الخميس، 18 يونيو 2015

أيام في البريد المصري !!...

 
أسابيع قليلة وسأصل لنحو ثلاثة عقود من الزمن بالعمل في البريد المصري، ثلاثة عقود بحساب الأيام تصل لنحو 10950 يوماً، أيام في الغالب كانت مرة وعصيبة ولم يتخلــلها إلا بضــع أيام سعيدة، فمعظمـها كانت في عهد المخلوع مبارك، وما إدراك ما شهد عهده من فساد وضلال وضياع للحقوق!!..
 
أعتقد كذلك أن معظم العاملين في البريد المصري يشاركونني في الضيق والمرارة، فالكل شاهد أينما كان موقعه كيف تردت الأحوال وتسلق المتسلقون والطبالون لإدارة دفة هذا المرفق العظيم، والكل يرقب تخلفه وتراجعه عاماً بعد عام مالياً وإدارياً رغم إمكانياته الضخمة وموارده المالية والبشرية الهائلة!!..  
 
ومرارتي تلك قد تختلف كثيراً عن مرارة وضيق معظم العاملين الكادحين المقهورين بالمكاتب البريدية ومراكز التوزيع أو حتى الأكثر ترفاً في الإدارات العامة والمناطق البريدية، فالمرارة التي أعاني منها مرارة بها من الراحة والترف ما تفوق ما يخطر على بال جموع الزملاء، حيث لا أعمل أي شئ منذ فترة ليست بالقصيرة، فالإدارة العليا لا تريد مشاركتي العملية أو إبداعاتي البريدية أو حتى تلك الكلمات التي أسطرها بتلك المدونة!!..
 
فالمرارة نابعـة من منعي من العمل والمشاركة والتجديد والابتكار، فهؤلاء لا يحبون الكفاءات المخلصة، بل أغلقوا منافذ الحجرات والمكاتب على ثلة قليلة من أتباعهم ومريديهم، رغم الثبوت اليقيني بأن هؤلاء أصحاب تجارب فاشلة وساقطة أدت بالبريد المصري للتراجع عاماً بعد عام وتردي أوضاعه وهروب عملائه وتخلف خدماته المتنوعة!!..   
 
نابعة كذلك من تلك المحاولات المتكررة مع رؤساء مجالس الإدارة واحد تلو الآخر ومعظم نوابهم الأفاضل بغية تكليفي بعمل ملائم يتناسب مع خبراتي وتاريخي البريدي الطويل لنحو ثلاث عقود، فما وجدت منهم إلا تلك الابتسامات الباهتة والوعود الزائفة، وكأن نوحاً عليه السلام عاد من جديد، نوحاً بريدياً "وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُواْ مِنْهُ قَالَ إِن تَسْخَرُواْ مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ "...
 
البريد المصري يحتاج إلى سفينة نجاة؛ كسفينة نوح عليه السلام، سفينة خالية من الجهلة والفاسدين، فالنجاة مرهون بالكفاءة والإخلاص وطهارة اليد والعمل الصالح وتعاون الجميع على متنها، وإلا فالطوفان قادم لا محالة، سنة الله في عباده ولن تجد لسنة الله تبديلا !!.. 
 
وللحديث بقية أن شاء الله...
 

ليست هناك تعليقات: