الاثنين، 9 سبتمبر 2013

نقــابة ضد البريدييـن !!..


لاشك أن تاريخ الحركة النقابية العمالية في مصر تاريخ يشوبه السواد والغمام بدءاً من المحاكمة الصورية للشهيدين خميس والبقري وإعدامهما في سبتمبر عام 1953، بعد أقل من شهر على أحداث مصنع الغزل والنسيج بكفر الدوار لقيامهما بالتظاهر من أجل المطالبة بحقوق العمال بعدما صدق العمال ما سمعوه بعد قيام الثورة عن العدالة الاجتماعية فخرجوا للمطالبة بحقوقهم المشروعة، فما وجدوا إلا رصاص الشرطة والاعتقال والأحكام الجائرة، ليكونا عبرة لمجمل الطبقة العاملة المصرية.  

بعد تلك العبرة القاسية، تم تأسيس الاتحاد العام لعمال مصر عام 1957 ليكون التنظيم النقابي الرسمي والوحيد التابع للدولة، يقوم باستيعاب نحو أربعة ملايين عامل بأجر من خلال 23 نقابة عامة، تحت مظلة من القوانين واللوائح المتوالية من أجل إخضاع الحركة العمالية، واستيعاب قادتها بسياسات الاحتواء والمنح والإغواء حتى لا يتكرر المشهد المخزي لمحاكمة الشهيدين خميس والبقري.

هذه القوانين المنظمة للعمل النقابي منذ صدور القانون رقم 35 لسنة 1976 والقانون رقم 12 لسنة 1995 ألحقت إضراراً بالغة بالعاملين وبالعمل النقابي، حيث ألجمت تلك القوانين حرية العمل النقابي بقبضة الدولة، وأصبح أغلب رؤساء النقابات العامة بالدورة النقابية 2006/2011 من أعضاء الحزب الوطني المنحل، فأصبح التنظيم النقابي المدافع الأول عن السياسات الحكومية بغض النظر عن تأثير تلك السياسات على القواعد العمالية، فأيدتها في إصدار قانون قطاع الأعمال العامة عام 2003، والذي كان بداية لمشروع خصخصة وبيع القطاع العام، ثم جاء القرار بقانون رقم 97 لسنة 2012 الذي أصدره الرئيس محمد مرسي، في 24 نوفمبر 2012 ليتضمن خروج جميع من بلغوا سن التقاعد في مجالس إدارات الاتحاد والنقابات التابعة له على أن يحل محلهم من يليهم في الأصوات في الانتخابات السابقة، وفي حالة تعذر استكمال العدد القانوني لمجلس إدارة المنظمة النقابية تقوم الجهة الأعلى باستكمال العدد القانوني.  

ومن ثم، عـدنا من حيث بدأنا، بوجـوه جـديدة وأقنعة خادعـة، عـدنا في النقابة العامة للبريد المصري، بمن فازوا بالتزوير والأصـوات الباطلة، وتدخـل الجهـات الإدارية والأمنية، ولا تسأل عن أعلي الأصـوات التي حصـل عليها هؤلاء، فالأصـوات جميعها مـزورة وسجـلاتهم شهادة سوف تشهد عليهم كشهادة أيديهم وأرجـلهم يـوم القيـامة.  

تاريخ طويل من الانبطاح لتلك النقابة العريقة التي بدأت بروابط عمالية من الموزعين والفرازين عام 1947، ثم تأسست رسمياً بصدور القانون رقم 62 لسنة 1964 أول نقابة لعمال البريد والبرق والهاتف، ثم صدر قرار الاتحاد العام للعمال عام 1983 بإنشاء نقابة خاصة للبريد، انبطاح من نقيب إلى نقيب حتى أصبحنا نسمع عمن يشيد بعدم استجابة العاملين لدعوات الوقفات الاحتجاجية، حتى ولو كانت في غير محلها وموضوعيتها، فهذا حقهم ولو اختلفنا معهم، متناسياً تصريحاته السابقة بأن كافة مطالب العمال التي يطالبون بها مشروعة وغير مبالغ فيها وتتمثل في العدالة الاجتماعية مع العاملين بشركة اتصالات مصر والمساواة معهم في نسبة الأرباح التي تحققها الشركة (صحيفة اليوم السابع 6/1/2013).    

فالنقابة العامة للبريد لها تاريخ عريق في وقوفها الدائم ضد العاملين ومطالبهم العادلة، فلا نادي رياضي ولا معاشات شهرية للمتقاعدين، ولا خدمات صحية واجتماعية، فقـط لها تاريخ طويل ورائد في استقطاع اشتراكاتها من منبع رواتب العاملين، وحصول أعضائها على بدلات ومميزات حضور الجلسات والاجتماعات والإشادة الدائمة بمواقف الإدارة الرائعة!!..   

وللحديث بقية أن شاء الله...

ليست هناك تعليقات: