الأربعاء، 28 يوليو 2010

باتيستا البريدي !!..

.
أصبح يوم الثلاثاء من كل أسبوع يوماً مميزاً بالنسبة لي، ذا معني وقيمة، انتظره وارتقبه من كل أسبوع، والسبب ما أتصفحه في ذلك اليوم لمقال الكاتب والروائي المعروف الدكتور علاء الأسواني بصحيفة الشروق... أتابعه عن كثب منذ أكثر من عام تقريباً، أجد نفسي شغوفاً بما يكتبه من رؤي أدبية وسياسية واجتماعية تصف واقعنا بكل ما فيه من مرارة، يجعلك تشعر كأنك تقف أمام مرآة أو بللورة تري فيها نفسك من داخلها، وما يجيش به صدرك وعقلك في هذا الزمن الجاثم فيه عشرات المشاكل والهموم على صدرك، وصدري، وصدر كل مصري... أشعر بصدق حديثه، وصدق تجاربه، وأن ما يكتبه ليس إلا وحي أديب وسياسي يشعر بآلام الناس وهمومهم المتعددة.
.
سبـب تلـك المقدمة إعادة قـراءة ما كتـبه الدكتور علاء الأسواني بتاريخ 2/3/2010 بصحــيفة الشـروق تحـت عنــوان "الطريقة الوحيدة لإخراج باتيستا"
http://www.shorouknews.com/Columns/Column.aspx?id=187868 والتي يروي فيها قصة الدكتور جــلال أمين، التي أوردها بكتــابه "رحـيق العمر" عندما سافر مع أسرته إلي بيروت في مهمة عمل لمدة عام، وقام بتأجير بيته لرجل دبلوماسي يسمي باتيستا لمدة عام، وعندما أنهي مهمته وعاد لأرض الوطن، ماطله هذا الدبلوماسي بحجة أنه لم يخطره بخطاب مسجل كما ينص العقد... حاول معه الدكتور جلال أمين مرات عديدة وبكل الأساليب لإخراجه بالطرق الودية فلم يفلح، مما اضطره لاقتحام بيته بالقوة، ورغم تدخل الشرطة لصالح الدبلوماسي وتعرضه للاصابة بجروح في يده ووجهه، إلا أنه ظل مستلقيا مستميتا في بيته حتى أدرج باتيستا أنه لا مفر من الاستسلام والرحيل عن البيت وتركه لأصحابه... وقياساَ واسقاطاً على تلك القصة قارن بالمقال بين ما حدث مع الدكتور جلال أمين وما يحدث الآن في مصر كلها.
.
هذا القياس شعرت به عند عودتي من رحلة عمل دامت أكثر من ثلاثة سنوات بدولة الكويت منتصف عام 2005 والعودة لعملي بالهيئة القومية للبريد، لأجد عشرات من هذا الباتيستا... إدارة جديدة قادمة من خارج السلم الوظيفي للهيئة، ومجموعة من الخبراء والمستشارين أعتلوا المناصب القيادية، وأضحت هيئة البريد كبيت الدكتور جلال أمين، الفارق الوحيد أن بيت الدكتور جلال أمين ملكية خاصة، وهيئة البريد ملكية عامة، ومن ثم لا يمكن الدفاع عنها والوقوف أمام من يمثلون السلطة المختصة، ومن بيدهم الحل والعقد ووضع وتفسير اللوائح والقانون.
.
الدكتور جلال أمين استطاع ببعض الجهد والدماء التمسك بحقه من إعادة بيته، أما نحن فلم نستطع، فالقيادة الجديدة لم تخرج إلا بعد أن سلمتها لقيادة أكثر تشبثاً وقوة وبإعداد أكبر من هذا الباتيستا، بشبكة من المستشارين والكوادر المجهزة، تدار عبر علاقات وصداقات ومصالح وانتماء حزبي، مع ضرورة الإبقاء على تلك الشبكة معلقة بعقود عمل سنوية، أو كعمالة مؤقتة حتى تضمن ولائها لقيادتها، وإنجذابها الدائم للأوامر والتعليمات واستمرار وضعية الاستعداد لتنفيذ ما يطلب منها، وإلا فالفصل والإبعاد سيكون مصيرها... وهكذا أستمر الوضع حتى ضاقت الأرض بما رحبت بأصحاب الدار، فكان قرار ارتحالي للعمل مرة أخري بمملكة البحرين في منتصف عام 2009.
.
الدكتور علاء الأسواني يري أنه ثمة طريقة وحيدة لأخراج باتيستا، هو أن نفعل كما فعل الدكتور جلال أمين لتحرير بيته، وأن ثمة ثمن يجب أن ندفعه إذا عقدنا العزم على استرداد حقوقنا مهما تكن التضحيات، لكن المشكلة أن باتيستا البريدي هدم البيت وأقام بيتاً جديداً أركانه ونوافذه وبوابته إلكترونية ومن الحديد الفولاذ لاتفتح إلا لفئة أصحاب المصالح وأذنابهم وذويهم وأقاربهم ومدعي الوطنية وحب الوطن... وأصبح لا بيت لنا لكي ندافع عنه أو نستميت من أجله!!..
.
مع خالص التقدير لكل من الدكتور علاء الإسواني والدكتور جلال أمين ....
وللحديث بقية ...

ليست هناك تعليقات: