الاثنين، 23 نوفمبر 2009

صديقي البريدي !!..

.
صديقي البريدي، جزائري الجنسية، كل ما يربطني به رسائل إلكترونية واتصالات هاتفية، فهو يعيش خارج حدود وطنه، وأنا كذلك، لم نتقابل حتى يومنا هذا... صديقي الجزائري يعمل في الحقل البريدي منذ زمن مثلي، مهتم بقضايا البريد وتاريخه وبكل ما يحيط به من هموم ومشاكل، خاصة إذا ما تعلق الأمر بالإدارات البريدية العربية وتطور عملها وتنمية مهارات العاملين فيها، وتقدمها التقني وتعاونها البناء.

هذه الصداقة - إن أجازها لي في التعبير- أجدها في كلماته الرقيقة عبر رسائله الإلكترونية واهتمامه بما أكتبه بتلك المدونة المتواضعة، والتي تعني بالبريد وتاريخه وقضاياه، أجدها في حديثه عبر الهاتف كلما سنحت له أو لي الفرصة للاتصال المباشر عبر الهاتف... صداقة جعلتني أتخيل ملامحه العربية، رسمات وجهه، بشاشته، مشاعره الصادقة من كلماته المهذبة وعباراته المتناسقة وحديثه الدافئ، وتشجيعه المتواصل باهتمامه باخباري وكتاباتي.

وسبب الحديث عن تلك الصداقة المصرية الجزائرية البريدية، هو ما وقع من أحداث خلال وعقب مباراتي كرة القدم التي جمعت مصر والجزائر في تصفيات كأس العالم 2010 والتي أقيمت يومي 14، 18/11/2009، وأنتهت بصعود الفريق الجزائري ليمثل العرب في تلك التصفيات، والمزمع إقامتها في جنوب إفريقيا العام القادم... هذه الأحداث التي نأسف لها ونتبرئ منها لها دلالاتها العميقة وما ندعيه من عروبة تجمعنا وإسلام يضمنا، إدعاءات يشحنها بعض الجهال والمنتفعين والمتأمرين، إدعاءات جعلتنا لانعرف حتى نتفق على ما بيننا من خلاف لترميمه... ولك أن تتخيل حجم الهوة السحيقة بين ما كنا عليه في الماضي وما نحن فيه الآن من خيبة أمل وضعف وشعوبية تمقتها وحدة الدين واللغة والمصير...

هذه الهوة التي جعلت من مصر تتخبط بين نعرات جوفاء كفراً بالعروبة والإسلام، وما جنته من كونها الشقيقة الكبري وما خاضته من حروب نيابة عن العرب والمسلمين في وجه الاستعمار والصهيونية... والتي جعلت من الجزائر بلد المليون ونصف مليون شهيد في حالة إخاء وتناغم مع المستعمر الفرنسي وكأن دماء هؤلاء الشهداء قد جف... سرعان ما تحولنا إلى مصر الفرعونية، والجزائر الفرانكوفونية، لاعبون مصريون أبناء الفراعنة، مقابل لاعبون جزائريون يتحدثون اللغة الفرنسية ولا يتكلمون اللغة العربية... عصبية وقبلية وشعوبية أودت بأمم فأصبحت حضارات مفقودة !!.

هذ الهوة جعلتني أحزن أكثر مما أنا فيه من حزن، على بلدينا من تخلف وتأخر وفقر يصيب كبد المصريين والجزائريين معاً... أحزن على الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، كما حزنت على الرئيس هواري بومدين، أحزن على الأستاذ الأمام محمد عبده كما حزنت على الأمام عبد الحميد باديس، أحزن على الشيخ محمد الغزالي، كما حزنت على الشيخ مالك بن نبي... هذا الحزن تضاعف عندما أردت إلقاء نظرة على موقع مؤسسة البريد الجزائري http://www.poste.dz/ والذي وجدته باللغة الفرنسية فقط، شأنه في ذلك شأن البريد المغربي http://www.bam.net.ma/ والبريد التونسي http://www.poste.tn/ ، وكأن تلك الإدارات تتنصل من كل ما هو عربي أو يتصل بالعروبة...

رحم الله هؤلاء الزعماء والعلماء، ورحم الله العروبة والإسلام، ونسأل الله أن نظل أنا وصديقي البريدي أصدقاء ما حيينا حتى وإن لم نلتقي !!..

وللحديث بقية إن شاء الله ...
Ashraf_mojahed63@yahoo.com

الثلاثاء، 10 نوفمبر 2009

خيل وبغال وحمير البريد !!..


من الحقـائق التاريخـية الهامة التي لا يمكن إغفـالها أنه كما أن البريد استفاد من تطـور وسائل النقل على مر العصـور، فأن وسائل النقل تلك ما كانت أن تتطور بهذا الشكل لولا الحاجة الملحة للبريد، فبمجرد ظهور وسيلة جديدة من وسائل النقل لا يكتفي البريد باستخدمها والاهتمام بها، إنما يساهم في تحسينها وتطورها.

فكلمة بريد كما ذكر المقريزي في كتابه الخطط أصلها فارسي من بريد ذنب، لأن الملك دارا هو أول من ابتكر نظاما للبريد، واقام له دواباً محذوف الأذناب والذيول لتميزها عن غيرها من الدواب الآخري، ثم عربت وحذف العرب نصفها الأخير واقتصرت على كلمة بريد... هذه الدواب اختلفت باختلاف العصور والاستخدامات، وارتبطت بالبريد لكونه وسيلة هامة للاتصالات عبر تلك العصور، كما أن تلك الدواب التي نشير إليها خصها الله في قوله تعالي في سورة النحل "وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ".

فــأول هـذه الـدواب الخيـــل، وسمـيت خـيــــلا لاخـتــيــالها في المشــية، ولأنـهـا مـوســومـة بالعـــز، فمـن ركبــها اختــال بهــا على أعـــدائه، والفـرس قبــــل خمســمائة ســنة من الميــلاد، هـم أول من استـخـــدمها لتبلـــيـغ الأخبــار والأنبــاء، فكــان قيـروس الأكـــبر (558–528) قبل الميلاد أراد أن يكون على اتصال دائم بحكام أقاليم مملكته، فحسب بنفسه المسافات التي يستطيع أي فارس أن يقطعها في يوم واحد، وأمر بإنشاء مرابط للخيل يبعد الواحد منها عن الآخر مسافة يوم سفر، وعندما يصل الرسول إلى محطة ما حاملا معه رسالة عاجلة يخلفه زميل له مجهز بمطية جديدة... وفي اليونان القديمة استخدم الرومان الحصان والعربة بصفة منتظمة لنقل البريد، فكان البريد الرسمي المسمي "البريد الإمبراطوري" يستخدم مركبات ضخمة الحجم بأربعة عجلات ويجرها مجموعة من الخيول والبغال، وكانت تتوفر للبريد الروماني في عمليات النقل السريع عربات ذات عجلتين تسمي "سيزيا "تقطع نحو 80 كيلومتر في عشر ساعات، وكان بعض رسل البريد يتكلفون في نفس الوقت بنقل عدد كبير من الرسائل بعمليات تبادل أثناء الطريق ويحملون ردود تلك الرسائل أثناء عودتهم.

أما العرب، فيذكر ابن الكلبي في كتابه أنساب الخيل أن إسماعيل بن إبراهيم عليه السلام أول من ركب الخيل من العرب، فكان اهتمامهم بالخيل عظيماً، وقد شرفها الله بأن اقسم بها في قوله تعالي "والعاديات ضبحا"، كما خصها الرسول صلي الله عليه وسلم بأن في نواصيها الخير لما كانت أصل الحروب وأوزارها وبها يجال في ميادين القتال، وجعل الله تربيتها ورباطها أمر من قوة المسلمين ومنعتهم في قوله تعالي "وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ" ... والأحاديث الواردة في فضل رباط الخيل وتربيتها كثيرة، إلا أن المعلوم أن العرب استخدموا الإبل والبغال بصورة أكثر إيضاحاً في نقل بريدهم، فيذكر الأستاذ يوسف أحمد الشبرواي في كتابه القيم "الاتصالات والمواصلات في الحضارة الإسلامية" أنه عندما نظم الملك عبد الملك بن مروان الدواوين وعربها أدخل نظام البريد لربط العاصمة بالولايات والأمصار بالاعتماد على الجمال والخيل والبغال لنقل الرسائل السريعة إلى الأمصار والقادة معتمداً على محطات تستقبل الرسل وتستبدل بالجمال والخيول التعبة بأخري مرتاحة لمواصلة السير السريع دون توقف، وافرد جزء هاما من كتابه عن الجمل وصفاته وملائمته للبيئة العربية لكونه أرخص وسيلة للنقل وأكثرها تحملاً لصعوبة الصحاري والطرق الوعرة.

أما البغل فهو حيوان أليف هجين ينتج عن تزواج أنثي الخيل مع ذكر الحمار، أما الحيوان الذي ينتج عن ذكر الخيل وأنثي الحمار فيسمي النغل... والبغل حيوان معمر، قليل التعرض للأمراض، ويضرب به المثل في العقم، وكذلك لمن يفتخر بشئ لغيره، فمن الأمثال الشائعة أنه قيل للبغل من أبوك؟ قال الفرس خالي!!... والبغل يمتاز ببصره الحاد وقوته العضلية، وقدرته على تحمل حرارة الطقس، لذا يقوم بأعمال شاقة يعجز عنها الحصان، فكان يستخدم لمساعدة الجيوش في نقل المؤن والمعدات الثقيلة في المناطق الجبلية ذات الطرق الوعرة، كما أنها ذكية على الرغم من طبعها العنيد في بعض الأحيان بسبب سوء القسوة في معاملتها، فمن المؤكد أنها أذكي من الخيل، فلو أن أنثي الخيل تمتعت بما يكفي من الذكاء والعقل لما سمحت لحمار بمواقعتها... ويذكر أن الجاحظ خصص باباً في كتابه البغال تحت عنوان "باب ذكر الإنتفاع بالبغال في البريد"، وذلك بعد ما أبدع في صفاته الجسمانية والعقلية، وأورد قصصاً ونوادر وأبيات من الشعر تدل على استخدام العرب للبغال في نقل البريد.

أما الحمار فهو حيوان مستأنس من الجنس الذي يتنمي إليه الحصان، العائلة الخيلية، ويشبه شكله العام شكل الحصان، ولكن يبدو أنه حظه عاثر دائما، فالحمار رغم ما يشاع عنه بغباءه وعناده، فأنه بالتجارب العملية أثبت أنه ذكياً، حذراً، حميمياً، متعلماً، متحمساً، يصعب إرغامه أو تهديده على فعل شئ ضد رغبته، يحفظ الطريق الذي يسير فيه ولديه قدرة عالية على التحمل، وقد أستعمل الحمار من الآلف السنين في الحروب لنقل المعدات والذخائر...

وللحمار نوادر وقصص وحكايات يصعب حصرها، فمن حمار جحا الأكثر شهرة لنوادره الساخرة، لحمار الحكيم، لحمار الكاتب الساخر محمود السعدني... والحمار قد يكون أسعد حظاً باهتمام العرب بحكاياته ونوادره... كما أنه ذكر في القرآن في عدة مواضع للتشبيه، فشبه صوته بأنكر الأصوات في سورة لقمان، كما وصف اليهود الذين يعلمون ولا يعملون بالحمار الذي يحمل أسفارا تبكيتاً لهم وتحقيراً في سورة الجمعة، كما ضرب الله به المثل على الحياة والموت في قصة النبي عزير الذي أماته الله مائة عام ثم بعثه، في سورة البقرة، وكذا نجد في الرسومات المسيحية غالباً ما صور السيد المسيح وهو يركب حماراً... أما حمار البريد، فيبدو أنه كان أكثر حظاً، فقد أستخدم بصورة واسعة في نقل البريد في القري والنجوع، حتى أنه حكي لي ذات مرة أنه كان يصرف له بدل تغذية (عليق)!!.. فقد استطاع بذكائه وفطنته أن يحصل على حقوقه كاملة قبل القيام بإداء عمله !!..

هكذا نجد أن الخيل والبغال والحمير، والتي ذكرها الله في كتابه العزيز، كانت من أهم وسائل نقل البريد عبر العصور القديمة حيث سيرها الله للركوب والنقل والزينة، واليوم حلت محلها الطائرات والقطارات والسيارات بكل ما فيها من قسوة وقوة وسرعة، ولكن تلك السرعة والقوة لم تمنع الإنسان في يوم قط من استخدام وسائل النقل الأولية، التي مازالت رغم بطئها أكثر أمناً وأكثر حفاظاً على البيئة...

وللحديث بقية أن شاء الله ..

Ashraf_mojahed63@yahoo.com

الأحد، 8 نوفمبر 2009

إضراب البريد البريطاني !!..


البريد الملكي البريطاني من أعرق المؤسسات البريدية على المستوي الدولي، وله السبق في العديد من الابتكارات البريدية وتطوير وتحديث الأعمال البريدية... فمنذ أن أنشئ بأمر من الملك هنري الثامن في عام 1516م لتسليم رسائل البلاط الملكي إلى مختلف أجهزة الدولة، ثم تعميمه ليصير متاحاً للجمهور في عام 1635م، إلى أن تم استعمال أول طابع بريد تم طباعته في انجلترا والمسمي بيني بلاك عام 1840م لتحصيل الأجرة من المرسل منه... هذه العراقة والتاريخ الطويل إضاعته حكومة العمال الحالية برئاسة جوردون بروان وحكومة سلفه توني بلير.

فالبريد الملكي البريطاني الذي يعمل فيه نحو 141 ألف عامل، يستخدمون نحو 30 ألف شاحنة و33 ألف دراجة، يقومون بتوزيع أكثر من 75 مليون رسالة وطرد يومياً على أكثر من 28 مليون عنوان في شتي أنحاء المملكة المتحدة، مروراً عبر 113 ألف صندوق بريد و14300 مكتب بريد و70 مركز حركة و8 مراكز توزيع إقليمية و3 الآف مكتب تسليم... هذا الحجم الهائل من الأعمال يدر على الخزانة البريطانية أكثر من 14 مليار دولار سنوياً رغم ما تعانيه قطاعات البريد عموماً من تطور قطاع الاتصالات وانتشار استخدام الانترنت والبريد الإلكتروني في السنوات الأخيرة.

فمنذ عشر أعوام تقريباً والبريد الملكي البريطاني يحقق خسائر فادحة، تلك الخسائر بلغت ذروتها عام 2001 بنحو 1ر1 مليار جنية استرليني، وعلى أثرها تم إلغاء نحو 17 ألف وظيفة، حسب ما أوردته صحيفة الشرق الأوسط بتاريخ 14/6/2002، هذه الخسائر تعود بالأساس للسماح للعديد من الشركات الخاصة في دخول سوق البريد البريطاني بطريقة متدرجة حتى أصبحت تلك الشركات تعمل بصورة قانونية اعتباراً من أول يناير 2006م، وبذلك فقد البريد الملكي البريطاني حقه الاحتكاري الذي تمتع به على مدي 250 عاماً، وأصبح سوق البريد مفتوح للجميع... كما أن إنصراف البريد الملكي البريطاني عن أعماله الأساسية المكلف بها وفقاً للقانون بتقديم الخدمات البريدية للمواطنين، بالدخول في أعمال أخري كاليانصيب والمضاربات وغيرها، بالإضافة إلى سياسة إدارته الليبرالية الممزوجة بأفكار الخصخصة، والتي تدعو عموماً إلى تقليص دور الدولة برفع قبضتها عن كافة ما تقدمه من خدمات للمواطنين، والتفرغ لوضع السياسات والاستراتيجيات العامة أدي كل هذا لمزيد من الخسائر، وصولاً بتلك المشكلات المعقدة بينها وبين العاملين بها.

وهذا الإضراب الأخير والذي يعد ثاني أكبر إضراب، لم يكن الإضراب الأول الذي ينظمه عمال البريد الملكي، حيث سبق لهم القيام بالعديد من الإضرابات منذ عام 2003 بسبب إصرار حكومة حزب المحافظين في السابق على تخصيص جزء من البريد الحكومي وبيعه تدريجياً بحجة تحقيقه لخسائر مالية بسبب المنافسة الشديدة الذي يواجها من الشركات الخاصة، والتي تقدم الخدمة بصورة أفضل، إلا أن الغريب في الأمر أن يقوم حزب العمال بقيادة توني بلير ومن بعده جوردون بروان بإعادة المحاولة وتكرارها رغم أنه يفترض أنها حكومة عمالية تعمل لصالح العمال!!..

والسبب الرئيسي لهذا الإضراب الأخير ما أعلنه رئيس الوزراء البريطاني جوردون بروان بتاريخ 13/10/2009 عن عزمه طرح للبيع أصول حكومية بقيمة 16 مليار جنية استرليني (4ر25 مليار دولار) بما فيها خط القطارات الواصل بين بريطانيا وفرنسا، ونحو30% من البريد الملكي البريطاني، وذلك بهدف خفض الديون الناجمة عن الأزمة الاقتصادية الحالية، مما أثار مخاوف العاملين بالقطاع البريدي بمزيــد من الاستغــناء عن الوظائف، خاصة إذا ما عرف أن المشتري قد يكون شركة T.N.T أو DHL ، حيث بــدأ الإضــراب لمــدة يومــين في جميــع انحــاء البــلاد اعتبــاراً من يوم 22/10/2009 وذلك طبقاً لما نقلته وكالة رويترز بقيام نحو 42 ألف عامل وسائق في مراكز البريد بالإضراب، وسيتبعهم 78 ألفا من العاملين في جمع وتسليم البريد في خطوة من المتوقع أن تتسبب في تعطيل حاد لعمليات تسليم البريد، وعلق ديف وورد نائب الأمين العام للنقابة لتلفزيون هيئة الإذاعة البريطانية بي.بي.سي بقوله: «إنهم لا يطورون الخدمة.. إنهم يخططون لخفض أعداد كبيرة من الوظائف.. ما نريده هو فرصة لتسوية الأمر.. لا نريد إلحاق الأضرار بعملائنا.. ليس لدينا بديل».

عمال البريد في بريطانيا يدافعون عن حقهم في تحسين أجورهم والحفاظ على مزايا التأمين بعد التقاعد، يدافعون عن حيـاة كريمة آمنة تحميهم من أخطار إلغاء الوظائف وإحالتهم للتقاعد، يأملون أن تتاح لهم الفرصة لمنافسة تلك الشركات الأجنبية الخاصة بمزيد من التدريب والتطوير والعمل الجاد، بعكس ما تفعله الإدارة الحالية في السعي لتوظيف نحو 30 ألف عامل موسمي لمواجهة الإضراب، عمال البريد في بريطانيا يتسألون هل التطوير والتحديث يعني الاستغناء عن خدماتهم ؟!.. يعني خفض أجورهم ومخصصات التأمين بعد التقاعد ؟!.. هل التطوير يعني توجيه أعمال مؤسساتهم إلى مهام غير مهام الخدمات البريدية والسماح للشركات الأجنبية بالإستيلاء على السوق البريدي في بلادهم ؟!..

ما يثــير الانـتــباه وأعجـبـني بشــدة وجعـلني أحـيي بعــض نــواب حــزب العمــال ما ذكــرته صحــيفة انــدبنـدانت أون صنـدي بتـاريـخ 25/10/2009 أن نحو 120 نائب من حزب العمال البريطاني يقفون ضد مشروع خصخصة جزء من البريد الملكي البريطاني، وسوف يصوتون بحجب الثقة عن زعيم حزبهم جوردون بروان مع نواب حزب المحافظين إذا ما تم مناقشة الموضوع بالبرلمان... ويذكر أن أحدث استطلاعات للرأي أظهرت أن حكومة حزب العمال انخفضت شعبيته إلى أدني مستوي لها منذ بدء تسجيل تلك الإستطلاعات، حيث وصلت إلى 23% وهو أسوأ معـدل له منـذ بـدء الإستـطلاعـات الرسـمية في عـام 1943... فهل سيـكون إضـراب عمال البريد الملكي البريطـاني القشة التي تقصـم ظهـر البعـير ؟!..

وللحديث بقية أن شاء الله ...

Ashraf_mojahed63@yahoo.com

الأحد، 4 أكتوبر 2009

ابن الارندلي البريدي !!..


في كل عام من شهر رمضان المبارك يتجلي علينا الفنان المبدع يحيي الفخراني بفكرة جديدة، وحكاية شيقة بثوب كوميدي وبواقعية إنسانية تظل محل جدل ونقاش سواء بين المثقفين أو العوام من الناس... فالعام الماضي قدم شرف فتح الباب باخلاقياته المثالية وبأبوته الحانية والتي اضطرته الظروف القاسية وضغوط خصخصة شركات القطاع العام وبيعها أن يستحل المال العام عن جهل بالقوانين وبالتفسيرات والتأويلات الخاطئة لمعالم الدين وتشريعاته... واستلهمتني القصة بمقارنتها بواقعة حقيقية حدثت بالبريد المصري عام 1994 فكتبت شرف فتح الباب البريدي بتلك المدونة المتواضعة خلال شهر سبتمبر من العام الماضي .
.
أما هذا العام، فالقصة مختلفة والفكرة واقعية وتحدث بكثرة حتى نستطيع أن نجزم أننا في زمن أولاد الارندلي وليس ابن الارندلي... ويقال أن لفظ الارندلي يطلق على الشخص المحير الفهلوي الحلنجي، ذا القدرة على إقناع الآخرين بما يريد، وقيل أنها كلمة مصدرها جماعة من الناس أطلق عليهم القرندلية وهم فاقدوا المروءة، كما جاء في كتاب المروءة وخوارمها للشيخ أبي عبيدة مشهور بن حسن آل سليمان، ص 248، وهناك من يشير بأن لها أصل تاريخي من فرقة صوفية تسمي الارندلية كانت تخفي باطنها عن ظاهرها... والتفسير الأول أوفي لما قدمه الفنان يحيي الفخراني ببراعة، فهو يجسد شخصية المحامي، رجل القانون الذي يعرف مداخله ومخارجه، نصوصه وتأويلاته، مخابئه ودهاليزه، ومن خلال فاكهة طريفة لاسترجاع ما يعتقد أنه حقه الشرعي من أرث عمه مستغلا معرفته بالقانون وحيلته وذكائه بغية تحقيق مراده.

فابن الارندلي قد يكون محامياً كما جاء بالمسلسل وقد يكون طبيباً أو مهندساً أو محاسباً، فهو رجل يمارس حياته العملية بمعرفة القانون ولوائحه، وما ينفك أن يطوع هذا القانون وتأويلاته لرغباته ومساعيه المشروعة والغير مشروعة... هذه الحالة كثرت في هذا الزمان، فنحن عباقرة في سن القوانين واللوائح، وأيضاً عباقرة في الالتفاف حول نصوصها وخرق كل ما هو قانوني... ومع فارق الشبه بين ما أرويه عن ابن الارندلي البريدي وبين ابن الارندلي بالمسلسل الفكاهي، إلا أنني أجد تشابهاً عميقاً في شخصية كل منهما، في هواية ممارسة الالتفاف حول القانون ونصوصه وتأويله وتفسيره بما يخدم الأهواء، دون النظر للمثل والقيم والأخلاق، ودون مراعاة لحقوق الغير أو المال العام.

ففي خلال النصف الثاني من التسعينات، وللظروف الاقتصادية العامة وتخفيضاً للانفاق الحكومي فقد أصدر السيد رئيس الوزراء المصري قراراً بمنع شراء أجهزة التكييف والاثاثات بالجهات الحكومية بكافة أنواعها وأشكالها إلا بعد أخذ موافقته، حيث تلاحظ ارتفاع بند الإنفاق على شراء تلك الاثاثات وأجهزة التكييف بكافة الوزارات والوحدات الاقتصادية التابعة للدولة... وهنا يطل علينا ابن الارندلي البريدي، بمعرفته التامة بالنظام المحاسبي الموحد وبالمحاسبة المالية الحكومية، وأبوابها وبنودها المختلفة، ودهاليز وخبايا نصوصها، ومناقلات بنود ميزانياتها، بفكرتين عبقريتين للالتفاف على قرار السيد رئيس الوزراء، الفكرة الأولي: كان الغرض منها شراء بعض أجهزة التكييف لعدد من موظفي الإدارة العليا، وذلك بشراء عدد من أجهزة الحاسب الآلي وبوضعها بمكاتب كل منهم، ومنطقياً لابد من تجهيز تلك المكاتب بالاثاث وبالتبريد الملائم حتى لا تصاب أجهزة الحاسب الآلي بخلل أو أي أعطال، رغم عدم تشغليها على الإطلاق في تلك الفترة، وكما علمنا الارندلي الأعظم الممثل نجيب الريحاني بمقولته الشهيرة: شئ لزوم الشئ... ولأننا في زمن التطوير والتحديث والحكومة الإلكترونية، فلا مجال للمناقشة أمام شراء أجهزة الحاسب الآلي، وبذلك تحقق الغرض المنشود بانقاذ موظفي الإدارة العليا من حر ولهيب حرارة الصيف والرطوبة الموحشة دون مخالفة قرار السيد رئيس الوزراء، وأن تضاعف الانفاق بشراء أجهزة حاسب آلي وأجهزة التكييف اللازمة لتبريده !!.. والفكرة الثانية: كان الغرض منها إنشاء ورشة للنجارة والحدادة تسمح بتصنيع مكاتب ومقاعد وغيرها من أثاثات، فشراء الخشب الخام وأدوات النجارة والحدادة وباقي مستلزمات التصنيع لا تندرج تحت بند الاثاثات بالميزانية والتي منعها قرار رئيس الوزراء، وعليه قامت تلك الورش بتقطيع الأخشاب وتصنيعها، ولكن كان على ما يبدو أن التصنيع كان بدائياً ولا يرتقي لأي معيار من معاير الجودة، وبتكاليف فاقت أسعار شراءها من مصانعها المتخصصة !!..

فابن الارندلي البريدي كله مهارة وشطارة وفهلوة وذكاء، يلعب بالبيضة والحجر، أقصد بالقانون ولوائحه، فهو يدرك نصوصه ويدرك كيفية التعامل معها والالتفاف عليها وتحقيق رغباته ومصالحه ورضاء رؤسائه، بخلاف شرف فتح الباب البريدي الذي تم إيداعه السجن لقيامه بالسرقة والتزوير، فلم يكن الأخير يملك المهارة ولا الشطارة ولا الذكاء بالقدر الذي أوقعه في شر أعماله، وكله على حساب المال العام !!..
.
وللحديث بقية ...
Ashraf_mojahed63@yahoo.com

الاثنين، 28 سبتمبر 2009

الاستعمار والطوابع البريدية ..


سنوات عديدة مرت على رحيل الاستعمار عن بلادنا العربية، والحديث عن الاستعمار التقليدي أصبح ضرب من ضروب التاريخ، اللهم إلا إذا ذكرت فلسطين بعد ستون عـاماً من النكبة وبكل ما تعـانيه الآن من الاحتــلال الصهـيوني...
.
فالاستعمار خرج بجنوده وعتاده وسلاحه، ولكنه لم يخرج من عقولنا ودمائنا، خرج شكلاً وفي الموضوع كلمات كثيرة يجب أن تقال... خاصة إذا ما تعلق الأمر بحضارة تلك الأمة وهويتها وتاريخها الثقافي، وبكل ما يتعلق بمكوناتها ونظرتها المستقبلية، خرج وقد غرس بذور ثقافته الغربية البغيضة التي ما لبثت أن أينعت، كما قال الجنرال الفرنسي شارل ديجول وهو يغادر الجزائر عام 1962 تحت ضغط الثورة الجزائرية لقد تركت بذوراً ستينع بعد حين.

فالاستعمار منذ القدم أدرك تمام الإدراك أنه سوف يخرج بجنوده وعتاده من بلادنا العربية عاجلاً أم آجلا، أدرك هذا منذ أن وطئت أقدامه النجسة غاصباً ناهباً لثرواته، أن هذه الشعوب آبية في ذاتها وحضارتها العريقة ولا تقبل الأجنبي ليكون والياً عليها محدداً لمصيرها وراسماً لسياستها ومستقبلها، أدرك هذه المعاني لما لاقاه من مقاومة وعدم الانسياق وراء مخططاته الاستعمارية.

والبريد كجزء مكون لهذه الحضارة وسجلا لتراث وتاريخ تلك الأمة، فقد عمد إليه المستعمر الغاصب منذ الوهلة الأولي وبشتي الطرق على محو جذوره وطمس هويته وتغيير معالمه، فمن يتطرق للموقع الإلكتروني لبريد الدولة العبرية يجد تلك الديباجة الخاصة بالطوابع البريدية كمقدمة للاعتزاز والافتخار http://www.israelpost.co.il/newmail.nsf/SiteContent/stamp2ar?OpenDocument&l=ar&mo=3
... في يوم الجمعة الموافق 14 ايار 1948، تم الاعلان عن استقلال دولة اسرائيل، وخلال أقل من ثمان وأربعين ساعة بعد اعلان الاستقلال، صباح يوم الاحد، عندما بدأت طيارات العدو بشن هجوم، اصدرت الدولة الجديدة أول طوابع بريد لها، وسبق دخول دولة اسرائيل الى عالم الطوابع تحضيرات حثيثة بدأت سرا لأسابيع ما قبل يوم اعلان قيام الدولة، ففي شهر نيسان 1948 أوقف البريطانيون الذين اوشكوا على التنازل عن الانتداب الذي كان لهم على فلسطين، كل خدمات البريد. المؤسسات اليهودية بدأت بتحضيرات لطباعة طوابع للدولة التي ستقوم. المشاكل كانت كثيرة، ورق لطباعة الطوابع لم يكن متوفرا تقريبا، لم تتواجد مطابع مناسبة وماكينات للثقوب، القرار حول اسم الدولة الجديدة لم يحسم بعد، هل سيطلق عليها اسم يهودا، أو ارتس يسرائيل او اسرائيل ؟ وفي النهاية تقرر أن يسجل على الطوابع بريد عبري. بالرغم من كل الصعوبات، تم إصدار طوابع البريد العبري المشهورة والمطلوبة، فورا بعد اعلان الاستقلال وتم بيعها في جميع فروع البريد في البلاد.

وما فعله الكيان الصهيوني قبل وبعد نكبة 1948 كان استمرارا لما فعله المستعمر الأوروبي بالتحالف والتنسيق للمؤامرة الكبري، فمجرد دخول القوات البريطانية الغازية فلسطين عام 1917بقيادة الجنرال اللنبي توقفت طوابع الدولة العثمانية المستخدمة نهائياً، وأصدرت قوات الاحتلال طوابع لاستعمالها الخاصة عرفت بالطوابع الزرقاء، وفي عام 1919 طالبت الحركة اليهودية بعد مؤتمر الصلح في باريس بوضح فلسطين تحت الانتداب البريطاني التي سارعت في إصدار طوابع موشحة بكلمة فلسطين باللغات العربية (8 مليمترات) والانجليزية (14 مليمتر) والعبرية (15 مليمتر) على أن يتبع الاسم العبري الحرفان أ إ اختصارا لكلمتي أرض إسرائيل تطبيقاً رمزياً لوعد بلفور.

والحال لم يكن يختلف كثيرا بالبلدان العربية الأخري، فنجد على سبيل المثال صور لأمراء وملوك انجلترا على الطوابع القديمة لإمارة رأس الخيمة وعجمان والفجيرة، رغم أن تلك الإمارات عربية الأصل والتاريخ، وعندما احتلت القوات البريطانية الموصل عام 1918 تم توشيح الطوابع العثمانية بعبارة (البريد – البعثة الهندية) ثم ما لبثت القوات البريطانية من إصدار14 طابعاً ختمت بعبارة (العراق تحت الاحتلال البريطاني) وطبعت عليها القيمة بالآنة والروبية الهندية. وفي الكويت استخدمت الطوابع الهندية بعد عام 1915 والتي كانت تحمل صور الملك إدوارد السابع والملك جورج الخامس. وفي سوريا فقد عمدت القوات الفرنسية فور الاحتلال عام 1919 بإصدار مجموعة طوابع فرنسية مختوم عليها T.E.O ، اختصار للعبارة الفرنسية التي تعني (اراضي العدو المحتلة). أما الجزائر فقد خضع البريد فيه للادارة الفرنسية التي اصدرت طوابع بصور حيوانات وطيور تنبع من البيئة الفرنسية وختمت عليها كلمة الجزائر بوصفها جزء من الجمهورية الفرنسية، أما الطوابع الليبية فقد تم توشيحها بصور الزعماء النازيين هتلر وموسوليني، وأيضا نجد طوابع الصحراء الغربية التي تم ختمها باسم جمهورية أسبانيا وعليها صور الجنرال فرانكو، وهناك طوابع للقوات البريطاني في مصر...

كان هذا زمن الاحتلال القديم، أما الآن فاحتلال اليوم ليس كاحتلال الأمس، لا يعنيه الطابع وصورته، فالتاريخ قد زور والأحداث قد زيفت والبلدان قد غيبت... فهو احتلال من نوع جديد، نوع يضرب ويلاقي، نوع يدق على الهدف دون أن نشعر به أو بنتائجه، فقد يكون احتلالا ذا تأثير بالمحافل والمؤتمرات الدولية، وقد يكون بالتشجيع على اختيار القائمين على العملية البريدية ببعض البلدان النامية بطريقة أو أخري، وقد يكون بمساعدة فريق عمل بإدارة بريدية بحوافز مالية وأدبية تحت ستار المعونات الفنية والتقنية... احتلال يحقق أغراض ما عجز عنه الاستعمار القديم إينعت بذوره الآن كما أراد الجنرال ديجول !! ...
.
وللحديث بقية ...
Ashraf_mojahed63@yahoo.com

الثلاثاء، 22 سبتمبر 2009

البريد وسنينه !!..


يعتبر الكتاب التذكاري تاريخ البريد في مصر، الذي كتبه حضرتا إبراهيم جرجس أفندي رئيس قلم المحفوظـات وعمرعبد العزيز أمين أفندي الموظـف بالإدارة العامة بمناسبة انعقاد مؤتمر البريد العالمي العاشر بالقاهرة في فبراير 1934 من أبرز ما كتب في تاريخ البريد سواء على الصعيد الوطني أو الدولي، فهو يشير إلى تاريخ البريد من أول وثيقة جاء بها ذكر البريد حوالي عام 2000 ق.م حتى تاريخ انعقاد المؤتمر بالقاهرة عام 1934م، مروراً بدولة البطالمة والرومان، ثم عهود الخلافة الإسلامية المتعاقبة على مصر... أبرز ما يحتويه هذا الكتاب النادر الصور النادرة والمعلومات الموثقة والأرقام الدقيقة والرسومات البيانية الرائعة، كما لفت انتبائي ما ورد فيه من رفض الخديوي إسماعيل أن تتولي شركة أجنبية هذا الجانب الحيوي من مصالح مصر المحروسة، حيث أمر بشراء شركة البوستة الأوروبية بأي ثمن وقبل انقضاء عقد امتيازها بثماني سنوات، وتابعه في خطاه الملك فؤاد الأول، الذي أعلن في خطاب له بمناسبة افتتاح الدورة البرلمانية عام 1931م بأن الحكومة المصرية توصلت إلى إلغاء مكتبي البريد الفرنسي بالإسكندرية وبورسعيد وهما آخر المكاتب الأجنبية التي تعمل داخل القطر المصري كشهادة جديدة على نجاح مصلحة البريد في إداء دورها الوطني تحت إدارة أبنائها الوطنيين، التي عملت دائماً على الاحتفاظ بما لهذه المصلحة من السمعة الطيبة.
( والله ناس كانت بتفهم !!...)

نعمان أفندي أنطوان، من موظفي مصلحة البريد وصاحب كتاب الطائر الغريد في وصف البريد الصادر عام 1890م، أورد خطبة لأحد مديري مصلحة البريد المصري لمجموعة من الموظفين الجدد أوائل القرن الماضي، أعجبني منها فقرتين:
يقول في الفقرة الأولي: اعلموا أنكم لاتخدمون مصلحة، بل البلاد وأهلها، فان خدام البريد هم خدام الأمة الامناء المحافظون علي أمانتها، فمن يخدم البريد بأمانة لايعدم جوائزه، ولايخشي أنصرام حبل نواتله منه، لان البريد ليس من المصالح الوقتية بل من المصالح المؤسسة علي صخرة، فهو دائم مع دوام العالم، وأعلموا أن عيون العالم رقيبة علي أعمالكم وألسنتهم تنطق عليكم في كل آن بالرضا أو السخط بحسب ماتستحقون.
وفي الفقرة الثانية: افتخر بأن أقول لكم أني قبل أن أصل الي هذه الدرجة فقد تنقلت في أكثر وظائف البريد فكنت كعسكري بلغ درجة جنرال تدريجا ولم يكن لي معين علي ارتقائي بعد المولي الا اعتنائي وإتقاني العمل بالوظائف الحقيرة كالعظيمة، فلا توقفوا همكم عند حدود درجتكم بل افسحوا الامل للمعالي ولايعترينكم ملل في طلابها فأنه لابد لكل مرفق من التعب ولابد دون الشهد من أبر النحل، واعلموا أن ليس في طريقكم أقل عثرة تؤخركم عن نيل الآمال الحسنة فأنتم في عصر التمدن وأبناء بلاد الحرية وخدمة مصلحة أمينة حريصة علي العدل والمساواة.
(ولا تعليق !!..)

عشرات الأفلام والروايات التي لعب فيها ساعي البريد دوراً محورياً في تحريك صورته العامة، فنجد أفلاماً تناولته بطريقة هزلية أو احتفائية أو وظيفية أو كحيلة درامية، فنجده محورياً في فيلم لن أعترف للمخرج الراحل كمال الشيخ، وكذلك في فيلم قلبي على ولدي للمخرج جمال مدكور، ونري في فيلم الراجل ده هيجنني للمخرج عيسي كرامة ذلك الزوج الساذج عطية (فؤاد المهندس) الذي ينتظر زوجته أمينة (شويكار) ما يقرب من عشرين عاما بحجة أنها خرجت تشتري طابع بوسطة، كما أن مبني البوسطة في ميدان العتبة كان محوراً لأحداث كوميدية هزلية في فيلم العتبة الخضراء، بعدما أوهم النصاب (أحمد مظهر) الريفي البسيط (إسماعيل يس) لشراء العتبة بكل مبانيها ومن بينها مبني البوسطة، ناهيك عن العديد من الأفلام العربية والأجنبية الأخري التي تناولت ساعي البريد، كان أبرزها من الناحية الفنية والتقنية فيلم البوسطجي للراحل شكري سرحان عن قصة الكاتب الكبير يحيي حقي، وفيلم ساعي البريد الذي حصل على عدة جوائز أوسكار للممثل والمخرج كيفن كوستنر... أما أبرزها سخرية ما ورد في فيلم الفتوة للمخرج الراحل صلاح أبو سيف، حيث يظهر الصعيدي الساذج هريدي (فريد شوقي) الذي لا يجيد التعامل مع صندوق توفير البريد فيضع مدخراته اليومية من نقود باسقاطها في صندوق إرسال الخطابات، ويظهره وهو يحاول بعد عدة أيام فتح الصندوق لأخذ مدخراته التي بالطبع ضاعت عليه !!...
(ولا عزاء للصعايدة !! ..)

على مر العصور نجد أن العاملين بالبريد لهم خصوصية وأصول مرعية يتقلدونها، ولتميزهم بنوع جامع بين اللياقة والمهابة، فكانت علامة البريد عند الرومان قطعة من البرونز بقدر الريال منقوش عليها أسم بوستة، وهو ما صار عليه البريد الفرنسي في عهد لويس الحادي عشر، فكانوا يلبسون ملابس خاصة كتب عليها بأحرف مزركشة بالقصب، إلى أن جاء نابليون بونابرت فأمر أن يتقلد رجال البريد نوعاً من السلاح الأبيض اللطيف كنوع من الوجاهة، وظلت تلك الأصول والعلامات بأشكال وأنواع مختلفة كالعلامات النحاسية المنقوش عليها أسم البريد أو أزرار السترة الظاهرة التي نقش عليها وغيرها... تقاليد وأعراف مفيدة اندثرت وضاعت حتى أصبحنا نحلم اليوم بأن يضع موظف البريد ولو بطاقة رسمية على صدره تمكنه من إداء عمله ويتعارف بها سواء داخل مبني البريد أو خارجه !!...

هل تتصور أن تقوم الدولة ببيع تاريخها في مزاد علني ؟!!..
نعم .. والقصة في الآتي :
بتاريخ 21 ديسمبر 1865م صدرت أول موافقة لوزارة المالية المصرية باصدار طوابع البريد احتكارا للحكومة المصرية، وكان من الطبيعي أن يشرف علي تصميم وطباعة تلك الطوابع المبكرة نفر ممن عادوا من بعثة الأبناء التي أرسلها محمد علي الكبير إلي فرنسا في يوليو 1826م والمكونة من أربعين طالبا لدراسة الصناعات والفنون، ومن بينها الرسم والحفر والطباعة والتي أشرف عليها المسيو جومار، والذين عادوا إلى مصر في عام 1830م، أو جيل من تلاميذهم، وربما تمت الطباعة في ذلك الوقت في المطابع الاميرية، أو في مطابع مصلحة المساحة، أو ربما طبعت في انجلترا كما كانت العملات الورقية تطبع هناك والتي بدأ اصدارها في مصر عام 1898م مع أنشاء البنك الاهلي المصري وحصوله علي امتياز إصدار النقد في البلاد لمدة خمسين عاما.
.
وكان طابع البريد المصري قد صدر بالتزامن مع العملة الورقية وبنفس الدقة في السمات والألوان، بحيث أنه إذا نظر إلي طابع البريد تحت عدسة مكبرة سيري بوضوح سمات مشتركة بينهما، حيث كان الحرص علي زيادة التعقيد في تفاصيل التصميمات وعدد الألوان ودقة الطباعة، لتجنب محاولات التزييف في طباعته، غير أن الطوابع عرفت صور الملوك في مصر قبل العملات الورقية، فأول عملة ورقية طبع عليها صورة ملك، كانت في عهد الملك فاروق الاول عام 1941م ، وفي عام 1952م ومع قيام ثورة يوليو تم رفع صورة الملك من العملة الورقية وحلت محلها صورة قناع الملك الفرعوني توت عنخ آمون، وتابعها رفع صور الإسرة المالكة من كافة إصدارات الطوابع البريدية.
.
وعندما لجأت الثورة إلي بيع ممتلكات الأسرة المالكة في مزاد كان الإعلان يتضمن المجموعة النادرة لطوابع البريد من المجموعة الملكية التي كان الملك فاروق حريصا علي جمعها بشغف كبير وقد أقيم لها مزاد خاص في 12 فبراير 1954م الموافق عيد ميلاد الملك المخلوع، وقد عقد المزاد بقصر القبة وتمت الدعوة له عالميا، كانت المجموعة من أندر المجموعات في العالم، وقد أوكل إلي نائب رئيس جمعية هواة الطوابع المصرية أمر الاشراف علي الجرد مع خبراء مصريين وأجانب، واقتضت المهمة خمسة شهور من العمل المتواصل، ويورد الدكتور ماجد فرج معلومات قيمة عن هذا المزاد في عدد يناير 2001م من مجلته المرموقة مصر المحروسة) الجزء الرابع ص76،82) ، حيث أورد أن الملك فاروق كان حريصا علي اقتناء التصميمات الأصلية لطوابع البريد وعدد من نسخ التجارب وبروفات الطباعة منذ عام 1925م، كما أن المجموعة تضم سجاجيد صغيرة نسجت علي شكل طوابع بريد مصرية.
.
أن ضياع هذا الكنز الكبير من مجموعة طوابع البريد الملكية خسارة كبيرة يفوقها خسارة تلك التصميمات الأصلية التي وضعها الفنانون لجميع الطوابع التي طبعت بمصر لمدة سبعة وعشرين سنة، ومعها بروفات الطباعة، اذ أن تلك المقتنيات تمثل مصدرا نادرا لتاريخ فنون التصميم والطباعة في مصر كان الأجدر أن يحتفظ بها في متحف خصوصي له أبعاده الثقافية والفنية والتعليمية لانظير له في البلاد. (نقلاً عن مجلة أخبار الأدب العدد 531 بتاريخ 14 سبتمبر 2003 م).
.
وللحديث بقية ...
Ashraf_mojahed63@yahoo.com

الأربعاء، 1 يوليو 2009

التوجه للبحرين ... حكاية قصيرة !!..


أخي شـاعر موهـوب له العـديد من القصـائد الشـعرية، نشر بعضها بديــوان صـغير تحت عـنوان "التوجـه للبحـر" ضمن سلسلة إبداعات التي تصدرها الهيئة العامة لقصور الثقافة ، دائماً ما أتصفحه متأملا ما بداخله من قصائد شعرية، أرتبط ببعضها بذكريات وجدانية، بيد أنني عندما تصفحته بتلك المرة وقفت طويلاً عند قصيدته الأخيرة بعنوان "سفر" ربما لأنني كنت أستعد للسفر، وسافرت بالفعل منذ أيام قليلة أنا وعائلتي للعمل بدولة البحرين بعد فترة عصيبة أمضيتها بالعمل بالبريد المصري ...
.
يقول في تلك القصيدة بمقطعها الأول ...
كانفلات البخار الذي عذبته الزجاجة
كان ارتحالي
صفير القطار التوي في الأذن
لم يعرف غير عزف المصير الممل
ففيم البقاء إذن ؟
****
وبمقطعها الأخير ...
البخار الذي عذبته الزجاجة قد صار حراً ...
يرحل عن ساحة العقل دوامة الذكريات
ينهار قلبي شرائح
لكنني يا أيها الوجه أيقنت أني بخار القطار الرمادي
أيقنت أني إلى بقعة الوهم نازح
فماذا تخبؤه لي من نبؤات يا أيها الوجه
إني تعلمت ألا أصارح
****
ويبدو أنني وأخي نتشابه في كثير من الوجوه على اختلاف ملامح الوجه والتوجه ، فهو شاعر يعيش بشعره ومن أجله ، يدافع عن لغتنا الجميلة دفاع المؤمنين ، يحلم ، يتألم ، يناجي ، يكتب ، يجول بشعره في الندوات والصالونات والاحتفالات ، يعيش حياة الشعراء، بخيالاته الواسعة ، وبكتبه المتناثرة ، وأوقاته المتقلبة ، فلا يكاد يفرق بين الليل والنهار، دائماً ما تراه حاضناً قلمه كالفارس الذي يحمل سلاحه... أما أنا فلم أستطع إلا عيش الحالمين بأفكار مدينتا الفاضلة ، أحاول القراءة والكتابة ، ولكني أتوقف ، أحاول من جديد وأستعيد نفسي ثم أتوقف وأحاول ...

وللتناغم معه والتناجي بأنفاس الحالمين المتألمين ، سوف أروي لكم حكاية قصيرة ، حكاية حقيقية نراها كل يوم في حياتنا ، تزداد وتتسع وتنتشر وتكاد تخنق من حولنا الهواء ، حكاية جعلت سفري لدولة البحرين كالبخار المنفلت الذي عذبته الزجاجة ...
.
فهي حكاية عشرات بل مئات ممن يعملون بالهيئات والجهات الحكومية ، حكاية رجل شارف على الخمسين من عمره ، يعمل منذ تخرجه من الجامعة بإحدي الجهات الحكومية، يعيش هو وأسرته على ما يتقاضاه من راتب وبدلات قليلة ، يتابع الصحف اليومية بشغف ليعرف نسبة العلاوة الاجتماعية المقررة سنوياً حتى يطمئن، يتابع أسعار السلع الأساسية، يشغل باقي يومه في شراء متطلبات أسرته واحتياجات أبنائه، لا يحلم بما لا يمكله يده، أحياناً تصادفه بعض الأزمات المالية ولكنها تمر بفضل الله تعالي ثم بفضل زوجته وحسن تدبير شئون المنزل، يعمل باجتهاد وجد وتفاني في العمل، يفكر دائماً في تحسين وانجاز عمله بصـورة أفضل ، فهو يعتقد أن هذا الاجتهاد والتفاني وسيلته للترقي والتقدم، إلا أنه دائماً لا يحصل على حقوقه، دائماً ما تختطف مجهوداته وانجازاته، يري الإسراف والأهمال والتسيب، يري الأثرة لبعض العاملين المقربين المدللين، يري العجب في التوظيف والترقي والمنح والحـوافز والبدلات، يري وعليه أن يصمت... ويصمت حتى عجز لسانه عن الحركة ، فهو قابع بين المطرقة والسندان، بين الاحتياج لراتبه البسيط ليواصل معيشته ومعيشة أسرته وبين عجزه وصمته الذي يمزق جنبات صدره...

هذه حكاية حقيقية واقعية لرجل أعرفه ، رجل صامد وصامت وصابر ...
فهو لم يستطع التوجه إلى البحر كأخي الشاعر...
ولم يستطع مثلي التوجه للبحرين ...
لم يستطع إلا أن يتوجه إلى الله راجياً أن يرفع عنه ظلم العباد ...
.
وللحديث بقية أن شاء الله ...
Ashraf_mojahed63@yahoo.com

السبت، 21 فبراير 2009

أدب الرسائل البريدية ..


<ن والقلم وما يسطرون> ، <اقرأ وربك الأكرم، الذي علم بالقلم> آيتان من كتاب الله الأولي صدر سورة القلم والثانية من سورة العلق تشيران إلى أهمية القلم والكتابة، فيروي عن رسول الله صلي الله عليه وسلم أنه قال: إن أول ما خلق الله خلق القلم، فقال له: أكتب، قال: يا رب وما أكتب ؟ قال: أكتب القدر فجري القلم في تلك الساعة بما كان وما هو كائن إلى الأبد... فالله أقسم بالقلم لإيضاح ما أنعم به على خلقه من فضل ، وعلمه الكتابة التي لولاها ما دونت العلوم ولا عرف أخبار الأولين ومقالاتهم ولا حفظ إنتاج الإنسان الفكري ولا ميراثه الثقافي والعلمي من الاندثار .
.
فالكتابة وقف من الله تعالي، علمها آدم عليه السلام ومنحها للإنسان، فعرفها الإنسان وتعلمها واهتدي بها كلغة يتعايش بها مع غيره من بني البشر... فقبل 5000 عام قبل الميلاد ابتدع الإنسان في بلاد الرافدين الكتابة على الألواح الطينية والحجرية بما عرف باللغة المسمارية، حيث استخدمها السومريون للتعبير بها عن لغاتهم السومرية القديمة، وكانت ملائمة ومتوافقة لكتابة اللغة الاكادية والأشورية التي كان يستعملها البابليون والآشوريون، وظهرت كذلك اللغة الهيروغليفية لأول مرة في مصر القديمة مستخدمة الرموز والصور المستوحاه من الطبيعة ككتابة متداولة على المقابر والتماثيل والألواح الحجرية... ثم ما لبث أن ظهرت الأبجديات المكتوبة ببعض الحضارات القديمة كالأبجدية الفينيقية والأبجدية الإبيلاوية ببلاد الشام.
.
أما العرب فلم يعرفوا الكتابة إلا حين كان لهم اتصال بالمدنية، وذلك نتيجة هجرتهم من قلب الجزيرة العربية إلى إطرافها المتحضرة، وفي هذه البقاع خرج العرب عن طبيعتهم البدوية وسلكوا سبل الحضر في العيش ومظاهر العمران، حيث نشأت الكتابة أول ما نشأت بمدينة البتراء عاصمة مملكة النبط، حيث ابتدعوها بأنفسهم اشتقاقاً من الكتابة الآرامية أو النبطية، والتي كانت تتألف من 22 حرفاً هجائياً صامتاً، والتي سرعان ما تعلمها الأعراب النازحون من أقصي شمال الجزيرة حتى حضرموت اليمن... ثم مرت هذه الكتابة بمراحل عديدة حتى تحولت من صورتها النمطية الخالصة إلى صورتها المعروفة الآن، وذلك بإدخال ستة أحرف عرفت بحروف الروافد وهي ث خ ن ض ظ غ، فصارت أبجديتهم 28 حرفاً زادت من إثراء اللغة العربية بقيمتها الشكلية والصوتية، ثم ما لبثت أن تم ترتيب الحروف الأبجدية على النحو المعروف، وذلك بجمع الحروف المتشابهة في الرسم مع بعضها، على يد نصر بن عاصم الليثي المتوفى عام 89 هجرية، ويحيي بن يعمر الوسقي العدواني المتوفى عام 129 هجرية.
.
وظلت الكتابة العربية على حالة من البداوة الشديدة ولم يكن لدي العرب من أسباب الاستقرار ما يدعو إلى الابتكار والتجديد إلا عندما أصبحت لهم دولة فيها مراكز ثقافية تنافس بعضها البعض على نحو ما حدث بالكوفة والبصرة والشام ومصر، حيث فرغ العرب بعد أن فتح الله عليهم البلاد أثناء العصر الأموي للابتكار والإبداع، فظهرت الكتابات على الآنية والتحف وأعتني بكتابة المصاحف، ثم ما لبث أن ترسخت الكتابة في العصر العباسي وازدهرت الكتابات وتنوعت أشكالها ومقاصدها، وظهرت الأدبيات من شعر ونثر وقصص وغيرها من ألوان الأدب العربي .
.
وأدب الرسائل شكل رافداً مهماً في تراثنا الأدبي، ويعد من أقدم الأنواع الأدبية النثرية وأعرقها عند الأمم القديمة والحديثة على السواء، ولعب بما احتوي من أفكار ورؤى ومشاعر وجدانية دوراً مؤثراً في الكشف عن جوانب مهمشة وخفية في تراثنا العربي، كما عرفه الأدب العربي لوناً فنياً بديعاً يتضمن خواطر وأفكار، فالرسالة الأدبية تتوج بأدوات فنية لفظياً وإيقاعياً وصورياً تشد الانتباه وتوجه العقل وتحرك المشاعر... أن أدب الرسائل له نكهة خاصة متميزة يبوح فيها المرء عن مكنونات القلب بعفوية وبساطة، دون تحفظ أو مواربة .
.
ويجب أن نذكر أن تلك الرسائل صنفت على أشكال ثلاثة، فالأول: عرف بالرسائل الديوانية التي تتم بين مختلف دوائر الدولة أو بين الدول المختلفة، وأشهرها رسائل الرسول صلي الله عليه وسلم إلى ملوك زمانه التي دعاهم فيها إلى الإسلام، حيث كانت رسائل صريحة وموجزة خالية من فضول الكلام، والثاني: الرسائل الأخوانية، والتي يكتبها الأدباء والمحبين والعشاق وأشهرها رسائل بديع الزمان الهمذاني بمقاماته المعروفة، ورسائل العشاق لابن حزم الأندلسي في طوق الحمامة، والثالثة الرسائل العلمية والفكرية كالرسالة التدميرية لأبن تيمية.
.
والآن لماذا أختفي أدب الرسائل من حياتنا الأدبية ؟!.. لماذا أصبحت الرسائل الأدبية البريدية مهمشة ؟!.. الإجابة الظاهرة ترجع هذا الانحسار إلى التطور في سرعة الاتصال، فقد حل الهاتف والفاكس والكمبيوتر والانترنت محل الرسائل البريدية بأسلوبها القديم، وأضحي من السهل تبادل الكلمات والرسائل القصيرة دون عناء أو مشقة، أما باطنها فهو ضعف اللغة العربيـة والكتـابة بوجـه عـام، والوتيرة السريعة لحيـاتنا اليومـية التي تخطـف الرؤية والتأمـل، فلم يعـد يتـاح للمرء أن يجلس ويكتب كمـا كان يفعـل القدمـاء، كمـا أن واقعنـا الثقافـي والأدبي أصبح أكثراً ركـوداً من اقتصـادنا وسط ما يحيط المبدعين والكتـاب من ضغـوط وضروريات الحياة.
.
فالتقدم التكنولوجي بات نقمة، فقدنا معه الشعور بالعواطف وما يجيش به الصدر من كلمات بين السطور ومشاعر فياضة تدمع لها العين فرحاً وحزناً ... فالرسائل البريدية التي كانت طريقة للتواصل مع الأهل والأصدقاء، وذات رونق خاص في التعبير عن المحبة والاشتياق بما فيها من خطوط ورسم للحروف والكلمات، يتعايش معها القارئ بتواصل وجداني وأدبي مع مرسلها، وربما يعود لقراءتها مرات ومرات لتؤنس وحدته وتخفف عنه عزائه وحنينه، أصبحت الآن كشيء مضي، نحدث عنه أبنائنا وأحفادنا الذين سيسألون بدهشة واستغراب عن ماهية الرسائل البريدية !!..
.
وللحديث بقية ...
ashraf_mojahed63@yahoo.com

رسائل بريدية إلى الله !!..


صـدق أو لا تصـدق !!… عندما قرأت وسمعت هذا الخبر، ظننت على الفور أنها نكتة من نكت هذا الزمان، ولم أهتم به كثيراً إلا بعد تصفح بعض المواقع الإلكترونية، خاصة موقع التلفزيون الإسرائيلي وصحيفة هاأرتس الإسرائيلية، والتأكد من صحته، حيث تبين بالفعل أن إدارة البريد الإسرائيلي تتلقي آلاف البعائث البريدية المرسلة إلى الله من داخل المجتمع الإسرائيلي وخارجه، وتقوم بتحويل تلك الرسائل بحشرها داخل حجارة الحائط الغربي للمسجد الأقصي والمعروف بحائط البراق، والذي يسميه اليهود الحائط المبكي… وتلك المهمة يقوم بها حاخام الحائط الغربي شموئيل رابينوفيتش بنفسه استجابة لطلبات مرسلي تلك البعائث ظناً منهم أن رسائلهم وما تحمله من طلبات وأمنيات سيقرأها الله بعد حشرها دخل هذا المكان !!..
.
وأضافت صحيفة هاأرتس نقلا عن الناطق بلسان سلطة البريد الإسرائيلي، إسحاق راف، قوله تصل إلينا رسائل من اليهود في جميع أنحاء العالم موجهه إلى الرب، معظمها من الشباب وتلاميذ المدارس، حيث يتم فصل الرسائل المعنونة إلى الرب في كومة خاصة، وتركز غالبية تلك الرسائل على طلبات من اليهود للرب بحل مشكلاتهم، كطلب الشفاء من الأمراض، أو إرسال الأموال، أو التوفيق بين المحبين، ثم يأتي طلب المغفرة للذنوب في المرتبة الأخيرة، ونقـوم بختمها بخـاتم البريد، ومن ثم نضعها بين أحجـار الحـائط الغربي، وتشير إحصائيات من داخل البريد الإسرائيلي بارتفاع معدل تلك الخطابات خلال مايعرف برأس السنة العبرية يوم كيبور(عيد الغفران)، إذ وصلت في اليوم الواحد لنحو أكثر من ألف رسالة موجهة إلى الرب…وأعلن أحد الحاخامات اليهود أنه أصبح بالإمكان الآن إرسال الرسائل إلى الرب مباشرة عبر البريد الالكتروني حيث يتم طبع تلك الرسائل ثم حشرها في شقوق الجدار ليستجيب الرب لمطالب رعاياه !!..
.
وقصة هذا الحائط غير معروفة على وجه الدقة تاريخياً، حيث تعود أحجاره إلى عصور مختلفة، فالأحجار المنحوتة التي في أسفله تعود إلى زمن هيرودوس، تعلوها أحجار غير منحوتة تعود إلى العصر الروماني، أما الطبقات العلوية من الحجارة فبنيت منذ نحو خمسمائة سنة فقط ، حسب رأي أغلبية علماء الآثار… ويتنازع علي أحقيته كل من المسلمين واليهود، فيسميه المسلمون حائط البراق تيمناً إلى قيام الرسول محمد صلي الله عليه وسلم بربط براقه في حلقة صغيرة بتجويف بالحائط وذلك أثناء رحلة الإسراء من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ويعد جزء من الحرم القدسي الشريف، بينما يسميه اليهود الحائط المبكي، ويزعم غالبية حاخامات اليهود أن هذا الحائط هو الأثر الأخير الباقي بعد خراب هيكل سليمان، ومحظور على اليهود الدخول إلى الحرم القدسي منذ خراب الهيكل، وأنه أقرب نقطة من الهيكل يمكن لليهود الصلاة فيها حسب الشريعة اليهودية، ويسمونه الحائط المبكي نسبة إلى طقوس يؤديها اليهود قبالة الحائط حدادا على خراب هيكل سليمان… ثم بفضل الدعاية اليهودية أصبح مصلي يهودياً مشهوراً في بداية القرن السادس عشر يحج إليه اليهود من إنحاء العالم، ثم ازدادت أهميته بعد قيام الدولة العبرية منذ عام 1948.
.
أما تاريخ هذا النزاع فيرجع إلى زمن الفتح الإسلامي لبيت المقدس، حيث حول عمر بن الخطاب رضي الله عنه إدارة الحرم القدسي بما فيها حائط البراق للمسلمين، وظلت كذلك حتى في فترات الاحتلال الصليبي لبيت المقدس، إلى أن سمح أمراء الدولة العثمانية لليهود المقدسين فقط من أداء بعض الطقوس الدينية أمام الحائط ، ولكنها حظرت عليهم وضع أية مقاعد أو ستائر تجعل من المكان مصلي دائماً لليهود… ومن خلال محاولات عديدة لشراء الحائط وجعله ملكاً لليهود، أو بالتأثير السياسي لوعد بلفور الذي يعد بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، واستغلال الحالة الراهنة بعد الحرب العالمية الأولي بوضع فلسطين تحت الانتداب البريطاني، أستغل اليهود ما أسموه الحائط المبكي في الترويج والدعاية لجذب أكبر عدد ممكن من المهاجرين اليهود إلى فلسطين، لربطهم بأثر مقدس لهم يجمعهم فوق أرض الميعاد، شرع اليهود في اغتصاب بعض الحقوق كوضع مقاعد ومصابيح وحصر وستائر للفصل بين الرجال والنساء والسعي للاحتفال والتجمهر أما الحائط يوم السبت وغيرها… حتى انتفض المسلمون بما عرف بانتفاضة البراق عام 1929 محتجين علي تراخي سلطة الانتداب البريطاني أمام الاغتصاب اليهودي لجزء من الحرم القدسي الشريف.
.
وفي هذا الجو المتوتر بين المسلمين واليهود صدرت قرارات المؤتمر السادس عشر لليهود الذي عقد في مدينة زيورخ السويسرية أغسطس 1929 والتي كان أهم مطالبها فتح أبواب فلسطين على مصراعيها للهجرة اليهودية وبذل كل الجهود من خلال لجنة الدفاع عن الحائط المبكي بنداء لإثارة كافة يهود العالم لإعادة الحائط المبكي لليهود… وإزاء تلك المساعي اليهودية للاستيلاء على حائط البراق وإثارة حفيظة المسلمين والعرب يومياً بإساءة استعمال الحقوق التي تسامح المسلمون معهم في شأن أداء عباداتهم، زادت الاضطرابات وبلغت ذروتها عام 1929 حيث اضطرت سلطة الانتداب البريطاني آنذاك بالتدخل لوضع حد لتلك المشاكل، فطلبت من عصبة الأمم الموافقة على تشكيل لجنة دولية للنظر في حق ملكية الحائط بين العرب واليهود، وفي أول ديسمبر عام 1930 أعلنت اللجنة قرراها ورفعته لعصبة الأمم وسلطة الانتداب بأحقية المسلمين في ملكية الحائط الغربي، ولهم وحدهم الحق العيني فيه لأنه جزء لا يتجزأ من ساحة الحرم القدسي الشريف والتي هي من أملاك الوقف الإسلامي، وإن أدوات العبادة وغيرها من الأدوات التي يحق لليهود وضعها بالقرب من الحائط يتم بالاتفاق بين الطرفين ولا يجوز بأي حال أن يكون من شأنها أي حق عيني لليهود في الحائط أو في الرصيف المجاور له المعروفة بحلة المغاربة… ويعتبر هذا التقرير أول وثيقة دولية تثبت حق المسلمين وحدهم في ملكية حائط البراق.
.
وبالرغم من تلك الحقائق من كون حائط البراق المسمى زوراً بحائط المبكى ليس مكانا يهوديا مقدسا، وذلك بكافة المعطيات التاريخية ونتائج التنقيبات عن الآثار، فالموسوعة اليهودية ذاتها تقول أن اليهود لم يصلوا أمام هذا الحائط إلا في عهد الدولة العثمانية، ولا يوجد أي سند علمي بوجود حائط المبكي أو هيكل سليمان، فان الدولة العبرية ظلت تنادي بوجود الهيكل، وزعمت أنه أن لم يكون الحائط الغربي هو الهيكل فمن المؤكد أنه مدفون تحته، أو ربما تحت جزء أخر من المسجد الأقصى.
.
ومنذ احتلال القدس عام 1967 سيطر اليهود على المسجد الأقصى بجميع مداخله وحوائطه، وقام بالتهجير القصرى للسكان المقدسين مسلمين ومسيحيين دون مراعاة لأي حقوق دولية تفرضها المعاهدات والمواثيق الدولية، وبحنكة العقلية اليهودية في نهج الاغتصاب والاستيلاء على ملكية الغير، ومنها حائط البراق، واستغلال حتى الخدمات البريدية للترويج لهذا الحائط ونشر أكاذيب وحكايات عما يقدمه من معجزات الشفاء والتقرب بين المحبين واستجابة الرب لمرسلي تلك الرسائل عند حشرها داخل جدران الحائط، فالرسائل البريدية ترد بالآلف، وبتشجيع ومجاوبة من الإدارة البريدية الإسرائيلية بحسن تأدية الخدمة على الوجه الأكمل، حتى لو كانت رسائل إلكترونية حيث يتم طباعتها وحشرها بالجدار، كل هذا يصب في مصالح الدولة العبرية، ويصب في صالح العقيدة اليهودية الفاسدة لاغتصاب أراضي الغير وصبغها بالصبغة اليهودية الخالصة …
.
أما نحن العرب فنقف عاجزين حتى عن إصدار طابع بريدي موحد لشعبنا الفلسطيني، عاجزين عن إصدار طابع بريدي يسجل تاريخ مسجدنا الأقصى الأسير ومداخله وحوائطه المنتهكة، طابع يعيد ذكري أمجاد عمر بن الخطاب الفاتح الأول لبيت المقدس وصلاح الدين الإيوبي محرره من أيدي الصليبيين…
.
وللحديث بقية ..
ashraf_mojahed63@yahoo.com

البريد الذكي GPS ..



مصطلحات كثيرة ظهـرت في عالمـنا البريــدي، اقتباســاً من ابتكــارات تكنولــوجية ظهــرت حـديثــاً، فالقنـابل الذكيـة، علي سبــيل المثـــال تعتـمد على نظـــام يعـرف بالنظـام العالـمي لتحـديــد إحداثـيـــات المواقــع The Global Positioning System والتي ظهرت على استحياء أواخر الحرب الأمريكية على فيتنام، ثم انتشرت في بادي الأمر كمشروع عسكري أمريكي ضمن ما يعرف بمبادرة الدفاع الاستراتيجي أبان عهد الرئيس الأمريكي رونالد ريجان، وذاع صيتها أثناء الحرب الأمريكية على ما يسمونه بالإرهاب في كل من أفغانستان والعراق، فالجيش الأمريكي أستعمل تلك القنابل بشكل كبير ومكثف في قصف المدن والقرى الأفغانية والعراقية للتمييز بين المدنيين والعسكريين، على حد زعمهم، فهي قنابل ذكية!!… ثم ما لبثت أن انتشرت في العديد من التطبيقات ذات الطبيعة المدنية.
.
هذه التقنية الحديثة والتي يتم من خلالها تحديد الأهداف على سطح الكرة الأرضية بتحديد إحداثيات خطوط الطول والعرض بواسطة الأقمار الصناعية، وذلك عبر التكامل بين وحدات الإرسال والاستقبال بهذه الأقمار ومثيلاتها على الأرض وبمعاونة الخرائط الإلكترونية التي يتم تغذية وحدات الأقمار الصناعية بها خلال المرسل الأرضي … نجدها قد شاع استخدامها مدنياً، فمدينة شيكاغو الأمريكية تستخدمها لضبط شبكة مواصلاتها الداخلية في تعقب الحافلات للتأكد من سيرها وفق المواعيد المحددة، وكذلك تستخدمها شرطة المدينة لمتابعة الدوريات الأمنية، كما أن شركة كاديلاك الشهيرة بصناعة السيارات بدأت في دمج تقنية GPS لإنتاج سيارة ذكية تقلل بصورة كبيرة من حوادث الطرق من خلال إطلاع السائق مسبقاً بالطريق الأقل ازدحاما والأيسر في وصوله لهدفه النهائي، وتبعتها في ذلك شركات عملاقة كشركة نيسان اليابانية وشركة بيونج لصناعة الطائرت.
.
والبريد كذلك أصبح الآن ذكياً بفضل هذه التقنية الحديثة، فضمن مشروع ضخم سوف يبدأ تنفيذه في الولايات المتحدة الأمريكية مطلع العام القادم 2009 سيتمتع المواطن الأمريكي بمزايا بريدية في فرز واستلام البريد عبر شرائح إلكترونية موحدة قياسياً تثبت بالصناديق البريدية والتي سيكون من السهل بواسطة هذه التقنية تحديد مواقعها إلكترونياً… كما أن البريد السعودي قد بدأ بالفعل خطوات متعاقبة في هذا المجال بطرحه برنامج المحدد السعودي للمعلومات الجغرافية الذي يعتمد بالأساس على تكنولوجيا GPS إلى جانب تكنولوجيا CM الذي يمكن المستخدم من الوصول إلى المكان المستهدف بمجرد البحث وتحديد مكانه بالضبط من خلال الشريحة المثبتة على جهازه المحمول أو على الكمبيوتر الشخصي.
.
وهنــاك تقنــية أخــري تطـــورت بريديــاً بشـكل كبـير خــلال السنـوات القليلة الماضــية وتستـخـدمها العــديـد من البلــدان مثـل: أسبــانـيا وألمــانيــا والبـرازيــل، وتجـربهـا حـاليــاً بنجاح دول الخلـيج العربي وهي التعــرف بواســطة التـــرددات الراديــــوية Radio Frequency Identification Device وتتم بوضع رقائق إلكترونية صغيرة تحل محل طابع البريد، تحتوي على عنوان الراسل والمرسل إليه وأية معلومات إضافية كالوزن ونوع الإرسال (مستعجل أو جوي)… ويتولى جهاز الكمبيوتر قراءة تلك المعلومات بواسطة التعرف على الهوية لاسلكياً بموجات الراديو، وتوزيع الرسائل والطرود على خطوط إلكترونية متحركة تقود إلى محل تجميع الرسائل الموجهة إلى المرسل إليه، وهذا يعني أن البريد لن يحتاج إلى موظفين لفرزه، ولن تكون هناك حاجة إلى تجميعه في مخازن كبيرة، بل ويمكن قيادته إلكترونيا إلى السيارة أو القطار أو الطائرة التي ستحمله.
.
وليس هناك أدني شك في أن أستخدام تلك التقنيات الحديثة سوف يتنامي ويجتاح عالمنا البريدي، ويحدث ثورة تكنولوجيا به خلال السنوات القليلة القادمة، ولا عزاء للأغبياء !!..
.
وللحديث بقية …
ashraf_mojahed63@yahoo.com

الجمعة، 20 فبراير 2009

البريديـــات ...


منذ القدم وعلى مر العصور سمعنا عن ساعي البريد، ولم نسمع عن ساعيات للبريد، شاهدنا البوسطجي، ولم نشاهد البوسطجية… فمهنة القيام بالمهام البريدية انتسبت دائماً بالرجال دون النساء، على الرغم من أن التاريخ يذكر لنا قيامها بهذه المهمة قديماً وحديثا …فتحكي لنا كتب السنة والتفاسير واقعة شهيرة قامت بها امرأة استعملها الصحابي حاطب ابن أبي بلتعة في القيام بمهمة توصيل رسالة إلى بعض أقاربه من قريش يخبرهم فيه بعزم وموعد قيام النبي صلي الله عليه وسلم بفتح مكة… ورغم انتفاء الصبغة الوظيفية لتلك المهمة، إلا أنها تعد السابقة الأولي لقيام امرأة بالعمل كبريدية…
.
والقصة سردت بمعظم كتب السنة والتفاسير عند شرح بداية سورة الممتحنة، حيث كانت سبباً لنزول السورة، وذلك أن حاطباً هذا كان رجلاً من المهاجرين وكان ممن شهد غزوة بدر، وكان له بمكة أولاد ومال ولم يكن من قريش أنفسهم، بل كان حليفاً لعثمان، فلما عزم الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم فتح مكة لما نقضت قريش عهدها معه، فأمر النبي المسلمين بالتجهيز لهذا الفتح وقال: اللهم عم عليهم خبرنا… فعمد حاطب فكتب كتاباً وبعثه مع امرأة من قريش إلى أهل مكة يعلمهم فيه بما عزم عليه الرسول الكريم ليتخذ بذلك عندهم يداً يساعده على حفظ ماله وولده بمكة… فأطلع الله تعالي رسوله الكريم صلي الله عليه وسلم استجابة لدعائه، فبعث رجالاً في أثر المرأة التي أعطاها حاطب الرسالة، فأخذت الرسالة منها، وعلم النبي صلي الله عليه وسلم بأمر حاطب فقال: يَا حَاطِب مَا هَذَا ؟ قَالَ لا تعجل علي إني كنت إمراً ملصقاًَ في قريش ولم أكن من أنفسهم وكان من معك من المهاجرين لهم قربات يحمون أهليهم بمكة فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب فيهم أن أتخذ فيهم يداً يحمون بِهَا قرابتي وما فعلت ذلك كفراً ولا ارتداداً عن ديني ولا رضا بالكفر بعد الإسلام فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم إنه صدقكم، فقال عمر دعني أضرب عنق هذا المنافق، فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم إِنَّهُ قد شهد بدراً ما يدريك لعل الله أطلع إلى أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم، فأنزل الله السورة (يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الحق) http://quran.muslim-web.com/sura.htm?aya=060 .
.
أما حديثاً فالبريديات ذاع صيتهن وظهرن كموزعات للبريد بإدارات بريدية رائدة مثل البريد الألماني والبريد الفرنسي، وحتى بالبلدان الأفريقية ظهرن مؤخراً يحملن الحقائب البريدية والقيام بتلك المهمة الشاقة، ففي جيبوتي كما نشرت مجلة البريد الصادرة عن الاتحاد البريدي العالمي بعددها يونيه 2007 أنه تم تعيين ثلاث موزعات للبريد كجزء من وحدة جديدة للتوزيع بمحل الإقامة للبريد الموجه إلى كبار العملاء مثل الوزارات والسفارات والمنظمات الدولية، حيث يقمن بالانتقال بواسطة الدراجات النارية.
.
كما شاهدنا بعض الرائدات في العمل البريدي يقمن بأعمال نقابية جليلة بالدفاع عن حقوق البريدين والبريديات على السواء، كالسيدة/ نجية عبد الغفار بإدارة بريد البحرين والسيدة/ عتيقة سمراح بإدارة بريد المغرب، حيث اعتصمت الأخيرة أكثر من مرة احتجاجاً على خصخصة البريد المغربي… وفي البريد السعودي لابد أن نذكر مجهودات السيدة/ مرفت الكيالي رئيسة القسم النسائي بإدرة بريد جدة وريـادتها للتجربة الفريدة التي يقوم بها البريد السعودي منذ عام 1989 وذلك بافتتـاح العديـد من المكاتب البريدية المخصـصة للخدمة البريدية النسائية، والاستعانة بالعديد من الجامعيـات في أعمال الفـرز ومختلف الوظـائف البريدية بتلك المكاتب.
.
أما إدارة بريد مصر فلا يسعني إلا أن أشهد وأذكر بكل خير ثلاث رائدات قدمن للبريد المصري العديد من الخدمات الجليلة وتقدمن بالعمل البريدي في تخصصاته المختلفة إلى مستويات عالية من الكفاءة والرقي، وشغلن مناصب عليا… وهن السيدة/ سوزان خليل، رئيس قطاع التخطيط والتنظيم والسيدة/ نازك عبد الحليم، مدير عام الخدمات المركزية والسيدة/ وفاء حسين، مدير عام العلاقات العامة والتسويق.
.
أما الآن فنجد بعض البريديات قد قطعن شوطاً مهماً باعتلاء وظائف هامة كرئيس قطاع أو مدير عام ويتقدمن بالعمل بتخصصاته المختلفة نحو مزيد من التقنية والإداء الرائع، بينما نجد الكثيرات منهن قد خرجن صفر اليدين ولم يتكلفن إلا مشقة الحضور للعمل صباحاً…
.
وللحديث بقية ..

التاريخ البريدي ..


التاريخ هو الأب الشرعي لكافة العلوم الإنسانية، وواحد من أقدم المجالات التي شغلت العقل الإنساني، فالتاريخ يمكن وصفه بأنه التعبير عن الاهتمام الإنساني بالماضي البشري واهتمام كل جماعة إنسانية بماضيها سواء كان يجمعها مجتمع واحد أو دولة واحدة أو لا يجمعها… يبحث عن ماضيها، كيف ولماذا نشأت ؟ وكيف تطورت وعاشت وأنتجت ثقافتها وحاجاتها المادية والمعنوية ؟ وكيف كانت علاقاتها بالآخرين وحراكها الداخلي بين أفراد مجتمعها وأجيالها وطبقاتها ؟ … ومن الطبيعي اختلاف هذا الوصف باختلاف الأزمنة وتغير نظرة البشر إلى الحياة الاجتماعية والسياسية والثقافية والاقتصادية لمجتمعاتهم.
.
ويقول مؤرخو علم التاريخ أنه بدأ على يد المؤرخ الرحالة اليوناني القديم هيرودتس وخليفته ثيوسيديديس في القرنين الخامس والرابع قبل الميلاد، فالأول كتب عن الحروب الإغريقية والفرس وكتب الثاني عن الحروب الأهلية بين المدن الإغريقية، ومن المحقق أنهما كانا يستوحيان كتابتهما من سجلات ورسومات وما كتب على جدران المعابد والمقابر… وفي مصر وبلاد الرافدين وفارس والهند كان التاريخ يمثل مرحلة من تطور الاهتمام الإنساني ذاته بتسجيل الماضي والإشادة بالذات الجماعية للقبيلة أو للأمة والمتمثلة في أبطال وملوك وقادة تلك الأمة في صورة الملاحم أو الأساطير والحكايات الشعبية القديمة مثل أسطورة حورس في مصر أو أنشودة جلجامش في بلاد الرافدين أو حكايات الهجرة والمعارك التي شهدها حوض السند والتي أدمجت في الجيتا الهندية… كل هذه السجلات المحفورة أو المكتوبة أو الشفهية كانت بلا شك الجذور الأولي لعلم كتابة التاريخ.
.
وإذا كان اليونانيون أول من بدأ علم التاريخ، فالعرب الأمويين أول من وضعوا أصوله وقواعده، وذلك خلال تأسيس علم الحديث الشريف حيث تطلب التحقق من صحة الحديث التحقق من سلامة إيمان الرواة بما يعرف بعلم الجرح والتعديل، والتحقق من صحة الواقعة التي قيل الحديث بشأنها… وكان لكتابة السيرة النبوية والحديث الشريف دوراً كبيراً في تأسيس علم التاريخ ومناهجه التي قامت على المقارنة والفحص أو النقد العقلي للمصادر والرواة والأزمنة… ويعتبر عبد الرحمن بن خلدون صاحب مقدمة ابن خلدون أول من سعي إلى تطوير منظور وضعي لفهم التاريخ مستفيداً بما حققه الفكر الإسلامي عامة في محاولة فهمه للظواهر الاجتماعية والسياسية والثقافية… وفي العصر الحديث بدأ تطور علم التاريخ في القرن السادس عشر منذ كتب جيبون تاريخ روما، والفليسوف ديفيد هيوم تاريخ إنجلترا… ولكن التاريخ ظل محتضناً بالأدب لا ينفك عنه يسعى إلى السرد المسلي للأحداث الكبرى، كما يسعى لاستخلاص العبر الأخلاقية والتوجيه السياسي لتجنب أخطاء الماضي، حتى أضحي الآن ذا تكريس ثقافي للأمم للحفاظ على الهوية القومية.
.
والتاريخ البريدي جزء من هذا التاريخ، فالبريد أرتبط دائماً بالتجمعات البشرية منذ عرف الإنسان الاتصال ببني جنسه، مرتبط بالمدنية ومعانق للحضارات أينما وجدت… فنجد في مصر أول وثيقة جاء بها ذكر للبريد يرجع تاريخها إلى عهد الأسرة الثانية عشر قبل 2000 سنة قبل الميلاد وهي وصية كاتب لولده يطلعه فيها على أهمية صناعة الكتابة والمستقبل الذي ينتظر الكاتب في وظائف الحكومة، ويتحدث فيها عن بؤس أصحاب الحرف والصناعات الأخرى، فقد قال هذا الكاتب ضمن ما قال: أما ساعي البريد فأنه يحمل أثقالا فادحة، ويكتب وصيته قبل أن ينطلق في مهمته توقعاً لما قد يصيبه من الوحوش والأسيويين، ولعل أقدم وأهم مجموعة تدل على أن الفراعنة كان لديهم نظاماً للبريد، مجموعة رسائل تل العمارنة المكتوبة بالخط المسماري وهي عبارة عن سجل للمراسلات السياسية نقلها أمينوفيس الرابع سنة 1364 قبل الميلاد من طيبة إلى تل العمارنة، وقد تبودلت العديد من الرسائل بين أمينوفيس الثالث والرابع فيما بين عام 1405 و1352 قبل الميلاد وبين ملوك الحيثيين وأشور وبابل وقبرص وصقلية… وفي وادي الرافدين تم العثور على رقع طينية سومرية وبابلية تشير إلى وجود رسائل تحمل أختاما مدون عليها بريد مستعجل، كما كانوا يستخدمون الدواب في نقل تلك الرقع من مدينة لأخرى… وفي الصين كان البريد في عهد أسرة تشو فيما بين 1122 و222 قبل الميلاد يستخدم لمقتضيات البلاط الإمبراطوري وكان تحت تصرف إدارة تلك الخدمة نحو 80 رسولاً موزعين على المحاور الكبرى للبلاد ، وفي حكم تانج فيما بين 905 و618 قبل الميلاد كانت تستخدم عربات للبريد عرفت باسم البريد الطائر حيث كانت تقطع نحو 250 كيلومتر في اليوم الواحد… وفي بلاد فارس يبدو أنهم أول من استخدم الفرسان لتبليغ الأنباء، فكان قيروس الأكبر فيما بين 558 و528 قبل الميلاد يريد أن يكون على اتصال مستمر مع حكام الأقاليم فحسب بنفسه المسافات التي يستطيع أي فارس أن يقطعها في اليوم الواحد وأمر بإنشاء مرابط للخيول يبعد الواحد منها عن الآخر مسافة يوم سفر… وفي اليونان القديمة ومع اتساع الإمبراطورية الرومانية تطلب تنظيم تبليغ الأنباء وملاءمته الدائمة قبل كل شئ لمقتضيات الدولة الرومانية فأنشئت محطات عديدة على طول الطرق وعلى مسافات محددة حيث كان رسل البريد يتناوبون بتلك المحطات، وكان رسائل الرومان تصنع من لوحات من خشب مجوفة قليلا في أحد أوجهها وتغطي بالشمع ويكتب عليها بمرود من العظم أو المعدن.
.
وهكذا كتب البريد تاريخه منذ العصور القديمة متأثراً بالحضارات وبزوغ نجم الإمبراطوريات قديماً وحديثاً، حتى صار هو ذاته مدوناً للتاريخ، يروي له ويسجل إحداثه من خلال طوابعه ونوادره… وهذا ما لمحه القائمون على مكتبة الإسكندرية مؤخراً، فمن خلال موسوعة ذاكرة مصر تم الإشارة إلى نحو 400 طابع مصري دون من خلالها تاريخ البريد الحديث في مصر وتطوره على يد محمد علي باشا حتى انتقاله إلى بدء استخدام الطائرات في نقل البريد المصري عام 1932، وهو ما يعرف بالعصر الذهبي للبريد المصري حيث تم انتقال ملكيته من الأجانب إلى الحكومة المصرية ونقل مقره الرئيسي من الإسكندرية إلى القاهرة، كما تم عقد المؤتمر العاشر للاتحاد البريد العالمي بالقاهرة عام 1934، وافتتح أول متحف للبريد يذخر بالعديد من القطع الآثرية والطوابع النادرة، وهو جهد مشكور للقائمين على مكتبة الإسكندرية… بيد أن ماينقصنا استكمال هذا التاريخ، تاريخ طويل منذ نشأة البريد وتطوره في مصر على يد سلاطين الدولة الإيوبية مروراً بنشأة البريد حديثاً علي يد محمد علي واستكمالا لتاريخ البريد حتى يومنا هذا… فمنذ قيام ثورة يوليو 1952 ولم نشعر أن هناك بريداً يدون له رغم آلاف الطوابع والنوادر والحكايات التي لا تؤرخ البريد وحده ولكن تؤرخ لحياتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية …
.
وللاستفادة يرجي تصفح موضوعي تاريخ البريد الجوي المصري وتاريخ البريد في العصر النبوي بتلك المدونة ...
.
وللحديث بقية …
ashraf_mojahed63@yahoo.com

صينية البريد بالدجاج ..


خلال الشهر الماضي وصلني العديد من الرسائل عبر بريدي الإلكتروني، البعض معجب جداً بما أكتبه، ويشجعني ويتمني لي التوفيق، ويطلب مني المزيد من المعلومات البريدية، والبعض الآخر يعاتب ويتمني أن أغير نظرتي المتشائمة بعض الشئ، وأن أنظر للأمور نظرة إيجابية ومتوافقة مع الواقع، وأن أنظر لنصف الكوب المليان بدلا من النظر لنصف الكوب الفارغ… البعض الآخر خاصة من الرؤساء تجاهلني وقابلني متجهماً، ومنهم من عاتبني، وتلقيت بعض اللوم من بعضهم على ما أكتبه بتلك المدونة المتواضعة من أفكار ومعلومات بريدية، ومن ثم واجهت مزيد من العزلة والتجاهل.
.
فالاختلاف في وجهات النظر قد يكون نقمة على صاحبه خاصة إذا ما كان صاحبة من أصحاب الأدمغة التي لا تلين بسهولة وتساير مجريات الحياة، فبعض رؤساء العمل يحبون دائماً أن تزين الأمور بالتمام، ولا يحبون طرح ومناقشة المشاكل وما يعيق العمل… كل ذلك جعلني امتنع بعض الوقت عن الكتابة حتى اهتديت مؤخراً لطريقة جديدة واسعة الأفق أستطيع منها إلقاء الضوء على المزيد من المعلومات البريدية وبعيدة عما يعتبره البعض تلميحاً عن شئ ما، فشرعت في البحث عن الحضارة الصينية وتاريخها البريدي، حيث يعتبر البريد الصيني من أقدم الأنظمة البريدية منذ عرف الإنسان أهمية الاتصال مع بني جنسه من البشر..
.
شرعت في البحث والتنقيب عن كل ما يتعلق بالبريد الصيني من وسائل البحث المعروف من كتب ونشرات ومواقع إلكترونية عبر الانترنت… وبدأت في تجميع المعلومات وترتيب الأفكار حتى أظهر عظمة وتطور البريد الصيني عبر تاريخ طويل يمتد من القرن الحادي عشر قبل الميلاد..
.
وإذ بي وأنا أداوم البحث عبر الانترنت أجد عنواناً يعتقد أنه متعلق بالبريد الصيني إلا وهو صينية البريد بالدجاج، وعلى الفور فتحت الموقع فوجدت أنها طريقة عمل طبخة ولا علاقة لها بالبريد الصيني، وهي كالتالي:
المقادير: نصف دجاجة مسلوقة ومنزوعة الجلد والعظم/ خبز بريد (توست)/ بيضة/ ملح وفلفل/ بصلة كبيرة + طماطم + جزر/ مبشور قشطة.
طريقة التحضير: نزيل حواف البريد ونصفه في صينية مدهونة بالزيت/ نحمص البصل ثم نضيف الطماطم والجزر المبشور وبعدها نضيف الدجاج ونضع الملح والفلفل ونضيف القشطة/ نضع الخلطة السابقة فوق البريد وبعدها نصف طبقة بريد أخرى وعندها نضع فوقه البيض/نضع الصينية في الفرن لمدة ثلث ساعة ثم تقدم ساخنة.
.
ولعل الحديث عن الطبخ أكثر ملائمة هذه الأيام من الحديث عن البريد ومشاكله، وقد يكون أكثر فائدة خاصة للأخوات اللاتي يطلعن على المدونة..
.
وبالهناء.. وللحديث بقية ..

شرف فتح الباب البريدي ..



شهر رمضــان يمـثل للتلفزيون المصري مهرجاناً لتقديم العديد من الأعمال الدرامية على أختلاف أنواعها، اجتماعية كانت أو تاريخية… هذه الأعمال تتناول في الغالب الواقع والحياة المصرية ومايلاقيه هذا الشعب من هموم ومشكلات وقضايا… وكثرة تلك الأعمال والمسلسلات تجعلك تفقد التركيز والاهتمام في كثير من الأحيان، حيث لا تستطيع أن تتابع وتشاهد هذا الكم الهائل من الأعمال على مدار اليوم، اللهم إذا وجد عملاً أو مسلسلاً تنجذب إلى مجريات إحداثه أو تمس قصته واقعة عايشت مثلها بنفسك، وهو ما جعلني أتابع باهتمام شديد مسلسل شرف فتح الباب.
.
وقصة المسلسل الذي يقوم ببطولته الفنان القدير يحيي الفخراني عن قصة الكاتب المبدع محمد جلال عبد القوي تدور حول موظف بسيط يعمل كأمين مخازن بإحدي شركات المقاولات الحكومية وراتبه وراتب زوجته يكفي أسرته بالكاد، ويشتهر بأمانته وشرفه وتفانيه في العمل وإخلاصه لبيته وعائلته وحرصه على تربية وتعليم أبنائه، وإذ فجأة وهو في الثالثة والخمسين من عمره ونتيجة لخصخصة تلك الشركة يتم الاستغناء عن خدماته، ويجد نفسه بلا عمل أو مورد رزق له ولأبنائه، فيستغله رؤسائه في سرقة ما قيمته عشرة ملايين جنيه من مخازن الشركة من حديد وأسمنت، يكون نصيبه منها نحو مليونين من الجنيهات… وتستمر الأحداث ليحاكم بتهمة تبديد المال العام، ويحكم عليه بخمسة عشر سنة، ثم يتم القبض على رؤسائه، ويخرج شرف فتح الباب من السجن معتقداً أن ما حصل عليه من مال هو تعويضاً عن تركه لعمله وأن الله سترعليه ورزقه من حيث لا يحتسب !!..
.
وقصة شرف فتح الباب تلك جعلتني استرجع واقعة شهيرة حدثت بالبريد المصري عام 1996 واقعة خلف عبد الحي الذي كان يعمل محاسباً بقسم الحسابات الخارجية بالشئون المالية، والذي تمكن من سرقة عدد من الشيكات الواردة للهيئة من الخــارج سـداداً لمستحقاتها من بعض البلــدان الأجنـبية، وقــام بتزويرها باتقـان وحصـوله على صـحة توقيـعات بعـض المختـصين بالهيئة، واستطـاع صـرف نحـو مليـون جنــية من البـنـوك… وتم اكتشـافه بالصـدفة وتمـت محـاكمته وحـده وعوقـب بالأشـغال الشـاقة المـؤبدة (صحـيفة الأهـرام 11/10/1997)… وأوجه التشابة بين شخصية شرف فتح الباب وخلف عبد الحي هو سبب الربط بين القصتين، إذ أن الأخير كان يتمتع بشخصية ملائكية بلحيته السوداء المتناسقة وبحديثه العذب عن الأخلاق وفضائل الأعمال، والمسبحة التي لا تفارق يده ومحافظته على صلاة الجماعة أماماً، ودروسه المستفيضة لزملائه عن الحلال والحرام !!..ومن عاصره من العاملين بالهيئة يشهد بذلك، مثلما يجسده ببراعة الفنان يحيي الفخراني في دور شرف فتح الباب… والاختلاف الوحيد بين القصتين أن خلف عبد الحي تحمل القضية بمفرده ولم يخرج من السجن كما حدث للسيد شرف فتح الباب.
.
فقضية استباحة المال العام أو استنزافه بطرق قانونية وغير قانونية في ظل ما يحدث من خصخصة للقطاع العام والاستغناء عن بعض العاملين دون ضمانات اجتماعية، وكذلك ما نسمعه ونشاهده من تفاوت صارخ بين رواتب وحوافز العاملين بالدولة دائمين أو بعقود، واختلال المفاهيم الأخلاقية والدينية لدي البعض، خاصة ضعاف النفوس، فتح الباب لتأويل تلك السرقات والاختلاسات والنظر إليها على أنها حق يرد لصاحبه !!..
.
فغياب مفاهيم الأمانة والشرف الوظيفي تقلص وغاب واحتضر وانفصل عن تعاليمنا الدينية والأخلاقية، وأصبح استباحة المال العام مسار شك في كونه مالا حرام بتأويلات مختلفة وعبارات مطاطة كالتي يرددها السيد شرف فتح الباب، فلا غضاضة الآن من الحصول على مكافأت أو بدلات وحوافز دون عمل، أو قبول هدايا وإكراميات لتمشية الحال، خاصة ممن يدعون الالتزام بالتعاليم الدينية والشرعية !!.. ناهيك عما ما نشاهده اليوم من عدم الاكتراث بالعمل والتقاعس عن أدني الإداء الوظيفي…
.
كل ذلك يطالبنا بإعادة النظر في حياتنا ونظرتنا في إداء الأمانات التي أمرنا الله بها أن نؤديها، تجاه أعمالنا وتجاه الآخرين رؤساء ومرؤسين، دون تحايل أو تأويل… أمانات سوف نسأل عنها جيمعاً يوم القيامة رؤساء ومرؤسين..
.
وللحديث بقية...
ashraf_mojahed63@yahoo.com

الإدارة البريدية العاصية ..



هذا العنوان اقتبسته من عنـوان الرسـالة القـيمة التي قدمـها الأستاذ الدكتـور/ أحمد عبـد الونيس، أسـتاذ القـانون الدولـي بكلـية الاقتصاد والعلـوم السياسـية بجـامعة القاهرة… والتي بمقتضاها حصل على درجة الدكتوراه بمرتبة الشرف، حيث كانت بعنوان (الدولة العاصية، بالتطبيق على إسرائيل وجنوب أفريقيا)… فقد كان يسكن بجوار منزل والدي رحمة الله عليه منذ نحو أكثر من عشرين عاماً، وكنت دائم الجلوس معه لفترات طويلة أثناء إعداده لتلك الرسالة القيمة.
.
كان يقصد بالدولة العاصية ، الدولة التي لا تنصاع لقرارات الأمم المتحدة مشيراً بنماذج عديدة لهذا العصيان تطبيقاً على دولة جنوب أفريقيا وما أتبعته في السابق من سياسة الفصل العنصري على أساس الجنس أو ما يعرف بسياسة الأبارتيد Apartheid بين السكان السود الأصليين والسكان البيض المستعمرين، وكذلك ما تقوم به حالياً إسرائيل من تلك السياسة على أساس المعتقد الديني بالأراضي الفلسطينية المحتلة.
.
تذكرت كل ذلـك والأوقـات الطـويلة والممتعة التي كنت أجالسه فيها يشرح لي بعض تلك النماذج، وهممت أبحث عن رسـالته التي أهداني نسخة منها بمكتبتي المتواضعة، حين أطلعـت على المستند Congres-Doc34C الصـادر عن مؤتمر الاتحــاد البريدي العالمي الرابـع والعشرون/ جنـيف 2008 والخـاص ببيـان البلـدان التي تم انتخـابها بمجلس الاستثـمار البريدي للدورة القـادمـة 2008/2012 حيث تم انتخاب دولة إسرائيل ضمن المجلس !!… الأمـر الذي أدهشني !! فكيف يتم انتخابها بالمحافل الدولية ومازالت تلك الدولة تمارس أبشع الجرائم الإنسانية ضد شعب أعزل حرم من حق الحياة بالعزل والاضطهاد والعقاب الجماعي، حرم من حق التراسل البريدي مع نحو أكثر من خمسة ملايين فلسطيني يعيشون بالشتات من الاتصال بذويهم داخل الأراضي المحتلة !!.. كيف تنتخب في وجود هذا العدد الهائل من البلدان العربية والإسلامية ومجموعة البلدان السبعة والسبعون، وهي لا تعترف بأبسط الحقوق الفلسطينية حتى في المجال البريدي رغم الحكم C115 الصادر عن مؤتمر بكين 1999، الذي منح السلطة الفلسطينية حق التبادل البريدي مع كافة بلدان العالم.
.
فالسلطة الفلسطينية عجزت منذ مؤتمر بكين 1999عن القيام بالتبادل البريدي مع بلدان العالم بسبب الحصــارالإسرائيلي الخانـق وتعنته في هضـم الحقــوق الفلسطينية المشروعة، وبعدم تنفــيذ الحكم المشار إليه، والسلطة الفلسطينية بوضــعها الحــالي كمراقب بالاتحاد البريدي العالمي أبدت مخــاوفها أثنــاء المؤتــمرالحــالي من التقسيم الجــديد للبلــدان والأقاليم لأغراض النفقات الختامية Congres-Doc51 بعــدم إدخــالها ضمن هذا التصــنيف، ورغم ما أعلن من التفاهمات التي حدثــت على هامش المؤتـمر، وما أتبـعه من بيـان السـيد/ ادوار ديــان، من ضـرورة التنفـيذ الفـوري بتمكـين السلطة الفلسطينية بالتبادل البريدي مع كافة بلدان العالم عبرالمملكة الإردنية ttp://www.upu.int/press/en/2008/palestinian_authority_to_exchange_mail_directly_with_upu_member_countries_en.pdf إلا أنني على يقين أن هذا البيان كان خدعة أو بمثابة زر الرماد في العيون لتمرير انتخاب الدولة العبرية ضمن المجلس.
.
فالدولة العبرية كانت ومازالت تطلب التطبيع الاقتصادي والسياسي مع البلدان العربية والإسلامية قبل التفاوض لحل القضية الفلسطينية، تطلب حقوقاً تزعم تاريخيتها قبل النطق بوعد سرعان ما تنكص عنه للاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني، يدها العليا دائماً على البلدان العربية والإسلامية بفضل المساندة الأمريكية والأوروبية… تأخذ دائماً ولا تعطي والبلدان العربية والإسلامية تعطي دائماً وتأخذ وهماً !!
.
أنني على يقين بأن السلطة الفلسطينية لن تستطيع أن ترسل بعيثة واحدة، دون أن تمر على الإدارة البريدية الإسرائيلية، لن تستطيع أن تتبادل الإرساليات البريدية مع بلدان العالم حتى عبر هذا التبادل المنقوص بتوسط إدارة بريد الأردن، والحصارعلى غزة والضفة خير شاهد… والأيام سوف تثبت مقالتي.
.
تذكرت كذلك تلك المعايير المزدوجة في العملية الانتخابية بهذه المحافل الدولية، وما تلعبه السياسة الدولية من تأثير في تلك العملية الانتخابية، فالإدارة البريدية الإسرائيلية العاصية تنتخب بأصوات تفوق بلداناً عربية وإسلامية كإيران وسوريا اللتان لا تجدان من يدعمهما بالانتخاب… فإيران أصبحت الآن دولة مارقة لأنها تأخذ بسنة الترقي بالاعتماد على مواردها الاقتصادية وببرنامجها النووي السلمي الذي سوف يحقق لها تقدماً لا تريده إسرائيل ولا الغرب، فهي دولة لا تنصاع للحوافز الغربية أو للتهديدات العسكرية… أما سوريا فهي أيضاً من الدول المارقة التي تعادي الدولة العبرية ولا تقبل بسلام الشجعان… معايير مزدوجة حتى أمام صناديق الانتخابات !!..
.
وللحديث بقية …
ashraf_mojahed63@yahoo.com

الحلم البريدي ..


أكثر من ثلاث سنوات، وهذا الحلم يروادني صباح مساء، في نومي ويقظتي، حلم المشاركة في أعمال المؤتمر البريدي العالمي/جنيف 2008، حلم جعلني عاكفاً لأكثر من ثلاث سنوات متواصلة على وثائق الاتحاد البريدي العالمي من اتفاقيات ونشرات واستقصاءات، متصفحاً مئات المرات لنصوص تلك الاتفاقيات، متابعاً لأخبار ونشرات الاتحاد البريدي العالمي وموقعه الإلكتروني يومياً والمواقع ذات الصلة من إدارات بريدية أو منظمات ترتبط أعماله بأعمال الاتحاد البريدي العالمي… حلم أوقفت نفسي بجهد وصبر من أجله لأكثر من ثلاث سنوات بالدراسة والبحث والتدقيق في كل ما يقع تحت يدي من وثائق ومستندات ونشرات تخص الشأن البريدي.
.
هذا الحلم تبخر الآن وأصبح خيالاً بسبب بعض الواشين الكاذبين، أو بعض أصحاب المصالح الشخصية الحاقدة، وما أكثرهم في عالمنا اليوم… هذا الحلم ذهب لأفاق واسعة ليس لتحقيق آمنية شخصية أو منفعة وظيفية، بل لتحقيق منفعة أكبر، ليست فقط لإدارتنا ولكن لكافة الإدارات البريدية الأعضاء بالاتحاد، فتلك الاقتراحات التي قمت بصياغتها وقدمت بعضها لإدارتنا أصبحت حبيسة الإدراج أو تم إعادة صياغتها… وأورد أمثلة لبعض تلك الاقتراحات التي عكفت عليها ولم تتناولها الأقتراحات النهائية التي وردت بالإرسالية السادسة والأخيرة المؤرخة 23 يونية 2008، ريثما يلتفت إليها بعض المهتمين بالشئون البريدية مستقبلاً..
.
* إدخال تعديل على نص المادة 232بند 7 من نظام بريد الرسائل كالآتي (يجب أن تتم تسوية حسابات النفقات الحتامية سنوياً لكل من البريد الجوي والبريد السطحي المنقول جواً بإدراج أوزان كل منهما معاً بالنماذج المخصصة CN64,CN61)… حيث تلاحظ قيام بعض الإدارات البريدية بإعداد تلك الحسابات بطريقة منفصلة، ولا يصل مبلغ كل حساب منهما حد الإعفاء البالغ سنوياً 70ر326 وحدة سحب خاصة طبقاً لنص المادة 234/8 ، مما يؤدي لإدراج الرصيد بحساب السنة التالية من قبل الإدارة الدائنة لكل حساب، في حين أن دمج الحسابين الجوي والسطحي معاً سوف يعجل من تصفية المديونية سنوياً إذا ما تخطت الرصيد المشار إليه.
.
* إدخال تعديل على نص المادة 174 بند 6/3 من نظام بريد الرسائل كالآتي (يجب أن يقيد في الجدول 2 من بيان الإرسالية الوزن الخاضع للنفقات الختامية والوزن الغير خاضع وأوزان الأكياس الخاص الأقل والأكبر من 5 كيلوجرام، وكذلك الوزن الإجمالي للإرسالية)… حيث تلاحظ قيام بعض الإدارات البريدية بإثبات الوزن الإجمالي القائم للإرسالية من واقع قائمة التسليم CN38 دون إثبات أوزان البريد المعفي المحدد بالمادة 203/4… وهذا الاقتراح يتكامل مع الاقتراح المقدم من روسيا البيضاء بشأن تحديد البعائث المعادة لمصدرها ببيان الإرسالية.
.
* إدخال تعديل على نص المادة 238 بند 3/1 من نظام بريد الرسائل كالآتي (توضح الأوزان على حدة بالنسبة لكل مجموعة من بلاد المورد على القوائم CN65، وتخضع هذه القوائم لترقيم خاص تبعاً لمجموعتين متتابعتين أحداهما للبعائث غير المسجلة والأخرى للبعائث المسجلة ، ويدرج عدد القوائم CN65 في الخانة المقابلة من الجدول 4 ببيان الإرسالية CN31 مع إثبات إعداد المسجلات المرسلة داخل أكياس العبور المكشوف ضمن العدد الإجمالي للمسجلات بالجدول 3 ببيان الإرسالية ، ولإدارات العبور الخيار …. )… حيث تلاحظ عدم قيام الإدارات البريدية بالقيام بتحصيل الأجرة الإضافية للبعائث المسجلة المرسلة بالعبور المكشوف أسوة بالبعائث المسجلة التي ترسل ضمن الإرساليات المغلقة.
.
* إدخال تعديل على نص المادة 266 بند 1 من نظام بريد الرسائل ونص المادة 233 بند 1 من النظام الخاص للطرود البريدية كالآتي (يجب أن تلتزم كافة البلدان الأعضاء أو المستثمرين المعينين باستخدام النماذج المطابقة للأشكال المرفقة بدء من سريان تنفيذ الاتفاقية)… حيث تلاحظ قيام العديد من البلدان الأعضاء باستخدام نماذج قديمة لا تتناسب مع التغييرات الحالية أو حسب نظام خاص بها، مما يصعب معه في كثير من الأحيان إجراء التدقيق الملائم لهذه المستندات سواء عند تبادل الإرساليات أو عند إجراء إعداد الحسابات أو تدقيقها.
.
* إدخال تعديل على نص المادة 30 بند 1/3 من الاتفاقية البريدية كالآتي (تحصل أجرة إضافية من 5ر0 وحدة من حقوق السحب الخاصة لكل من البعائث المسجلة ومن وحدة واحدة من حقوق السحب الخاص لكل بعيثة من البعائث بقيمة مصرح بها، وكذلك لكل بعيثة من البعائث بالتوزيع السريع)… حيث تلاحظ رغم أن خدمة توزيع البعائث بالبريد السريع من الخدمات الإضافية لبريد الرسائل، إلا أنه لم يحدد لها أجرة إضافية أسوة بالبعائث المسجلة أو البعائث بقيمة مصرح بها.
.
هذه بعض الاقتراحات التي لم تناقش، رغم الإلحاح في عرضها ومناقشتها… ورغماً من انقضاء الحلم وتحطمه على صخرة بعض الواشين الكذابين، إلا أنني مازالت مستمراً في البحث والتدقيق والدراسة وتقديم العون لمن يطلبه، حالماً بمؤتمر 2012 فالحلم لم ولن يتوقف ما أستمر قلبي ينبض وأنفاسي تتردد ، والأمر لله وحده، وحسبنا الله ونعم الوكيل..
.
وللحديث بقية ..

ashraf_mojahed63@yahoo.com

مقترحات نظام بريد الرسائل ..


نظام بريد الرسائل هو الأجندة أو المحتوي الذي يشمل القواعد والأسس الإجرائية لتطبيق الاتفاقية البريدية الدولية، سواء في مجال البيع والعلاقات مع الجمهور أو في مجال المحاسبة وتسوية الحسابات فيما بين الإدارات البريدية، بغية تسهيل تأدية الخدمات البريدية الدولية… حيث قرر مجلس الاستثمار البريدي عام 2001 إعادة صياغة نظام بريد الرسائل عوضاً عن النظام التنفيذي للاتفاقية البريدية، دون إدخال تعديلات جوهرية، وذلك اتساقاً مع الصياغة الجديدة للاتفاقية البريدية الدولية… ونظام بريد الرسائل يعد من الوثائق الإجبارية لكافة البلدان الأعضاء في الاتحاد طبقاً لنص المادة 22 من الدستور.
.
ويتكون نظام بريد الرسائل من سبعة عشر فصلاً متضمنة نحو مائتين وسبعون مادة، يمكن تقسيمها حسب المحتوي في الآتي، الجزء الأول: من المادة مائه وواحد حتى المادة مائتين وواحد يتضمن أحكام عامة لحرية العبور والوحدة النقدية والأمن البريدي وأجور التخليص والإعفاء منها وفئات بعائث بريد الرسائل وخصائص وشروط قبولها، ويتضمن كذلك الخدمات الإضافية لبريد الرسائل، والبعائث الخطرة والبعائث المقبولة خطأ ومايتعلق بالاستعلامات والمسائل الجمركية، ومسؤولية الإدارات البريدية ودفع التعويضات، وأيضاً يوضح طرائق توجيه الإرساليات البريدية وما يتعلق بإجراءات تسلمها… والجزء الثاني: من المادة مائتين واثنين حتى المادة مائتين واثنين وخمسون ويتضمن طرق إعداد وتسوية حسابات نفقات العبور والنفقات الختامية ونفقات النقل الجوي، وإجراءات الدفع والسداد فيما بين الإدارات البريدية… والجزء الثالث: من المادة مائتين وخمسة وثلاثون حتى المادة مائتين وواحد وستون ويتضمن البريد العاجل الدولي والبريد الإلكتروني والاتصالات المعلوماتية… أما الجزء الرابع والأخير: من المادة مائتين واثنين وستون حتى المادة مائتين وسبعون فيتضمن أحكام متنوعة كمهلة حفظ المستندات واستخدام النماذج البريدية وتنفيذ النظام ومدة العمل به.
.
وقد بلغت الاقتراحات المقدمة للمؤتمر القادم/ جنيف 2008 بشأن تعديل بعض مواد نظام بريد الرسائل نحو خمسة وتسعون اقتراحا معظمها ذا طابع صياغي، يمكن التعليق على أهم تلك الاقتراحات في الآتي:
.
* الاقتراح المقدم من السويد/سويسرا بشأن إدخال تعديل على المادة 132 (البعائث المسجلة) والذي يدعو الإدارات البريدية التي سوف تشغل نظام التتبع وتحديد موقع البعيثة المسجلة وإثبات تسلمها إلكترونياً، أن يتم ربط مبلغ العلاوة الذي يصل إلى 5ر0 وحدة سحب خاصة بمستوي النوعية الذي توفر قدراً موثوقاً من الخدمة، قياساً بالمادة 188 من نظام الطرود البريدية… وهو أمر جيد يتوافق مع أسس ومبادئ الاتحاد البريدي العالمي، ويتكامل مع الاقتراحات المقدمة لتعديل المادة 29/2 و30/3 من الاتفاقية البريدية لرفع أجرة التعويض للبعائث المسجلة من 5ر0 إلى 1 وحدة سحب خاصة.
.
* الاقتراح المقدم من هولندا بشأن إدخال تعديلات على المواد 171، 195، 209، 246 وهي جميعهاً تصب في طريقة معالجة البريد الموجه خطأ، حيث لا توجد بوثائق الاتحاد البريدي العالمي مواد مخصصة لمعالجة البريد المرسل خطأ ما عدا المادة 195 والتي توضح إعادة التوجيه، وهذه الاقتراحات الأربعة سوف تسهم بإيجابية في الحد من عدم استخدام توجيه البريد بالعبور المكشوف دون اتفاق مسبق مع إدارة العبور.
.
* الاقتراح المقدم من بريطانيا والصين وأذربيجان والاتحاد الروسي ومؤيد من بعض البلدان الأسيوية بشأن إدخال تعديل على المادة 229 (إرسال كشوف الإرساليات CN55 وCN56 وقبولها) وذلك بهدف تحديد العنوان الذي تحدده الإدارة المدينة كحجة قانونية لإدارة المصدر، عندما ترفض تلك الكشوف بسبب انقضاء الفترة القانونية، حتى لاتتذرع بعض الإدارات المدينه بعدم ورود تلك الكشوف إليها خلال الفترة القانونية، وكذلك خفض مهلة تدقيق تلك الكشوف من ثلاثة شهور إلى شهرين… وهي اقتراحات جيدة جداً وتصب في إنهاء الإجراءات المحاسبية للنفقات الختامية بين البلدان، كما أن خفض مدة المراجعة سوف يساعد على الانتهاء من الحساب السنوي CN64 و CN61 بصورة أفضل تمكن الإدارات من الإسراع في إنهاء عملية السداد والتحصيل بصورة أفضل.
.
* الاقتراح المقدم من أذربيجان وسويسرا والاتحاد الروسي ومؤيدة من بعض البلدان الأسيوية بشأن إدخال تعديل على المادة 232 (إعداد حسابات نفقات العبور والنفقات الختامية وإرسالها وقبولها) والمادة 234 (قبول حسابات نفقات العبور والنفقات الختامية) وذلك بهدف التأكيد خطياً أو إلكترونياً على استلام تلك الحسابات في المدد المقررة، وكذلك خفض المدة التي تقبل فيها تلك الحسابات بعد انقضاء الفترة المعنية من أثني عشر شهراً إلى عشرة شهور.. جميعها تصب في إنهاء الإجراءات المحاسبية للنفقات الختامية بين البلدان، ومن ثم سوف تزيد من سرعة التعجيل في سرعة تحصيل مبالغ صندوق نوعية الخدمة للبلدان النامية المستحقة.
.
* الاقتراح المقدم من السويد بشأن إدخال تعديل على المادة 263 (نشرات المكتب الدولي) وذلك بهدف تحديد كيفية وموعد تحيين القائمة CN68 يعد أمراً هاماً لدر مخاطر اختلافات الأسعار والمجموعات عند إعداد ومراجعة بعض الحسابات بين البلدان الأعضاء، كما أن من الضروري أيضاً تحديد كيفية وموعد تحيين قائمة المسافات الجوية، حيث تعمد بعض شركات الطيران بحساباتها إدراج أسعار مسافتين جويتين مختلفتين في وجود خط جوي مستثمر من إحدى شركات الطيران الناقلة للبريد.
.
وللحديث بقية ..
ashraf_mojahed63@yahoo.com