الثلاثاء، 8 مارس 2011

البريد المصري ... "فساد وهموم" !!..

.

أستطـيع القــول دون مبـالغة أن يـوم 25 ينـاير 2011 يجب أن يتخـذه المؤرخـون يوماً فاصلاً في تاريخ الشعب المصري، يوم سيتوقف حوله المؤرخون كثيراً بالدراسة والتحليل والتذكير، ليس لأنه أزاح نظاماً ديكتاتورياً عتيداً وفريداً في الخداع والتضليل لشعبه ولباقي بلدان العالم فحسب، بل لأنه أعاد الشعب المصري للتاريخ من جديد بعد عقود من الجمود والتخلف والإنحدار ليكون قوة دافعة لشعوب كثيرة مغلوبة ومقهورة...


ورغم أن المشهد العام ومنها مشهد البريد المصري لم يتغير كثيراً عما كان عليه قبل يوم 25 يناير، إلا من بعض الاعتصامات والمظاهرات والمطالب العدالة من جموع العاملين فيه، رغم ذلك فأن ثمة تفاؤلاً كبيراً أشعر به من إصرار وعزيمة هؤلاء المحتجين في مواجهة بعض قيادات وافدة أسرت البريد المصري بسلاسل وقيود من الفساد والهموم اعتماداً على منظومة الفكر الجديد قبل ثورة 25 يناير، منظومة فاسدة تتكشف وينفرط عقدها يوماً بعد يوم...


ومما لاشك فيه أن ثمة فساد ضارب في جذور تلك المؤسسة العريقة منذ عام 2002 وبزوغ هذا الفكر الانتهازي التسلطي، كان ثماره هموم وآلام للعديد من العاملين فيه، فساد ما كان ليحدث إلا لقصور وتخاذل الأجهزة الرقابية بداية من القائمين على الموافقات المالية قبل الصرف من مراقبي وزارة المالية، وصولاً للتدقيق والمراجعة الصورية والتقارير الورقية التي يقوم بها مراقبي الجهاز المركزي للمحاسبات.


أمثلة ثلاثة فقط ساذكرها للدلالة على بزوغ هذا الفساد:

الأول : ما نشر مؤخراً بصحيفة المصري اليوم بتاريخ 2/3/2011 من تورط الهيئة القومية للبريد بتقديم دعم مادي كبير يتجاوز 12 مليون جنيه سنوياً لعدد من المؤسسات الصحفية القومية وأخري تابعة للحزب الوطني في صورة مواد إعلامية ورعاية لبعض المؤتمرات والكتب التي تمجد إنجازات الرئيس السابق حسني مبارك، وهو ما قد أشرت إليه بتلك المدونة بتاريخ 14 ، 18 ، 24/8/2010.


والثاني : ما نشر بصحيفة المصري اليوم بتاريخ 4/3/2009 من قيام النائب السابق محمد العمدة بتقديم بلاغ إلى المستشار النائب العام، عبد المجيد محمود، ضد رئيس مجلس إدارة الهيئة القومية للبريد لقيامه باستثمار نحو 2.6 مليار جنيه في العديد من الشركات، ويرجع المساهمة في بعضها إلى عام 2004 ولم تدر هذه الشركات أي عائد حتى 30 يونيه 2008، بل أن شركة جيرونيل بلغت خسائرها حتى 31/12/2007 نحو 626.6 مليون جنيه بنسبة 98% من رأسمالها البالغ 630.7 مليون جنيه.


أما الثالث : ما نشر أيضاً بصحيفة المصري اليوم بتاريخ 24/2/2009 ضمن تقرير للجهاز المركزي للمحاسبات، يكشف نهب أموال هيئة البريد، ومنه على سبيل المثال قيام الهيئة بشراء أراضي مساحتها 36 ألف متر مربع بالتجمع الخامس من هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، لإقامة مجمع خدمي لتطوير قطاع البريد بقيمة إجمالية وصلت نحو 25 مليون جنيه (بواقع 700 جنيه للمتر تقريباً)، في حين تم منح أراضي مماثلة للعديد من رجال الأعمال بأسعار زهيده، وكان يجب تخصيص تلك الأراضي دون مقابل إذا ماكانت ستستخدم فعلاً لإنشاء خدمات للنفع العام.


أما عن الهموم فحدث ولا حرج، ويكفينا أمثلة ثلاثة أيضاً:

الأول : هموم أكثر من خمسة آلاف يعملون منذ سنوات بعقود مؤقتة دون تثبيت، ورغم أنني على يقين بعدم أحقية الكثير منهم في العمل بالبريد المصري ممن دون الكفاءة المطلوبة لأسباب عديدة منها أن البعض منهم جاء بالواسطة والمحسوبية، وبعضهم جاء نتاج طبيعي لتشغيل بعض أبناء العاملين من القيادات العليا، وآخرين من توابع وأتباع وناشطي الحزب الوطني، إلا أنني أشاركهم مطلبهم في ضرورة حل مشاكلهم والاستفادة من الكفاءات منهم دون الإخلال بعدالة وحق خريجي شعبة البريد الذين منعوا حقاً لهم بموجب القانون أغتصبه بعض هؤلاء المؤقتين لمجرد الواسطة أو مناصرة أنصار ونواب الحزب الوطني.


والثاني : هموم المئات ممن أفنوا عمرهم في البريد المصري من كفاءات وخبرات بريدية، بسبب احتلال العشرات من المستشارين وقيادات وافدة غير بريدية وغير مؤهلة للعمل البريدي، برواتب ومزايا تفوق الخيال في العمل الحكومي، دون استفادة حقيقية أو قيمة مضافة للبريد المصري، إلا لمجرد مجاملات وخدمات يقدمها البعض للبعض الآخر من أكابر القوم، وتدابير وخطط لجنة السياسات، فكم سمعنا عن مستشارين وقيادات حصلت على رواتب خيالية ثم انتقلت مع من جاءت معه للاستفادة الأكثر ودون ضوابط قانونية أو مالية، وكأن البريد المصري تكية أو حقل تجارب لهؤلاء بأمواله ومزاياه الوفيرة.


أما الثالث : هموم المئات ممن فقدوا الثقة بسبب ترقيات ظالمة وتعينات لقيادات لا تعرف إلا النفاق والتزلف للرؤساء، دون مسابقات أو اختبارات أو مفاضلة حقيقية لاختيار الأصلح لإدارة وحدات هذا المرفق الهام، هموم نشأت بسبب طبقة تسلقية طفيلية، إرست بذور الحقد والتباغض بين العاملين بمناصرة ومحاباة البعض على حساب الآخر لمجرد كسب الولاء والأنصار.


ورغم ما أفيض فيه منذ أعوام بتلك المدونة، إلا أنني على ثقة ويقين بالله أن الحقوق ستصل لأصحابها مهما طال الزمن أما في الدنيا أو في الآخرة...


وللحديث بقية أن شاء الله...

هناك تعليق واحد:

Unknown يقول...

الله ينور عليك وكأتك قريت كل أللى فى بالى انا من برج العرب وبرحب بصداقتك