السبت، 7 أغسطس 2010

شعبة البريد وأزمة المؤقتين!!..


شعبة البريد بكلية التجارة وإدارة الأعمال، والعاملين المؤقتين بالبريد المصري يمثلان نموذجاً عملياً لحال التغيير الاجتماعي والاقتصادي في مصر. إخصائي جامعي مؤهل ومتفوق طبقاً لتنسيق قبول الجامعات لا يجد فرصة عمل، بينما آخر غير متخصص، أقل تفوقاً وغير مؤهل، يحتل مكتبه، ويأخذ مكانه، ويغلق أمامه كل منافذ الحياة والتقدم فيها.
.
لا أحد يعرف على وجه الدقة لماذا تم إنشاء فرع أو شعبة للبريد ضمن أقسام كلية التجارة وإدارة الأعمال؟!.. ففي عام 1965 تم إنشاء المعهد العالي للشئون البريدية، وفي عام 1975 إنشئت جامعة حلوان وضمت إليها المعهد العالي للتجارة الخارجية كمعهد نوعي متخصص باسم كلية التجارة وإدارة الأعمال، بأقسام عدة مختلفة منها شعبة للبريد... والسؤال
إذا كان ثمه توجه للدولة في ذلك الحين هو التوسع في التعليم التخصصي، فلماذا لم نري فروع جامعية مماثلة لباقي الهيئات الحكومية كهيئة السكة الحديد وهيئة كهرباء الريف، وهيئة مرفق مياه القاهرة؟!.. الأمر على ما يبدو أنه كان مجرد تبادل مصالح ومنافع بين طرفين، استفاد منه بعض حاملي المؤهلات المتوسطة من العاملين بالبريد المصري باستكمال دراساتهم الجامعية، مقابل مبالغ مالية ودعم مالي كانت الجامعة الناشئة في حاجة إليه... خاصة إذا ما نظرنا لسذاجة ما كان يتم تدريسه من مواد بريدية لا ترتقي بأي حال من الأحوال كمادة علمية تتفق وتليق بالمستوي الجامعي، وكذلك بأهلية ومؤهلات القائمين على تدريس تلك المواد من بعض العاملين بالبريد المصري ممن لم يحصلوا على دراسات عليا أو شهادات مؤهلة للتدريس الجامعي!!..
.
ظلت تلك الشعبة مغلقة لفترة طويلة على العاملين بالبريد المصري بمنحة تفرغ من العمل وبراتب كامل، لاستكمال دراستهم الجامعية، مع قبول عدد محدود من طلبة التنسيق العام للثانوية العامة، والتزام من جانب الهيئة بتكليف كافة الخريجين للعمل بها فور التخرج سواء من كان موظفاً بعد تعديل وضعه الوظيفي أو طلبة تنسيق الثانوية العامة... هذا التعيين أصبح بين يوم وليلة محط اهتمام وإقبال شديد من طلبة الثانوية العامة، بعد سياسة الحكومات المتعاقبة في نفض يدها من تعيين الخريجين، حتى وصـل الأمـر لإرتفـاع أسهم تـلك الشعبة في سوق تنسيق الجامعـات لدرجة غير مسبوقة، وصـل لأكثـر من 93% من مجموع الدرجات... هذا الالتزام من جانب البريد المصري كان آخره تعيين دفعة عام 2002، وأصبحت الدفعات التي تليها في غياهب النسيان والتسويف والشد والجذب والوعد بالتشغيل، قابله بعض المظاهرات والاحتجاجات لهؤلاء الخريجين، حتى تم إغلاق تلك الشعبة نهائياً بالاتفاق بين الهيئة وجامعة حلوان، يقضي بحصول الجامعة على خمسة ملايين جنية مقابل تأهيل 3 الآف طالب وخريج من دفعات 2003 وما بعدها حتى 2011 وهو العام الذي تتخرج فيه الدفعة الأخيرة من الكلية، دون الالتزام تجاه هؤلاء الخريجين حتى بعد هذا التأهيل (صحيفة الدستور 11/9/2008).
.
حيرة لا يمكن إخفائها، إذا كان البريد المصري لا يحتاج هؤلاء الخريجين المتفوقين دراسياً، وأعتقد أنهم مؤهلين ومدربين بعلوم الحاسب وغيرها، فلماذا يتم تشغيل مئات من العمالة المؤقتة من خريجي كليات ومعاهد متوسطة لا علاقة لها بأعمال البريد كالآداب والزراعة والخدمة الاجتماعية؟!..والذي تجاوز نحو ستة الآف مؤقت تم تسوية أحوالهم المالية مؤخراً، دون التثبيت على درجات وظيفية بحجة عدم وجود درجات خالية يسمح بها الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة!!.. هذا التبرير الغير منطقي لترك نحو 3500 من خريجي شعبة البريد دون تشغيل، وتشغيل نحو 6000 مؤقت، ثم ولماذا مؤقت؟!.. وهناك إعداد مضاعفة من الدرجات الوظيفية إخليت لبلوغ شاغليها لسن المعاش، والتي تبلغ أكثر من 900 درجة وظيفية سنويا.
.
أمر يثير تساؤلات وحيرة تجاه هذا الملف الشائك!!.. والإجابات كثيرة ومتعددة، وذات تفاصيل، وكما تعلمون أن الشيطان يقبع في التفاصيل!!.. ونعوذ بالله من الشيطان وحزبه ووطنه وسياسته..
.
وللحديث بقية ...

ليست هناك تعليقات: