الثلاثاء، 28 ديسمبر 2010

الفئوية البريدية !!..


أخيراً أصدر الدكتور أحمد نظيف، رئيس مجلس الوزراء قراراً بتعيين المهندس هاني محمود رئيساً لمجلس إدارة البريد المصري، خلفاً للدكتور أشرف زكي، ليكون الرئيس رقم 30، والذي سوف يتسلم مهـام عمله اعتبـاراً من 15 ينـاير 2011... والمهندس هاني محمود يشغل حالياً منصب مدير العلاقات الحكومية والموارد البشرية في شركة فودافون العالمية في لندن، وقبلها كان يشغل منصب نائب رئيس شركة فودافون مصر لعدة سنوات (صحيفة اليوم السابع 14/12/2010)، وثمة بعض الأنباء الصحفية السابقة قد سربت رفضه تولي المنصب لارتباطه مع شركة فودافون العالمية لتنفيذ خطط استراتيجية للشركة في عدة مشاريع بشمال أفريقيا (صحيفة الدستور 9/3/2010).
.
الخبر نشر بمعظم الصحف، صاحبه تعليقات كثيرة من بعض العاملين بالبريد المصري مطالبين القيادة الجديدة بمزيد من الحوافز والامتيازات المالية، وكذلك بتثبيت العمالة المؤقتة، أتبعه إطلاق حملة توقيعات من بعض العاملين في 14 محافظة للمطالبة بالاستفادة من فائض الميزانية في زيادة الأجور والبدلات، أسوة بباقي الهيئات التي تحقق فائضاً في ميزانياتها سنوياً، حيث أن هذا الفائض هو ثمرة عملهم ومجهوداتهم طوال العام (صحيفة اليوم السابع 17/12/2010).
.
ما يمكن ملاحظته من خلال تلك المطالبات أنها تشبه إلى حد كبير تلك المطالبات التي شهدتها الساحة المصرية خلال العامين الماضيين، مطالبات فئوية من قبل جماعات أو موظفي بعض الشركات التي تم تحويل ملكيتها للقطاع الخاص للحصول على رواتبهم المتأخرة أو من العاملين ببعض الجهات الحكومية لتحسين أوضاعهم الوظيفية والمالية، وإلا فلماذا لم نجد اعتصامات ومطالبات لبعض قطاعات المجتمع الأخري كالعاملين بقطاع البترول أو قطاع البنوك؟!.. الإجابة ببساطة أن معظم العاملين بتلك القطاعات تتمتع بدخول مناسبة ومرتفعة بصورة تفوق بكثير دخول تلك القطاعات المتذمرة، كالبريد والسكة الحديد والمحليات وغيرها...
.
أما العاملون بالبريد المصري وهم فئة من فئات الشعب المصري المطحون والمهمش، الذي يكتوي بنار أسعار السلع والخدمات، ويعملون في بيئة عمل شديدة القسوة والضغوط، خاصة من يعملون بالمكاتب البريدية وقطاعات الحركة والتوزيع، والتي ترتفع أصواتهم بين الحين والآخر لتحسين ظروف عملهم ورفع مستوي دخولهم، اعتقد أنهم لن يحصلوا إلا على ما يسمح به القائمون على إدارة المرفق، وبالقدر الذي تحدثه شدة وعنف تلك المطالبات المستمرة منذ مظاهرات موظفي بريد كفر الشيخ والفيوم في شهر مايو 2009، والشاهد على ذلك عدم حصول كافة الفئات التي قامت باعتصامات ومظاهرات ومطالبات على رصيف مجلس الشعب أو أمام نقابة الصحفيين أو غيرها علي شئ يذكر، فالكل خرج صفر اليدين، والسبب هو انعزالية وفئوية تلك المطالبات أمام سلطة حاكمة، قادرة على إخضاع تلك الفئات المهمشة.
.
في تصوري أن هذه المطالبات من الفئات الضعيفة والمهمشة تعبر عن حالة خوف وترقب وقلق واضطراب، ليس في الوقت الحالي فقط، بل مما هو قادم، قلق على المستقبل، قلق على الأبناء والأحفاد، قلق مما يشاع من أرقام عن النمو والتقدم الاقتصادي والاجتماعي لاتشعر به تلك الفئات، ومنهم العاملون بالبريد المصري، رغم ما يقدمونه من خدمات مجتمعية يشيد بها كتاب ومنظري الصحف القومية بشكل غير مسبوق عن تطور وتقدم منظومة البريد المصري التي يصفونها بالمنظومة العصرية، واستطاع أن يحقق نمواً يوازي نمو قطاعات الاتصالات، وإعجاب بعض قيادات الدولة بالدور الذي يلعبه البريد المصري في تقديم الخدمات المجتمعية والمساهمة الفعلية في دفع عجلة التنمية الاقتصادية ( صحيفة اليوم السابع 4/11/2010).
.
ومع كل هذه الإشادة والمديح، فالعاملون بالبريد المصري مطالبون الآن قبل الغد، وقبل المطالبة بالمشاركة في فائض الميزانية وتحسين مستوي دخولهم بالمشاركة الفعلية مع قيادته الجديدة، بالعمل في رفع مستوي أداء مرفقهم لتعويض ما اقتطع منها من السوق البريدي لصالح الشركات الخاصة، ولتحسين مستوي الخدمة بما يتوافق مع المعايير الدولية ويلبي طموح المواطن المصري في أداء خدمات بريدية ومجتمعية أكثر تطوراً.
.
الأهم الذي يجب أن يعرفه العاملون بالبريد المصري أنهم لن يستطيعوا الحصول على كامل حقوقهم بعيداً عن بقية الفئات، فالفئات المهمشة والضعيفة لن تجد من يحميها أو يناصرها إذا ما كانت مطالبها ذات طابع فئوي مفكك، بعيداً عن إصلاح سياسي ومجتمعي شامل وحقيقي، يشارك فيه كافة الفئات، مهمشة وغير مهمشة، إصلاح يضع في منظوره البعد الاجتماعي والعدالة الحقيقية التي تكفل للجميع حياة كريمة، أما المطالب الفئوية الأحادية فمصيرها كمصير من سحقوا من علي رصيف مجلس الشعب!!..
.
وللحديث بقية أن شاء الله ..
Ashraf_mojahed@yahoo.com

ليست هناك تعليقات: