الأحد، 17 أكتوبر 2010

أدبـاء وشعراء بطوابع البريد المصري ...


يمكن القول أن أهم ما يميز الإنسان العربي هو لسانه العربي، ذلك أن عبقرية العرب الأوائل ظهرت في لسانهم، وإنهم لم يعتزوا بشئ بقدر اعتزازهم بلغتهم، إذ لم تكن مجرد أداه للتفاهم كاللغات الأخري، بل كانت أكثر من ذلك حيث كانت المجال الأساسي الذي أنصبت عليه عبقريتهم وطاقتهم الفنية، ولا عجب إذاً أن يكون القرآن الكريم هو معجزة الأسلام... والأدب وبتطور الكلمة ذاتها على مدار التاريخ لم يعرف بصورته الحالية إلا أواسط القرن الماضي، فدلت الكلمة على معنيين: الأول معني عام يقابل كلمة Litterature الفرنسية التي يطلقها الفرنسيون على كل ما يكتب في اللغة مهما كان موضوعه، ومهما كان أسلوبه، سواء أكان علماً أم فلسفة أم أدباً خالصاً، فكل ما ينتجه العقل والشعور يسمي أدباً، والثاني خاص وهو الأدب الخالص، الذي لا يراد به مجرد التعبير عن معني من المعاني، بل يراد به أن يكون جميلاً، بحيث يؤثر في عواطف القارئ والسامع على نحو ما هو معروف في صناعتي الشعر وفنون النثر الأدبية مثل الخطابة والأمثال والقصص والمسرحيات والمقامات وغيرها...
.
وإذا ما أمعنت النظر بمجموعة الأدباء والشعراء الوارده صورهم ببعض طوابع البريد المصري، تكتشف للوهلة الأولي أن هذا الجيل قد رحل للأبد، ولن يأتينا مثل العقاد أو طه حسين أو المازني، لأسباب كثيرة تخلص في امتهان اللغة العربية وآدابها وتقليص دورها وتدريس قشورها، وتعمد جهل قواعدها وفنونها... فهذه دعوة من خلال صورهم والتعريف بهم لإحياء تراث الآباء والأجداد، لنلتمس فيه طريقاً نجمع فيه بين القديم والحديث، بين الموروث والمعاصر، نسير بدروب أفاقهم وعبقريتهم التي فقدناها، والابتعاد عن كل ما هو هابط وساقط وقبيح!!..
.
- أحمد شوقي / 1868- 1932 ...
ولد أحمد شوقي الملقب بأمير الشعراء، في حي السيدة زينب بالقاهرة، من أسرة ميسورة الحال تتصل بقصر الخديوي، التحق بمدرسة المبتديان الابتدائية، ثم المدرسة التجهيزية الثانوية، وحين أتم المرحلة الثانوية التحق بمدرسة الحقوق ثم مدرسة الترجمة. أرسله الخديوي إلى فرنسا لاستكمال دراسته الجامعية والتي حصل عليها في عام 1893، عاد إلى مصر أوائل عام 1894، ونفاه الإنجليز إلى الأندلس عام 1914 أثر اندلاع الحرب العالمية الأولي، وعاد للقاهرة من منفاه عام 1920، أشتهر بشعره النابع من الوجدان، فنظم شعراً في مديح الرسول صلي الله عليه وسلم وفي الشوق للوطن وفي التاريخ وللأطفال، ألف العديد من القصص والمسرحيات شعرية، منحه الله موهبة شعرية فذة، وفطرة موسيقية بارعة، إذ بلغ نتاجه الشعري ما يزيد عن ثلاثة وعشرون ألف بيت من الشعر باختلاف أنواعه من مديح ورثاء وغزل وحكمه وهجاء، وقد جمع شعره في ديوان سماه "الشوقيات" ثم قام الدكتور محمد صبري السربوني بجمع أشعاره الأخري المتناثرة وصنع منها ديوناً جديداً أطلق عليه "الشوقيات المجهولة"... توفي في أكتوبر عام 1932 ودفن بالقاهرة، وتم تحويل منزله المسمي كرمة أبن هانئ لمتحف عام 1972.
.
- حافظ إبراهيم / 1872- 1932 ...
ولد حافظ إبراهيم الملقب بشاعر النيل، بديروط بمحافظة أسيوط، من أسرة كريمة، مات والده وهو في الرابعة من عمره، فتكفله خاله، حيث غادر معه للعيش في مدينة طنطا، وانتهي به الأمر بالتعرف هناك على المحامي محمد أبو شادي أحد زعماء ثورة 1919، والذي مكنه من الإطلاع على الكثير من كتب الأدب وأعجب بشعره، عمل بالمحاماه لفترة ثم التحق بالمدرسة الحربية في عام 1888 وتخرج ضابطاً برتبة ملازم بالجيش، ثم التحق بوزارة الداخلية، إلا أنه ثار مع بعض زملائه على الأوضاع، فأحيل للتقاعد، ثم عين مديراً لدار الكتب في آخر أيامه... ويعد من أبرز الشعراء العرب في العصر الحديث، يعتبر شعره سجلاً للأحداث، يسجلها بدماء قلبه وعنان روحه، ويصوغ أدباً قيماً يحث النفوس ويدفعها إلى الهمة والنهضة، سواء أضحك في شعره أم ابكي ... جمع شعره في ديوان موحد، كما ترجم العديد من القصائد والكتب لشعراء وأدباء الغرب مثل شكسبير وفيكتور هوجو... توفي في يونيه 1932.
.
- أحمد لطفي السيد / 1972 – 1963...
ولد أحمد لطفي السيد، والملقب بأستاذ الجيل، بقرية برقين مركز السنبلاوين بمحافظة الدقهلية، بعد أن أنهي دراسته الثانوية التحق بمدرسة الحقوق وتخرج منها عام 1889 وعمل بالمحاماه، وشارك في تأسيس حزب الأمة عام 1908، فكان أمينه العام، وحرر صحيفة الجريدة وكان من أعضاء الحزب الوطني، ثم تحول إلي حزب الأحرار الدستوريين، وعين مديراً لدار الكتب المصرية، ثم مديرا للجامعة، وتم تعيينه وزيرا للمعارف، وأخيرا ترأس مجمع اللغة العربية عام 1950 حتى وفاته... تأثر بأفكار الشيخ محمد عبده وجمال الدين الأفعاني، وتبني الأفكار الليبرالية، وتعليم المرأة، واستقلال الجامعة، وحياته حافلة بالدفاع عن الحريات وحقوق الإنسان... مؤلفاته الفكرية عديدة منها صفحات مطوية من تاريخ حركة الاستقلال، تأملات في الفلسفة والأدب والسياسة والاجتماع، المنتخبات، وترجم عدة مؤلفات لأرسطو... توفي في مارس عام 1963 ...
.
- مصطفي لطفي المنفلوطي / 1876 - 1924 ...
ولد مصطفي لطفي المنفلوطي ببلدة منفلوط التابعة لمحافظة أسيوط، وكان والده قاضياً شرعياً ونقيباً لأشرافها، حفظ القرآن منذ حداثة سنه، ثم التحق بالأزهر الشريف، فتتلمذ على يد الشيخ محمد عبده، وبفضل حبه للأدب والأدباء انصرف عاكفاً على كتبها وقرأ لأبن المقفع والجاحظ والمتنبي وابي العلاء المعري، فاستطاع أن ينمي ذوقه الأدبي وأن يجمع ثقافة أتاحت له الشهرة التي بلغها في عالم الأدب، ذاع صيته بحلول عام 1907 بما كان ينشره بجريدة المؤيد من مقالات تحت عنوان النظرات، ثم ما لبث أن تخلي عن الصحافة وعكف على كتابة مؤلفاته، النظرات، العبرات، في سبيل التاج، مختارات المنفلوطي، وأشعار ومنظومات رمانسية وأدبية عدة... يعد من أحد أبرز شعراء الأمة وكتابها الذين ساهموا في النهضة الأدبية المعاصرة... توفي في يونيه 1924 بعد معاناة من المرض.
.
- مصطفي صادق الرافعي / 1880– 1937 ..
ولد مصطفي صادق الرافعي بقرية بهيتم بمحافظة القليوبية، وكان والده رئيساً للمحاكم الشرعية في كثير من الأقاليم المصرية، حفظ القرآن وهو دون العاشرة، وما أن حصل على الشهادة الابتدائية حتى أصيب بمرض التيفوئيد، فما نجا منه إلا وقد ترك في أعصابه أثراً وفي أذنه صمم، فانقطع إلى مدرسته التي أعدها لنفسه وأنكب على مكتبة والده التي كانت تجمع نوادر كتب الدين والأدب فاستوعبها، ثم أخرج أول جزء من ديوانه عام 1900، فدخل به مجال الشهرة الأدبية... لم يستمر طويلاً في كتابة الشعر لأنه وجد أن القوالب الشعرية التقليدية تضيق من شعوره الذي يعبر عن خلجات نفسه وخطرات قلبه ووحي وجدانه، فأنصرف إلي تأليف الكتب الأدبية والنقدية والتي من أهمها تاريخ آداب اللغة العربية، إعجاز القرآن والبلاغة النبوية، تحت راية القرآن، رسائل الرافعي، وحي القلم، ديوان النظرات، أوراق الورد، حديث القمر... أشتبك بمعارك أدبية وفكرية مع كل من عباس محمود العقاد وطه حسين أثرت حياتنا الأدبية بالعديد من المقالات والاطروحات... توفي في مايو 1937.
.
- عبد العزيز البشري / 1886 – 1943 ...
ولد عبد العزيز البشري بالقاهرة، ولقب بشيخ الساخرين، فقد كان يميل إلى الدعابة والفكاهة ويملك ذكاء لماحاً مع سخرية لاذعة، نشأ في أسرة متدينة، فقد كان أبوه سليم البشري شيخ الجامع الأزهر، وكانت ثقافته عربية تراثية استقاها من دراسته الأزهرية، ومع ذلك لم يكن متعصباً للقديم ولا متحيزاً له فكان يقدر حرية الفكر ويدعو إلى التجديد في علوم اللغة العربية، قضي حياته بين الصالونات الأدبية ومقاهي المثقفين، كتب في العديد من الصحف والمجلات، جمعت في عدة كتب، منها قطوف وفيه يصور ألوان التفكير المصري وبيئاته، والمختار وهي مجموعة مقالات في الأدب والوصف والتراجم... أسلوبه كان فذاً يقضي فيه نوعاً من التمثيل والتخيل الضاحك الذي كان يري له أثر كبير لا يقتصر على رسم البسمة على الشفاه، بل يرمي إلى تخليص النفس من الهموم وجلاء القلب وصفائه... توفي بالقاهرة عام 1943.
.
- إبراهيم عبد القادر المازني / 1889 – 1949 ...
ولد إبراهيم عبد القادر المازني بالقاهرة، من أسرة متوسطة الحال، بعد أن أنهي دراسته الثانوية التحق بمدرسة الحقوق، إلا أن زيادة مصروفاتها جعلته يتنقل إلى مدرسة المعلمين، وعمل بعد تخرجه مدرساً، ولكنه ضاق بقيود الوظيفة فاعتزل التدريس وتفرغ للعمل الصحفي متنقلا بين صحيفة السياسة ثم البلاغة، وغيرها من الصحف، عرف ببراعته في اللغة الإنجليزية والترجمة، وواحد من كبار الكتاب في عصره بأسلوبه الساخر سواء في الكتابة الأدبية أو الشعر، وتنوعت ثقافته بين التراث العربي والأدب الإنجليزي كغيره من شعراء مدرسة الديوان، غلب على شعره الحزن والشقاء... قدم المازني العديد من الأعمال الأدبية والشعرية أهمها: حصاد الهشيم، قبض الريح، صندوق الدنيا، خيوط العنكبوت، عود على البدء، في الطريق، كما شارك عباس العقاد عام 1921 كتاب الديوان في الأدب والنقد، ويعد في طليعة من نادوا بالقومية العربية... توفي بالقاهرة عام 1949.
.
- عباس محمود العقاد / 1889- 1964 ...
ولد عباس محمود العقاد بمدينة أسوان، ولقب بعملاق الأدب العربي، نشأ في أسرة كريمة وتلقي تعليمه الابتدائي بمدرسة أسوان الأميرية، وصعب عليه استكمال دراسته لعدم توافر المدارس الحديثة في مدينته البعيدة، إلا أن ذلك لم يمنعه بذكائه الحاد وصبره ومثابرته في اكتساب ثقافات موسوعية مثيرة للدهشة والإعجاب، فأتقن اللغة الإنجليزية التي أكتسبها من مخالطة السياح، والتي مكنته من الإطلاع على المعرفة من مصادرها الأصلية... عمل بعدة مصالح حكومية، ثم مل العمل الروتيني، فأتجه للعمل بالصحافة مستعيناً بثقافته وسعة إطلاعه، فاشترك مع محمد فريد وجدي في إصدار صحيفة الدستور، أنتج عشرات الكتب الأدبية والقصائد الشعرية، رغم ما مر به من ظروف قاسية، أهمها العبقريات، وحقائق الإسلام واباطيل خصومه، والفلسفة القرآنية، وما يقال عن الإسلام، والحكم المطلق، وأشتات مجتمعات في اللغة والأدب، وعقائد المفكرين، وهذه الشجرة، وديوان بعد الأعاصير، وديوان عابر سبيل، منحه الرئيس جمال عبد الناصر جائزة الدولة التقديرية ورفض تسلمها، كما رفض الدكتوراه الفخرية من جامعة القاهرة، يعد من أعلام اللغة العربية ومؤسس مدرسة فكرية واضحة المناهج تعتمد على العقل أولا ثم الأدب ثانياً... توفي في مارس 1964.
.
- طه حسين / 1889- 1973 ...
ولد طه حسين بقرية صغيرة تابعة لمركز مغاغة بمحافظة المنيا، ولقب بعميد الأدب العربي، فقد بصره وهو في الرابعة من عمره، فالحقه والده الذي كان يعمل موظف رقيق الحال بشركة السكر بكتاب القرية لحفظ القرآن، فحفظه في مدة قصيرة، ثم رحل إلى القاهرة مع أخيه للالتحاق بالأزهر الشريف، الذي شهد فيه حلقات أكابر مشايخه، مصطفي المراغي وسيد المرصفي، ثم ترك الأزهر والتحق بالجامعة المصرية حيث تلقي دروساً في مختلف الثقافة العربية والفرنسية، وحصل منها على الدكتوراه عام 1914، ثم أرسل في بعثة إلى فرنسا لاستكمال دراسته وحصوله على درجة الدكتوراه من خلال إطروحة عنوانها" الفلسفة الاجتماعية عند ابن خلدون"، وما أن عاد إلى مصر عام 1919 حتى أصبح عميداً لكلية الآداب، ثم رئيساً لمجمع اللغة العربية، وتم اختياره وزيراً للمعارف بوزارة النحاس باشا عام 1950... وأهم مؤلفاته، في الشعر الجاهلي، والفتنة الكبري، مرآة الإسلام، ومستقبل الثقافة في مصر والأيام، ودعاء الكروان، وشجرة البؤس، وعلى هامش السيرة... آثار جدلاً واسعاً بكتاباته وأفكاره الغربية، واشتبك في معارك فكرية وأدبية كثيرة مع مثقفي عصره... توفي في أكتوبر 1973.
.
- محمود تيمور/ 1894 – 1973 ...
ولد محمود تيمور في قصر والده بدرب سعادة بالقاهرة، نشأ في أسرة اشتهرت بالاشتغال بالأدب والثقافة، فوالده أحمد تيمور باشا، وشقيقه محمد تيمور، وعمته الشاعرة الرائدة عائشة التيمورية، كانت نشأته في تلك البيئة الثقافية وخزانة والده من الكتب مفتاحاً لثقافته وإبداعاته، فبعد أن تلقي تعليمه الأولي مدرسة الناصرية الابتدائية والإلهامية الثانوية، سافر للعلاج بسويسرا بعد أن أصيب بمرض التيفوئيد، فاستكمل دراسته العليا هناك... انصرف إلى الفن القصصي بجميع فروعه، وموضوعاته الشائكة، يعد أحد الرواد الأوائل لفن القصة العربية، واستطاع أن يقدم ألواناً مختلفة من القصص الواقعية والرمانسية والتاريخية والاجتماعية، أهمها أبو علي الفنان، زامر الحي، وفرعون الصغير، ومكتوب على الجبين، وشفاه غليظة، داء المجهول والمصابيح الزرق.. كما ألف العديد من الدراسات الأدبية، كفن القصص، ومشكلات اللغة العربية، والأدب الهادف وطلائع المسرح الحديث... توفي في أغسطس 1963.
.
وللحديث بقية أن شاء الله ...
Ashraf_mojahed63@yahoo.com

ليست هناك تعليقات: