الاثنين، 28 أكتوبر 2013

معايير البريد المصري !!...


معايير جمع معيار، وهو مقياس يقاس به غيره للحكم والتقييم، واللفظ دائماً ما يستدعي عند الحديث عن المعايير المزدوجة أو الكيل بمكيالين، كوصف للتحيز وعدم المساواة وغياب العدالة. 

لن أحدثكم عن تلك المعايير المزدوجة أو الكيل بمكيالين في اختيار المديرين والقيادات بالبريد المصري، فقد بحت الأصوات وجفت الأقـلام، من هول ما رأينا، واستمرار هذا النهج المقيت حتى بعد ثورة 25 يناير، حيث لم تستطع قيادة واحدة من تلك القيادات التي توالت على رئاسة البريد المصري بعد الثورة من تحريك ساكناً لتصويب تلك القرارات التي صدرت ظلماً بتلك المعايير المزدوجة، بل اتخذت من تلك المعايير نبراساً وأسلوب عمل للمضي قدماً نحو فساد أعمق وأكبر، وكأننا عندما ننادي بالعدالة والمساواة وتطبيق القانون، كأنما ننادي في أصحاب القبور.

إنما أقصد تلك المعايير التي انتقلت بفعل الوبـاء لأنشطة أخري بالبريد المصري مع التزامه بتطبيق معايير المحاسبة المصرية اعتباراً من العام المالي 2010/2011 كإطـار مكمل للنظام المحاسبي الموحد، والذي يؤسس لمنظومة الحسابات المالية وعرض القوائم المالية بالقطاعات والهيئات الحكومية عموماً.

فمعايير المحاسبة المصرية التي صدرت بموجب قرار وزير الاستثمار رقم 243 لعام 2006 والتي يبلغ عددها 39 معياراً طبقاً للمعايير الدولية الصادرة من الاتحاد الدولي للمحاسبين لإعداد التقارير والقوائم المالية، اتخذته إدارات الهيئة السابقة ستاراً لتسهيل تسجيل وتوثيق بعض الشركات التابعة والشقيقة بوزارة الاستثمار وهيئة سوق المال، ولإخفاء معالم القوائم المالية للهيئة بدلاً من الإفصاح والعرض الذي من أجله وضعت تلك المعايير.  

والدليل واضح، في عدم الإفصاح والعرض عن القوائم المالية للشركات التابعة والشقيقة، وباقي الاستثمارات المالية الأخرى، والتي يتم إثبات رأسمالها ثابتاً دون تغيير أو تقييم سنوي، الأمر الذي لا يخرج عن احتمالين لا ثالث لهما:   
الأول : أما أن تلك الشركات تحقق خسائر فعلية ومتتالية، ويتم إخفـاء حقيـقة تلـك الخسائر، وتدعـم بأمـوال من البريـد المصري للاستمرار، مما يثـبت فشل تلـك الإدارات المتعاقبة في إدارة تلـك الشركات وهو الأرجـح.   
والثاني: أن تلك الشركات تحقق أرباحاً، وتخشي إدارة البريد المصري أن تصب تلك الأرباح في القائمة المالية المجمعة للهيئة، فتظهر بها فائضاً من الأرباح السنوية، والذي سيتبعه بالضرورة مطالبات من العاملين بمزيد من الامتيازات والحوافز المالية...

عدم تطبيق تلك المعايير بشفافية ومصداقية، يعيد ذكري أيام تزوير القوائم المالية للبريد المصري، ولكن طبقاً لمعايير المحاسبة المصري!!..  

وللحديث بقية أن شاء الله ...

الأربعاء، 23 أكتوبر 2013

نكسة البريد المصري !!...


النكسة كلمة فضفاضة مخففة تعبر بلطف وخجل عن وقع الهزيمة والانكسار، وإذا بحثت في جذورها وأسبابها تاريخياً قديماً وحديثاً، تجدها تحدث مع وجود دكتاتور وحاكم مستبد، بدءاً من فرعون الذي أستخف بشعبه وتطاول على ربه حين قال" أنا ربكم الأعلى" فمات غرقاً، حتى هتلر وموسوليني وهزيمتهما النكراء، وما أكثر نكسات الزمن الحديث...

اعتقادي أن السبب الأساسي في حدوث تلك النكسة، أياً كان مكانها وزمانها، هي غلبة تلك الفئة الطفيلية من أصحاب المصالح ذات الجوقة والصخب الإعلامي في مدح وتمجيد الزعيم أو الرئيس، باختلاف مستوي قيادته سواء لشعب أو مؤسسة، فتأخذه العظمة والعزة فيما يتخذ من قرارات، فيصير فرعوناً جديداً، برؤيته الذي يظن أنها صائبة دائماً ولا يأتيها الباطل، "ما آريكم إلا ما أري وما أهديكم إلا سبيل الرشاد" وتكررها عبر التاريخ مرات ومرات أكبر نكسة للإنسان ذاته، خاصة في بلادنا الذي إفاضات في ثقافة الهزيمة والانكسار، وما نكسة هزيمة حرب يونيو 67 ببعيد.. 

أما نكسة البريد المصري، فهي نكسة حقيقة لا خيال فيها، وهي اعتقاد بعض قيادات ما بعد ثورة 25 يناير أن القيادات السابقة من أرباب لجنة سياسات الحزب الوطني هم رواد نهضة البريد المصري، رغم ما أظهرته تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات من قضايا فساد ونهب أمواله وأموال مودعي صندوق التوفير، والمخاطرة بتلك الأموال بالمساهمة في شركات خاسرة وأوراق مالية بالية، وضخ ملايين الجنيهات في شراكة مع بعض السماسرة ورجال الأعمال لخدمة أغراض حزبية وسياسية، ومصالح شخصية بغرض الارتقاء لمناصب وزارية بالدولة.

أضف إلى ذلك حجم الأموال التي أنفقت كدعايات وفي منتديات وسفريات ومؤتمرات وحفلات وإعلانات مرئية ومكتوبة وتعاقدات مفضوحة مع شركات خدمية يشوبها المصالح الشخصية والحزبية، فكانت تلك النهضة الزائفة المضللة التي سرعان ما تكشفت بتزوير فاضح للحسابات الختامية والقوائم المالية للهيئة لعدة سنوات، فأضحت خاسرة عدة مليارات من الجنيهات بسبب تلك النهضة الزائفة !!..

نكسة البريد المصري بدأت مقدماتها، وبالمقدمات يمكن التنبؤ بالنتائج، فمن يظن أن السير على خطي رجال مبارك وأعضاء حزبه واتخاذ خطاهم نبراساً لنهضة، لن يجني إلا نكسة، سيدفع ثمنها العاملون في البريد المصري وحدهم، كما دفعها شعب بكامله وحده منذ نكسة هزيمة يونيو 67.

وللحديث بقية أن شاء الله ...

السبت، 19 أكتوبر 2013

بريسترويكا البريد المصري !!...


البريسترويكا وتعـني إعـادة البنــاء هي برنامـج للإصلاحـات الاقتصادية أطلقها الزعيم السوفيتي ميخائيل جورباتشوف حين تولي السلطة عام 1985 وانتهت بانهيار وتفكك الاتحاد السوفيتي عام 1991، حيث لم يستطع المجتمع السوفيتي مواجهة حقائق اقتصاديات السوق، وخدعته الكبرى لطبقات شعبه الكادح بشعارات الاشتراكية البراقة عن ملكية الشعب والعدل والمساواة، في ظل فساد أباطرة السلطة وطبقة طفيلية من أصحاب المصالح والقيادات العسكرية.   

وبعيـداً عن الأسباب الكثيرة لهذا الانهيـار والتفكـك لأكبـر تجمـع دولي عرفـه التاريخ الحديث منذ قيـام الثورة البلشفية عام 1917، فأن ما سطره الكاتب الكبير أنيس منصور في إحدى يوميـاته بصحيفة الأهرام، يظهر بجـلاء أهم تلـك الأسباب، حيث يروي أنه أثنـاء مؤتمر عقـد بإحـدى المدن الروسية، أنه تناقش مع رجلين أحـداهما يشغل منصباً مهـماً بالحـزب الشيوعي، وآخـر قيادي بإحدى النقابات العمالية، فكان الأول صادقاً مع كاتبنا الكبير، حين قال له أن الدولة منذ قيامها تخدع العمال الكادحين بشعارات الاشتراكية والعدالة الاجتماعية، وتبخس أجورهم بحيث تكفي بالكـاد لمعيشة تقشفية، أما الآخـر فكان أصدق من الأول، حيث أبلغه أن العمال يتفهمون جيداً زيف تلك الشعارات، وعدم الحصول على حقـوقهم المشروعة، في ظـل فساد يـرونه بأعينهم، ومن ثم لا يقومـون بجهد كافـي لمزيد من الإنتاج والنمو الاقتصادي العـام، ومن هنا كانت الحاجة إلى بريسترويكا جورباتشوف!!.. 
  
هذه المقدمة كان لابد منها لإيضاح مدلولات تفكير الإدارات المتعاقبة للبريد المصري منذ أكثر من عشر سنوات، وهي بالقطع نابعـة في العموم من سياسات وتوجهـات الدولة، فكلما ارتفعـت حـدة المطـالبات بتحسين الأجـور وبيئة العمل أسوة بالعاملين بالبنـوك أو الهيـئات المماثلة، نواجـه بمقارنات غير منصفة بين وضعـية البريد المصري كهيئة اقتصادية خدمية وتلـك البنـوك، وباتهامـات جـاهزة ومعلبة للعاملين بالبريد بالتقصير وعـدم الانضـباط وقلة الذمة والضمير، وأحيـاناً اتهامات بالجهل وعـدم الإدراك للواقع ونشر الفتاوى وترويج الإشاعات.  

ويبدو أن البريد المصري بمنظومته المتداخلة والمترابطة بمنظومة الدولة الاقتصادية والسياسية العميقة في أمس الحاجة إلى زعيم مثل ميخائيل جورباتشوف، وبريسترويكا بريدية تقوم على إعادة البناء بشئ من الشفافية، والكشف بوضوح عما وقع فيه من فساد منظم لنهب أمواله وأموال مودعي صندوق التوفير خلال السنوات السابقة، ووضع آليات وقوانين مناسبة تمنع تكرار حدوثه مرة أخري، لا بإلقاء اللائمة على العاملين الكادحين، وتحميلهم فشل سياسات الإدارات المتعاقبة وفسادها الذي فاق فساد عاد وثمود، وبل وقوم لوط!!..    

الإدارة الناجحة لا تبرر تقاعسها وتقصيرها بالتغطية على فساد من كان قبلها، أو بالاستمرار على نهجه خوفاً على مقاعدها ومكاسبها، وتستطيع تشغيل وتحفيز فريقاً من القرود إذا ما ألقت لهم ببعض الموز، أما إذا أكلت كل الموز وألقت لهم بالقشر، فلا تنتظر منهم إلا...     

وللحديث بقية أن شاء الله...

الأربعاء، 16 أكتوبر 2013

أوباش البريد المصري !!...


هذه الكلمة "أوبـاش" فرضت نفسها مؤخراً، وكأنها خرجت علينا برائحتها النتنة من إحدى صناديق قمامة سوق الجمعة، فالكلمة وأن كانت عربية، إلا أن تداولها مؤخراً جعلنا أتخيل صفات وأخلاق هؤلاء الأوغاد الأوباش...

فالأوباش وهم سفلة الناس وأحطهم أخلاقاً، لا يعقل أن تستحضر ليتطابق  وصفها  مع صفات هؤلاء القوم من أساتذة الجامعة والأطباء والمهندسين والمحامين وغيرهم والمشهود لهم بالكفاءة والأخلاق الحميدة، أو هؤلاء الركع السجود بنهار وليالي شهر رمضان المبارك، فللأوباش صفات وعادات أخري يعرفها للأسف قاطني سوق الجمعة!!..

فالخلاف والنزاع السياسي والفكري أو الفئوي قد يحول البعض من ذوي العقول المريضة لنعت الآخرين بتلك الصفات، للتأثير على الرأي العام وسلباً لحقوق ومواقف الآخرين، وهو ما يحدث بمعظم مؤسسات الدولة ومرافقها، وما أكثر المطبلين وأصحاب المصالح، فكلما خرجت مجموعة أو فئة للمطالبة بحقوقها سواء السياسية أو الفئوية، يفتح عليها صناديق قمامة سوق الجمعة برائحتها النتنة، وألفاظها العفنة، والتي قد تصل كما سمعنا بالمطالبة بإخراج هؤلاء الأوباش من وطنيتهم ومصريتهم، وكأننا عدنا لثقافة قوم لوط الذين أرادوا إخراج آل لوط من قريتهم، لجرمهم البالغ الفادح بأنه أناس يتطهرون!!..

وهؤلاء الأوباش في البريد المصري - طبقاً لتصنيف سوق الجمعة- لا يزالون بين الحين والآخر ومنذ عام 2008 يتظاهرون ويسطرون صفحـات شبكات التواصـل الاجتمـاعي بمطـالبهم لتصحيح أوضـاع يرونها فسـاداً متراكـماً لسنوات في هيئتهم، أدت لخسائر فادحة وإهـدار أمـوالها  وأمـوال مودعي صندوق التوفير، أو المطالبة بالمساواة بزملائهم بالشركة المصرية للاتصالات، أو بالعاملين بالبنوك، حيث يقـوم البريد المصري بإدارة أموال تقدر بنحو 15% من إجمالي حجم الإيداعات بالبنـوك المصرية، ولديها أكثر من 20 مليـون عميـل بصنـدوق التوفير، أو المطالبة بإرباح شركة اتصـالات مصر التي تساهم فيها الهيئة بنسبة 20% منذ عـام 2006، وغيرها من المطالب العادلة المنصفة لحقـوق جمـوع العاملين، فلا نجـد إلا بضـاعة سوق الجمعة الراكدة!!..

هؤلاء الأوباش الآن - طبقاً لتصنيف سوق الجمعة- محاصرون ومضطهدون ويمنع عنهم الوظائف والمزايا المالية، وعلى وشك نزع وطنيتهم ومصريتهم وبريديتهم، ذلك لأنهم أناس يتطهرون!!..

وللحديث بقية أن شاء الله... 

السبت، 12 أكتوبر 2013

خـوارج البريد المصري!!.


استدعاء لفظ ومدلول كلمة الخوارج في تلك الأيام يدعـو للخـزي والعـار، خاصة مع حالة الإقصــاء والتشرذم الحالي في المجتمع المصري، وتكـرار اللفـظ وإسقاط مدلـوله من بعض شيوخ السلطة على مواطنين مصريين يزيد من هذا الخـزي والحـزن.

فالخوارج هم الفرقة التي نفضـت بيعة علي بن أبي طالب رضي الله عنه، بعد موقعة الصفين، حين قبـل بمبـدأ التحكيم بينه وبين معاوية رضي الله عنه، بعد أن رفـع موالـيه المصحف على أسنة السيوف، ولذلك كانت تلك التسمية، وقد قبـلوا بتلك التسمية لأنهم فسروه خروجـاً طلبـاً للحـق والعـدل ومحاربة لأئمة الجـور والفسق، وأن خروجهم إنما هو جهاد في سبيل الله، فكان خروجهم أشبه بالثورة والانتفاضة المستمرة التي استمرت نحو أكثر من قرن من الزمن ضد كل من يرونه حاكماً ظالماً مستبداً.

وعلى الرغم من قلة المراجع والروايات التاريخية التي تناولت مواقف تلك الفرقة، وتعمد إظهار الجانب السيئة في مذهبهم واعتقادهم عبر تشويه قاسي بسبب مواقفهم في مواجهة الحكام منذ الخروج الأول لهم، ثم مواجهتهم المستمرة لخلفاء بني أمية وبني العباس بالقوة وانتهاج مبدأ وجوب الثورة المسلحة على أئمة الجـور والفسق، ورغم خطأ عقيدتهم وأفكارهم ومخالفته لسماحة الإسلام ونهجه، نتعجب من استدعاء اللفظ ومدلوله في تلك الأيام الصعبة!!.          

فالآن كل من يخالف أو حتى يمتعض أو يبدي رأياً أو فكراً مخالفاً يوضع في سلة هؤلاء الأوباش الخوارج، فأما أن تكون من الدواخل وتعيش في كنف وفيض من ديباج المعز وذهبه، أو من الأوباش الخوارج فلا تجد إلا نصل المعز وسيفه!!..

هكذا الحال الآن في البريد المصري، إذا كنت تتسأل عن معايير شغل الوظائف القيادية، ومدي توافقها مع الهيكل التنظيمي المعتمد، ومع القانون والشفافية والعدل في الاختيار، أو تدعو لتصحيح وضعية ما تم ترقيتهم بالزور والواسطة والرشوة، بما يحقق العدل والمساواة لكافة العاملين، فأنت من المشاغبين مثيري المشاكل... وإذا كنت تنادي بضرورة الإفصاح عن القوائم المالية للبريد المصري والشركات التابعة والشقيقة، والملايين التي تضخ في تلك الشركات الخاسرة والاستثمارات الفاشلة التي أدت لخسائر فادحة ومتتالية عبر عدة سنوات سابقة، فأنت من الحاقدين الأوباش... أما إذا كنت لديك مدونة متواضعة تسطر فيها فضائح ما يحاك بهذا المرفق العريق من هدر أمواله وأموال مودعي صندوق التوفير، وتقدم بلاغات مؤيدة بالمستندات للنيابة العامة ونيابة الأموال العامة العليا، من أجل منع استمرار تلك المهازل، فأنت من الخوارج المارقين!!..
      
كل ما ينقص البريد المصري الآن، هو شيخ بعمامة يفتي لإجراء ما يلزم حيال هؤلاء الأوباش الخوارج، شيخ يمكن استدعائه من سوق الجمعة!!..   

وللحديث بقية أن شاء الله... 
Ashraf_mojahed63@yahoo.com

السبت، 5 أكتوبر 2013

أسلمة البريد المصري !!...


مصطلح الأسلمة شاع خلال العقدين الماضيين، مع ظهور وتنامي الحركات والتيارات الإسلامية في مصر، حيث أطلقه الليبراليون والعلمانيون بكثافة على كل من يريد التوجه إلى تطبيق الشريعة الإسلامية، خاصة في مجـالات المعرفة والأفكار والعادات الاجتماعية والاقتصادية.  

وتاريخياً فأن هذا المصطلح كان يتردد أثناء توارث أسرة محمد على حكم مصر كرد فعل طبيعي لعمليات التغريب والعلمنة، التي تدفقت بقوة أثر عودة البعثات التعليمية بالعديد من أبناء الوطن من أوروبا، وانبهار هؤلاء المفكرين والعلماء بنمط الحياة الغربية مقارنة بالواقع المصري المتدهور آنذاك، وحالياً نجده شائعاً في المؤلفات والأبحاث والكتب الغربية، بقصد التخويف والترهيب فكرياً من العودة لشريعة الإسلام الأولي، ويستخدمه بعض مثقفينا الليبراليين والعلمانيين في هذا السياق، بينما يعترض عليه معظم قيادات وفقهاء التيار الإسلامي، الذين يرون عدم دقة وانضباط  المصطلح لغوياً، إذ يعتقدون أن الدعوة للتمسك بالإسلام عودة إلى  طبيعة المجتمعات العربية الأصيلة وليست أمراً جديد يراد فرضه.        

ومثل تلك الدعوات حتى ولو كانت شكلية  في الغالب، كالسماح لمضيفة في شركة طيران بارتداء الحجاب، أو ظهور مذيعة محجبة بقناة تليفزيونية، أو المطالبة بقصر بيع الخمور والمشروبات الكحولية بالمناطق السياحية، تجد معه تجيش لتلك الماكينة الإعلامية بهجومها الكاسح خشية البدء بما يسمي الأسلمة!!.. بينما نجد ثمة اتجاهات وممارسات مجتمعية مماثلة يسكت عنها، تتماشي مع مصالح وتوجهات شخصية أو حزبية، كالذي يحدث في البريد المصري.
 
فقيام البريد المصري، بتنظيم مسابقة لحفظ القرآن الكريم سنوياً للعاملين بإشراف الأزهر الشريف، وتقديم جوائـز لأداء العمرة بالسحب على دفاتـر التوفيـر، والقيـام بصـرف إعانـات لبعـض الأسرة المسلمة الفقيرة نيـابة عن الأزهر، أو التعاون مع ديـوان مظالم رئاسة الجمهورية في تلقـي الشكاوي والمظـالم، وأخيـراً الشروع في إصـدار دفتر توفير إسلامي، يدار عن طـريقة هيئة شرعية، لا يجـدها البعـض شكلاُ من إشكـال تلـك الأسلمة المزعـومة!!..  

ورغم يقيني الجازم بصلاحية النهج الإسلامي المعتدل لكل مكان وزمان، ليشمل جميع مناحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية، ويكاد يكون من وجهة نظري هو الحـل الأمثل والوحيد لخروج تلك الأمة من عثرتها، إلا أنني أربا باستخدام تلك الهيئات الخدمية والمرافق الحكومية، التي تؤدي خدماتها لعامة المواطنين في أغراض وأهداف تتماشي مع سياق وأفكار مراحل بعينها، تتقلب بين الحين والآخر حسب الطلب، كما استخدمته من قبل لجنة سياسات الحزب الوطني، حيث تم إخضاع وتوظيف طاقاته وموظفيه لأغراض شخصية انتخابية وسياسية آلت في نهاية المطاف لخسائر فادحة ونهب ثرواته وهدر طاقاته وضياع جزء من أموال مودعيه.

عـراقة البريـد المصري تكمـن في كـونه يتسع للجميـع، كبـلادنا العزيزة لن تنهـض إلا بالجميع... 

وللحديث بقية أن شاء الله...

الثلاثاء، 1 أكتوبر 2013

دفتر توفير إسلامي !!..


التأكيد على اعتزام البريد المصري إصدار دفتر توفير إسلامي خلال الربع الأول من عام 2014، أمر بجد يثير الدهشة في هذا التوقيت تحديداً، لأسباب متعددة، تاريخياً ودينيـاً وسياسياً...

فمن الناحية التاريخية، لم يكن المشروع الإسلامي بعيداً عن فكرة إصدار دفتر توفير البريد، حين تم الشروع في إنشائه عام 1901، فعندما تولي "سابا باشا" إدارة البوستة المصرية عام 1887، واهتمامه البالغ في إنماء ملكة الادخار بين أفراد الشعب، قـام بإرسال خطـابات إلى جمـيع الإدارات البريدية في العالم وبعض المصارف العالمية طالبـاً أن تطلـعه على النظـم المتبـعة في إنشاء مثل هذه الأوعـية الادخــارية، وعلى القوانين المتعلـقة بها، وكان من ضمن ملاحظـاته التي أبداهـا حيـن البدء في المشروع أن بعض مسلمي الهند كانوا يودعـون أمـوالهم في صندوق التوفير ولا يقبلـون ربحـاً لأسباب دينية، فنص في مشروعه المقترح بأن يكـون للمودعين حـرية إيـداع أمـوالهم بغير ربح، كما رأي من باب التشجيع أيضاً أن يجعـل من حـق المودع أن يشترط استثمار ودائعـه في الأعمـال المقبـولة شرعاً، مستنـداً في ذلـك إلى فتــوى شرعية أصـدرها الشيخ الأمـام "محمد عبـده" مفتي الديار المصرية في ذلك العهد، فكان لهذه الفتوى أثر عظيم في تشجيع المسلمين على إيداع أموالهم بصندوق التوفير. 

أما من الناحية الدينية، واختلاف الرؤى حول شرعية الفائدة الممنوحة على أموال المودعين، خاصة وأن معظمها يتم إيداعه ببنك الاستثمار القومي، لتمويل الخطة الاستثمارية للدولة، يجعل من شرعيتها محل شك وريبة، خاصة وأن من أباح تلك الفائدة نفر قليل من علماء الأزهر المحسوبين على سلطة الدولة، يعضده الاتجاه الحالي بإصدار دفتر توفير إسلامي، مما يعني أن دفتر التوفير الحالي يتناقض مع مبادئ الشرع الإسلامي في تحريمه للربا، رغم استمرار منح الحرية للمودع أن يقبل تلك الفائدة أو لا يقبلها، ناهيك عن فشل تجربة دفتر توفير الاستثمار، الذي إصداره البريد المصري منذ عدة سنوات دون تحديد لعائده، وتم غلقه بعد ضياع جزء كبير من أموال مودعيه في البورصة.

ومن الناحية السياسية، فلا شك أن الطائفة الغالبة الآن سياسياً تري في كل ما هو مشروع إسلامي، كابوساً وارتداد حضاري وتخلف عن مبادئ المواطنة والمساواة، ولن تجد غضاضة في رفع دعاوي قضائية لوقف المشروع، باعتبار أنه يخالف الدستور ويخالـف المبادئ التي أرستها في عـدم التمييز بين المواطنين على أساس ديني، بحجـة أنه سيفتح مجـالاً لمطالبة الأخـوة الأقبـاط بفتح دفتر توفير مسيحي، أو اعتراض طوائف أخـري لهذا التمييز.   

الأكثر من تلـك الدهشة، هو التأكيـد عليها بعد 30 يونيو، وثبــات الدكتور/ أشرف جمال الدين، رئيس مجلس الإدارة الحالي على موقـفه، بالإعلان عن المضي قدمـاً في المشروع رغم يقيـنه بالموجـة العاتية والمتطرفة على كل ما هو إسلامي، والمحاولات المتكررة من البعض بوضعه في خندق من أتي به رئيساً لمجلس إدارة البريد المصري.    
      
وللحديث بقية أن شاء الله...
Ashraf_mojahed63@yahoo.com