السبت، 20 أغسطس 2011

شفافية البريد المصري !!..

.

عندما تسمع كلمة شفافية نتذكر على الفور حكومة الدكتور أحمد نظيف، فالشفافية والنزاهة كانتا كلمتان لا تفارقان شفاه وزرائه ومسئوليه، خاصة الدكتور يوسف بطرس غالي وزير المالية الأسبق، حيث ظهرت نزاهته مؤخراً بما صدر عليه من أحكام قضائية، والدكتور أحمد درويش، وزير التنمية الإدارية، أستاذ الشفافية الإدارية، والتي لطالما أشار إليها فيما يتم من تعيينات وترقيات في الجهاز الإداري بالدولة، والتي انجبت هذا الجيل من القادة الإداريين من أتباع الحزب الوطني المنحل أو ممن جاءوا من على ظهور الدبابات، أو من أصحاب الحظوة والرشوة والمال الفاسد... نزاهة وشفافية سوف ندفع ثمنها جميعاً سنوات عديدة حتى تستقيم الأمور.
.
هذه الشفافية طالت بالقطع البريد المصري، فأصابته بقطيع من المستشارين والخبراء مع تولي الدكتور علي مصيلحي رئاسة مجلس الإدارة، أبان قدوم سادة الفكر الجديد من أعضاء الحزب الوطني المنحل، ثم استبدلهم المهندس علاء فهمي بقطيع آخر أشد فتـكاً ونهــماً وتسلـطاً وعلـواً، متستراً خـلف القرار الوزاري رقم 99 لسنة 2007 بشأن التعاقدات مع ذو الخبرة المتخصـصة، فأصبحت القوانين المنظمة لشئون العـاملين بالدولة سـواء القـانون 47 لسنة 1978 أو القانون 5 لسنة 1991 لا تساوي الأحبار التي كتبت بها.
.
هذه الشفافية بلغت ذروتها مع قدوم الدكتور أشرف زكي رئيساً مؤقتاً للبريد المصري، فالترقيات وشغل الوظائف القيادية أصبحت دون رابط أو ضابط، خاصة ما صدر من قرارات خلال شهر ديسمبر 2010، فصاحب الدرجة الثالثة الكتابي أصبح مديراً، وصاحب الدرجة الثانية الإداري أصبح مديراً عاماً، وأصحاب الخبرات الخاصة أصبحوا رؤساء قطاعات ونواب، وكلها شفافية !!..
.
هذه الشفافية تجلت بعد ثورة 25 يناير بالإعلان عن تشكيل لجنة من وزارة الاتصالات لمراجعة تقييم عقود السادة المستشارين بالبريد المصري، والتي أسفرت عن الاستغناء عن 28 من أصل 50 مستشاراً كانوا يحصلون على نحو 30 مليون جنيه سنوياً بخلاف بدلات حضور جلسات تصل لنحو 1500 جنيه للجلسه الواحدة، بالإضافة إلى مكافأت تشجعية وإنتاجية تصل لنحو 9.9 مليون جنيه، ونحو 6 مليون جنيه أخري مكافأت عن حضور جلسات لجان وأعمال أخري، بإجمالي 19 مليون جنيه سنوياً، وذلك طبقاً لما أوردته جريدة البورصة بتاريخ 26/4/ 2011.
.
أخر مظاهر تلك الشفافية ما أعلن مؤخراً عن أن الهيئة ستفصح عن ميزانيتها بصورة دورية، وبالفعل تم الإعلان بالموقع الإلكتروني للبريد المصري عن الملامح الرئيسية لميزانية العام المالي 2010/2011 حيث ذكر بند الأجور وما في حكمها من مكافأت وبدلات وحوافز لجموع العاملين البالغ عددهم 50 ألف نحو 1083604108 جنيه، بينما أجور السادة ذوي الخبرة المتخصصة في جميع المجالات (المستشارين) نحو 7141650 جنيه وهو ما يعادل نصف في المائة... الملاحظ أن الموقع ذكر نسبة النصف في المائة فقط، دون أن يذكر عدد هؤلاء المستشارين، الذي يعتقد أنهم 22 مستشاراً من أصل 50 مستشار تم الاستغناء عن 28 منهم، أي بمتوسط راتب شهري يبلغ 27000 جنيه، بينما جملة ما اتقضاه شهرياً من راتب وحوافز لا يتعدي 1900 جنيه، رغم مرور نحو أكثر من ربع قرن على عملي بالبريد المصري... منتهي الشفافية !!..
.
لا أتعجب من تلك الشفافية الباهتة، فمازالنا نسير في ركاب ذيول قيادات الحزب الوطني وحكومة الشفافية والنزاهة، قيادات من نفس الرحم، ولكن بولادة كولادة أطفال الأنابيب فرصة نجاحها ونموها ضيئلة وضعيفة...
.
وللحديث بقية أن شاء الله...
Ashraf.mojahed@gmail.com

ليست هناك تعليقات: