الثلاثاء، 1 أكتوبر 2013

دفتر توفير إسلامي !!..


التأكيد على اعتزام البريد المصري إصدار دفتر توفير إسلامي خلال الربع الأول من عام 2014، أمر بجد يثير الدهشة في هذا التوقيت تحديداً، لأسباب متعددة، تاريخياً ودينيـاً وسياسياً...

فمن الناحية التاريخية، لم يكن المشروع الإسلامي بعيداً عن فكرة إصدار دفتر توفير البريد، حين تم الشروع في إنشائه عام 1901، فعندما تولي "سابا باشا" إدارة البوستة المصرية عام 1887، واهتمامه البالغ في إنماء ملكة الادخار بين أفراد الشعب، قـام بإرسال خطـابات إلى جمـيع الإدارات البريدية في العالم وبعض المصارف العالمية طالبـاً أن تطلـعه على النظـم المتبـعة في إنشاء مثل هذه الأوعـية الادخــارية، وعلى القوانين المتعلـقة بها، وكان من ضمن ملاحظـاته التي أبداهـا حيـن البدء في المشروع أن بعض مسلمي الهند كانوا يودعـون أمـوالهم في صندوق التوفير ولا يقبلـون ربحـاً لأسباب دينية، فنص في مشروعه المقترح بأن يكـون للمودعين حـرية إيـداع أمـوالهم بغير ربح، كما رأي من باب التشجيع أيضاً أن يجعـل من حـق المودع أن يشترط استثمار ودائعـه في الأعمـال المقبـولة شرعاً، مستنـداً في ذلـك إلى فتــوى شرعية أصـدرها الشيخ الأمـام "محمد عبـده" مفتي الديار المصرية في ذلك العهد، فكان لهذه الفتوى أثر عظيم في تشجيع المسلمين على إيداع أموالهم بصندوق التوفير. 

أما من الناحية الدينية، واختلاف الرؤى حول شرعية الفائدة الممنوحة على أموال المودعين، خاصة وأن معظمها يتم إيداعه ببنك الاستثمار القومي، لتمويل الخطة الاستثمارية للدولة، يجعل من شرعيتها محل شك وريبة، خاصة وأن من أباح تلك الفائدة نفر قليل من علماء الأزهر المحسوبين على سلطة الدولة، يعضده الاتجاه الحالي بإصدار دفتر توفير إسلامي، مما يعني أن دفتر التوفير الحالي يتناقض مع مبادئ الشرع الإسلامي في تحريمه للربا، رغم استمرار منح الحرية للمودع أن يقبل تلك الفائدة أو لا يقبلها، ناهيك عن فشل تجربة دفتر توفير الاستثمار، الذي إصداره البريد المصري منذ عدة سنوات دون تحديد لعائده، وتم غلقه بعد ضياع جزء كبير من أموال مودعيه في البورصة.

ومن الناحية السياسية، فلا شك أن الطائفة الغالبة الآن سياسياً تري في كل ما هو مشروع إسلامي، كابوساً وارتداد حضاري وتخلف عن مبادئ المواطنة والمساواة، ولن تجد غضاضة في رفع دعاوي قضائية لوقف المشروع، باعتبار أنه يخالف الدستور ويخالـف المبادئ التي أرستها في عـدم التمييز بين المواطنين على أساس ديني، بحجـة أنه سيفتح مجـالاً لمطالبة الأخـوة الأقبـاط بفتح دفتر توفير مسيحي، أو اعتراض طوائف أخـري لهذا التمييز.   

الأكثر من تلـك الدهشة، هو التأكيـد عليها بعد 30 يونيو، وثبــات الدكتور/ أشرف جمال الدين، رئيس مجلس الإدارة الحالي على موقـفه، بالإعلان عن المضي قدمـاً في المشروع رغم يقيـنه بالموجـة العاتية والمتطرفة على كل ما هو إسلامي، والمحاولات المتكررة من البعض بوضعه في خندق من أتي به رئيساً لمجلس إدارة البريد المصري.    
      
وللحديث بقية أن شاء الله...
Ashraf_mojahed63@yahoo.com

ليست هناك تعليقات: