الجمعة، 3 سبتمبر 2010

بريد الحزب الوطني !!..


خلال النصف الثاني من التسعينات تردد أمامي بعض الكلمات عن مواظبة بعض قيادات البريد المصري على الذهاب للنادي السياسي للحزب الوطني، لم أستوعب وقتها مدي أهمية تلك المواظبة، فلم تكن من عادات تلك القيادات في السابق هذا الارتقاء الحزبي، والجنوح نحو السياسة بشكل علني، إلا بعد أن وعي أحدهم الدرس من سابقه الذي ترشح مستقلا لخوض انتخابات مجلس الشعب عام 1995 وفشل في دخول البرلمان لكونه ترشح مستقلا، رغم كثرة الخدمات التي قدمها لأهل دائرته بتشغيل وتعيين العشرات منهم بالبريد المصري، حينما كان يشغل رئاسته، مما عزا بخلفه، وبعد أن تعلم الدرس بالبقاء في رئاسة البريد المصري عاماً إضافية بعد بلوغه سن المعاش كسابقة أولي لم تحدث لأحد قبله.
.
هذه الإنباء والأخبار ذاع صيتها بشكل علني ودون مواربه، بكثرة تواجد كوادر جديدة نشطة من الحزب الوطني داخل أروقة البريد المصري، هذه الكوادر سرعان ما سطع نجمها، وبرزت بشكل أكثر تأثيراً بقدوم الدكتور علي مصيلحي ريئساً للبريد المصري أواخر عام 2002، والذي ظهر جلياً بحماسة العديد من العاملين من داخل البريد المصري أثناء الحملة الانتخابية له عام 2005 والتي ترشح فيها عن دائرة أبو كبير بمحافظة الشرقية، فالملصقات الدعائية والصور والمسيرات ومظاهرات التأييد والمناصرة وغيرها كان الشغل الشاغل للعديد منهم، قابله سخاء وعطاء وترقية من ناصره وأيده بعد تحقيقه فوزاً صعباً على منافسه الإخواني.
.
أمر طبيعي ومعتاد أن يمارس كل شخص حريته في تقدير موقفه السياسي والحزبي، ولكن الأمر الغير طبيعي تغلغل تلك السياسات داخل الهيئات التنفيذية للدولة بالصورة التي تخدم حزباً دون الآخر، وتخل بمبدأ تكافئ الفرص بين تلك الأحزاب... وما تظن إن كان الموقف ذاته تم لأحد أعضاء حزب الوفد أو حزب التجمع أو الإحرار ؟!.. ستتهم على الفور بالمعارض، والخارج على الشرعية والداعي للفتنة، والعمالة، وسوء الفهم والتقدير وغيرها، ولو كنت مديراً ستصبح موظفاً، ولوكنت موظفاً ستصبح ساعياً، ولوكنت ساعياً ستندم بقية عمرك على ما اقترفت لاختيارك السياسي.
.
أنا لست من أنصار المعارضة، ولا أنوي أن أكون معارضاَ ضمن تلك الأحزاب الهشة الورقية، وكذلك لست مع حزب لا يرعي مصالحي ومصالح زملائي البريديين والملايين من بني وطني... أنا لست مع أو ضد !!.. ما أريده وأتمناه للبريد المصري أن تسوده المساواة والعدالة، في التعيين والترقي، في المكافأت والحوافز، في المزايا والبدلات، مكافأة المجتهد وتشجعيه ومعاقبة المقصر وتوبيخه، عدالة في إتاحة الفرصة للمجتهد أن يجتهد، والمجد أن يتقدم ويجني ثمار جده، عدالة لا تفرق بيني وبين غيري لمجرد أرائي أو انتمائي الحزبي، عدالة تحمينا من شلة الطبالين والزمارين!!..
.
الموسم الانتخابي قد حضر، وحضرت معه عشرات ومئات طلبات أعضاء الحزب الوطني لتعيين أقاربهم وذويهم وأبناء دوائرهم بالبريد المصري وبقية الهيئات الحكومية الأخرى، والاحتجاج العارم لبعض نواب الحزب الوطني ضد الدكتور طارق كامل، وزير الاتصالات لوقف التعيين في الوزارة والشركات والهيئات التابعة لها بنظام المسابقات وقصر التعيين من خلال الطلبات التي يقدمها له النواب لذويهم نموذج لسياسات الفرقة والتشرذم الذي منيت به ثقافتنا السياسية (صحيفة الوفـد بتـاريخ 21/2/2010)... وظـني أيضـاً أن التكـريم الذي أقـامته أمـانة الحزب الوطـني بالقـاهرة للدكتـور أشرف زكـي، رئيس مجلس إدارة البريـد المصـري لم يخـرج عن السـياق ذاتـه (صحـيفة اليـوم السـابع 27/7/2010).
.
في اعتقادي أن المصالح الشخصية والفئوية أو الاتجاهات الحزبية لم تخدم البريد المصري على المدى البعيد، فالبريد المصري يحتاج إلى كفاءات مدربة تدريباً تقنياً وتكنولوجياً، كفاءات من نوع خاص لمواجهة طوفان الشركات الأجنبية والخاصة ومنافستها الشرسة في سوق بريدي واعد، البريد المصري يحتاج لمزيد من العدالة والشفافية في اختيار قياداته ومديريه، في تحقيق طموح وآمال أكثر من 50 ألف موظف يعملون بكل جهد لتقديم خدمات تمس حياة المواطنين في ظل ظروف صعبة، يحتاج لتظافر جهودهم بعيداً عن الاعتصامات والاحتجاجات والتي ما شبت خلال العام الماضي إلا نتيجة لتلك السياسات الحزبية والفئوية... كما أن الحزب الوطني لن يكون حزباً كبيراً باستئثار المال والسلطة واحتكار الوظائف القيادية بالدولة، لن يكون كبيرا بعدد محدود من أصحاب المصالح وطالبي الوظائف العليا والسائرون في ركابهم... بل سيكون أكبر بتحقيق العدالة والمساواة وبث روح العمل والاجتهاد بين أبناء الوطن الواحد...
.
وللحديث بقية إن شاء الله ....

ليست هناك تعليقات: