الخميس، 16 مايو 2013

حائط البريد المصري !!..


قد يتوهم البعض أن حائط البريد المصري كحائط البراق أو ما يسمونه اليهود الحائط المبكي، الذي يتعبدون أمامه ويضعوا بشقوق جدرانه رسائلهم وكتبهم التي تحمل أمانيهم وأحلامهم راجينً من الله أن يحققها لهم، بل هو ذلك الحائط الصلب الذي تشاهده وتتحسسه على الفور حين تقترب من ذلك المبني العريق الكائن بميدان العتبة.

هذا الحائط شديد الصلابة والبأس، يصعب اختراقه أو حتى خدشه، وكأنه صمم خصيصاً للمعارضين وأصحاب المظالم، حين تضيق بهم الدنيا، فيضربون رؤوسهم، فتهشم أو تنكسر دون أن يسمع لشكواهم وأنانيهم أحد.

مع مرور الزمن، ورغم صلابة هذا الحائط وتماسكه عبر السنين، إلا أنه أصبح غير مناسب لتهشيم وتكسير العقول، فكان هذا الاختراع العبقري الجديد، وإلا وهو هذا الحائط الإلكتروني، الذي يستقبل عشرات بل مئات الرسائل اليومية من العاملين للتعبير عن غضبهم وشكواهم مما يرونه من فساد وآثره وحقوق تضيع وتستباح، فلا تجد إلا ردوداً مبرمجة نمطية لتهدئ الخواطر وأحلام الحلول الوردية اليانعة التي يتبسم عندها الغافلون.

تطور تكنولوجي رائع، في فن التعامل مع أجيال الانترنت وصفحات التواصل الاجتماعي، لامتصاص غضب شباب هذا الجيل الواعد الصاعد، بالحديث عن التواصل والتفاعل والمعلوماتية، دون مزيد من إراقة الدماء على أسوار هذا الحائط العتيد الذي تهشمت عليه رؤوس أجيال من الجيل القديم، دون جدوى، ودون أن يسمع لشكواهم وأنانيهم أحد.

إذاً تحول الحائط الخرساني الصلب الكاسر للرؤوس المحبطة، إلى حائط إلكتروني مرن للعقول البائسة المتطلعة إلى آفاق التغيير لمستقبل أفضل، هذا التطور خدعني كما خدع العشرات من العاملين بالبريد المصري، حينما أعلن عن إنشاء صفحة خاصة للتواصل مع السيد الدكتور/ رئيس مجلس الإدارة الجديد، وقد تورم رأسي مراراً وتكراراً في السابق من هذا الحائط اللعين الصلب من كثرة التجارب معه دون أن يخدش، فقررت أن أقوم بالتجربة بالانتقال إلى الحائط الإلكتروني، فما كان إلا أن تورهم عقلي، وتوقف الدماء في عروقي بدلاً من سيله على الجدران..

ومع كل الأسف والحزن والسنوات الضائعة وكأننا نحارب طواحين الهواء، فالقيادات في البريد المصري على مدار العقدين الماضيين تقوم بكافة الأعمال لتيسير أعماله، بالالتفاف واللف والدوران، دون التفكير، مجرد التفكير في الإصلاح الحقيقي الذي يرفع من شأن هذا المرفق العريق، ومن شأن العاملين فيه...

شخصياُ سوف أعــود لضرب الحائـط الخرساني برأسي من جـديد، فخـروج بعض الدمــاء أفضـل بكثير من هذا الحائط الإلكتروني اللعين الذي يسبب ارتفـاع ضغـط الدم وغليـان العقــل وانسـداد شرايين القلـب.

وللحديث بقية أن شاء الله ...

ليست هناك تعليقات: