الثلاثاء، 21 ديسمبر 2010

عجائب البريد المصري !!..


يـُؤخــر فيوضَـع في كتـابٍ فيُدخَـر... ليَـوم ِالحِسـابِ أو يُعـجـل فيُـنقَـم ِ
.
بيت من الشعر قائله الشاعر الجاهلي زهير بن ربيعة الملقب بأبي سلمي، صاحب إحدي المعلقات السبع الشهيرة، أتعجب منه كثيراً رغم تمركز معناه في عقلي ووجداني، وسبب هذا التعجب هو مدى إدراك هذا الشاعر الجاهلي بوجود كتاب لتسجيل المكارم والخطايا، وأن هذا الكتاب سوف يدخر ويظهر في يوم الحساب لإدانه صاحبه أو يعجل له بالعقاب في الدنيا قبل المصير إلى الآخرة فينتقم منه، يريد القول أنه لامخلص من عقاب الذنب آجلاً أو عاجلاً...
.
هذا التعجب تواري رويداً مع عجائب البريد المصري، فهي عجائب أكثر وأكبر ولا تفسير لها أو إيضاح، ذلك أن ما ينشر عن البريد المصري ببعض الصحف يفوق عجائب المعلقات السبع، وعجائب العصر الجاهلي بكامله...
.
وأول تلك العجائب ما ينشر ببعض الصحف عن تعاقدات واتفاقيات تتم مع بعض شركات القطاع الخاص من أجل إدارة أو تشغيل أو أداء خدمات لبعض قطاعات البريد المصري، والأمثلة كثيرة ومتعددة، فثمة شركة خاصة تم الإتفاق معها على طباعة مصادقات عملاء التوفير، على أن يقوم البريد المصري بتوزيع تلك المصادقات على العملاء بمنازلهم، وآخري تم الاتفاق معها على إدارة أسطول السيارات الخاصة بالبريد المصري... أما أعجب تلك التعاقدات على الإطلاق، هو ما نشر بصحيفة المصري اليوم بتاريخ 25/4/2009 عن تفاصيل التعاقد مع شركة خاصة لمراقبة مكاتب وموظفي البريد المصري بشكل سري، والذي يلزم البريد المصري بسداد حوالي نصف مليون جنيه سنوياً للشركة غير خاضعة للضرائب نظير مراقبة إداء 841 مكتباً من خلال زيارة كل مكتب أربع مرات سنوياً بواقع زيارة كل ثلاثة شهور مقابل 125 جنيه للزيارة الواحدة... وسبب هذا التعجب يكمن في كون إمتلاك البريد المصري لأكبر وأدق جهاز تفتيش ورقابة ومتابعة عرفته جمهورية مصر العربية، موزع في الآتي:
- كل منطقة بريدية يوجد بها إدارة للتفتيش، تضم عدد من المفتشين والمفاجئين، بالإضافة إلى مفتشي التوفير التابعين لإدارة الشئون التوفيرية بالمنطقة، كما تضم أيضاً رئيس مجموعة لعدد من المكاتب البريدية يساعده مفتش مجموعة تابعين لإدارة الشئون البريدية، وجميعاً يجوبون مكاتب المنطقة البريدية بالرقابة والتفتيش والمتابعة بصفة يومية وطبقاً لنظام محكم ولوائح صارمة.
- كل عدة مناطق بريدية تنضوي تحت قيادة قطاع بريدي، يوجد به أيضاً إدارة للتفتيش تقوم بأعمال موازية لتلك التي تقوم بها كل منطقة من تفتيش نوعي وفني، بالإضافة إلى أعمال الإشراف والتوجيه.
- ومركزياً يوجد أيضاً قطاع التفتيش العام والرقابة، ويضم خبراء وجهابذة في الأعمال البريدية، يجوبون البلاد طولاً وعرضاً للتفتيش على المناطق البريدية والمكاتب البريدية ومفاجأة تلك المكاتب بصفة دورية ومستمرة طبقاً لنظام محكم ولوائح صارمة، بالإضافة إلي إدارات الرقابة الأخري ذات الصلة المعنية بالتقارير الرقابية، وإدارة التفتيش الحسابي وتختص بالتفتيش على الشئون المالية والإدارية بالمناطق والمكاتب البريدية.
- أضف إلى هذا وجود إدارة مختصة لشرطة البريد تابعة لوزارة الداخلية، ومباحث أموال البريد، والتي تقوم بالتنسيق والمتابعة مع إدارات التفتيش المختصة حفاظاً على أموال صندوق توفير البريد، وحماية المكاتب البريدية من السرقات والاختلاسات وغيرها...
.
كل ذلك ويتم التعاقد مع شركة خاصة لمراقبة مستوى نظافة المكاتب البريدية ونظافة الإثاث ومستوي الإضاءة والموسيقي التي يتم تشغيلها أثناء وجود العملاء، وكذلك مراقبة نظافة العاملين وأسلوب تعاملهم مع الجمهور ومع بعضهم البعض والتفتيش على مظهرهم الخارجي والتزامهم بالزي الموحد، والتأكد من مدى الالتزام بمواعيد الحضور والإنصراف!!..
.
ثاني تلك العجائب ما نشرته صحيفة اليوم السابع بتاريخ 20/7/2010 بعنوان "البريد المصري يرحب بنقل تجربة العمل النقابي للشركات البريدية"، وكأن النقابة العامة للبريد أصبحت نقابة رائدة في مجال خدمة أعضائها والدفاع عن منتسبيها، وتسعي لنقل تجربتها تلك للشركات الخاصة العاملة في مجال الخدمات البريدية، والذي أعتقد إستحالة إنشاء نقابة للعاملين بتلك الشركات في ظل القوانين المقيدة لإنشاء النقابات العمالية، ومع ذلك أتمني من الله ألا تنقل تجربة نقابتنا الفريدة إليها في حالة إنشائها، ولأسباب عدة، أهمها إنعدام خدمات نقابتنا، فلا نادي رياضي، ولا معاشات شهرية، ولا خدمات صحية، ولا خدمات إجتماعية، ناهيك عن وقوفها الدائم ضد العاملين في مطالبهم العادلة بزيادة الأجور والحوافز أو تثبيت المؤقتين أو تشغيل خريجي كلية التجارة "شعبة البريد"... نقابة رائدة ولكن في استقطاع اشتراكاتها من منبع رواتب العاملين !!..
.
ثالث تلك العجائب، الأحاديث الصحفية المستمرة عن تزايد أعداد المستفيدين من خدمة صرف المعاشات من خلال مكاتب البريد، والتي وصل إلى نحو 4.4 مليون مستفيد حتى يونيو 2010 طبقاً لما ورد بصحيفة اليوم السابع بتاريخ 16/10/2010، وتزايد اصطفاف هؤلاء المستفيدين أمام المكاتب البريدية بصورة ملحوظة، في الوقت الذي يعلن فيه عن تعاقد البريد المصري مع شركة IBM العالمية لإنتاج 6 مليون بطاقة إئتمان لصرف المعاشات وتقديم الخدمات المالية لعملائه آلياً (البيانات الإعلامية لوزارة الاتصالات بتاريخ 24/6/2009)، أو ما يعلن عن أعداد المعاشات المنصرفة من خلال البريد في محل الإقامة، والذي بلغ نحو 877 ألف مستفيد خلال يونيو 2010 !!..
.
عجائب كثيرة تفوق التعجب من الأشعار، حتى لو كانت جاهلية!!..
يـُؤخــر فيـوضَــع في كتـابٍ فيُدخَـر ... ليَـوم ِالحِسـابِ أو يُعـجـل فيُـنـقَـم ِ
.
وللحديث بقية أن شاء الله ...
Ashraf_mojahed63@yahoo.com

ليست هناك تعليقات: