الأحد، 15 سبتمبر 2013

نقـابة البريـد المستقلة !!..


فكرة الاستقلال في العموم تطلق حين يكون الوطن مغتصباً ومحتلاً، وهو ما كان يسعي إليه المصريون قبل جـلاء الاحتلال البريطاني نهائياً عام 1954، بينما بدا بصورة أكثر تبايناً حين أطلق بعض القضاة في مصر بعد رفضهم للتزوير الفاضح للانتخابات البرلمانية عام 2005 على أنفسهم بتيار الاستقلال، بالدعوة لاستقلال القضاء عن سيطرة السلطة التنفيذية المتمثلة في وزارة العدل بإشرافها المالي والإداري.

ثم ما لبث أن تتابعت جهات أخري بمفهوم آخر لهذا الاستقلال عن المنظمات والنقابات الحكومية، وكأنها باستقلالها تتحرر من هذا العدو الغاصب المحتل لشئونها، فكان الإعلان عن إنشاء النقابة المستقلة للعاملين بالضرائب العقارية بداية لتوالي هذا الاستقلال عن تلك المنظمات والنقابات الهشة الموالية لسلطان الإدارة والسلطة التنفيذية بالدولة.

وترجع مشكلة موظفي الضرائب العقارية البالغ عددهم أكثر من 50 ألف موظف منتشرين على نطاق الجمهورية إلى عام 1974 حين أصدر الدكتور عبد العزيز حجازي رئيس الوزراء حينها قراراً بنقل تبعيتهم المالية والإدارية للمجالس المحلية للمحافظات، وهذا يعني انخفاض حافز الإثابة من 350% إلى 25% فقط، ورغم المطالبة المستمرة للعاملين بالضرائب العقارية بالمساواة مع أقرانهم بمصلحة الضرائب، إلا أن الحكومة ظلت تتجاهل هذه المطلب، حتى بدأت احتجاجات العاملين في الربع الأخير من عام 2007، حتى وصل اعتصام المئات منهم أمام مقر وزارة المالية، بينما ظل التنظيم النقابي الرسمي يحاول فض الاعتصام دون الوصول لحلول عادلة، خشية تكرار تلك المطالبات من فئات عمالية أخري، وإزاء استمرار الاعتصام اضطرت الحكومة إلى الاستجابة لمنح العاملين بالضرائب العقارية حوافز إثابة بنسبة 300% وتم إنهاء الاعتصام في 31 ديسمبر 2007.     

ومع افتضاح أمر التنظيم النقابي الرسمي بالوقوف ضد العاملين، قد بدا للعاملين أهمية تأسيس كيان آخر مستقل للحفاظ على المكتسبات التي تم تحقيقها، وبالفعل تم دعوة العاملين للمؤتمر التأسيسي للنقابة المستقلة في 20 ديسمبر 2008 بنقابة الصحفيين، وشرع المؤسسون في استكمال الإجراءات القانونية بإيداع أوراقها في وزارة القوي العاملة والهجرة في 21 إبريل 2009 وفقاً للقانون.      

لقد كانت تجربة موظفي الضرائب العقارية بحق الأكثر تميزاً في الحركة العمالية في مصر واستطاعت أن تصمد في مواجهة كل أنواع الصعوبات والتشويه من جانب الجهات الحكومية وخاصة الاتحاد العام للنقابات، بينما عجزت نقابات أخري مستقلة ومنها النقابة المستقلة للعاملين بالبريد المصري، التي تم الإعلان عن تأسيسها في يونيو 2011، رغم تشابه مواقفهما وانتشار عامليها في كافة المحافظات، من الاستمرار والوفاء باحتياجات ومتطلبات العاملين بالبريد المصري لأسباب عديدة يصعب فهمها، وتحتاج منا لمزيد من الدراسة والتحليل، ولكن يبدو أن العاملين بالبريد المصري رغم أمانيهم الصغيرة ومطالبهم المحدودة لا يحبون الاستقلال!!..    

وللحديث بقية أن شاء الله...
Ashraf_mojahed63@yahoo.com

ليست هناك تعليقات: