الجمعة، 20 فبراير 2009

الإدارة البريدية العاصية ..



هذا العنوان اقتبسته من عنـوان الرسـالة القـيمة التي قدمـها الأستاذ الدكتـور/ أحمد عبـد الونيس، أسـتاذ القـانون الدولـي بكلـية الاقتصاد والعلـوم السياسـية بجـامعة القاهرة… والتي بمقتضاها حصل على درجة الدكتوراه بمرتبة الشرف، حيث كانت بعنوان (الدولة العاصية، بالتطبيق على إسرائيل وجنوب أفريقيا)… فقد كان يسكن بجوار منزل والدي رحمة الله عليه منذ نحو أكثر من عشرين عاماً، وكنت دائم الجلوس معه لفترات طويلة أثناء إعداده لتلك الرسالة القيمة.
.
كان يقصد بالدولة العاصية ، الدولة التي لا تنصاع لقرارات الأمم المتحدة مشيراً بنماذج عديدة لهذا العصيان تطبيقاً على دولة جنوب أفريقيا وما أتبعته في السابق من سياسة الفصل العنصري على أساس الجنس أو ما يعرف بسياسة الأبارتيد Apartheid بين السكان السود الأصليين والسكان البيض المستعمرين، وكذلك ما تقوم به حالياً إسرائيل من تلك السياسة على أساس المعتقد الديني بالأراضي الفلسطينية المحتلة.
.
تذكرت كل ذلـك والأوقـات الطـويلة والممتعة التي كنت أجالسه فيها يشرح لي بعض تلك النماذج، وهممت أبحث عن رسـالته التي أهداني نسخة منها بمكتبتي المتواضعة، حين أطلعـت على المستند Congres-Doc34C الصـادر عن مؤتمر الاتحــاد البريدي العالمي الرابـع والعشرون/ جنـيف 2008 والخـاص ببيـان البلـدان التي تم انتخـابها بمجلس الاستثـمار البريدي للدورة القـادمـة 2008/2012 حيث تم انتخاب دولة إسرائيل ضمن المجلس !!… الأمـر الذي أدهشني !! فكيف يتم انتخابها بالمحافل الدولية ومازالت تلك الدولة تمارس أبشع الجرائم الإنسانية ضد شعب أعزل حرم من حق الحياة بالعزل والاضطهاد والعقاب الجماعي، حرم من حق التراسل البريدي مع نحو أكثر من خمسة ملايين فلسطيني يعيشون بالشتات من الاتصال بذويهم داخل الأراضي المحتلة !!.. كيف تنتخب في وجود هذا العدد الهائل من البلدان العربية والإسلامية ومجموعة البلدان السبعة والسبعون، وهي لا تعترف بأبسط الحقوق الفلسطينية حتى في المجال البريدي رغم الحكم C115 الصادر عن مؤتمر بكين 1999، الذي منح السلطة الفلسطينية حق التبادل البريدي مع كافة بلدان العالم.
.
فالسلطة الفلسطينية عجزت منذ مؤتمر بكين 1999عن القيام بالتبادل البريدي مع بلدان العالم بسبب الحصــارالإسرائيلي الخانـق وتعنته في هضـم الحقــوق الفلسطينية المشروعة، وبعدم تنفــيذ الحكم المشار إليه، والسلطة الفلسطينية بوضــعها الحــالي كمراقب بالاتحاد البريدي العالمي أبدت مخــاوفها أثنــاء المؤتــمرالحــالي من التقسيم الجــديد للبلــدان والأقاليم لأغراض النفقات الختامية Congres-Doc51 بعــدم إدخــالها ضمن هذا التصــنيف، ورغم ما أعلن من التفاهمات التي حدثــت على هامش المؤتـمر، وما أتبـعه من بيـان السـيد/ ادوار ديــان، من ضـرورة التنفـيذ الفـوري بتمكـين السلطة الفلسطينية بالتبادل البريدي مع كافة بلدان العالم عبرالمملكة الإردنية ttp://www.upu.int/press/en/2008/palestinian_authority_to_exchange_mail_directly_with_upu_member_countries_en.pdf إلا أنني على يقين أن هذا البيان كان خدعة أو بمثابة زر الرماد في العيون لتمرير انتخاب الدولة العبرية ضمن المجلس.
.
فالدولة العبرية كانت ومازالت تطلب التطبيع الاقتصادي والسياسي مع البلدان العربية والإسلامية قبل التفاوض لحل القضية الفلسطينية، تطلب حقوقاً تزعم تاريخيتها قبل النطق بوعد سرعان ما تنكص عنه للاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني، يدها العليا دائماً على البلدان العربية والإسلامية بفضل المساندة الأمريكية والأوروبية… تأخذ دائماً ولا تعطي والبلدان العربية والإسلامية تعطي دائماً وتأخذ وهماً !!
.
أنني على يقين بأن السلطة الفلسطينية لن تستطيع أن ترسل بعيثة واحدة، دون أن تمر على الإدارة البريدية الإسرائيلية، لن تستطيع أن تتبادل الإرساليات البريدية مع بلدان العالم حتى عبر هذا التبادل المنقوص بتوسط إدارة بريد الأردن، والحصارعلى غزة والضفة خير شاهد… والأيام سوف تثبت مقالتي.
.
تذكرت كذلك تلك المعايير المزدوجة في العملية الانتخابية بهذه المحافل الدولية، وما تلعبه السياسة الدولية من تأثير في تلك العملية الانتخابية، فالإدارة البريدية الإسرائيلية العاصية تنتخب بأصوات تفوق بلداناً عربية وإسلامية كإيران وسوريا اللتان لا تجدان من يدعمهما بالانتخاب… فإيران أصبحت الآن دولة مارقة لأنها تأخذ بسنة الترقي بالاعتماد على مواردها الاقتصادية وببرنامجها النووي السلمي الذي سوف يحقق لها تقدماً لا تريده إسرائيل ولا الغرب، فهي دولة لا تنصاع للحوافز الغربية أو للتهديدات العسكرية… أما سوريا فهي أيضاً من الدول المارقة التي تعادي الدولة العبرية ولا تقبل بسلام الشجعان… معايير مزدوجة حتى أمام صناديق الانتخابات !!..
.
وللحديث بقية …
ashraf_mojahed63@yahoo.com

ليست هناك تعليقات: