السبت، 11 يناير 2014

البريد المصري خارج السرب !!..



المتـابع لشـأن البريـد المصري خـلال السنوات الأخيرة، يدرك هذا التحـول الاستراتيجي لجمـلة منتجـاته الخدمية، فإزاء العجز الكامل عن المنافسة في سوق الخدمـات البريـدية التقليـدية، والتي ضـاعت فيما بين تقـدم منظـومة الاتصالات الهاتفية والانترنت ومنافسة شركات البريد الدولية العامـلة في السوق المصري، جعـلته لم يجـد مفـراً من التوجـه للتوسع في تقـديم بعض الخدمـات المـالية والمصـرفية.

فالبريد المصري، بعد شروده عن سرب نسور الخدمات البريدية التقليدية، يحاول جاهـداً اللحـاق بسرب صقور الخدمـات المالية والمصرفية، ولكن كيف تلتحـق الحمامة الوديعة بسرب تلك الصقور الجارحـة ؟!.. هذا ما تكشف خـلال الأيـام القليلة الماضية من اعتراض البنك المركزي المصري على قيـام البريد المصري بتقديم بعض الخدمـات المصرفية، والتي يراها البنك تجـاوزاً لسياسته المصرفية.

فالقيادات البريدية تنفي دائماً ما يتردد حول إنشاء بنك للبريد في الوقت الحالي أو مستقبلاً، والتأكيد الدائم بأنها هيئة اقتصادية غير مصرفية، ولا تقوم بأعمال مصرفية مثل البنوك الخاضعة لرقابة البنك المركزي، بخلاف الواقع، فالبريد المصري يقوم بقبول إيداعات عملاء صندوق التوفير، واستثمار تلك الأموال في شركات وأوراق مالية وأذون وسندات خزانة وغيرها من أوعية الاستثمار المختلفة، بالإضافة إلى إصداره لدفتر توفير البورصة، والتجهيز لدفتر توفير إسلامي، كما أنها تتوسع في إنشاء بعض الحسابات الجارية كالحساب الذهبي والفضي، وحساب يوم بيوم، والتوسع في خدمات التحصيل وتحويل الأموال، وكذلك في بطاقات الدفع الإلكتروني، وأخيراً بطاقات الدفع المقدم، ومن قبل قامت بعمليات إقراض كبيرة لشركة اتصالات مصر وشركة جيرونيل، مستنداً لسلطتها القانونية من القانون رقم 19 لسنة 1982

أما البنك المركزي، ورغم عدم قانونية رقابته لأعمال البريد المصري وفقاً للمادة 31 من القانون رقم 88 لسنة 2003 لكونه هيئة اقتصادية ذات شخصية اعتبارية، إلا أنه يبدو أن نشاط الإدارة الجديدة بالبريد المصري وتوجهها العام نحو التوسع في  تقديم الخدمات المالية لمحاولة سد العجز والخسائر المتلاحقة التي مني بها البريد المصري خلال السنوات الماضية، قد أزعج بعض قيادات القطاع المصرفي بالدولة.

الخلاف بين قيادات البريد وقيادات البنك المركزي ليس خلافاً شكلياً، ويوضح بجلاء تضارب القوانين والمصالح بين أجهزة الدولة، فقيادات البريد المصري تريد أن تعمل بأداء كافة الخدمات المالية والمصرفية، واستثمار أموال مودعي صندوق التوفير بما يتراءى لها، دون رقابة أو متابعة، بينما قيادات البنك المركزي تريد المراقبة والمتابعة، ليس حفاظاً على أموال المودعين، بل للهيمنة والسيطرة وتحجيم نشاط البريد المصري في المجال المصرفي لصالح البنوك المحلية والأجنبية.

الخـلاف سوف يشتد، وأما ستقوي حمامة البريد ويظهر لها ريش كريش الصقور، أو سيتم قصه للأبد، فتشرد بعيدا عن السرب!!..

وللحديث بقية أن شاء الله...

ليست هناك تعليقات: