الأربعاء، 24 يوليو 2013

الأمر الواقع في البريد المصري!!..


الأمر الواقع أو سياسة الأمر الواقع هي سبيل المحتل الغاصب لحقوق غيره، لفرض إرادته بالقوة الغاشمة، ثم سعيه الدائم والمتوالي بعدها للتفاوض من منطلق تلك القوة الغاشمة لفرض أمراً واقعاً.

هذا الأمر الواقع يفرضه دائماً الظالم المستبد، اغتصاباً لحقوق الآخر وشرعية وجوده، كالسارق الذي يقطع طريقك ويسرق حافظتك، ثم يتفاوض معك على اقتسام ما يبرزه منها من مالك، أمراً يتكرر كثيراً في تلك الأيام، وما نشهده في مصر من إحداث تدعو للرثاء والحيرة من دعاة الليبرالية والحرية في انقضاضهم على السلطة المنتخبة، وقطع الطريق الديمقراطي، رغم ما شابه من أخطاء وتخبط، بغية فرض أمراً واقعاً، وهو الاستيلاء على السلطة وإدارة شئون البلاد غصباً للإرادة الشعبية.

هذا الاحتيال وقطع الطريق مورس بقوة في البريد المصري منذ سنوات عدة ومازال يمارس بغرض فرض الأمر الواقع، واقع شغل معظم الوظائف القيادية بطرق غير شرعية وبمعاير مزدوجة، مرة بالتكليف المباشر دون مسابقة، ومرة بمسابقات هزلية، ومرة بقانون 5 لسنة 1991، ومرة من خارج السلم الوظيفي للهيئة، ومرة من داخله، ووظائف أخري داخل الهيكل وأخري خارجه، وهكذا وجميعها بالطبع يشوبها الفساد والرشوة والمحسوبية، من أجل خلق طابور خامس من المطبلين والمصفقين والفاسدين.

هذا الأمر الواقع أخذ شرعيته الباطلة وثبت أقدامه وقوت شوكته بتلاحم وتضامن قيادات البريد المصري الفاسدة من أجل الحفاظ على ما جنوه من مكاسب ومزايا مالية وعينية خلال السنوات السابقة، دون عمل أو جهد حقيقي، تكشفت أبعاده ومخططه بعد ثورة 25 يناير، التي لم تستطع حتى تاريخه إزاحة هذه القيادات الفاسدة، ولا حتى أنصارهم وأعاونهم من أصحاب المصالح من بقاء واستمرار هذا الواقع المرير، والذي أسفر في نهاية المطاف عن تحقيق خسائر بالمليارات خلال السنوات الثلاثة السابقة.

استمرارية فرض الأمر الواقع باتت على صخرة الإدارة الشابة الجديدة، حيث أنها لا تدرك أو تتغافل سهواً أو عمداً أن ما بني على باطل لن يكون صحيحاً في يوم من الأيام، فما بني على باطل هو باطل بكل معانيه وقيمه الظالمة الفاسدة، ولن يستقيم عمل أو إنتاج أو تقدم في ظل فرض الأمر الواقع الغاصب للحقوق، الباعث على روح العداوة والكراهية التي ولدتها تلك السياسات الغاصبة لحقوق الغير.

فالواقع مرير بكل ما تعنيه الكلمة، مرارة الصبر في الحلق، ومحاولات تثبيته وإمداده بشريان الحياة من قبل الإدارة الشابة الجديدة لإنعاشه واستمراره، يضعنا من جديد في حلقة من حلقات الصراع الأزلي بين الحق والباطل، والله وحده كفيل بدفع الظلم وإزالته "أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ"

وللحديث بقية أن شاء الله...

ليست هناك تعليقات: