الأحد، 14 أكتوبر 2012

البريديون يوم لا يَسْبِتُونَ !!..


في اعتقـادي أن الجـدل الدائـر الآن بالبريد المصري بشأن عدم العمل يوم السبت، ما هو إلا مكر وحيـلة لصرف انتبـاه العاملين عما يراد في الاستمرار للتغطية على ما به من فساد مالي وإداري، فإلهـاء جموع العاملين عما حـدث خـلال السنوات السابقة، ويحـدث حتى تاريخه أمـر أصبح مكشوف ومعـلوم للجميـع.

ودليـلي على ما أقـول، جملة ما أتخـذه الدكتور أشرف زكي رئيس مجلس الإدارة السابق من قرارات إدارية في شهر ديسمبر عام 2010 وقبل بلوغه سن المعاش بأيام، هذه القرارات التي بلغت نحو 313 قراراً إدارياً بترقية المحظوظين وأذناب الحزب الوطني المنحل وأبناء وأقارب بعض القيادات العليا بالهيئة، وبعض المتسلقين والمنتفعين من أصحاب الضمائر المريضة، والتي مازالت قائمة دون تغيير، حيث وعد المهندس/ هاني محمود، عند توليه مسئولية رئاسة الهيئة في يناير 2011 بمراجعة تلك القرارات، (صحيفة اليوم السابع 26/3/2011) ولكنه لم يفعل وقدم استقالته، ثم جاء الدكتور طارق السعدني، ليصدر القرار الإداري رقم 1828 بتاريخ 25/9/2011 بتشكيل لجنة لمراجعة وتقييم تلك القرارات التي صدرت خلال الشهور الثلاثة الأخيرة من عام 2010، ولكنها لم تفعل، وظل الحال كما هو عليه، حتى جاء السيد/ مسعد عبد الغني ليزيد من قيح الجراح بتعميق هذا الفساد، وتحويله لواقع مرير بالمنشور الإلحاقي رقم 200 بتاريخ 5/5/2012 بالتأكيد أن الوظائف التي سبق صدور قرارات إدارية بشغلها بطريق التكليف لا يتم المساس بها لحين خلوها، بل ازداد من فساده بما أصدره من قرارات إدارية بترقية بعض أصحابه وأتباعه، وبترقية البعض الآخر من خلال مسابقات هزلية، لغرض في نفسه ومصالح شخصية لا علاقة لها بالعمل.

وليوم السبت وأصحابه تحديداً قصة ذكرت في القرآن الكريم قد تكون مناسبة الآن وعبرة لأصحاب البريد المصري، قال الله تعالي في سورة الأعراف "وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ"، فأبطال هذه القصة جماعة من اليهود كانوا يسكنون في قرية ساحلية، ومن المعروف أن اليهود يقدسون يوم السبت ويخصونه بالعبادة ولا يعملون فيه، فأراد الله أن يختبرهم، فجعل الحيتان تأتي يوم السبت للساحل وتتراءي لأهل القرية بحيث يسهل صيدها وتبتعد بقية أيام الأسبوع، فانهارت عزائم البعض منهم واحتالوا الحيل بوضع الحواجز والشباك يوم السبت، فإذا قدمت الحيتان حاصروها يوم السبت ثم اصطادوها يوم الأحد، فانقسم أهل القرية لثلاثة فرق: فرقة عاصية تصطاد بالمكر والحيلة، وفرقة لا تعصي الله وتحذر من ارتكاب المنكر، وفرقة ثالثة سلبية، لا تعصي الله ولا تنهي عن منكر.

أشتد الجدال بين الفرقة الثالثة والفرقة الثانية الناهية عن المنكر وتقول لهم ما فائدة نصحكم لهؤلاء المحتالين؟ أنهم لن يتوقفوا عن احتيالهم، فكان إجابة الفرقة الناهية عن المنكر إننا نقوم بواجبنا لنرضي الله سبحانه وتعالي، ولا تكون علينا حجة يوم القيامة... وجاء أمر الله وحل بالباغين العذاب، ومسخهم الله وحولهم لقردة عقاباً لهم لإمعانهم في المعصية، وانجي الله المؤمنين الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، بينما سكت القرآن عن ذكر الفرقة الثالثة سلبية الموقف كما سكتوا، إهمالاً لهم وتوبيخاً لموقفهم، فكان الجزاء من جنس العمل سكت الله عنهم فلم يظهر مصيرهم ولم يعلنه لنا، فمصيرهم بيد الله وحده.

قصة رائعـة لها دلالات ومقاصد عظيمة لأصحـاب البريد المصري، فالتحـايل والتلاعب باللـوائح والقوانين والحيل الرخيصة، وإلهـاء العاملين عما يحـدث بالبريـد المصري من فساد مالي وإداري لن تفلح، فنهايتها معروفة مسبقاً، كما أن أصحـاب الفرقة الثالثة الصـامتة إتبـاع الموقـف السلبي فنهايتهم غير معروفة، بيد الله وحـده، أما أصحـاب الفرقة الثانية فنسأل الله أن يثبـتهم ويقـوي عزائمـهم وينجيـهم من كل سوء.

وللحديث بقية أن شاء الله ...

ليست هناك تعليقات: