الثلاثاء، 19 مارس 2013

البريد المصري والقانون رقم (5) !!..


أنا على يقيـن أنه مع بزوغ فجـر كل يـوم جـديد، ترفـع فيه مئـات الأكف بالدعــوات بالويــل والثبور على من سن قانون (5) لسنة 1991 بشأن شغل الوظائف القيادية المدنية بالدولة، ذلك القانــون الذي مكن سلطات الإدارة العليــا بالوحــدات الإدارية والهيئــات الاقتصادية بالدولة من رقــاب عبــاد الله الموظفين، فأصبح الاختيـار لشغل تلك الوظـائف من درجـة مديـر عــام ورئيس قطــاع من سلـطات الإدارة العليــا المطلـقة، دون معايير للكفــاءة أو رقابــة من قضـاة.

ورغم عوار هذا القانون في إطلاقه يد الإدارة العليا بالوحدات الإدارية بالدولة في تلك الاختيارات، أهمله  المشرع المصري عن عمد دون مساس بتنظيمه وتجويد عواره حتى عام 2010 وذلك بصدور قرار السيد/ رئيس مجلس الوزراء رقم 781 لسنة 2010 لإضفاء عليه بعض المعايير الشكلية، التي لا قيمة لها عند المفاضلة والاختيار لتلك القيادات.

ومع كل هذا العـــوار والفساد الذي خلفــه هذا القانـون الظالم الداعــر، إلا أنه لم يكـن يوماً على هـوي قيـادات وعباقـرة البريـد المصـري، فابتدعـــوا لائحــة لشـئون العاملـين بمادتـها اللقيـــطة رقــم (41) لاعتقادهم أن القانون رقم (5) لسنة 1991 ذو إجـراءات معقدة وطـويلة من إعــلان بالصحف القومية واختبـارات للمتقدمين لتلك الوظائف، فاقتصر على شغل تلك الوظائف القيادية على ما يسمونه التكليف أو القيــام بأعمال، فكان آخر إعلان لاختيار تلك الوظائف طبقاً لهذا القانون في شهر مارس 2009، وتم طبخة بطريقة فجة، باختيار تلك القيادات دون اختبارات أو مقابـلات.  

وبعد طول انتظار وضغوط من بعض العاملين وأنين المقربين منهم، تم الإعلان خلال شهر مارس الحالي لشغل عدة وظائف من درجة مدير عام بالمناطق البريدية، رغم وجوب الإعلان عن شغل تلك الوظائف في حال خلوها خلال فترة لا تزيد عن ستة أشهر، دون الاقتراب والمساس بالعديد من الوظائف الأخرى التي يشغلها بعض العاملين الغير مؤهلين لاشتراطات شغل تلك الوظائف من درجة ومدد بينية.

مسرحية هزيلة يعلمها الجميع، بغية توفيق أوضاع أصحاب الحظوة والمقربين، مسرحية فاضحة، جمهورها كثر، وممثليها عراه، وطاقم إعدادها  لا يستحي، ومخرجها هابط ، يخرج لنا لسانه وبضاعته الفاسدة دون حياء أو خجل.

هذا القانون الذي يعد نكبة من نكبات القوانين المصرية وعلامة سوداء في سجل المشرع المصري، أهدر حقوق مئات من الكفاءات والخبرات الحقيقية بالجهاز الإداري بالدولة، ومكن هؤلاء المفسدين من تمكين المتسلقين من أقاربهم وأصحابهم ومعارفهم من الاستمرار في تقلد تلك الوظائف القيادية بالدولة، باستنساخ جيــل بعد جيــل، فماذا تنتظر من فاسد إذا تقلد منصباً؟!.. إلا أن يشيع فساده وجرمه.   

أما قيادتنا البريدية، فهي قيادات فوق القانون والدستور، قيادات لا وقت لديها للشكليات والاختبارات، قيادات تعـرف هدفها وتشق طريقها، فالكــلاب تنبح والقافلة تسير !!.. فلهم كل الويل والثبور وأقبح الدعــوات واللعنات، وسيعلمون في يوم قريب، عاجلاً أم آجلاً أي منقلب ينقلبون !!.. 

وللحديث بقية أن شاء الله...

ليست هناك تعليقات: