السبت، 15 أكتوبر 2011

البريد المصري والمادة 41 من اللائحة!!..



في مصر القديمة، مصر الفرعونية، كان النظام القائم نظاماً مركزياً، محوره الفرعون المستبد، يعاونه في استبداده هامان وجنوده (وزارة الداخلية)، وقارون وأتباعه (وزارة المالية) وكهنة المعبد وحواريه من السحرة والمصفقين والمطبلين لحكمه من أصحاب المنافع والمصالح... فالاستبداد يتطلب قوة غاشمة ومال فاسد وسلطة دينية وقضائية تزين الحق باطل والباطل حق، وتبيح الحرام وتحرم الحلال، وتدعم رؤية الفرعون بالأدلة والأسانيد "مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ" سورة غافر/29.
.
وكما كان في مصر القديمة، استمر الحال في مصر الحديثة، يتمسك الحاكم أو الرئيس بالسلطة المركزية، مستعيناً بما استعان به أسلافه من الحكام والرؤساء، بالقوة الغاشمة، والمال الفاسد، وكهنة المعبد وأصحاب المنافع والمصالح.
.
والبريد المصري وسائر الهيئات والمصالح الحكومية في مصر تدار بذات الطريقة ونفس المنهجية، فالإدارة مركزية، وسلطة الرئيس فيها مطلقة لا حدود لها، ويعاونه في ذلك الأمن والمباحث والقطاع المالي وبعض ترزيه القوانين وأصحاب المنافع والمصالح، الذين يزينون للرئيس الحق باطل، والباطل حق، ويبدعون في تفسير نصوص اللوائح والقوانين لتحقيق وجه نظر سيادته، في ظل غياب الأجهزة الرقابية وتغلغل ما كنا نغـط فيه من فساد منذ احتلال رجال لجنة السياسات بزعامة نجل الرئيس المخلوع لمعظم الهيئات والمصالح الحكومية.
.
وخير مثال على مصداقية تلك الرؤية، ما صدر من قرارات وترقيات لبعض العاملين بالبريد المصري في عهد الدكتور علي مصيلحي ممن ساعدوه في الانتخابات البرلمانية عام 2005، وما حصلوا عليه من عطايا ومكافأت وحوافز خلال تلك الفترة، وأتبعه في ذلك المهندس علاء فهمي، بجلب عشرات من المستشارين لإدارة الهيئة دون النظر لمؤهلاتهم أو كفـاءاتهم، وما أصـدره من قـرارات وترقيـات للعـديد من العاملين ومنحهم حوافز ومكافأت تفـوق خيـال العقـلاء بالبريد المصري، وكذلك الأمر باستخدام القـوة والاعتقال ضد بعض العاملين بمنطقة بريد كفر الشيخ أثنـاء الإضـراب عن العمل عـام 2009(صحيفة المصري اليوم 8/5/2009)، ثم جاء دور الدكتور أشرف زكي ليصدر قرارات وترقيات لبعض العاملين ومنحهم حوافز ومكافأت تفوق خيال من ليس له عقل بالبريد المصري.
.
كل هذا الفساد لم يكن لينمو ويتضخم لولا كهنة المعبد وأصحاب المنافع والمصالح، والمتسلقون الذين يعرفون من أين تأكل الكتف، باللعب على كافة الأوتار بتغيير جلودهم وألسنتهم ليتوافقوا مع كل رئيس وكل صاحب سلطة... فمن يراجع نص المادة 41 من لائحة شئون العاملين بالهيئة القومية للبريد الصادرة بالقرار الوزاري رقم 70 لسنة 1982 وتعديلاته، يتبين له أن هؤلاء الكهنة وأصحاب المنافع والمصالح وترزيه اللوائح والقوانين هم المفسدون الأصليون، حيث أهدروا بها كافة القوانين المنظمة لترقية العاملين بالدولة سواء القانون 47 لسنة 1978 أو القانون 5 لسنة 1991، بإعطاء سلطة لرئيس مجلس الإدارة في اختيار من يشاء لشغل الوظائف القيادية بالهيئة دون النظر للمدد البينة أو اشتراطات شغل هذه الوظائف أو الإعلان عنها ... " إذا أظهر العامل كفاية خاصة وتميزاً ظاهراً في أداء أعمال وظيفته بما يؤهله لتحمل أعباء وظيفة أعلي من وظيفته وأن لم تتوافر فيه شروط شغلها أو الترقية إلى الدرجة المخصصة لها بسبب المدد الزمنية، فلرئيس مجلس الإدارة أن يكلفه بالقيام بأعباء هذه الوظيفة الأعلي، وفي هذه الحالة يستحق الميزات المقررة للوظيفة الأعلي من بدلات وغيرها،فإذا أحسن القيام بأعبائها أخذ ذلك في الاعتبار عند الترقية في نسبة الاختيار بحيث تكون له الأولوية قبل أعمال الأقدمية في نسبة الاختيار".
.
وعليه أصبح الترقي للوظائف الأعلي مقصوراً على أصحاب المنافع والمصالح، والمصفقين والمطبلين بالتكليف والإسناد... فساد إداري لم يعرف له مثيل، بعشرات القرارات الإدارية المتناقضة والمخالفة للقوانين، توجها الدكتور أشرف زكي قبل رحيلة بحزمة من القرارات الإدارية خلال شهر ديسمبر2010 ليزيد من احتقان العاملين وتذمرهم ودفعهم دفعاً للتناحر والخصومة بسبب ما أصدره دون إدراك لمجاملة البعض أو لاستكمال مسيرة الفساد في البريد المصري.
.
والآن وقد أخذ أصحاب المنافع والمصالح والمصفقين والمطبلين مواقعهم القيادية، فهل اعتراف الإدارة الحالية بخطأ تلك القرارات بإصدار القرار الإداري رقم 1828 بتاريخ 25/9/2011 لاتخاذ الإجراءات حيال تلك القرارت التي صدرت بتكليف بعض العاملين للقيام بوظائف إشرافية أو قيادية خلال الشهور الثلاثة الأخيرة من عام 2010 كافية ؟!.. لا أعتقد، فاللجنة المشكلة لبحث تلك القرارات ساهمت بشكل أو بآخر في تكييف وإصدار تلك القرارات، وكانت حاضرة وشاهدة على ما وقع من فساد...
.
البريد المصري في حاجة ماسة لترسيخ مبدأ الشفافية، والحرص على تكافؤ الفرص بين جميع العاملين به، شفافية جديدة، نظيفة، طاهرة، شفافية ثورة 25 يناير لا شفافية لجنة السياسات، الله لا يرجعها...
.
وللحديث بقية أن شاء الله...
Ashraf_mojahed63@yahoo.com