الأربعاء، 7 نوفمبر 2012

دعـــوة بريديــة !!..


" تمجيداً لثورة 25 يناير، وتقـديراً لدمـاء الشهداء والمصابين، يتشرف السيد المهندس/ هانـي محمود، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بدعوة كافة العاملين بالبريد المصري، ولمن يمتلك منهم أوراق أو مستندات أو وثائق تفوح منها رائحة الفساد أن يتقدم بها للنيابة ".

هذه الدعــوة ليست من قبيـل المـزاح أو الضحـك، ولكن هذه الدعـــوة هي مضـمون ما قالـه السيد الوزيـر لأعضــاء الاتحــاد النوعي للنقابات المستقـلة للبريـد المصري خــلال لقـائه بهم في مكتـبه بالقـرية الذكيــة يــوم الثلاثـاء الموافــق 30/11/2012، عندما طــالبوه بإحــالة تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات للنيــابة العامة (صحيفة الصباح 4/11/2012).

دعـوة جـادة وصريحة وتفتح الباب أمام من يمتلك الشجاعة من العاملين بالبريد المصري، ولا حجـة ولا يأس بعد الآن، فالبـاب مفتــوح، والنائب العـام يستقبل البلاغــات والشكاوي، ولكن ما يؤرقني هو حــالة اليأس التي انتابـت البعض من كثرة البلاغــات التي قدمــت للنيابة العامـة والنيابة الإدارية، ولم تسفر حتى الآن عن إزاحــة مسئول واحــد من تلك القيادات الفاسدة، بل العكس يتم ترقيـتهم والتجـديد لمن يبلغ السن القانوني للمعاش، وكأنها تحقيقات كتحقيقات قتلة ثــوار ميدان التحرير أو موقعة الجمل، قتـيل بلا قاتـل، وجريمة بلا فاعــل.

وكأن منطق أهل الشرك والجاهلية الأولي عاد مرة أخري، إذا ما سرق الشريف تركوه، وإذا سرق الضعيف أقاموا عليه الحد... ولنا في قصة المرأة المخزومية مثل وقدوة، فقد أراد حب رسول الله صلي الله عليه وسلم أسامة بن زيد أن يتوسط لتلك المرأة السارقة، وكانت من بني مخزوم أشرف قبائل العرب، وما أن نطق أسامة يطلب العفو عنها، بعد أن حكم عليه النبي صلي الله عليه وسلم بقطع يدها، فغضب غضباُ شديداً وقام على ركبتيه، ورفع صوته، وقال: ويحك! أجئت تشفع في حد من حدود الله، ثم قام وخطب في الناس فقال: "يا أيها الناس، إنما أهلك الذين من قبلكم، أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها"... هكذا ترقي الأمم، وتنهض حضارتها، ويظهر شموخها وتعلو منارتها، بالعدل والحق والمساواة، لا بالتحقيقات والبلاغات التي لا تسفر إلا عن علو الظالمين وترقية الفاسدين...

لا عجب أذاً من دعــوة السيد الوزير، وأشــد على دعــواه لكافة الأخوة العاملين بالبريد المصري، ولمن يمتلك منهم مستندات ووثائق، وأناشدهم أن يتقدموا بها للنائب العام، ولا يأس ولا استسلام ولا انهزام ، فرغم ثبات الأوضـاع الفاسدة بعد ثورة 25 يناير، ورغم تحكم هؤلاء في مفاصل الدولة وأعمدتها، ورغم ما نــراه من علو الفاسدين واستبداد الظالمين، إلا أنه لا طريــق لنا ولا خلاص إلا بفضح هؤلاء وإزاحتهم عن مناصبهم حتى ولو قامت ثورات وثورات، ولا عــزاء لدمــاء الشهداء والمصابين.

وللحديث بقية أن شاء الله...




ليست هناك تعليقات: