الجمعة، 8 فبراير 2013

التجديد في البريد المصري !!..


التجـديد يعني جعـل الشئ جديداً، سواء بإعـادة ترميم الشئ البالي، أو بإزالة ما تراكم عليه من مظاهر طمس جوهره، وليس خلق شئ لم يكن موجـوداً، وهو نقيض التقلـيد بكل أشكـاله وشكلياته.

ومفهوم التجديد يختلف في المفهوم الغربي عنه في المفهوم العربي الإسلامي، فبينما نجده في المفهوم الغربي مرتبط بفكرة التجاوز والتغيير الجذري في وضعية المجتمع، من خلال مفاهيم مثل التقدم والتحديث والتقنية لتعبر عن رؤية غربية، نابعة من الخبرة التاريخية الغربية، نجده في الفكر العربي الإسلامي مرتبط بالعودة إلى الأصول وإحيائها من خلال فهمها وإعادة قراءتها وإظهار ما اختفي منها من خلال مفاهيم الأصالة وتأكيد الهوية والحفاظ على التراث، نابعة من مقتضيات الإصلاح للمسايرة الزمنية والحضارية.

أما التجديد في البريد المصري، فأمره مختلف تماماُ، فالتجديد فيه يأخذ أشكالاً متعددة تختلف مفاهيمه عن مفاهيم التجديد سواء في الفكر الغربي أو في الفكر العربي الإسلامي، فالتجديد في البريد المصري تجديداً مميزاً لا نظير له ولا مثيل، وله مظاهر عدة متنوعة، فعلي سبيل المثال:

- نجد التجديد في المكاتب البريدية والمباني الإدارية، شعار يرفعه البريد المصري منذ عقدين من الزمن، ويظهر بوضوح على شكل ودهان وهيئة المكتب أو المبني، من ديكور وإنارة وزجاج، وأثاث وأجهزة وغيرها من مظاهر شكلية لا علاقة لها في الواقع بالتجديد من قريب أو بعيد، فمازالت معظم الأعمال تتم بطريقة يدوية، فالرجوع للكارت الورقي لحسابات التوفير أمراً حتمياً، وطوابير المعاشات والحوالات تزداد حجماً وعدداً، وحسابات المكاتب اليومية لم يطرأ عليها تغيير منذ نشأتها، ومازالت الهيئة عاجزة عن ضبط رأس المال لمودعي صندوق التوفير أولا بأول، بتأخر نحو عامين، رغم ما ينفق من ملايين لشراء الحواسب والبرامج اللازمة لها.

- وثمة تجديد من نوع آخر، هو استمرار التجديد لبعض العاملين ممن تقاعدوا لبلوغ سن المعاش، وكأن التمسك بالقديم والحفاظ على كينونته العقيمة صار يذكرنا بعبق التاريخ وحضارة الأجـداد، فعلي الرغم من تراجع مستوي الخدمات البريدية ومظاهر الفساد التي تفوح رائحتها ميدان العتبة وميدان الأوبرا، والخسائر المتلاحقة، إلا أن خبرات هؤلاء أصبحت من مقتضيات الحفاظ على الأصالة وتأكيد الهوية البريدية.

- أمـا كبـائر هذا التجـديد، هو التجـديد لمجـلس الإدارة، فالتجـديد كـان لزامـاً لتصحـيح مسار البريد المصري، فبعد الخسائر المالية الفادحـة التي أظهـرتها الحسابات الختامية في العـام المـالي 2010/2011 والتي بلغـت 904ر240ر716 جنيه، كان لابد من تصحيح المسار بإعادة التجديد للمجلس ليحقق خسائر أكبر في العام المالي 2011/2012 حيث بلغت 651ر714ر856 جنيه.

كل ذلك ما كان ليقال لولا أنني سمعت منذ قليل أغنية سيدة الغناء العربي " جـددت حبـك لي ..."

وللحديث بقية أن شاء الله...

ليست هناك تعليقات: