الجمعة، 1 فبراير 2013

التقاعد في البريد المصري !!..

 
التقاعد هي النقطة التي يتوقف فيها الشخص عن العمل، فيكون بذلـك غير مؤهـل للعمل أما بسبب كبر السن أو طبقـاً لأنظـمة بعض البلـدان في تحديـد سن التقاعد، وذلك بالتأكيد بخـلاف البعض الذين لا عمل لهم، سواء بإرادتهم أو غصب إرادتهم، وهذه النقطة الفاصلة في حيـاة الإنسان، بينما يحـلم بها الكثـيرون من العاملين بالبلـدان الغربية، تتجـرعه بمرارة وخـزن من يقابلـهم بالبلـدان النامـية والفقـيرة، بسبب عـدم وجـود الضمـانات الكافـية للعيـش المناسب في ظـل قوانين تأمينـية مجحـفة، ومقـابل مـادي لا يسد احتياجـات الشيخوخة ومواصـلة الحيــاة الكـريمة.

هذه النقطة اختلت في ظل القوانين المصرية، التي يتم التلاعب بها والتكيف مع نصوصها حسب رغبة المتلاعبين، فبينما نجد بعض العاملين لا يصلوا لتلك النقطة الفاصلة بالتجديد والاستمرار كمستشارين أو خبراء بجهات عملهم أو جهات أخري، نجد عجزاً مفجعاً في إمكانيات تشغيل الشباب، معادلة أن دلت، فأنها تدل علي غباء وذاتية تفقد المجتمع روح الشباب والتقدم.

والبريد المصري، لم يعرف هذا الغبـاء إلا حين تم التجديد لأحد رؤساء مجالس الإدارة لمدة عام بعد بلوغه سن التقاعد عام 1997، ثم ما لبث أن اتسع هذا الغباء خلال العقد الماضي، وصل لاستمرار أحد العاملين لأكثر من عشر سنوات بعد بلوغه سن التقاعد.

قد يتصور البعض أن الحديث عن التقاعد، خاصة في البريد المصري، هو الإحساس باقترابي من هذه النقطة، فمازالت حتى تاريخه لم أتجاوز الخمسين من العمر، وأن كنت أتعايش مع تلك النقطة منذ فترة طويلة، فاعتبر نفسي من المتقاعدين غصب إرادتهم، وأشعر بمرارة وشقاء الزملاء الذين جاوزوها بعد استهلاك أعمارهم في حمل الأكياس والطرود البريدية والفرز والمناولة ومواجهة جماهير المعاشات والتوفير بالمكاتب البريدية، والأشغال الشاقة البريدية... فبعد كل هذا الهم والغم الذي قابلوه في أعمالهم البريدية، ما وجدوا إلا العناء والشقاء والتعب بسبب تلك الأموال الضئيلة التي يوفرها لهم البريد المصري حين يبلغون سن التقاعد، وكم طالبنا مراراً بضرورة أن يكون ثمة معاش شهري مناسب يصرف من نقابة البريد للمتقاعدين أسوة بمعظم النقابات العمالية والمهنية الأخرى.

أما السبب عن ذكـر هذا التقاعـد هو الشك والريبة التي دارت في رأسي حين طالعت الحساب الختامي للبريد المصري للعام المالي 2011/2012، والذي تم إثبات مزايا تقاعد العاملين، تحت بند 22/ الأجـور، مبلغ وقدره 729ر624ر117 جنيه مقابل مبلغ وقدره 357ر727ر14 جنيه خلال العام المالي السابق، بزيادة قدرها 372ر897ر102 جنيه، وبنحو ثمانية أضعاف عما كان يتم صرفه من قبل (هذا البند لم يظهر بالحساب الختامي السابق) على الرغم من عدم وجود أي مميزات جديدة طرأت على ما يحصل عليها هؤلاء المتقاعدون، فضخامة المبلغ يثير الريبة والشك في صحته.

فالمتقاعدون في البريد المصري لا يتجاوز عددهم عن 1200 شخص سنوياً، ويحصلون على مميزات معروفة حسب ما جاء بالحساب الختامي أيضاً، وهي مكافأة العشرين شهر بحد أقصي 12000 جنيه، ورصيد الإجازات بواقع 120 يوم، ومكافأة نهاية الخدمة بواقع شهر واحد على الراتب الشامل، وذلك بخلاف ما يحصل عليه المتقاعد من مزايا التأمينات الاجتماعية وصندوق الولاء إذا كان من المشتركين، فلا علاقة لهما بالمبلغ المدرج بالحساب الختامي.

وبعملية حسابية بسيطة نجد أن ما يحصل عليه المتقاعد في البريد المصري من ذلك البند في المتوسط نحو 17000 جنيه × 1200 متقاعد = 000ر400ر20 جنيه، وهو تقريباً سدس المبلغ المدرج بالحساب الختامي للعام المالي 2011/2012، مما أصبت معه بالحيرة والشك بعد التأكد من أحد الزملاء المتقاعدين حديثاً، وحيث أنني عملت لفترة وجيزة بالإدارة المالية وأعتبر القائمين على الحساب الختامي جزء مني، فأنني ...

أَكَادُ أَشُكُّ في نَفْسِي لأَنِّي ... أَكَادُ أَشُكُّ فيكَ وأَنْتَ مِنِّي

وللحديث بقية أن شاء الله...

ليست هناك تعليقات: