الأربعاء، 6 أبريل 2011

الفساد في البريد المصري !!..



نشرت صحيفة المساء بتاريخ 7/3/2011 تأكيداً للمهندس هاني محمود، رئيس مجلس إدارة البريد المصري، أنه سيلتقي بالعاملين بالمناطق التي تم إيقاف العمل فيها.. مطالباً بعدم إلقاء التهم دون مستندات رسمية تؤكد صحتها، كما نشرت صحيفة الجمهورية بتاريخ 27/3/2011 اعتراف الدكتور ماجد عثمان وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بحكومة تصريف الأعمال بوجود فساد في الهيئة القومية للبريد، ولكننا لا يجب أن نبالغ في النشر عن هذا الفساد، مشيراً إلى أنه عند مراجعة ميزانية الهيئة تبين عدم ظهور مبلغ 400 مليون جنيه في خطأ مقصود وتحولت موازنة الهيئة إلى رابحة بمبلغ 25 مليون جنيه.

والواقع أن الفساد في البريد المصري لا يحتاج إلى مستندات رسمية تؤكد صحتها، أو الاعتراف بوجوده، فهو واضح وضوح الشمس، ولا يمكن اختزاله في واقعة أو وقعتين، ومن لديه دراية بسيطة بقواعد المحاسبة الحكومية يعلم مدى ما حدث من تلاعب بالحساب الختامي للهيئة خلال السنوات السابقة، وحجم المخالفات والتقارير التي سجلها الجهاز المركزي للمحاسبات على تلك الحسابات الختامية، خاصة مع الإصرارعلى عدم تصويبها أو معالجة منهجية تلك المخالفات المتكررة عبر سنوات عدة.

هذا الفساد المالي الذي ظهر فجأة أعقاب ثورة 25 يناير بإحالة الخطأ المقصود للنيابة الإدارية لبعض مسئولي الهيئة وذلك لقيامهم بإثبات قيمة أرباح عملاء التوفير بأقل من قيمتها الحقيقية، يوجد عشرات مثله مقصود أيضاً، تتضمنه تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات، نشر بعضها بالصحف وبعضها لم ينشر، إلا أن بعضها تم حجبه عمداً من قبل الجهاز المركزي للمحاسبات على حد قول بعض أعضاء الجهاز الذين تقدموا بشكوي للمجلس الأعلى للقوات المسلحة ضد المستشار جودت الملط، جاء فيها "كما أنه حفظ تقارير عديدة بتقاضي بعض الوزراء مبالغ دون وجه حق مثل ماجد جورج وعلى مصيلحي والذي كان يتقاضي راتباً شهرياً قدره 170 ألف جنيه من هيئة البريد ولم يتم الإبلاغ عن ذلك" (صحيفة الأخبار بتاريخ 24/3/2011).


وهذا الفساد الذي أعنيه لم يكن فساداً مالياً فقط يستوجب التحقيق والمساءلة من قبل جهات تحقيق قضائية لإظهار الحقائق، بل كان أيضاً فساداً إدارياً، فكم القرارات الإدارية الصادرة بترقية العشرات من العاملين خلال الفترة السابقة وخاصة التي تمت خلال العام الماضي وبالأخص خلال شهر ديسمبر 2010 والتي بلغت نحو 313 قرار ترقية، أمر يبعث على الريبة، في ظل غياب وتجاهل القوانين الحاكمة لتلك الترقيات سواء كان قانون 47 لسنة 1978 أو قانون 5 لسنة 1991، فإنشاء عشرات الوظائف القيادية خارج نطاق تعليمات الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، وندب العشرات لوظائف قيادية بغية منح الحوافز والبدالات بدون وجه حق واستنزافاً لموارد الهيئة، وإرضاءً لقيادات ورموز الحزب الوطني، أضف إلى ذلك ما ينشر عن رواتب وبدالات ومزايا تلك القيادات، وكوكبة المستشارين الذين وصل عددهم لنحو 50 مستشاراً يتم حالياً مراجعة عقودهم، طبقاً لما ورد بصحيفة الجمهورية بتاريخ 27/3/ 2011 يستوجب التحقيق والمساءلة والمراجعة أيضاً..

هذا الفساد ما كان ليستمر ويستفحل أمره خـلال السنوات السابقة لولا مبـاركة قيـادات سياسية وحزبية نافـذة، فإشـادة الأمين العـام للحزب الوطني السابق صفوت الشريف خـلال معرض "وعـد فأوفـى" بالدور الذي تلعبه الهيئة القومية للبريد في تقديم الخدمات المجتمعية للمواطن والمساهمة الفعلية في دفع عجلة التنمية الاقتصادية (صحيفة اليوم السابع 4/11/2010)، وتكريم أمانة الحزب الوطني بالقاهرة للدكتور أشرف زكي، رئيس الهيئة القومية للبريد السابق على مجهوده خـلال الشهور الماضية على إزالة أسباب شكوى العاملين في الهيئة والحرص على التواصـل معهم (صحيفة اليـوم السـابع 27/7/2010).. تلك الشهادات كفيلة بأن نجزم أن البريد المصري قابـع على بركـان من الفسـاد المـالي والإداري بخضوع قياداته السابقة لإرادة وتوجيهات الحزب الوطني، التي سـخرت هذا المرفـق الهـام لأغـراض حزبيـة وسياسية لإنجـاح مشروع التـوريث، والتي مازالت حتى الآن تعبـث بمكـرٍ بالليـل والنهـار من خــلال الطـابور الثاني باسم الثورة والثوار.


وللحديث بقية إن شاء الله..

ليست هناك تعليقات: