السبت، 16 يوليو 2016

حـاتم البريد المصري !!..



حـاتم هو أسم رجل الشرطة في آخر أفـلام المخرج الراحل يوسف شاهين، وتلميذه النجيب خـالد يوسف "هي فوضـي" والذي تم عرضه عـام 2007 وتنبه فيه كاتب قصته ناصرعبد الرحمن بسيناريو ما حـدث فعـلا في ثـورة 25 يناير 2011 ، كنتيجة طبيعية لقهر وفساد رجـال الشرطة ومن يساندهم ، بحكم أنهم فوق القانون والمساءلة ...

حاتم هذا الذي لم يعاقب أبداً رغم بطشه وغبائه الذي أدي في نهاية الفيلم إلى قيام جموع المواطنين باقتحام قسم الشرطة بحثاُ عن المعتقلين والمختفين قسرياً من ذويهم، عاد من جديد بعد انكسار وانزواء تلك الثورة التي شهد العالم أجمع لها بنبلها وسموها، عاد بوجه القبيح والمبتذل، ليطل علينا برأس أفعى صارخاً ، مفيش حاتم بيتحاكم !!..

ورغم أن الواقع كان أشد ألماً وحزناً من تلك المشاهد السينمائية، إلا أنه جعلنا ندرك حقيقة مجتمعنا الذي انغمس في الفساد لأذنيه، حتى أصبح لدينا العشرات بل المئات من حـاتم ، تجده في كل هيئة وكل وزارة، أصبح حاتم ومن يسانده أقوي من اللوائح والقوانين، بل أصبح هو من يضع اللوائح والقوانين، والدستور إذا لزم الأمر ليحكم قبضته ويزيد من بطشه وغبائه ، دون محاسبة أو مسائلة ، فشعاره المدوي مفيش حاتم بيتحاكم !!..

فمئات البلاغات والقضايا التي اكتظت بها مكتب النائب العام ونيابة الأموال العامة والكسب غير المشروع والمحاكم، أصبحت في ذمة التاريخ، فحاتم عاد ومازال شامخاً، هيبته من هيبة الدولة العميقة، وسلطته وقوته وكبريائه لا تؤهله لأن يقف مجرد الوقوف ليسأل عن جرائمه قبل 25 يناير أو ما يفعله الآن ومستقبلاً !!..

وهكذا تمكن حاتم البريدي هو الأخر بالتبعية كجزء من نظام الدولة الفاسدة المستبدة من الفكاك بفعلته، والحفاظ علي ما نهبه من أموال هيئته، وارتفعت وازدادت هيبته وقامته ، فحاتم البريدي ذا حصانة مانعة جعلته لا يقف موقف المساءلة والمحاسبة، رغم عظم ما ارتكب من جرائم وتزوير ونهب لأموال المودعين وأصول لتلك الهيئة المنكوبة !!..

فهل سمع أحد منكم يوماً مثول رئيس هيئة سابق أو حالي أمام النيابة، أو مثول أحد نوابه، أو حتى رئيس قطاع من ذوي الخبرات الخاصة !!.. مئات القضايا التي أظهرت بوضوح كيف نهبت أموال الهيئة علناً وبفجور غريب وفج ، مثل الذي سهل للشريك الهولندي سرقة 50 مليون جنية من شركة جيرونيل أو الذين زوروا الحساب الختامي ليمكن مجلس الإدارة من صرف مكافآت بالملايين دون وجه حق،  أو كالذي أعطي قرضاً لشركة اتصالات مصر بفائدة أقل من الأسعار المعلنة بالبنوك، وما فضيحة المشاركين في قرض صندوق البنك الدولي ببعـيد، عشرات القضايا ، بل مئات، والسبب واضح للجميع، مفيش حاتم بيتحاكم !!..

وإذا كان الفيلم السينمائي انتهي بمشهده الأخير بمقتل حاتم، طبقاً لرؤية الأستاذ المخرج الذي رحل عن عالمنا، فأن تلميذه النجيب استفاق من غفوته الوطنية وتعلم الدرس، وأصبح هو وحاتم أيد واحدة !!.. الله يخرب بيوت كل الحواتم بما فيهم حواتم البريد المصري .... 

وللحديث بقية أن شاء الله...

ليست هناك تعليقات: