الجمعة، 15 أبريل 2011

البريد المصري والشراكة الأجنبية...



من الأخـبار التي أزعجتني أخيـراً، خبر قيـام البريد المصري بضخ الدفعة الأولي من المساهمة بـ"صندوق مصر لرأسمال النمو"، والذي قدرت بحوالي 25 مليون جنيه، ضمن اجمالي مساهمته البالغة 72 مليون جنيه، على أن يتم اختيار الشركات المستحقة للتمويل مع شركاء الصندوق، مؤسسة أبراج كابيتال الإماراتية، ومنظمة الأوبيك التابعة للحكومة الأمريكية، حيث سيتم تخصيص نحو 40 مليون دولار من رأسمال الصندوق لدعم مركز الإبداع التكنولوجي وريادة الأعمال التابع لوزارة الاتصالات (موقع أموال الغد 28/3/2011)... وقد تم إقرار إنشاء هذا الصندوق المصري الأمريكي الإماراتي برأسمال 80 مليون دولار أمريكي عقب استقبال الدكتور أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء السابق مع الوفد الأمريكي لريادة الأعمال (صحيفة الأهرام 12/1/2011).


الأزعاج لم يكن بسبب الشراكة الأجنبية التي كانت من أهم سمات حكومة رجال الأعمال السابقة، والتي سخرت إمكانات الدولة ومؤسساتها لخدمة شركات وأعمال خاصة للبعض منهم، بل كان بسبب استمرار هذا النهج بعد ثورة 25 يناير، والإصرار على استكمال ما شرع فيه وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات السابق بضخ أموال مودعي صندوق التوفير في مشاريع تكنولوجيا عملاقة على حد قوله.

فالبريد المصري ومع بزوغ الفكر الجديد في عام 2002، ويخطط له لاستنزاف موارده وهتك كيانه الاقتصادي في شراكات واستثمارات، لا نعرف من بيده قرارها، ومن هي تلك السلطة المختصة لإدارة تلك الأموال على هذا النحو ؟!.. والتي بدأت بصورة مبكرة حتى قبل صدور القانون رقم 67 لسنة 2010 بشأن تنظيم مشاركة القطاع الخاص في مشروعات البنية الأساسية والخدمات والمرافق العامة بسنوات عدة، فالشراكة مع شركة فيدكس العالمية على سبيل المثال، للسماح لها باستقطاع شباك من كل مكتب بريد لاستقبال بعائث البريد السريع لتصديرها بواسطة الشركة طبقاً لأسعار خدماتها، بحجة التقليل من خسائر أسعار لاتوازن البريد السريع مع بعض البلدان الأجنبية عام 2003، كانت سابقة خطيرة اتبعت بالعديد من تلك الشراكات، خاصة الأجنبية منها.


هذه الشراكات والاستثمارات ارتفـعت بشكل غير مسـبوق لتتجــاوز نحـو 19 مليــار جنيه بنهاية العام المالي السابق 2009/2010 (صحيفة البورصة بتاريخ 14/3/2011).


هذا القلـق والريبـة يتـزايد يومـاً بعد يوم، مع الكشف عن وقائـع فساد أعترف بها مؤخـراً بإحـالة بعـض مسـئولي الهـيئة لاتهامهم بإثبات قيمة أرباح عملاء صندوق التوفير بأقل من قيمتها الحقيقية بمبلغ 400 مليون جنيه بالحساب الختـامي لصنـدوق التوفـير عن السنة المالية 2008/2009 (صحيفة الوفد بتاريخ 10/3/2011)... وكذلك ما نشر من تقرير للجهاز المركزي للمحاسبات عن العام المالي السابق من تلاعب في ميزانية الهيئة لسد عجز قدره 67 مليون جنية (صحيفة المصري اليوم 24/3/2011).


أذاً الأمـر يستلزم إدارة تلـك الأمـوال بصـورة أكثر شفافـية وطبـقاً للمعايير التي تلتـزم بها كـافة البنـوك المصرية الخـاضعة لرقـابة وتدقـيق البنك المركـزي المصـري والجهـاز المركـزي للمحاسبات، حفـاظاً على أمـوال المـودعين وأصـول وممتلكـات البريد المصري من أيـادي بعض العابثـين والفاسـدين وأصحـاب الأفكـار الجديـدة.


وللحديث بقية أن شاء الله...

Ashraf_mojahed@yahoo.com

الأربعاء، 6 أبريل 2011

الفساد في البريد المصري !!..



نشرت صحيفة المساء بتاريخ 7/3/2011 تأكيداً للمهندس هاني محمود، رئيس مجلس إدارة البريد المصري، أنه سيلتقي بالعاملين بالمناطق التي تم إيقاف العمل فيها.. مطالباً بعدم إلقاء التهم دون مستندات رسمية تؤكد صحتها، كما نشرت صحيفة الجمهورية بتاريخ 27/3/2011 اعتراف الدكتور ماجد عثمان وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بحكومة تصريف الأعمال بوجود فساد في الهيئة القومية للبريد، ولكننا لا يجب أن نبالغ في النشر عن هذا الفساد، مشيراً إلى أنه عند مراجعة ميزانية الهيئة تبين عدم ظهور مبلغ 400 مليون جنيه في خطأ مقصود وتحولت موازنة الهيئة إلى رابحة بمبلغ 25 مليون جنيه.

والواقع أن الفساد في البريد المصري لا يحتاج إلى مستندات رسمية تؤكد صحتها، أو الاعتراف بوجوده، فهو واضح وضوح الشمس، ولا يمكن اختزاله في واقعة أو وقعتين، ومن لديه دراية بسيطة بقواعد المحاسبة الحكومية يعلم مدى ما حدث من تلاعب بالحساب الختامي للهيئة خلال السنوات السابقة، وحجم المخالفات والتقارير التي سجلها الجهاز المركزي للمحاسبات على تلك الحسابات الختامية، خاصة مع الإصرارعلى عدم تصويبها أو معالجة منهجية تلك المخالفات المتكررة عبر سنوات عدة.

هذا الفساد المالي الذي ظهر فجأة أعقاب ثورة 25 يناير بإحالة الخطأ المقصود للنيابة الإدارية لبعض مسئولي الهيئة وذلك لقيامهم بإثبات قيمة أرباح عملاء التوفير بأقل من قيمتها الحقيقية، يوجد عشرات مثله مقصود أيضاً، تتضمنه تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات، نشر بعضها بالصحف وبعضها لم ينشر، إلا أن بعضها تم حجبه عمداً من قبل الجهاز المركزي للمحاسبات على حد قول بعض أعضاء الجهاز الذين تقدموا بشكوي للمجلس الأعلى للقوات المسلحة ضد المستشار جودت الملط، جاء فيها "كما أنه حفظ تقارير عديدة بتقاضي بعض الوزراء مبالغ دون وجه حق مثل ماجد جورج وعلى مصيلحي والذي كان يتقاضي راتباً شهرياً قدره 170 ألف جنيه من هيئة البريد ولم يتم الإبلاغ عن ذلك" (صحيفة الأخبار بتاريخ 24/3/2011).


وهذا الفساد الذي أعنيه لم يكن فساداً مالياً فقط يستوجب التحقيق والمساءلة من قبل جهات تحقيق قضائية لإظهار الحقائق، بل كان أيضاً فساداً إدارياً، فكم القرارات الإدارية الصادرة بترقية العشرات من العاملين خلال الفترة السابقة وخاصة التي تمت خلال العام الماضي وبالأخص خلال شهر ديسمبر 2010 والتي بلغت نحو 313 قرار ترقية، أمر يبعث على الريبة، في ظل غياب وتجاهل القوانين الحاكمة لتلك الترقيات سواء كان قانون 47 لسنة 1978 أو قانون 5 لسنة 1991، فإنشاء عشرات الوظائف القيادية خارج نطاق تعليمات الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، وندب العشرات لوظائف قيادية بغية منح الحوافز والبدالات بدون وجه حق واستنزافاً لموارد الهيئة، وإرضاءً لقيادات ورموز الحزب الوطني، أضف إلى ذلك ما ينشر عن رواتب وبدالات ومزايا تلك القيادات، وكوكبة المستشارين الذين وصل عددهم لنحو 50 مستشاراً يتم حالياً مراجعة عقودهم، طبقاً لما ورد بصحيفة الجمهورية بتاريخ 27/3/ 2011 يستوجب التحقيق والمساءلة والمراجعة أيضاً..

هذا الفساد ما كان ليستمر ويستفحل أمره خـلال السنوات السابقة لولا مبـاركة قيـادات سياسية وحزبية نافـذة، فإشـادة الأمين العـام للحزب الوطني السابق صفوت الشريف خـلال معرض "وعـد فأوفـى" بالدور الذي تلعبه الهيئة القومية للبريد في تقديم الخدمات المجتمعية للمواطن والمساهمة الفعلية في دفع عجلة التنمية الاقتصادية (صحيفة اليوم السابع 4/11/2010)، وتكريم أمانة الحزب الوطني بالقاهرة للدكتور أشرف زكي، رئيس الهيئة القومية للبريد السابق على مجهوده خـلال الشهور الماضية على إزالة أسباب شكوى العاملين في الهيئة والحرص على التواصـل معهم (صحيفة اليـوم السـابع 27/7/2010).. تلك الشهادات كفيلة بأن نجزم أن البريد المصري قابـع على بركـان من الفسـاد المـالي والإداري بخضوع قياداته السابقة لإرادة وتوجيهات الحزب الوطني، التي سـخرت هذا المرفـق الهـام لأغـراض حزبيـة وسياسية لإنجـاح مشروع التـوريث، والتي مازالت حتى الآن تعبـث بمكـرٍ بالليـل والنهـار من خــلال الطـابور الثاني باسم الثورة والثوار.


وللحديث بقية إن شاء الله..