السبت، 5 أكتوبر 2013

أسلمة البريد المصري !!...


مصطلح الأسلمة شاع خلال العقدين الماضيين، مع ظهور وتنامي الحركات والتيارات الإسلامية في مصر، حيث أطلقه الليبراليون والعلمانيون بكثافة على كل من يريد التوجه إلى تطبيق الشريعة الإسلامية، خاصة في مجـالات المعرفة والأفكار والعادات الاجتماعية والاقتصادية.  

وتاريخياً فأن هذا المصطلح كان يتردد أثناء توارث أسرة محمد على حكم مصر كرد فعل طبيعي لعمليات التغريب والعلمنة، التي تدفقت بقوة أثر عودة البعثات التعليمية بالعديد من أبناء الوطن من أوروبا، وانبهار هؤلاء المفكرين والعلماء بنمط الحياة الغربية مقارنة بالواقع المصري المتدهور آنذاك، وحالياً نجده شائعاً في المؤلفات والأبحاث والكتب الغربية، بقصد التخويف والترهيب فكرياً من العودة لشريعة الإسلام الأولي، ويستخدمه بعض مثقفينا الليبراليين والعلمانيين في هذا السياق، بينما يعترض عليه معظم قيادات وفقهاء التيار الإسلامي، الذين يرون عدم دقة وانضباط  المصطلح لغوياً، إذ يعتقدون أن الدعوة للتمسك بالإسلام عودة إلى  طبيعة المجتمعات العربية الأصيلة وليست أمراً جديد يراد فرضه.        

ومثل تلك الدعوات حتى ولو كانت شكلية  في الغالب، كالسماح لمضيفة في شركة طيران بارتداء الحجاب، أو ظهور مذيعة محجبة بقناة تليفزيونية، أو المطالبة بقصر بيع الخمور والمشروبات الكحولية بالمناطق السياحية، تجد معه تجيش لتلك الماكينة الإعلامية بهجومها الكاسح خشية البدء بما يسمي الأسلمة!!.. بينما نجد ثمة اتجاهات وممارسات مجتمعية مماثلة يسكت عنها، تتماشي مع مصالح وتوجهات شخصية أو حزبية، كالذي يحدث في البريد المصري.
 
فقيام البريد المصري، بتنظيم مسابقة لحفظ القرآن الكريم سنوياً للعاملين بإشراف الأزهر الشريف، وتقديم جوائـز لأداء العمرة بالسحب على دفاتـر التوفيـر، والقيـام بصـرف إعانـات لبعـض الأسرة المسلمة الفقيرة نيـابة عن الأزهر، أو التعاون مع ديـوان مظالم رئاسة الجمهورية في تلقـي الشكاوي والمظـالم، وأخيـراً الشروع في إصـدار دفتر توفير إسلامي، يدار عن طـريقة هيئة شرعية، لا يجـدها البعـض شكلاُ من إشكـال تلـك الأسلمة المزعـومة!!..  

ورغم يقيني الجازم بصلاحية النهج الإسلامي المعتدل لكل مكان وزمان، ليشمل جميع مناحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية، ويكاد يكون من وجهة نظري هو الحـل الأمثل والوحيد لخروج تلك الأمة من عثرتها، إلا أنني أربا باستخدام تلك الهيئات الخدمية والمرافق الحكومية، التي تؤدي خدماتها لعامة المواطنين في أغراض وأهداف تتماشي مع سياق وأفكار مراحل بعينها، تتقلب بين الحين والآخر حسب الطلب، كما استخدمته من قبل لجنة سياسات الحزب الوطني، حيث تم إخضاع وتوظيف طاقاته وموظفيه لأغراض شخصية انتخابية وسياسية آلت في نهاية المطاف لخسائر فادحة ونهب ثرواته وهدر طاقاته وضياع جزء من أموال مودعيه.

عـراقة البريـد المصري تكمـن في كـونه يتسع للجميـع، كبـلادنا العزيزة لن تنهـض إلا بالجميع... 

وللحديث بقية أن شاء الله...

ليست هناك تعليقات: