الجمعة، 10 مايو 2013

التغيير في البريد المصري !!..


تعاقب الأحداث في مسار البريد المصري خلال العامين الماضيين، هل أحدث تغييراً حقيقياً بمنظومته المعقدة والمركبة؟!.. سؤال أجابته قد تبدو للبعض أكثر تعقيداً وتركيباً من منظومة البريد المصري ذاتها بكل ما فيها من تداخلات وتشابك سياسي واجتماعي، ذلك لأن غياب مفهوم التغيير من أجل التطوير كانت غائبة، ولم تكن ذات معني حقيقي وواضح لطبيعة وهدف هذا التغيير.

فالتغيير يعني الانتقال بأي تجمع بشري أو مؤسسة إلى الأمام من خلال بناء قدرتها على الأداء بفعالية، هذا المفهوم غاب في وسط ما لاقــاه هذا المرفق العريق في السابق من تهميش وإهمال متعمد ونظرة متدنية لعامليه ومكاتبه ومهامه الصعبة التي ظهرت أهميتها بصورة واضحة في السنوات الأخيرة.

ومن الواضح أن ثمة حركة تغيير تمت بالفعل في معظم المنشآت والهيئات الحكومية المصرية خلال السنوات السابقة، اختلفت درجتها حسب قربها من صناع القرار، فبعض تلك المؤسسات أصابها الجمود والتحجر من كثرة مشاكلها الإدارية وصعوبة هيكلتها كمرفق السكة الحديد على سبيل المثال، رغم ما يضخ فيه من أموال سنوياً بحجة التطوير والتجديد، وكذلك البريد المصري الذي شهد تغييراً شكلياً في تجديد مكاتبه البريدية وتغيير لونها ومحتوياتها أو بالإنفاق ببذخ على مكاتب وسيارات وأهـواء قيـاداته، فكان هذا التغيير يصب في نهاية المطاف في جيوب ومحافظ البعض منهم من جراء تعاقدات فاشلة وضخ أمواله بتوجهات سياسية وحزبية، بغية التهام فوائضه المالية، والاستفادة من تراكم أموال مودعي صندوق التوفير..

وفي خلال العاميين الماضيين صاحب التغيير في البريد المصري تخبط وارتباك، ولم يكن إلا ترقيعاً وابتذال من أجل استمرار تلك السياسات الفاشلة التي أعادته من جديد مرفقاً خاسراً رغم ما يملكه من إمكانات مالية وبشرية ضخمة، في ظل غياب واستحسان بعض الأجهزة الرقابية، التي بات واضحاً للجميع أنها أكثر فساداً من الهيئات والمؤسسات الحكومية التي تخضع لرقابتها الإدارية أو المالية.

فهذا التغيير لم يكن إلا ديكوراً زائفاً بتغيير رؤساء مجالس الإدارة أو بعض القيادات، وترحيل بعض المستشارين والإبقاء على البعض الآخر، ودخول آخرين، كنوع من أنواع تبادل الأدوار لتلك المسرحية الهابطة التي نتعايش معها منذ اندلاع ثورة 25 يناير 2011 سواء بالبريد المصري وكذلك ببعض الهيئات والمؤسسات الحكومية الأخرى، ولا عجب أن نري بعض قيادات البريد المصري السابقين يتبؤون الآن مراكز قيادية بمؤسسات الدولة أو العودة مرة أخري لمواقعهم بالبريد المصري!!..

فالتغيير حدث ولا نستطيع إنكاره، ولكنه يبدو أنه كان تغييراً ممنهجاً لمزيد من استمرار هذا الاستبداد والفساد، وتعمد أهدار الموارد المالية والبشرية، ليس للبريد المصري وحده، بل لمؤسسات وهيئات تلك الدولة المريضة، التي مازالت تبحث عن طبيب يصف لها العلاج المناسب.

هذا هو التغيير الذكي - من وجه نظرهم- الذي حقق كل الأهداف بطلقة واحدة، باحتواء آثار الثورة وغضب العاملين ومطالبهم المتزايد، وخروج آمن لبعض اللصوص وسارقي المال العام، ثم تبادل للأدوار لبعض القيادات السابقين، وإعادتهم لمراكزهم القيادية، مع مزيد من وعود بالإصلاح الزائف بالحديث عن الخطط الإستراتيجية والتنمية المستقبلية، وكلمات طيبة وأحلام وردية !!.. فأصحاب مشروع التغيير الذكي يراهنون على إحباط ويأس العاملين، بالاستمرار في مناصبهم وتأدية أدوارهم المرسومة بذكـاء وحنكة التعامل بخفض الرؤوس كلما اشتدت وعلت الأمواج !!..

وإذا ما كانت أرادة التغيير الحقيقي غائبة، أو مازالت ليس لديها القدرة على اقتلاع جذور وخبائث تشابكت واشتدت أوتادها، فأن كل ما يحدث الآن ومستقبلاً لا يخرج عن كونه ترقيعاً للثوب، سوف يزيد من فجاجته وقبح منظره !!..

وللحديث بقية أن شاء الله...

ليست هناك تعليقات: