السبت، 23 فبراير 2013

منظومة فساد البريد المصري !!...


في الغالب أن أصل كلمة منظومة جاءت من نظم الشعر، فالنظم هو التأليف والجمع، يقال نظمت اللؤلؤ أي جمعته في العقد، وكل شئ قرنته بآخر وضممت بعضه إلى بعضه فقد نظمته، وأن كان بعض اللغويين يفرق بين نظم الشعر والمنظومة، فالشعر يتطلب أبياتاً موزونة مقفاة وفق نظام من البحور الشعرية، أما المنظومة فكلاماً موزون بخلاف النثر تحدده القواعد النحوية ويلتزم بها. 

وشاعت الكلمة حتى أصبحنا نسمعها في مجالات شتي، لتعبر بدقة عن تناسق وتكامل النظم المتشابه بعضها البعض، كالمنظومة الاقتصادية  والمنظومة السياسية وغيرها، ذات الرؤى والمصالح والأهداف المشتركة.   

تكامل وتناسق تماماً كما حدث ويحدث في البريد المصري، فمنظومة الفساد في البريد المصري منظومة متجانسة ومتكاملة تساعد بعضها البعض، وتحمي نفسها من الدخــلاء والأعــداء، فعندما ينضج عضـو تلـك المنظومة بالترقي لدرجـة مدير أو مدير عــام يبـدأ في اكتساب تلك المهارة الفريدة في الاصطفاف في طـرف العقد، فيصـبح حبه من تلـك الحبــوب التي تزيــد من قـوة العقد وصلابته.

وهذا يفسر بجـلاء امتناع ومماطلة الإدارة العلـيا بالبريد المصري من تنفيذ تنبيهـات وتوصيــات النيابة الإدارية بشأن تصويب القرارات الإدارية التي أصـدرها الدكتـور أشرف زكي، سواء التي جاءت بالعريضة رقم 89 لسنة 2011، أو العريضة رقم 12 لسنة2012، فالمنظومة تخشي انفراط العقد، وانفكاك ما تم تأسيسه بجهد الفاسدين الأوائل.

والتفسير الأكثر منطقية في استمرار تلك المنظومة الفاسدة وبذات الكفاءة منذ عشر سنوات تقريباً، هو غياب دور الأجهزة الرقابية تماماً عن المشهد، فالجهاز المركزي للمحاسبات تنحصر مسئوليته في إبداء الرأي على القوائم المالية في ضوء ما يقوم بمراجعته، والنيابة الإدارية تعطي توصيات وتنبيهات تتجاهلها الإدارة، والرقابة الإدارية ليس لديها الأدوات اللازمة للقيام بدورها في الرقابة الفعالة، أجهزة رقابية لا طعم لها ولا لون... يصاحب هذا التفسير ترسانة القوانين الفاسدة التي أبدعها نظام مبارك لتسهيل السرقة ونهب المال العام، وتقوية العقد بترقية الأصدقاء والمعارف وأصحاب المصالح، وأبناء الحزب الوطني ولجنة السياسات...  

منظومة محكمة من الفساد، فساد منظم لن تكسر حلقته انتفاضة أو ثورة، لن تكسر حلقاته إلا تكاتف العاملين معاً لإزالة عفن ورائحة هؤلاء الفاسدين، وإلا سيختنق الجميع، ولن نجد من يفتح لنا نافـذة هـواء...   

وللحديث بقية أن شاء الله...

ليست هناك تعليقات: