الاثنين، 28 أبريل 2008

الطوابع السياسية ..



طوابع البريد هي تاريخ الأمة، الماضي والحاضر، أحداثها واحتفالاتها، مؤتمراتها ومعارضها، أمجادها وثوراتها، علماؤها وكتابها وفنانوها، تاريخها وآثارها، محاصيلها وزهورها، طيورها وحيواناتها، أنهارها وبحارها، منتجعاتها ومحمياتها، متاحفها وتراثها، عاداتها وتقليدها... فهي سفير لكل أمة ورمز لحضارتها وتقدمها، تستخدم في ظاهرها للتخليص البريدي، وفي باطنها للترويج السياحي والتنشيط التجاري والاقتصادي...
.
بلدان عديدة أبدعت في طوابعها واستخدمتها لأغراض تجارية واقتصادية وثقافية، وخصصت لها المعارض والمنتديات، بيد أن بعض البلدان تحاول إقحام الطوابع البريدية بطريقة أو بأخرى للاستخدام السياسي، أو لأهداف سياسية، فقد صدر مؤخراً عن إدارة بريد إيران طابع يحمل صورة عماد مغنيه تكريما له، والطابع مزين بتوقيع قائد الثورة الإسلامية في إيران آية الله علي خامنئي، وعماد مغنية وهو لبناني الجنسية وشيعي المذهب، كان يشغل رئيس الجهاز الأمني لحزب الله وأشتهر بثعلب حزب الله أو بالحاج القاتل، كان على قائمة مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي كأبرز الإرهابيين المطلوبين، وعلى لائحة المطلوبين للعدالة بدول الاتحاد الأوروبي، وتوجه له قائمة طويلة من الاتهامات، وربط أسمه بعمليات عديدة وقعت بالبلدان العربية كتفجير مقر قوات المارينز بالخبر بالمملكة العربية السعودية عام 1996 وتفجير مقر مشاة البحرية الأمريكية ببيروت عام 1983، وقد اغتيل في حادث تفجير سيارة بدمشق في الثاني عشر من فبراير 2008، وتشير أصابع الاتهام بقتله للموساد الإسرائيلي ...
.
وقبل عدة سنوات أصدرت إدارة بريد إيران كذلك طوابع بريد عليها صورة الشهيد سيد قطب والملازم خالد الأسلامبولي قاتل الرئيس السادات، وهما مصريان، لمجـرد النكاية السياسية للحكــومة المصــرية... فالشهيد سيد قطب، وهو الأديــب والشاعر صـاحب في ظــلال القــرآن، ملايين من الناس تعرفه، ولكن قلة منهم يعرفــون سيرته ومواقــفه ومؤلفــاته، أعـدم بعد محاكـمة عسكرية في 29/8/1966 لأفكاره وفلسفته الثورية المنسجمة مع طبيعة الثورة الإيرانية ضد الاستعمار والإمبريالية رغم مذهبه السني، والتي يعتقد بالخطأ أو عن سوء فهم أنها كانت سبباً رئيسياً لشيوع فكر التكفير وبذور جماعات الجهاد في مصر،
.
أما خالد الأسلامبولي فلا نعرف عنه إلا كونه ملازم بالجيش المصري، اعتنق فكر تنظيم الجهاد وكتابه "الفريضة الغائبة" وقتل الرئيس السادات مع مجموعة من زملائه يوم السادس من أكتوبر عام 1981، وتم إعدامه بعد إدانته من خلال محاكمة عسكرية، ويعتبره الإيرانيون بطلاً لقتله الرئيس السادات، بسبب العلاقة التي كانت تربط الرئيس السادات بشاة إيران السابق، واستضافته له بمصر بعد قيام ثورة الخومينئ عام 1979. ومازال أسمه سبباً في تجميد العلاقات الدبلوماسية بين مصر وإيران حتى الآن بسبب إطلاق إيران أسمه على الشارع الذي تقع فيه السفارة المصرية في طهران، وإصدار طوابع رسمية تحمل صوره وتخلد ذكراه .
.
أما إسرائيل وأمريكا فلها مواقف متباينة في هذا الشأن، فإدارة بريد إسرائيل أصدرت مؤخراً طابعاً يسئ للخطيب في الإسلام ويصوره على أنه مغني والمصلون يجلسون على كراسي يستمعون إليه ويلهون، بالإضافة إلى إصدار بطاقة بريدية تحمل نفس المعني، وهي سلسلة من سلاسل الازدراء الإسرائيلي الموجه للدين الإسلامي، واستفزازاً لمشاعر أمة الإسلام شعوباً وحكومات، مما دفع أحد أعضاء مجلس الشعب المصري بتقديم استجواباً يطالب فيه باعتذار السفير الإسرائيلي وسحب تلك الطوابع وإحراقها، حيث قامت وزارة الخارجية المصرية في حينه بطلب استدعاء للسفير الإسرائيلي للاعتذار ... كما أن إدارة بريد إسرائيل إصدرت طابع بريد يحمل صورة الملك حسين ملك الأردن لتخليد ذكراه، وهي المرة الأولي التي تظهر فيها صورة زعيم عربي على طابع إسرائيلي، الأمر الذي يدعو للفرقة والتجاذب السياسي بالشارع العربي بشأن مواقف الملك حسين وعلاقته مع الدولة العبرية .
.
أما إدارة بريد أمريكا فتظهر حضارتها ، حيث أصدرت طابع إسلامي بمناسبة عيد الفطر المبارك، مما أثار انتباه المحللين السياسيين ورجال الصحافة، بتعزيز الاعتقاد بتغير السياسية الأمريكية تجاه المسلمين بعد أحداث سبتمبر 2001 لكسب مزيد من التأييد السياسي والإعلامي من البلدان الإسلامية للحملة التي تقودها ضد ما يسمي على الإرهاب...
.
وفي جميع الأحوال، فأن استخدام الطوابع البريدية سواء بالسلب أو الإيجاب لأغراض سياسية قد يفتح الباب لمزيد من المشاكل، خاصة مع سرعة انتشار وتداول تلك الطوابع بين البلدان، كما أن المادة الثامنة من اتفاقية البريد العالمية/ بوخارست 2004 تحدد وجوب أن تكون تلك الطوابع متماشية مع روح ديباجة دستور الاتحاد البريدي العالمي ومع القرارات المتخذة من قبل أجهزة الاتحاد، وأن تكون على صلة وثيقة بالهوية الثقافية للبلد أو الأقليم الذي تخضع له إدارة الإصدار، أو تساهم في نشر الثقافة أوالحفاظ على السلام، كما ينبغي أن تتجنب مواضيع وتصاميم تلك الطوابع الطبيعة المؤذيةً لشعور شخص ما أو بلد ما... الأمر الذي يدعونا ونحن بصدد بدء اجتماعات مؤتمر البريد العالمي بجنيف في يوليو 2008 لطرح ضرورة تفعيل نصوص الاتفاقية البريدية الدولية واتخاذ الإجراءات الملائمة لمنع إصدار طوابع بريدية لأغراض سياسية أو ذات مضمون يمس الأديان ...
.
وللحديث بقية أن شاء الله ...

هناك تعليق واحد:

newslinks يقول...

طوابع سيد قطب والملازم المصري ليس لقرب مصر من نظام الشاه وانما لقرب الولي الفقيه من الاخوان المسلمين