الأربعاء، 18 مايو 2011

مخصصات رئيس البريد المصري...


يبدو أنه كما أبدع المصريون القدماء في تقديس الحكام والملوك ليصبحوا آلهه آمرون، لا مرد لحكمهم وتصرفاتهم، أبدعنا نحن المصريون الجدد في الحفاظ على هذا الإرث الديكتاتوري الضخم على مدار سبعة آلاف سنة، فالرئيس في كل موقع إله غير قابل للنقد أو الحساب، هو الرئيس وكلماته نافذه وتصرفاته راشدة واشارته أوامر، وكل من خالفه أو عارضه خارج على القانون وضال عن الطريق ومن عملاء الخارج... نحن المصريون عباقرة في صناعة فرعون وتحصينه وتلميعه وتمجيده سواء كان رئيس جمهورية أو رئيس قسم في مرفق مياه الصرف الصحي.
.
هذه المقدمة كانت ضرورية لإيصال الفكرة التي أيقنت حقيقتها مؤخراً، مع تصريح الدكتور سمير رضوان وزير المالية بحكومة تصريف الأعمال لصحيفة الوفد بتاريخ 17/5/2011 "أن مخصصات مؤسسة رئاسة الجمهورية بلغت 5 مليارات جنيه في العام وهي مذكورة في ميزانية الدولة في سطر واحد دون أي تفاصيل عن أوجه صرفه، مؤكداً أنه لا يعلم أين صرفت هذه الأموال".
.
ورغم التعجب من ضخامة المبلغ المخصص سنوياً لمؤسسة الرئاسة، والذي لا يمكن مقارنته بالمبالغ المخصصة لبعض مؤسسات الرئاسة بالبلدان الغربية المتقدمة كمخصصات البيت الأبيض بالولايات المتحدة الأمريكية أو مخصصات قصر الإليزيه بفرنسا، إلا أن الأعجب هو أن المبلغ المذكور يكتب في ميزانية الدولة في سطر واحد دون أي تفاصيل، فالرئيس ورجاله فوق ذكر هذه التفاصيل التافهه أو تحديد أوجه صرف تلك المبالغ التي يفترض أنها حصلت كضرائب من دماء المصريين الغلابة، فالرئيس هو الرئيس ولا رئيس غيره.
.
وبذات المنطق أجاب المهندس علاء فهمي رئيس مجلس إدارة البريد المصري الأسبق حينما سئل في حوار بصحيفة اليوم السابع بتاريخ 2/7/2009 عن راتبه فأجاب أن الحديث عن المرتب "ميصحش إن حد يتكلم فيه"... وقبله ترددت بعض الأقاويل بشكوي بعض العاملين بالجهاز المركزي للمحاسبات للمجلس الأعلي للقوات المسلحة ضد المستشار جودت الملط "بأنه حفظ تقارير عديدة بتقاضي بعض الوزراء مبالغ دون وجه حق مثل ماجد جورج وعلى مصيلحي والذي كان يتقاضي راتباً شهرياً قدره 170 ألف جنيه من هيئة البريد ولم يتم الإبلاغ عن ذلك" (صحيفة الأخبار بتاريخ 24/3/2011).
.
باختصار مازال في مصر حتى بعد ثورة 25 يناير أنه لا يحق لأحد السؤال عن راتب أو مخصصات الرئيس، سواء كان رئيس جمهورية أو رئيس البريد المصري، ومن ثم لا يحق لأحد كذلك الاستفسار والسؤال عن رواتب ومخصصات السادة المستشارين أو أصحاب العقود المميزة بالبريد المصري، من بدلات وحوافز وانتقالات وغيرها، فجميعها من البنود السرية في الميزانية، وما يذكر في تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات والأجهزة الرقابية الأخري أرقام تسجل من باب تدريب واختبار القائمين على إعداد تلك التقارير على إجراء العمليات الحسابية من جمع وطرح وضرب...
.
وتحياتي لشهداء ثورة 25 يناير ، وتحياتي كذلك لكل رئيس...
.
وللحديث بقية أن شاء الله...
Ashraf_mojahed@yahoo.com