الخميس، 24 أبريل 2014

السخرية في البريد المصري!!..



السخرية هي مرحلة متقدمة بعد الاستغفال والاستخفاف بالعقول، حيث تنتج بالتبعية بعد استفحالهما، فالسخرية تعني الاستهزاء بالغير وفعل أو ذكر ما يقتضي امتهان الآخر وتحقيره، يقال سخرت من فلان أي هزئت به، ومنها قول الله تعالي بقصة نوح عليه السلام" وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ ۚ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ"...

ملامح تلك السخرية بدأت تظهر بشدة في الأفق قبل أقل من عام على مرور 30 يونيو، وما أنتجه من انقسام وتشرذم وتراجع في كافة مناحي الحياة، فالأحلام الوردية والوعود البراقة تبخرت مع مزيد من الكبت وتقييد الحريات ومستقبل غامض يتواري خلفه مزيد من التبعية والاستبداد والفساد...

بدأت كذلك تلك السخرية تظهر في البريد المصري، حيث يدور عجلته مع منظومة مؤسسات الدولة، ظهرت مؤخراً من خلال قرار ومنشور...
فالأول القرار الإداري رقم 934 بتاريخ 6/4/2014 بمجازاة السيد/ محمد عبد القادر عبد القادر، والتابع لمنطقة بريد وسط وشمال القاهرة، بخصم عشرة أيام من راتبه مع النتائج لأنه خلال يوم 14/7/2012 سلك مسلكاً لا يتفق والاحترام الواجب لكرامة الوظيفة بأن "أشترك في مظاهرة دعا فيها زملائه بالهيئة بالتجمهر من أجل المطالبة ببعض الحقوق المقررة لهم والمسلوبة منهم لوجود فساد مالي وإداري قبل قيادتها، وفي غير الحدود المصرح بها"... 
أما الثاني فالمنشور رقم 291 بتاريخ 22/4/2014 "بشري سارة لجميع العاملين بالهيئة" والمتعلق باتفاق الهيئة مع بنك ناصر الاجتماعي على منح قروض للعاملين بحد أقصي 50 ألف جنيه بفائدة سنوية 7% ، حيث بمراجعة المستشار القانوني بالهيئة تبين أن القانون قد أجاز استثمار فائض أموال المودعين ولم يجز القيام بنشاط الإقراض كأحد آليات استثمار هذه الأموال، بخلاف البنوك المرخص لها بتلقي ودائع ومنح قروض وتخضع لرقابة البنك المركزي المصري، ومن ثم لا يجوز استخدام إيداعات المودعين بصندوق التوفير في منح قروض بأي حال من الأحوال لعدم وجود سند قانوني يجيز ذلك...

السخرية الأولي تكمن في تاريخ الوقعة، حيث أنه لم يكن قد صدر بعد قانون التظاهر المعيب، وأن الرجل خرج كبقية الملايين من شعب مصر بعد ثورة 25 يناير يطالب بحقوقه المقررة والمسلوبة له ولزملائه من العاملين بسبب الفساد المالي والإداري بالهيئة، فيتم مجازاته بعد نحو عامين!!..

أما الثانية الأكثر تهكماً هو قيام الهيئة من قبل بمنح قروضاً لبعـض الشركات الشقـيقة لها كشركة اتصالات مصر، التي تساهم فيها بنسبة 20% حيث منحتها قرضاُ بقيمة 3ر1 مليار جنية عام 2006، وتم إعادته وفوائده بداية عام 2013 بعدما تم التحقـيق في الموضـوع بمعـرفة نيــابة الأمـوال العـامة العلـيا بالقضية رقم 10 لسنة 2013، وأيضاً منحـت قرضـاً آخـر لشركة جيرونيـل التي تساهم فيها بنسبة 27% بقيمة 6ر1 مليون جنية عـام 2006 وتم إعـادته وفوائـده في 29/3/2011، بعد ضيـاع رأسمال الشركة بالكـامل وهـروب الشريك الهولندي خارج البلاد أعقاب ثورة 25 يناير .

يبدو أننا على أعتـاب من المزيـد من الاستغـفال والاستخـفاف بالعقـول والسخرية والاستهـزاء، وبكـرة تشـوفوا البريد المصري!!..

وللحديث بقية أن شاء الله...

ليست هناك تعليقات: