الأربعاء، 10 يوليو 2013

عسـكرة البريد المصري !!..


كلمة "عسـكرة" تتردد دائمــاً بقــوة مع قيــام مجموعة من قيــادات الجيش بالانقـلاب على السلطة المدنـية الحاكـمة بالقـوة، بغية توجــيه دفــة إدارة الدولة، حيث يشرع العسكريون في العــادة بفرض قبضـتهم على مفاصـل الدولة بالموالـين والمؤيـدين لأفكــارهم وتوجهـاتهم الفكـرية والسياسية.

حدث هذا في مصر أبان حركة الضباط الأحـرار في يولـيو عـام 1952، حيث تقــلد أعضـاء مجلس قيادة الثورة من الصف الأول والثاني والثالث كافة المناصب القيادية بالدولة من هيئات ووزارات، دون النظر لمعايير الكفاءة أو القدرة على الإدارة الرشيدة، مما تسبب في إرباك للحياة السياسية والاقتصادية لعدة سنوات، كان من آثارها هزيمة يونيو عام 1967.

مع تغير الأوضاع والمفاهيم الدولية واستهجان الانقلابات العسكرية عامة، ظهرت مفاهيم أخري للعسكرة بأسلوب ناعم وهادئ، وذلك بتدخل العسكريين في أنشطة الحياة المدنية للمجتمع، خاصة مع تنامي دور وفاعلية المؤسسة العسكرية في مصر مع بدايات التسعينات وظهور مشروع التوريث ومتطلبات تمريره سياسياً بتقديم بعض التنازلات والمزايا لبعض مؤسسات الدولة الفاعلة كالجيش والشرطة والقضاة، وبشئ من التوافق الغير معلن في مواجهة شعب ظن البعض غيابه وخضوعه.

البداية كانت ناعمة وهادئة بضخ العشرات من قيادات المؤسسة العسكرية للعمل بالهيئات والمصالح الحكومية والوزارات كمستشارين وقياديين، في توافق وتناغم مع توجهات وتخطيط لجنة السياسات بالحزب الوطني لدفع مشروع التوريث دفعاً من خلال خلق طابور خامس من الأنصار والمؤيدين بتلك الجهات للدعم والتأييد بطريقة ناعمة وهادئة، يظهر قوته وشعبيته المؤيدة في اللحظات الفاصلة.

هذا الفكر الناعم الهادئ تم ممارسته في معظم مؤسسات الدولة وهيئاتها، وبالقطع كان البريد المصري نموذجاً فريداً وأرضاً خصبة بما لديه من إمكانات مادية وبشرية هائلة وانتشاره بكافة محافظات الجمهورية، فتناوبت عليه قيادات عسكرية واحد تلو الآخر منذ عام 2002 لاستغلال موارده وتوجيه أمواله وأموال مودعي صندوق التوفير في مشاريع وشركات تخدم ذلك المشروع المشبوه.

أكثر من عشر سنوات مرت على البريد المصري، متقلـباً عليه العشرات من تلك القيادات العسكرية من رؤساء ومستشارين ومديرين، أمسكوا بمفاصله وزمـام أمــوره وتوجــيه سياسته وإهـدار أمـواله بشكل سافر لا مثيـل له في حماية قيــادات سياسية لا تسعي إلا لتثبـيت أركـان مشروعها المشبوه... أكثر من عشر سنوات من الإدارة الفاشلة نتح عنها تحقـيق خسائر بلغـت عـدة مليــارات من الجنيهات أثبتتها القـوائم المالية للأعــوام الثلاثة الأخيرة، بينما مازالت وحتى بعد قيــام ثورة 25 يناير 2011 تلك القيــادات تتبــادل وتتنـاوب الأدوار والمناصب القيادية بالدولة من مؤسسة لأخرى.

احترام المؤسسة العسكرية المصرية واجـب وطـني وقـومي حيث تقـوم بمهامها للدفــاع عن الوطن وأمنه وحماية أراضيه وحـدوده، هذا واجبــنا الذي نضعه في قلوبـنا ونصب أعييـنا، فما هو واجبهم؟!..

والله من وراء القصد ، وللحديث بقية أن شاء الله...

ليست هناك تعليقات: