الخميس، 15 نوفمبر 2012

مجلس إدارة البريـد المصري !!..


بموجب المادة السادسة عشر من القانون رقم 19 لسنه 1982 بإنشاء الهيئة القومية للبريد، والتي جعلت من مجلس إدارة الهيئة السلطة المهيمنة على شئون الهيئة وتصريف أمورها، وله أن يتخذ ما يراه لازماً من قرارات لتحقيق الأغراض التي أنشئت من أجلها، دون التقييد بالقواعد والنظم الحكومية... حدث ما حدث، وحدث ولا حرج، فهذا زمن ترعي فيه الذئاب الغنم!!..

في البداية، نشير إلى أن مجلس إدارة الهيئة يتشكل بموجب المادة الرابعة عشر من نفس القانون من خمسة عشر عضواً بالإضافة إلى رئيس المجلس على النحو التالي:
- ثلاثة أعضاء من المديرين بالهيئة ...
- مستشار الدولة رئيس إدارة الفتوى لوزارة الاتصالات.
- عشرة أعضاء من ذوي الخبرة المعنيين بنشاط الهيئة ...
- أحد أعضاء النقابة العامة للهيئة ...

وافتراضاً للشفافية والمثالية وحسن الظن وسماحة النفس، ماذا تظن بهؤلاء المختارين من قبل السيد وزير الاتصالات والمعلومات، سوى التفاني في خدمة الهيئة، وبذل المزيد من الجهد وإنكار الذات، وعلو المصلحة العامة والقومية على المصالح الشخصية والمنفعة الذاتية وغيرها... وخاصة عندما نستعرض الأسماء التي شملها القرار الوزاري رقم 330 لسنة 2006.

تلـك كانت البدايـة، أما الموضــوع فقــد عمــد مجلس الإدارة خــلال عــام 2006 على استصــدار القــرار الوزاري رقــم 330 بتـاريخ 17/12/2006 ليحــل محـــل القــرار الوزاري رقـــم 76 بتــاريخ 16/4/2003، وذلك بغية رفع نسبة مكافأة أعضاء مجلس الإدارة من فائض الميزانية السنوية من 1% إلى 2% بالإضافة إلى صرف مبلغ 1500 جنيه (صافي) كبدل حضور جلسات، و1500 جنيه (صافي) كبدل انتقال لكافة أعضاء المجلس ورئيس المجلس عن كل جلسة، على الرغم من قيام كافة الأعضاء تقريباً باستخدام السيارات الحكومية بحكم وظائفهم، وبإجمالي نحو 000ر152ر1 جنيه سنوياً للبدلات فقط، بخلاف بدلات وانتقالات اللجان والاجتماعات الغير دورية الأخرى وغيرها... حيث عمد إلى تشكيل لجان متشابة الاختصاص دون تحديد دور تلك اللجان مثل: لجنة الاستثمار العليا ولجنة الاستثمار المباشر واللجنة الفنية للاستثمار، وإشراك بعض الأعضاء في اللجان الثلاثة أو في لجنتين، ثم دمج تلك اللجان الثلاثة في لجنة واحدة، بعد فضحها من قبل مراقبي الجهاز المركزي للمحاسبات، والعجز عن تبرير إنشاء تلك اللجان الثلاثة سوى الحصول على بدلات حضور وانتقالات.

وطبــقاً للقرار المشار إليه يتم توزيع تلك المكافأة لأعضــاء المجلس من غير العاملين بالهيئة طبــقاً لفائض الحساب الختامي على دفعــات شهرية، وتصرف تلك المكافأة مضاعفة لرئيس مجلس الإدارة، بينما تصرف نصف المكافأة للأعضاء العاملين بالهيئة (المــادة الثالثة)، على أن تحسب نسبة المكافأة 2% من الفائض المحقق بالميزانية الختامية المعـدلة لعــام 2005/2006 بالنسبة لمكــافأة عام 2007 (المــادة السادسة)...

أما عن أرقام تلك الفوائض كما وردت بالحسابات الختامية للهيئة، فهي كالتالي، تاركاً لكم حساب نسبة الـ 2% ونصيب كل عضو من السادة الأعضاء، اللهم لا حسد!!..
فائض العمليات الجارية  2003/2004    280ر769ر105 جنيه
فائض العمليات الجارية  2004/2005    821ر414ر126 جنيه
فائض العمليات الجارية  2005/2006    486ر153ر136 جنيه
فائض العمليات الجارية  2006/2007    002ر653ر201 جنيه
فائض العمليات الجارية  2007/2008    385ر704ر208 جنيه
فائض العمليات الجارية  2008/2009    279ر710ر59   جنيه
فائض العمليات الجارية  2009/2010    081ر817ر23   جنيه
عجـز العمليات الجارية  2010/2011     904ر240ر716 جنيه

 
ثم وقعت الواقعة وانكشف المستور وتبين أن تلك الفوائض ليست نتاج أرباح حقيقية، وإنما نتــاج تلاعب بعض العاملين بالحساب الختامي لإظهــاره محقـقاً فائضـاً علي غير الواقع، واعتمــاده سنوياً من مجلس الإدارة، وذلك لزيــادة المكافأة السنوية الممنوحة لهم دون وجه حق، وهو ما ظهر جليــاً عندما قام المهندس/ هاني محمود، رئيس مجلس إدارة الهيئة السابق، ووزير الاتصالات الحالي، بإبلاغ النيابة الإدارية عن بعض المسئولين بالهيئة واتهامهم بإثبــات أرباح عملاء التوفير بأقل من قيمتها بمبلغ 428 مليون جنيه بالعام المالي 2007/2008 مما ترتب عليه صرف مكافآت لرئيس وأعضاء مجلس إدارة الهيئة بلغت ما قيمته 2ر5 مليون جنيه دون وجه حق ومازالت القضية محل نظر المحكمة التأديبية بعد التحقيقات التي أجريت بمعرفة النيابة الإدارية.

واستدراكاً لهذا التلاعب، خرج علينا الثعلب الذي قيل أنه من جلدتنا ومن أبناء عمومتنا، لتثبيت تلك المكافأة الشهرية لأعضاء المجلس بواقع 30000 جنيه (صافي) لرئيس المجلس، و10000 جنيه (صافي) للسادة الأعضاء من خارج الهيئة، و5000 جنيه (صافي) لسادة الأعضاء من العاملين بالهيئة، بخلاف بدل حضور الجلسات بواقع 1000 جنيه (صافي) لكل جلسة، رغم تحقيق عجز بالحساب الختامي خلال العامين الماضيين، وكأن المجلس براء من تلك الخسائر كبراءة الذئب من دم ابن يعقوب!!..

أمــا عن المبالغ التي حصل علي السادة الأعضــاء السابقون دون وجـه حــق، فهي في ذمتـهم إلى يــوم القيامة، وكذلك في ذمـة السيد المستشار الدكتور/ عبد المجيد محمود، النائب العام، حيث تقدمت ببلاغ سجل برقم 4085 بتاريخ 11/11/2012 (بلاغات النائب العام) بهذا المعني للتحقيق فما تم صرفه خــلال الأعوام المشار إليها، والله وحده من وراء القصد.

وللحديث بقية أن شاء الله...

الأربعاء، 7 نوفمبر 2012

دعـــوة بريديــة !!..


" تمجيداً لثورة 25 يناير، وتقـديراً لدمـاء الشهداء والمصابين، يتشرف السيد المهندس/ هانـي محمود، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بدعوة كافة العاملين بالبريد المصري، ولمن يمتلك منهم أوراق أو مستندات أو وثائق تفوح منها رائحة الفساد أن يتقدم بها للنيابة ".

هذه الدعــوة ليست من قبيـل المـزاح أو الضحـك، ولكن هذه الدعـــوة هي مضـمون ما قالـه السيد الوزيـر لأعضــاء الاتحــاد النوعي للنقابات المستقـلة للبريـد المصري خــلال لقـائه بهم في مكتـبه بالقـرية الذكيــة يــوم الثلاثـاء الموافــق 30/11/2012، عندما طــالبوه بإحــالة تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات للنيــابة العامة (صحيفة الصباح 4/11/2012).

دعـوة جـادة وصريحة وتفتح الباب أمام من يمتلك الشجاعة من العاملين بالبريد المصري، ولا حجـة ولا يأس بعد الآن، فالبـاب مفتــوح، والنائب العـام يستقبل البلاغــات والشكاوي، ولكن ما يؤرقني هو حــالة اليأس التي انتابـت البعض من كثرة البلاغــات التي قدمــت للنيابة العامـة والنيابة الإدارية، ولم تسفر حتى الآن عن إزاحــة مسئول واحــد من تلك القيادات الفاسدة، بل العكس يتم ترقيـتهم والتجـديد لمن يبلغ السن القانوني للمعاش، وكأنها تحقيقات كتحقيقات قتلة ثــوار ميدان التحرير أو موقعة الجمل، قتـيل بلا قاتـل، وجريمة بلا فاعــل.

وكأن منطق أهل الشرك والجاهلية الأولي عاد مرة أخري، إذا ما سرق الشريف تركوه، وإذا سرق الضعيف أقاموا عليه الحد... ولنا في قصة المرأة المخزومية مثل وقدوة، فقد أراد حب رسول الله صلي الله عليه وسلم أسامة بن زيد أن يتوسط لتلك المرأة السارقة، وكانت من بني مخزوم أشرف قبائل العرب، وما أن نطق أسامة يطلب العفو عنها، بعد أن حكم عليه النبي صلي الله عليه وسلم بقطع يدها، فغضب غضباُ شديداً وقام على ركبتيه، ورفع صوته، وقال: ويحك! أجئت تشفع في حد من حدود الله، ثم قام وخطب في الناس فقال: "يا أيها الناس، إنما أهلك الذين من قبلكم، أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها"... هكذا ترقي الأمم، وتنهض حضارتها، ويظهر شموخها وتعلو منارتها، بالعدل والحق والمساواة، لا بالتحقيقات والبلاغات التي لا تسفر إلا عن علو الظالمين وترقية الفاسدين...

لا عجب أذاً من دعــوة السيد الوزير، وأشــد على دعــواه لكافة الأخوة العاملين بالبريد المصري، ولمن يمتلك منهم مستندات ووثائق، وأناشدهم أن يتقدموا بها للنائب العام، ولا يأس ولا استسلام ولا انهزام ، فرغم ثبات الأوضـاع الفاسدة بعد ثورة 25 يناير، ورغم تحكم هؤلاء في مفاصل الدولة وأعمدتها، ورغم ما نــراه من علو الفاسدين واستبداد الظالمين، إلا أنه لا طريــق لنا ولا خلاص إلا بفضح هؤلاء وإزاحتهم عن مناصبهم حتى ولو قامت ثورات وثورات، ولا عــزاء لدمــاء الشهداء والمصابين.

وللحديث بقية أن شاء الله...




الجمعة، 2 نوفمبر 2012

يتامى البريد المصري !!...


عندما يصف مستشار وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات المـال العـام داخـل هيئة البريد بأنه "مال يتامى" تعرف حجم الكارثة، ذلك لأنه أصـاب كبـد الحقيقة، بأنها فعلا أموال يتامى، فكانت لآكلها ومهدرها حـوباً كبيراً.

واليتامى جمع يتيم، وهو من فقد أباه، وسمي كذلك لإنفراده وضعفه وعدم قدرته على تصريف شئونه، وأتفق الفقهاء على أن اليتيم من فقد أباه ولم يبلغ مبلغ الرجال، من قوله تعالي "وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ"... وقد شدد الله عز وجل على أكل مال اليتامى بقوله "وَلاَ تَأْكُلُوۤاْ أَمْوَاٰلَهُمْ إِلَىٰ أَمْوَاٰلِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوباً كبيرا" فذكر أن أكل أموال اليتامى حوب كبير، أي إثم عظيم ، ولم يبيّن مبلغ هذا الإثم من العظم، ولكنه بيّنه في موضع آخر في قوله "إِنَّ ٱلَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْواٰلَ ٱلْيَتَـٰمَىٰ ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِى بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً".

أما في البريد المصري، فالبعض يبدو أنه تلذذ بأكل أمواله، ونهب ممتلكاته، بكافة السبل والطرق، فتحت ذريعة التطوير والتحديث، والاستثمار والمشاركة، وغياب الضمائر والقيم، وسبات الأجهزة الرقابية في نومها العميق أو مشاركتها في موائد المنفعة وجني الفوائد، صارت أموال البريد المصري، كأموال اليتامى كما وصفها بدقة مستشار الوزير.

أمثلة عديدة لا أستطيع حصرها بسبب ما وجدناه من هذا الحوب الكبير، فالأوراق كثيرة والمستندات تنضح بروائح الفساد، أذكر بعضها فقط على سبيل الإيضاح :
- المشاركة في معارض ومنتديات ومؤتمرات، مثل الملتقي الإبداعي للبريد المصري، ومعارض أفريقيا تيليكوم، ومؤتمر البريد الأورومتوسطي... فالموافقة على الاشتراك في معرض أفريقيا تيليكوم كراعي ذهبي عام 2008 كلف الهيئة نحو مليون ومائتين ألف جنيه على النحو التالي: 250000 جنيه قيمة الاشتراك في المعرض، 500000 جنيه قيمة إيجار أرض المعرض، 50000 جنيه قيمة المصاريف (محضر اجتماع مجلس الإدارة رقم 196 بتاريخ 8/5/2008)، ولا أحد يعرف ما العائد من الاشتراك وتنظيم تلك المعارض والمنتديات !!...
- اعتماد صرف مكافأة قدرها 1500 جنيه بدل حضور جلسات مجلس الإدارة وكذلك 1500 بدل انتقال لكافة أعضاء المجلس ورئيس المجلس عن كل جلسة (المادة الرابعة من القرار الوزاري رقم 330 بتاريخ 17/12/2006) ومازال ، وكأن تلك الاجتماعات تتم في خارج البلاد، ورغم قيام أعضاء مجلس الإدارة بالكامل باستخدام السيارات الحكومية سواء من الهيئة أو من خارجها.
- سفريات البعض إلى خارج البلاد، كسفر الدكتور/ أشرف زكي، رئيس مجلس الإدارة السابق خلال شهر ديسمبر 2010، والسيد/ مسعد عبد الغني، رئيس مجلس الإدارة السابق في مايو 2012 بمصاحبة وفد من البريد المصري لإيطاليا، وذلك بغية توقيع عقد لتسهيل تحويل أموال المصريين المقيمين بإيطاليا، والذي يبلغ عددهم نحو 750 ألف عامل، والذي أسفر في نهاية المطاف عن حوالة مالية وحيدة خلال عامين.

أمثلة عديدة يصعب سردها، فأموال البريد المصري فعلاً أموال يتامى، لا صاحب لها ولا رقيب عليها، ونظل نحن أبناء البريد يتامى لا والد لنا ولا كافل، يتامى لم نبلغ بعد سن الرجولة، ولا نجد من يحمي أموال هذا الصرح من النهب والاغتصاب.

وللحديث بقية أن شاء الله...