الجمعة، 20 يونيو 2008

الكفاءات البريدية الدولية ..

.
كثير من العاملين بالحقل البريدي اليوم خاصة الشباب منهم لا يعرفون الكثير عن بعض الرجال الأفذاذ الذين صنعوا تاريخ البريد المصري والدولي، رجال حققوا نجاحات كبيرة وتفوق فاق كل تصور في مجال البريد سواء على الصعيد المحلي أو الصعيد الدولي، فالكثير منا لا يعرف محمد بك شرارة أو محمد إبراهيم صبحي أو ميشيل الراعي ...
.
التذكير بهؤلاء الرجال جعلني أسترجع تاريخاً طويلاً من تاريخ البريد المصري والبريد العربي... أسترجع قمم بريدية حقيقية لم يستطع أحد من الجيل السابق أو الجيل الحالي أن يلحق بهم، تذكرت هؤلاء القمم وأنا أتصفح موقع الاتحاد البريدي العالمي لمعرفــة آخر الأخبــار عن الاستعـدادات الخاصة بمـؤتمر البريــد العالــمي في يوليـو القــادم/ جنـيف 2008، فعندمـا وقعــت عيني على المذكــرة الرابعـة/المـؤتمر، الصــادرة بتاريـخ 20/5/2008 والخاصة بتشكيل الأمانة العامة للمؤتمر الرابع والعشرون، وبأسماء القائمين على مهام الأمانة العامة للمؤتمر لم أجد أسماء عربية إلا السيد/ عبد الإلة بوسته، أمين اللجنة الثامنة (التعاون من أجل التنمية) والسيد/ لحسن شويطر أميناً مساعدا لذات اللجنة ..
.
ودون الإسهـاب في التفـاصـيل التاريخـية أذكــر سـريعاً بهــؤلاء العظــماء الثــلاثة... فـالأول: محمـد بـك شــرارة، مـديـر مصـلحة البريــد اعتبــاراً مـن 10/1/1930 حـتى 1/6/1936، الذي استطاع بعبقريته الفذة وحكمته الفائقة أن يترأس ويدير أعمال المؤتمر العاشر للاتحاد البريدي العالمي بالقاهرة عام 1934، والذي من خلاله لفت انتباه العالم أجمع للتقدم التقني والحضاري للبريد المصري وتطور مشاريعة بصورة مضطردة وسريعة تواكب التقدم الأوروبي في هذا المجال، كما عمد إلى افتتاح متحف البريد المصري. والثاني: محمد إبراهيم صبحي، مدير عام هيئة البريد خلال الفترة من 4/7/1968 حتى 31/12/1974والذي حظي بتقدير كبير لحسن إدارته لهيئة البريد محلياً ودولياً فانتخب مديرا عاماً للمكتب الدولي للاتحاد البريدي العالمي خلال مؤتمر الاتحاد البريدي العالمي / لوزان 1974 ... أما الثالث: ميشيل الراعي، فكان أول مصري انتخب عام 1967 كأجنبي مديرا عاما للمكتب الدولي للاتحاد البريدي العالمي، حيث كان المنصب مقصوراً على المواطنين السويسريين فقط ..
.
هذه الكفاءات النادرة لم تكن وليدة الصدفة أو من رحم صناعي، بل كانت كفاءات نابعة من التوجه العام للإدارات البريدية العربية، التي كانت تعمل بجد واقتدار من أجل تفريغ باحثين بريديين وكفاءات دولية تستطيع التواصل مع العالم المتقدم ومسايرة ما يقدمونه من دراسات فنية وتقنية في مجالات الخدمة البريدية... أما الآن فالكفاءات في مجال البريد الدولي أصبحت محدودة للغاية، خاصة على المستوي العربي، ولا نجد إلا القليل جداً وباجتهادات فردية وشخصية، تحارب في كثير من الأحيان من عقول بالية ومتحجرة تزيد من تقوقعها، وانعزالها عن كل تطور وجديد في المجال البريدي.
.
فالبحث الفني والتقني في مجال الدراسات البريدية الدولية أصبح مهمشاً في كثير من البلدان العربية، رغم أهميته الكبري وحاجتنا إليه أصبحت ضرورة ملحة في ظل هذا الفيض الهائل من التحولات التقنية والاقتصادية للمنتج والسوق البريدي.. والتدليل على هذا التهميش تعزوه أسئلة كثيرة، مؤلمة أحياناً، والإجابة عليها قد تكون أكثر ألماً... فماذا قدم العرب خلال ثلاث أو أربع مؤتمرات بريدية سابقة؟ وأين هي الدراسات الفنية والمشاركات الإيجابية لمنظومة البريد الدولي ؟
.
ولا يسعنا إلا أن نشيد بكل من السيد/ عبد الإله بوستة، مدير إدارة التعاون من أجل التنمية، والسيد/ لحسن شويطر، رئيس برنامج تنمية الموارد البشرية والتدريب بالاتحاد البريدي العالمي، على جهودهما الرفيعة والمتميزة سواء على المستوي العربي أو المستوي الدولي كمديرين أكفاء بالاتحاد، ممثلين لكل العرب، رافعين للراية العربية في هذا المحفل الدولي الهام، ونتمني أن نشاهد مستقبلاً تقدماً عربياً في المجال البريدي الدولي يشارك ويسهم اسهاماً إيجابياً في المنظومة البريدية الدولية ..
.
وللحديث بقية ..
ashraf_mojahed63@yahoo.com

ليست هناك تعليقات: