الأحد، 4 مايو 2008

طوابع الهولوكوست والمعايير المزدوجة



في بادرة مشتركة، أصدرت منظمة الأمم المتحدة وإسرائيل، طابع بريدي لتخليد ذكري المحرقة اليهودية "الهولوكوست"، وذلك في يوم الذكري العالمي لتخليد المحرقة 27 يناير 2008، حيث أعلنته المنظمة الدولية عام 2005 يوماً عالمياً لأحياء ذكري ضحايا الهولوكوست، والذي يصادف ذكري تحرير معسكرات الموت النازية في أوروبا عام 1945 وقد تم الاحتفال بإصدار الطابع بمركز الأمم المتحدة بنيويورك، وتصميم الطابع تكتسيه القسوة الممثلة بالإسلاك الشائكة واللــون الأسود، ينبـثق منها الأمل بالزهور البيضاء والعــود الأخضر، وقد دون على وجه الطابع اقتباسات من أقوال الأمين العام للأمم المتحـدة بان كـي مــون "إنكـار الحقائق التاريخـية، ولاسيما بالنسبة إلى موضـوع هـام مثل المحـرقة، أمـر غير مقبول على الإطلاق، خاصة إذا كانت الدعـوة إلى تدمير أي دولة أو أمة"... سوف يسوق للطابع بعـدة أشكال وأحجام ببعض البلـدان التي بها مقرات للأمم المتحدة وهي نيـويورك وجنيف وفيـينا وإسرائيل http://www.un.org/holocaustremembrance/stamp08.shtml
.
و"الهولوكوست" أو الكارثة والتي تعني بالعبرية شؤآة، تطلق على الإبادة الجماعية والتصفية العرقية التي حلت بالشعب اليهودي إبان الحكم النازي في أوروبا في الفترة من ديسمبر١٩٣٣ عندما أصبح هتلر مستشاراً لألمانيا وحتى مايو ١٩٤٥، وهي كلمة يونانية الأصل holókauston وتعني الحرق الكامل للقرابين المقدمة لخالق الكون، أو تعني التدمير حرقاً، كما تشير بذلك الموسوعة البريطانية، ولكنها في الأصل مصطلحاً دينياً يهودياً ذكر في التوراة يشير إلى القربان الذي يُضحَّى به للرب ويُحرق حرقاً كاملاً غير منقوص على المذبح، حيث يعد من أكثر الطقوس قداسة عند اليهود، حيث يقدم تكفيراً عن خطيئة الكبرياء... وقد استعملت كلمة هولوكوست لأول مرة لوصف طريقة معاملة هتلر لليهود في عام 1942 ولكن الكلمة لم تلق انتشارا إلا مع بدايات السبعينيات، حيث أصبحت تستعمل حصريا لوصف حملات الإبادة الجماعية التي تعرض لها اليهود تحديداً أثناء الحرب العالمية الثانية.
.
وعلى الرغم من اختلاف الآراء حول إثبات أو إنكار حقيقة الهولوكوست، فأن الثابت أن العديد من المؤرخين والكتاب الذين أثبتوا عدم حقيقة تلك المحرقة، أو ما وقع بها من تضخيم وتهويل لأقامة الدولة اليهودية، بدءاً من المحامي الأمريكي فرانسز باركر يوكي عام 1946 وحتى المؤرخ البريطاني ديفيد أرفنك عام 2006، حيث تلقوا المزيد من المضيقات أو السجن، بسبب تلك الآراء المناهضة للروايات اليهودية... إلا أن الحديث عن الهولوكوست ظهر مؤخراً بالمحافل الدولية وبطريقة علنية بعدما علق الرئيس الإيراني أحمدي نجاد "بأن الهولوكوست ما هو إلا أسطورة أستغلها الأوربيون لإقامة الدولة اليهودية في قلب العالم الإسلامي .. وأضاف إن الأوروبيين هم الذين ارتكبوا جرائم ضد اليهود، وعلى الولايات المتحدة أو كندا أن يمنحوا جزءا من أرضهم لتأسيس دولة لليهود، وتسأل لماذا يدفع الشعب الفلسطيني المقهور الثمن؟ أنتم من يجب أن يدفع الثمن ؟ ... وعلى الفور كانت ردة الفعل الغاضبة من الولايات المتحدة وأوروبا، ومجلس الأمن بأعضائه الخمسة عشر الدائمين والمؤقتين الذي دان تصريحات الرئيس الإيراني، وفي نوفمبر 2005 مررت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارا يرفض أي إنكار للهولوكوست كواقعة تاريخية على نحو شامل أو جزئي..
.
أما فلسطين التي تغتصب منذ عام 1922، وعشرات المذابح الجماعية التي وقعت بها،http://www.aljazeera.net/NR/exeres/2021433A-A609-4DEC-8B75-CAD94D3E6525.htm وانتهاك مساجدها وكنائسها على مشهد من العالم، فلا يتحرك له أحد، فمحارق اليهود وأفران الغاز المزعومة حرام وجريمة كبري لا يجوز إنكارها، بل يجب التذكير بها بمدراسنا وجامعاتنا، حتى أصبحت ثقافة الهولوكوست ثقافة كونية لا يمكن ردها أو إنكارها، أما محارق دير ياسين وصبرا وشاتيلا وحصار غزة، فهي في عرف العالم المتحضر حلال ويمثل دفاعاً شرعياً عن النفس.
.
ازدواجية نشعر بها صامتين، تزيدنا جراحاً وألماً فوق جراحنا، لا تظهر إلا إذا كان العرب أحد أطرافها، رغم كثرتهم العددية وثرواتهم الطبيعية الضخمة، فليس من حق العرب امتلاك التكنولوجيا النووية، وليس من حقهم إنشاء سوق اقتصادية مشتركة، وليس من حقهم حتى التعبير عن رفضهم الإساءة إلى رسولهم الكريم صلي الله عليه وسلم، بحجة حرية التعبير... وتتعدي تلك الازدواجية حتى في المجال الرياضي، ونتذكر جميعاً واقعة اللاعب الغاني جون باستيل الذي رفع علم إسرائيل أثناء مباراة غانا والتشيك بكأس العالم بألمانيا عام 2006 فرحاً بفوز بلاده، رغم عدم مشاركة إسرائيل، مقارنة بلاعبنا الخلوق محمد أبو تريكة وما تعرض له من هجوم من الصحافة الإسرائيلية والأوروبية والأمريكية وما لاقاه من تهديدات وتحذيرات، لمجرد أنه أظهر تعاطفاً مع المحاصرين من أبناء غزة، والذي يتم معاقبتهم عقاباً جماعياً وقصرياً يتنافي مع جميع المواثيق والأعراف الدولية.
.
والواضح أن المشكلة ليست فيمن يفرضون هذه الازدواجية، بل فيمن يتقبلونها مبتسمين متعللين بالوضع الأقليمي والدولي !!.. وكلي ثقة وأمل في أن نعمل لتذكير العالم لأصدار طابع بريدي تصدره الأمم المتحدة يكون رمزاً لنضال الشعب الفلسطيني، يذكرنا دائماً بالهوية العربية والإسلامية لهذا البلد الجريح المغتصب، يذكرنا دائماً برفض هذه الازدواجية، يذكرنا ويذكر أبنائنا حتى ولو من خلال طابع !!
.
وللحديث بقية أن شاء الله ...

ليست هناك تعليقات: