الثلاثاء، 2 مارس 2010

شخصيات بريدية !!..


كان يا مكان في سالف العصر والزمان، رئيس مجلس إدارة للبريد المصري كان غلبان!!.. أعتذر، أقصد كان محترماَ وليس له في اللف والدوران والتحايل على القانون. الأستاذ/ رأفت خلوصي حسن، رحمه الله، عين رئيساً لمجلس إدارة الهيئة القومية للبريد خلال الفترة من 29/8/1996 حتى 7/3/1997 وتم تمديد له عام إضافي بعد بلوغه سن المعاش حتى 7/3/1998.

عرفته شخصياً وتعاملت معه في عدة مواقف مختلفة، كان مجتهداً ومثالاً للذكاء والانضباط والتفاني في العمل، وكذلك كان صاحب حضور وكرزمة مميزة، يجذب إليه من يتعامل معه، أهم ما كان يميزه براعته وكفاءته البريدية والإدارية، فكان رحمه الله، يمكث بمكتبه فترات طويلة لمراجعة وتدقيق ما يعرض عليه من مذكرات وأوراق، ويحمل ما تبقي منها للمزيد من الدراسة والفحص بمنزله لفترات طويلة من الليل، والتي لا تكاد تنفك منها ورقة إلا بتعليق جانبي أو طلب استفسار أوإعادة العرض لمزيد من تحري الدقة من البيانات، فكان كثير السؤال والتدقيق في كل كبيرة وصغيرة، ويتعامل مع الصغير والكبير بقدر كبير من الود والاحترام.

هذه المعلومات تيقنت منها أثناء التعامل معه، فأذكر ذات يوم أنه أرسل في استدعائي بمكتبه قبل موعد مغادرة العمل ببضع دقائق لمناقشتي في جملة ذكرتها بمذكرة تقدمت بها إليه، وأمتد النقاش معه لأكثر من ساعتين مستفسرا ومدققاً حتى في تركيبة الجملة لغوياً، وذلك قبل أن يؤشر على المذكرة بعبارة أوافق.

هذه البراعة والمواهب القيادية والإدارية النادرة سواء داخلياً وخارجياً وعلاقاته الواسعة دولياً، إلا أنه كان غلبان!!.. وأعتذر للمرة الثانية، وسوف أوضح لماذا كان كذلك؟!..لأنه ببساطة لم يستطع يوماً أن يلتف حول القانون أو يتلاعب بنصوصه أو يحصل على ميزة أو منفعة خارج حدود ما رسمه القانون، هذا ما شاهدته وعاصرته، رغم ما أتخذه ضدي ظلماً بسبب بعض الوشايات والأحقاد التي كيدت لي في ذلـك الوقت - سامحهم الله - فقد تبين خلال سنة مالية أنه قد حصل بحكم منصبه من راتب وبدلات ومزايا أخري على مبلغ تجاوز ما هو مقرر بالقانون رقم 105 لسنة 1985 بشأن الحد الأعلي للأجور، وقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 615 لسنة 1986 بأنه "لايجوز أن يزيد على 54 ألف جنيه سنويا مجموع ما يتقاضاه أي شخص يعمل في الحكومة أو وحدات الإدارة المحلية أو الهيئات أو المؤسسات العامة أو بنوك القطاع العام أو هيئات القطاع العام وشركاته، بصفته عاملا أو مستشارا، أو بأي صفة أخرى، سواء صرفت إليه المبالغ بصفة مرتبات أو مكافآت أو بدلات أو حوافز أو بأي صورة أخرى"... هذه الزيادة التي صرفها على مدار السنة المالية قدرت بنحو ثلاثة الآف جنية، قام بردها على الفور بعد حصرها احتراماً للقانون ولتقرير الجهاز المركزي للمحاسبات دون تردد أو مرواغة، تخيل!!..

موقفه هذا جعل ما ينشر ببعض الصحف عن رواتب وبدلات بعض العاملين بالبريد المصري حالياً والتي يقال أنها تجاوزت أكثر من ثمانيين أو مائة ألف جنية شهرياً كصحيفة المصري اليوم بتاريخ 4/5/2009 وصحيفة الدستور بتاريخ 28/12/2009 دون تعقيب أو إيضاح من إدارة البريد المصري، ظل حاكاً بصدري لعدة شهور حتى صدور حكم المحكمة الدستورية العلـيا بالقضية رقم 202 لسنة 28 قضـائية بتــاريخ 6/12/2009 بعدم دستورية نص المادة الثانية من القانون رقم 105 لسنة 1985 بشأن الحد الأعلى للأجور، وما فى حكمها، فى الحكومة ووحدات الحكم المحلى والهيئات والمؤسسات العامة والشركات والجمعيات، وسقوط قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 615 لسنة 1986، وبذلك أصبح التنويه والغمز عما ينشر ببعض الصحف، حديثاً باهتاً لا محل له، بينما أصبح صدري وكأن أمد بأنبوبة أوكجسين حديثة التعبئة...

ولا تعقيـب على أحكـام القضــاء المصري العــادل، وفي انتظـــار عدم دستورية تحــديد الحــد الأدنــي للأجـــور!!..
.
وللحديث بقية ...
Ashraf_mojahed63@yahoo.com

ليست هناك تعليقات: