الذين أكملوا هبـل بذراع من ذهب.  

والكلمة تقرأ أيضاً بالفتح " هَبِـلَ " وتعني في اللغة فقدان العقل والتمييز، وهو ما يقدم عليه بعض القيادات التي تم استبعادها مؤخراً عن المشهد، وبكائهم على ما كانوا يحصلون عليه من مميزات مالية وعينية، من دعـوة العاملين لتنظيم وقفة احتجاجية ضد رئيس مجلس الإدارة الحالي، بحجة تصحيح مسار أعمال الهيئة الغارقة في الخسائر، والحد مما فيها من فساد، غافلين أنهم أيضاً جزء أصيل من هذا الفساد، وتم ترقيتهم وتقلد مناصبهم السابقة والحالية بواسطة هبـل الذي ذاع صيته في السخافة والصفاقة والدجـل.

والكلمة تقرأ كذلـك بالتشديد " هبـل " جمعاً لهؤلاء العاملين البسطاء، الذين يصدقون هؤلاء وهؤلاء، فالكل غارق في الفساد لأذنيه، وجميعهم لا يريدون إصلاحاً ولا يبحثون إلا عن مغانم يأخذونها، ولما لا؟!.. فنحن في عصر السخافة الدجـل.

شعار المرحلة الآن في مصر والبريد المصري، هذا الصنم المقدس دون ذراعه الذهبي، حيث سرقه البلطجية، وكأننا نعيش في فيلم سينمائي لإعادة مشاهد الجاهلية الأولي، بإخراج سينمائي متطور وممثلين أكثر حداثة وفن!!..  ويا للخجل!.

الخميس، 22 أغسطس 2013

البريديون بعد الانقلاب !!..


هذا ليس استسلاماً أو تسليماً بما وقـع من انقـلاب عسكري على السلطة والرئيس المنتخب، بل نظـرة مستقبلية افتراضـية، رغم غضـاضة ومـرارة هذا الواقـع...

تحقق الانقلاب افتراضاً، وعدل الدستور، واستبعد من استبعد، وقرب من قرب، وتسلطت النخبة الليبرالية الانقلابية بآلتها العسكرية والإعلامية الغاشمة، أياً كانت نتائج الانقلاب، وخارطة المستقبل، وفرض الأمر الواقع بالقوة داخلياً وتسويقه خارجياً، فهل كل ذلك سيحقق أهداف ثورة 25 يناير؟!..

وهل بعد الانقـلاب ستنعم مصر بالحرية والكرامة الإنسانية، وستحل الديمقراطية ومبـادئ حقـوق الإنسان، ويسود العـدل والمساواة، وسيتحرر العبيد والسجـناء، كنت أتمني، وأن كان أول القصـيدة كما نري كفـراً، فكل ما نشاهده ونسمعه من وسائل الإعـلام يدل على نتـائج كارثية، فاقـت الضررين، وأنتجت مصـيراً مجهـولاً مظـللا بالخـراب والدمـار، فرائحـة المـوت والكراهـية تفوح من جثـث الشهداء، التي ستلاحـق قاتلـيها بالثـأر والبغضاء. فمع الانقلاب انتهكت حرمات المساجد والكنائس، انتهكت كرامة الإنسان وضاعت معه كل القيم ومبادئ الأخلاق. 

والبريديون مثلهم كبقية أبناء هذا الوطن، على اختلاف أفكارهم ومعتقداتهم، وانتشارهم المميز في كافة المحافظات والقرى، كان لديهم أحلام وتطلعات كغيرهم بالحرية والكرامة الإنسانية، آمال كبيرة في حياة أفضل لهم ولأبنائهم وأحفادهم، أماني يرونها حقيقة واقعة، لا بالوعود والكلمات المعسولة الكاذبة، والتي ما أن دارت عجلة الزمن حتى عادت بهم لسيرتها الأولي من فساد واستبداد، فالخدعة كانت كبيرة، فلم يروا مسئولاً واحداً تم محاسبته، أو بلاغاً تم التحقيق فيه، أو قضية حكم فيها، رغم ما تم من نهب أموالهم وأموال هيئتهم علناً ودون مؤاربة.      

البريديون كغيرهم من أبناء هذا الوطن، شاهدوا فساداً عظيماً وظلماً اجتماعياً جانحاً قبل ثورة 25 يناير وبعدها، ومازال، والآن يطل علينا الفساد برأسه في ثوبه الانقلابي الجديد، مع قوته الغاشمة، وحلقات الرعب والتخويف والاضطهاد، وتكميم الأفواه والاتهامات المعلبة، وعصراً جديداً من الضلال والاستخفاف.

البريديون كغيرهم من أبناء هذا الوطن، سواء كانوا ضد الانقلاب أو معه، سوف يدركون لاحقاً   أن ثورتهم الحقيقية قد سرقت منهم، وسرق معها كرامتهم وإنسانيتهم، حين وقف فريقاً منهم يشاهد البعض الآخر من أبناء وطنهم يقتل لمجرد الدفاع عن حق الجميع في العيش الكريم، فالجميع سوف يدرك لاحقاً حين يسخر منه ومن مطالبه المشروعة في العدل والمساواة والحرية، وحين يعي أن النظام المستبد الفاسد قد أسقط الشعب، رغم أن الشعب قد خرج وهتف مراراً مطالباً بإسقاط النظام!!..  
 

الأحد، 11 أغسطس 2013

بريديـون ضد الانقـلاب !!..


نعـم ضد الانقـلاب العسكري، وضد أي مسلك غير ديمقـراطي استبدادي، يعيـد البلاد من جـديد لسنوات عجـاف من التخلـف والفساد والاستبداد...

ولكن لماذا نحن ضد الانقلاب؟!..
الإجابة نراها بأم أعيينا بالبلدان المجاورة التي تتابعت عليها الانقلابات العسكرية على اختلاف مواقعها وأحداثها كتركيا وباكستان والجزائر والسودان، وما أصابها من تخلف وفساد ونزاعات لسنوات عدة، وتهافت الدول الاستعمارية عليها لإخضاعها ونهب ثرواتها، على خلاف البلدان الأوروبية الناهضة التي انتهجت شعوبها نهج الديمقراطية المتحضرة، فما عرفنا يوماً عن مؤسساتها العسكرية القوية إلا احترام الديمقراطية وإرادة شعوبها، وما آلت إليه مصرنا العزيزة خلال ستون عاماً من الحكم العسكري المستتر في عباءة مدنية ببعيد عن هذا المشهد المقارن.

سنوات عديدة نحلم بالحرية والديمقراطية، والتداول السلمي للسلطة الذي يكفل الرقابة ومحاسبة المسئولين، سنوات تبخرت تحت قبضة حفنة من المستفيدين وأصحاب المصالح من قيادات الجيش والشرطة والقضاة ورجال الأعمال الفاسدين في مواجهة إرادة شعبية جارفة حرمت كثيرا من حريتها وكرامتها تحت دعاوي باطلة باتهامها بالجهل وعدم القدرة على تحمل أعباء الديمقراطية وتداول السلطة، فهؤلاء لا يرون إلا أنفسهم أسياداً وحكاماً.

أما البريديون فمثلهم مثل الملايين من البسطاء المستعبدين في وطنهم، بالتلاعب في أرزاقهم وأحلامهم بإهدار جهدهم وأموال هيئتهم تحت مسميات التطوير والتحديث، منذ أن احتلت هيئتهم بالعشرات من قيادات المؤسسة العسكرية المتقاعدين ليتقلدوا شئونه، فكان منهم الرؤساء والنواب ورؤساء القطاعات حتى أضحت مؤسسة عاجزة مالياً مفرغة من الخبرات والقيادات الماهرة، وتتجرع الآن نتائجه أفئدة وقلوب عامليه دون حول لهم ولا قوة.

البريديون ضد الانقلاب، لأنهم على مدار سنوات عدة، ورغم افتضاح فساد تلك القيادات والاجتراء علناً على سرقة ونهب أموال البريد المصري وأموال مودعي صندوق التوفير لم نجد من يمنعهم أو يحاسبهم أو يحقق معهم، ولما لا،  وهم تحت غطاء ومظلة قوانين فاسدة هشة وأجهزة رقابية وقضائية تحتفل كل يوم بمهرجان البراءة للجميع، بل نجد تلك القيادات الفاسدة ومنذ ثورة 25 يناير مازالت متشبثة بمقاعدها تتبادل أدوارها بين هيئة وأخري، دون خجل أو استحياء وكأنها تعيد تحصين مواقعها واستعادة قوتها وهيبتها انتظاراً لمشهد ما بعد الانقلاب.

نعم البريديون ضد الانقلاب ، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.

وللحديث بقية أن شاء الله...

الاثنين، 5 أغسطس 2013

تخبــط البريـد المصري !!..


من الأشــياء الرائــعة التي تمـيز الشعب المصري وقـت الشـدة هي القــدرة على الإبتكـار والإبـداع، خاصة إذا كانت المحنة كبيرة وعظيمة، هذا الإبــداع قد يكـون بالكلمـة أو بالغنـاء أو بالرسم، يعبر فيه المصري عن صدق أوجــاعه وعذابــاته وطموحــاته المستقبلية للخــروج من تلــك المحنة.

أذكر هنا الثنائي الرائع الشاعر أحمد فؤاد نجم ورفيق دربه الشيخ إمام، وهم يغنيان بعض الأشعار والأغاني عقب نكسة يونيو 1967، ومنها كلمات تلك الأغنية. 
الحمد لله خبطنا تحت بطاطنا
يا محلا رجعة ظباطنا من خط النار
يا أهل مصر المحمية بالحرامية
الفول كتير والطعمية والبر عمار
والعيشة معدن وأهي ماشيه آخر أشيا
مادام جنابه والحاشيه بكروش وكتار
أيه يعني شعب في ليل ذله ضايع كله
دا كفاية بس أما تقول له إحنا الثوار
كفاية أسيادنا البعدا عايشين سعدا
بفضل ناس تملا المعدة وتقول إشعار
أشعار تمجد وتماين حتى الخاين
وان شاء الله يخربها مداين عبد الجبار

فالتخبط وقت النكسة كان عنوان هذه المرحلة الصعبة، وما واجه الجيش المصري من هزيمة ساحقة، ذلك لأنه ظـل سنوات عديدة قبلها مشغولاً بالحيـاة المدنية والصراع السياسي، تاركــاً مهامه الأساسية في الدفــاع والحافظ علي سلامة الوطن وأراضيه، وهو ما نـراه الآن تتكرر مشاهده من جديد، وكأننا لم نعي الدرس أو نفقه تجـرع حكمة الهزيمة السابقة.

وكما أن الآن ثمة تخبط عـام، سواء في المشهد السياسي أو الاقتصادي، نجد تخبطاً في  أداء الحكومة الجديدة، فجميع قراراتها يشوبها الارتجال وعدم الانضباط، وتفعل نفس ما كان أعضائها ينتقده في الحكومة السابقة، وكل ما تسعي إليه هو تغير شكلي للمناصب والوظائف القيادية بالدولة لتلبية رغبات بعض الطامعين وأصحاب المصالح، ومحو ما تزعمه زوراً بأخونة الدولة!!..

وبالتأكيد هذا التخبط واكبه البريد المصري، فأضحي جلياً للجميع، في إصدار القرارات وسحبها، والنكوص على التعهدات والوعود، واستمرار وتشبث قياداته الفاشلة التي ألحقت به خسائر متتالية وهائلة خـلال الأعـوام السابقة، فلائحة الحوافز الجديدة التي انتظرها العاملون شهوراً، تم إصدارها ثم جمدت، والإعلان عن عدم صرف مكافأة عيد الفطر المبارك، ثم الموافقة عليه، وإلغاء المكافآت الشهرية وتقنين بدل السهر، تم إعادتهما بشكل أكبر وأكثر قيمة لبعض المقربين والمنتفعين، وحتى اصطفاف العاملين للصلاة وقت الظهيرة في العمل، وارتداء بعض العاملات للحجاب، تغير وقته وموضعه وغيرها ، دليلاً دامغاً على ما نحن فيه من تخبط!!..
والحمد لله خبطنا تحت بطاطنا...
يا محلا رجعة قيادتنا من حفلة إفطار ...

وللحديث بقية أن شاء الله...

الجمعة، 2 أغسطس 2013

كحك البريـد المصري !!...


يوليـو: رمضان
أغسطس: العيـد
سبتمبر: المدارس
أكتوبر: العيد الكبير
هل ممكن صرف شهر لكل مناسبة؟ مستحيل.. اعتقد المدارس ومصاريفها أهم من الكحك؟
هكذا كان تعليق الدكتور/ أشرف جمال الدين، رئيس مجلس إدارة البريد المصري، على صفحته عبر شبكة التواصل الاجتماعي "الفيسبوك"، وذلك حول ما أشيع عن صرف مكافأة للعاملين بالبريد بمناسبة عيد الفطر المبارك.

والكلمات تعبر بصدق عن حالة انفصال الإدارة العليا عن جموع العاملين البسطاء بالبريد المصري، فاختزال الاحتياجات والمتطلبات الضرورية لهؤلاء البسطاء لاستكمال فرحة العيد في الكحك أمر نأسف له، ذلك لأن هؤلاء البسطاء لا يعرفون بدلات السهر والمكافآت الدورية وغيرها، فأصبحت تلك المناسبات كابوساً يؤرقهم ويزيد من حزنهم وعذابهم بدلاً من الفرحة والإقبال على الحياة.

وكحك العيد وأن كان عادة مصرية فريدة من نوعها أبتدعها الفراعنة القدماء، وتناقلتها الأسرة المصرية جيل بعد جيل، ويأتي ذكره بكتب التاريخ الإسلامي بالأخص في العهد الطولوني والأسرة الفاطمية، حيث يعد مظهر من مظاهر تجمع الأسر والعائلات المصرية ابتهاجاً بقدوم العيد، غير أنه علي ما يبدو ستتوقف تلك العادة بالنسبة للعاملين بالبريد بسبب المدارس ومصاريفها!!..

ورغم أنني لست ممن يحبون كحك العيد ومشتقاته، والتزامي بنظــام غذائي صــارم للحفــاظ على الصحة العامة، إلا أنني أحزنني هذا الانفصــال عن جمـوع العاملين، وعدم الاهتمام بسد متطلباتهم واحتياجاتهم الضرورية، وإدخــال السرور على قلوبهم وعلى قلوب أسرهم وأولادهم، ويكفي ما نحن فيه من غم وحزن بسبب تلك الأحداث الجــارية في بلادنا، ونبأ قيــام حكومة الإنقـاذ الجديدة التي لطالما وعدتـنا بالتمر والعسل، بتخفيض العلاوة السنوية من 15% إلى 10%، والارتفاع الجنوني لأسعار كـافة السلع بالأسواق.

قد أتفهم محاولات الإدارة العليا بالهيئة تخفيض الإنفاق وترشيده، لإظهار الموقف المالي للهيئة بصورة أفضل، ولكني لا يمكن أن أتفهم تلك المحاولات أن تكون تجاه جموع العاملين البسطاء فقط، وغض الطرف عن مليارات الجنيهات والتي سرقت في شركات خاسرة، واستثمارات فاشلة وتعــاقدات وتوريــدات مشبوهة، وحوافــز ومكــافآت ورواتب دفـعت للعشرات دون وجه حق أو قيمة مضافة، وكانت سبباً مباشراً لما آلــت إليه الهيئة من خسائر سنوية متتالية، لا ذنب لهؤلاء العاملين ليتحـملوا أوزارها.

عيدكم مبارك ، بدون كحك ، وما ارتفعت قامة بحق وأخفضها المولي الكريم.

وللحديث بقية أن شاء الله...