السبت، 28 يناير 2012

المستور في البريد المصري !!...

.

التصريحات الإعلامية الرنانة التي يطلقها رؤساء مجالس إدارة البريد المصري المتعاقبين واحد تلو الآخر، تجعل من الحليم حيران، ومن الواعي نعسان، فمنذ ثورة 25 يناير المجيدة ونحن نقرأ ونسمع تلك التصريحات، دون أن نري إجراءات عملية وفعالة ضد ما استشري من فساد!!..
.
ففي البداية جاء المهندس هاني محمود، رئيس مجلس الإدارة الأسبق، ومستشار وزير الاتصالات لشئون البريد حالياً، مصرحاً "بأنه لا تهاون مع أي مخالفات، ومن سوف تثبت إدانته سيتم تحويله إلى الشئون القانونية، مشدداً على أنه لا تستر على الفساد داخل الهيئة" (صحيفة اليوم السابع 10/3/2011). ثم أعقبه الدكتور طارق السعدني، رئيس مجلس الإدارة السابق مؤكداً "أنه لا تستر على أي فساد، وسيتم الضرب بيد من حديد على أي تجاوزات مالية وإدارية سيتم اكتشافها، وسوف يحاسب أي مخالف مهما كانت سلطته ومنصبه" (صحيفة الأهرام 12/5/2011، وصحيفة اليوم السابع 1/12/2011). وأخيراً الأستاذ مسعد عبد الغني، رئيس مجلس الإدارة الحالي موضحاً "أنه سيهتم بالأفكار غير التقليدية والمبتكرة لتطوير الهيئة وبابه سيكون مفتوحاً للجميع بلا استثناء إلى جانب الإعلان عن القرارات بكل شفافية، ولا تستر على أي شبه فساد" (صحيفة اليوم السابع 22/12/2011)، بينما أعترف الدكتور ماجد عثمان وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات السابق من قبل بوجود فساد في الهيئة القومية للبريد (صحيفة الجمهورية 27/3/2011).
.
تصريحات متكررة ومتعاقبة تعكس الحيرة والقلق على مستقبل هذا الصرح العظيم، هذا البناء العريق الذي يعد من أقدم الهيئات والمصالح الحكومية في مصر، صرح أسسه وحافظ علي كيانه عظماء منذ نحو 150 عاماً من العمل المتواصل والنضال المتوالي ليصل في نهاية المطاف إلى يد مجموعة من اللصوص ونهابي المال العام من أعوان وأنصار الحزب الوطني المنحل ولجنة سياسته بإدارة دفته وأمواله بدعوة التطوير والتحديث وفق مصالح وأهواء شخصية.
.
والفساد المتستر عليه في البريد المصري، من وجه نظري المتواضعة لم يكن فساداً مالياً وإدارياً فقط، بل كان فساداً أخلاقياً واجتماعياً بكل ما تعنيه الكلمة، ساهم فيه البعض من أبناء الهيئة المنتفعين سواء بالمشاركة أو بالسكوت أو اللامبالاة، فساد تشم رائحته الكريهة من مدخل الباب الرئيسي حتى نهاية الطرقات، فساد منظم، فأضحي نظاماً محكماً يصعب فك بنيانه وجدرانه، فساد يعلمه الصغير قبل الكبير، ويتناقل أخباره الساعي والمدير ومواقع الانترنت.
.
هذا المستور الذي تفضحه بعض الصحف يوماُ بعد يوم بنشر تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات ومناقضاته على الحسابات الختامية للهيئة، يظهر لنا مدي تردي أوضاع البريد المصري في السنوات الخمسة السابقة، حتى وصل الأمر لتحقيق خسائر قدرت بنحو 650 مليون جنيه في العام المالي 2010/2011 ويتوقع تضاعف هذا الرقم في العام المالي الحالي، دون وجود صدي سوي التصريحات الرنانة من رؤساء مجالس إدارة البريد المصري وعدم اتخاذ إجراءات عملية وفعالة في إحالة تلك المناقضات والمخالفات للتحقيق بمعرفة الجهات المختصة، أو القدرة على الإفصاح بشفافية عن الحساب الختامي للهيئة، حتى يبعدوا عن أنفسهم الشبهات، ويدروا عن ذاتهم الاتهامات، فالمستور تعري، وانكشف وأصبح كالأغنية القديمة "على عينك يا تاجر ...".
.
البداية لن تكون بداية صحيحة، إلا بمراجعة الذات وحساب المفسدين، وإعادة ما نهب من أموال، ورد الحقوق لأصحابها، فالمستور أصبح مكشوف، ولا وزن ولا مكان بعد ثورة 25 يناير المجيدة لمن يتستر عليه!!..
.
وللحديث بقية أن شاء الله...
Ashraf_mojahed63@yahoo.com

ليست هناك تعليقات: