الجمعة، 2 نوفمبر 2012

يتامى البريد المصري !!...


عندما يصف مستشار وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات المـال العـام داخـل هيئة البريد بأنه "مال يتامى" تعرف حجم الكارثة، ذلك لأنه أصـاب كبـد الحقيقة، بأنها فعلا أموال يتامى، فكانت لآكلها ومهدرها حـوباً كبيراً.

واليتامى جمع يتيم، وهو من فقد أباه، وسمي كذلك لإنفراده وضعفه وعدم قدرته على تصريف شئونه، وأتفق الفقهاء على أن اليتيم من فقد أباه ولم يبلغ مبلغ الرجال، من قوله تعالي "وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ"... وقد شدد الله عز وجل على أكل مال اليتامى بقوله "وَلاَ تَأْكُلُوۤاْ أَمْوَاٰلَهُمْ إِلَىٰ أَمْوَاٰلِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوباً كبيرا" فذكر أن أكل أموال اليتامى حوب كبير، أي إثم عظيم ، ولم يبيّن مبلغ هذا الإثم من العظم، ولكنه بيّنه في موضع آخر في قوله "إِنَّ ٱلَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْواٰلَ ٱلْيَتَـٰمَىٰ ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِى بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً".

أما في البريد المصري، فالبعض يبدو أنه تلذذ بأكل أمواله، ونهب ممتلكاته، بكافة السبل والطرق، فتحت ذريعة التطوير والتحديث، والاستثمار والمشاركة، وغياب الضمائر والقيم، وسبات الأجهزة الرقابية في نومها العميق أو مشاركتها في موائد المنفعة وجني الفوائد، صارت أموال البريد المصري، كأموال اليتامى كما وصفها بدقة مستشار الوزير.

أمثلة عديدة لا أستطيع حصرها بسبب ما وجدناه من هذا الحوب الكبير، فالأوراق كثيرة والمستندات تنضح بروائح الفساد، أذكر بعضها فقط على سبيل الإيضاح :
- المشاركة في معارض ومنتديات ومؤتمرات، مثل الملتقي الإبداعي للبريد المصري، ومعارض أفريقيا تيليكوم، ومؤتمر البريد الأورومتوسطي... فالموافقة على الاشتراك في معرض أفريقيا تيليكوم كراعي ذهبي عام 2008 كلف الهيئة نحو مليون ومائتين ألف جنيه على النحو التالي: 250000 جنيه قيمة الاشتراك في المعرض، 500000 جنيه قيمة إيجار أرض المعرض، 50000 جنيه قيمة المصاريف (محضر اجتماع مجلس الإدارة رقم 196 بتاريخ 8/5/2008)، ولا أحد يعرف ما العائد من الاشتراك وتنظيم تلك المعارض والمنتديات !!...
- اعتماد صرف مكافأة قدرها 1500 جنيه بدل حضور جلسات مجلس الإدارة وكذلك 1500 بدل انتقال لكافة أعضاء المجلس ورئيس المجلس عن كل جلسة (المادة الرابعة من القرار الوزاري رقم 330 بتاريخ 17/12/2006) ومازال ، وكأن تلك الاجتماعات تتم في خارج البلاد، ورغم قيام أعضاء مجلس الإدارة بالكامل باستخدام السيارات الحكومية سواء من الهيئة أو من خارجها.
- سفريات البعض إلى خارج البلاد، كسفر الدكتور/ أشرف زكي، رئيس مجلس الإدارة السابق خلال شهر ديسمبر 2010، والسيد/ مسعد عبد الغني، رئيس مجلس الإدارة السابق في مايو 2012 بمصاحبة وفد من البريد المصري لإيطاليا، وذلك بغية توقيع عقد لتسهيل تحويل أموال المصريين المقيمين بإيطاليا، والذي يبلغ عددهم نحو 750 ألف عامل، والذي أسفر في نهاية المطاف عن حوالة مالية وحيدة خلال عامين.

أمثلة عديدة يصعب سردها، فأموال البريد المصري فعلاً أموال يتامى، لا صاحب لها ولا رقيب عليها، ونظل نحن أبناء البريد يتامى لا والد لنا ولا كافل، يتامى لم نبلغ بعد سن الرجولة، ولا نجد من يحمي أموال هذا الصرح من النهب والاغتصاب.

وللحديث بقية أن شاء الله...



ليست هناك تعليقات: