الاثنين، 13 مايو 2013

البريد المصري سيد قراره !!..


في السابق القريب، عندما كنا نسمع المقولة الشهيرة للدكتور/ فتحي سرور، رئيس مجلس الشعب السابق، وهو أستاذ في القانون، برفضه تنفيذ الأحكام القضائية التي كانت تصدر بشأن صحة عضوية نواب المجلس "أن المجلس سيد قراره" فلا نسمع أزيزاً لشيوخنا الإجـلاء من أعضاء السلطة القضائية، فكانوا حينها صم الآذان، مغمضي العينين، يرجون البقاء في مناصبهم القضائية مدى الحياة بدلاً من التقاعد عند سن السبعين، فكان بحق سيد قراره!!..

أما الآن وبعد ثورة 25 يناير أصبح الكل والحمد لله سيد قراره، فانتقلت تلك العدوى لباقي مؤسسات الدولة، بل أصبح من يدعي بالباطل أنه سيدنا السيد، ومن تلك المؤسسات بالتأكيد البريد المصري، بقانونه رقم 19 لسنة 1982، الذي يفسره البعض على أنه قانون يجب ويلغي قوانين الدولة المصرية بأسرها!!.. ولما لا ونصوصه تمنح سلطات واسعة لمجلس إدارته، فهو السلطة المهيمنة على شئونه وتصريف أعماله دون التقيد باللوائح والنظم الحكومية...

هذا المعني هو ما يحاول البعض إيصاله لكل رئيس مجلس إدارة يتولي مسئولية إدارة البريد المصري، بأنه هو وحده سيد قراره، أو سيدنا السيد، وبإقناعه أن البريد المصري هيئة اقتصادية مستقلة تغرد خارج سرب الدولة وقوانينها الجامدة المقيدة لإدارة هذا المرفق العريق، فيتوهم أنه بالفعل سيد قراره، فيبدأ في إصدار القرارات الإدارية واحد تلو الآخر، ثم تزداد الأمور تعقيداً بتحصينها وعدم العدول عنها حتى لو كانت خاطئة ومتناقضة مع قوانين الدولة.

ولكني لا أفهم، إذا كان البريد المصري سيد قراره، كما يدعي البعض، فلماذا ترتبط بنود موازنته المالية مع موازنة الدولة، وهم يخالفونها، وجدوى تكليف مراقبي حسابات وزارة المالية بمراقبة بنود الصرف والتحصيل، ومراجعة الجهاز المركزي للمحاسبات لقوائمه المالية سنوياً، ولماذا يطبق على العاملين فيه قوانين ضرائب الدخل والتأمين الصحي والتأمين الاجتماعي وغيرها من قوانين الدولة التي تسري على كافة هيئات ومؤسسات الدولة !!..

كما أن ترتيب ووصف هيكل وظائفه التنظيمية تخضع لرقابة الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، وإلا فلما تعجز الهيئة حتى الآن عن الإعلان عن الوظائف القيادية داخل وخارج الهيكل التنظيمي طبقاً للقانون رقم 5 لسنة 1991، وتلتمس وتتوسل موافقة الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة منذ عدة سنوات لاستكمال الشكل القانوني لشغل تلك الوظائف.

تناقـض وتحـايل وتبريـر للكيـل بمكيـالين، وهضـم حقــوق البعـض على حساب البعض الآخـر، يعززه ويقـويه غيـاب الأجهزة الرقابيـة للدولة، وإعجـاب البعض ليكـون وحـده سيد قـراره، دون النظر لعواقب تلك القرارات ومخالفتها الصريحة لقوانين الدولة المصرية، وتوصيات وتنبيـهات الجهـات الرقابية والقضائية، والأمثلة كثيرة ومتعـددة ويصعب سردها... ولكنها البطـانة الخبيثة وأصحاب المصالح ورفـاق السوء الذين زينـوا من قبـل لفرعون سوء عمله، فلم يقـل حينـها أنا سيد قراره، بل قال متبجـحاً أنا ربـكم الأعلى.

والله من وراء القصد ، وللحديث بقية أن شاء الله...

ليست هناك تعليقات: