الأربعاء، 25 يونيو 2014

إشكالية البريد المصري !!..




إشكالية البريد المصري الآن لا تختلف كثيراً عن إشكالية باقي مؤسسات الدولة، إلا وهي إشكالية تجزر منظومة الفساد، والتي بلغت الأعناق لا الركب كما قيل قبل ثورة يناير!!..

فالإشكالية وهي من المصطلحات الوافدة على اللغة العربية وتعني مجموعة من المشاكل المترابطة بموضوع واحد لا يمكن حلها منفردة، إذ أن نتائجها المتشابكة في الغالب ما تثير الارتياب والشك بعدم الإقرار بالثبات أو النفي على حد سواء...

ففي الوقت الذي ترفع فيه الدولة شعارات الإصلاح والتنمية ومطالبة المواطنين ببذل المزيد من الجهد والعمل وإعلاء مصلحة الوطن، لا تستطيع من جانبها كبح تلك المنظومة الفاسدة التي انتشرت رائحتها، وصارت منهجاً لمؤسسات وهيئات عريقة، ومنها بالقطع البريد المصري!!..

تلك الإشكالية تكمن في الضغط المستمر لتغييب عقل ووجدان المواطن البسيط  في محاولات مستميتة لإقناعه بالصورة المزيفة والفاضحة، ولإدخال ذهنه ووجدانه في تناقض بين ما يراه من فساد واقع من قياداته وهدر لحقوقه الإنسانية البسيطة وتلك الضغوط الهائلة عليه للاستسلام للأمر الواقع وتسليم زمام حياته ومستقبل أبنائه لهؤلاء الفاسدين!!..

وتجسيداً لتلك الإشكالية كمثال، ففي الوقت الذي نري فيه السيد وزير الاتصالات مؤخراً يحاول إقناع بعض العاملين بضرورة توفير مصابيح الكهرباء المستخدمة نهاراً، نجده في ذات الوقت يغض الطرف عن استخدام السيد رئيس مجلس الإدارة لثلاث سيارات من ماركة تويوتا ومرسيدس بمفرده، ونجدها أيضاً في إصرار الإدارة العليا بإخضاع العاملين المخالفين للتحقيق من قبل محققين يتم اختيارهم من قبل رؤسائهم، في حين نجدهم لا يخضعون للتحقيق حتى من قبل الجهات الرقابية الخارجية!!..

تلك هي الإشكالية التي وصف بها الله بني إسرائيل موبخاً "أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ" إشكالية قديمة وحديثة وفي كل العصور والأزمنة، بغياب القدوة الحقيقية والمثل العملي الواقعي، والتي ضربه لنا النبي صلي الله عليه وسلم حين كان يربط حجرين على بطنه الشريفة من الجوع أثناء حفر الخندق..

تلك هي إشكالية البريد المصري، وإشكالية المجتمع المصري ومؤسساته، ولن يتقدم البريد المصري ولا المجتمع المصري بمؤسساته المختـلفة إلا بحل تلك الإشكالية بشئ من العدالة الاجتماعية والصدق والواقعية لا بالكذب والنفاق والدعاية الزائفة... 

وللحديث بقية أن شاء الله...